‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير هل تقود عنصرية العسكر ضد الشعب مصر نحو مظاهرات كما في أمريكا؟
أخبار وتقارير - يونيو 6, 2020

هل تقود عنصرية العسكر ضد الشعب مصر نحو مظاهرات كما في أمريكا؟

حياة السود مهمة

على نهج العنصرية المقيتة التي ينتهجها الرئيس الأمريكي ترامب ضد الأمريكيين، وتعامل شرطته الوحشي مع السود، والتي قادت الشعب إلى أكبر تظاهرات واحتجاجات تشهدها أمريكا في التاريخ، يواصل السيسي نهجه القمعي للمصريين، وتعامله العسكري العنصري ضد المدنيين، معلنًا عن استراتيجيته التي غنّاها له الفنان علي الحجار منذ اللحظات الأولى لانقلاب 2013 “انتو شعب واحنا شعب”، وذلك في تعاطيه مع جائحة كورونا.

فتتوالى يوميًا صرخات آلاف المصريين الفقراء، الذين يعانون الإهمال بالمستشفيات الحكومية ونقص الدواء والأطباء، وغياب أسرّة العناية والاستقبال بالمستشفيات، وسط تعنت غير مبرر ضد الأطباء الذين يواجهون الموت بكورونا في أثناء عملهم، علاوة على الاغتيال المعنوي على شاشات الفضائيات العسكرية التي تكيل لهم السباب والشتائم وتصفهم بالإخوان، وغيرها من الأوصاف التي بمثابة قتل معنوي.

بل تفاقمت الأوضاع سوءًا بعد لجوء جيش السيسي إلى استدعاء الأطباء الخاضعين لقوانين الاستدعاء العسكري للعمل بالمستشفيات العسكرية، رغم حاجة المستشفيات المدنية، بل ويصر السيسي وعساكره على عدم مشاركة مستشفيات الجيش، البالغ عددها 56 مستشفى، في عملية إنقاذ المصريين، بدعوى أنها مخصصة للعسكريين، وأنّ قوانينها تختلف عن قوانين وزارة الصحة، في أكبر هروب مخزٍ من قبل السيسي وجيشه من دوره المجتمعي، على عكس توغله وتوحشه في حياة المصريين الاقتصادية.

من الصحة للفقر الاقتصادي

يتوقّع صندوق النقد الدولي أن تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا انكماشًا نسبته 3.3 بالمئة في العام 2020، مقارنة بالنمو المتوقع في السنة الماضية والبالغ 0.3 بالمئة.

وفي تقرير صدر في شهر أبريل، قال البنك الدولي، إنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا- أكثر من أيّ منطقة أخرى في العالم- تعاني صدمتَين متقاربتين: تفشّي فيروس كورونا المستجدّ (كوفيد-19)، الذي وضع وزرًا لا سابق له على كاهل الأنظمة الصحّية والحكومات، وانهيار سعر النفط.

ويقول التقرير: “منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا معرّضة للمخاطر على نحو خاص. فقد احتلت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المرتبة الثانية بين جميع المناطق على مؤشر الأمن الصحي العالمي الشامل، بينما جاءت في المرتبة الأخيرة في كلّ من “القوى العاملة في علم الأوبئة” و”الاستعداد للطوارئ وتخطيط التصدي لها”.

ويتوقّع الخبراء الاقتصاديون في البنك الدولي أن يتراجع الناتج في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في العام 2020، في تناقض مع التوقّعات الصادرة في أكتوبر 2019 بأن يبلغ 2,6 في المئة.

تراجع الناتج المحلي

وفيما يخصّ مصر، يتوقّع تقرير البنك الدولي تراجعا كبيرا في الناتج المحلّي الإجمالي الحقيقي ليصل إلى 3,7 في المئة، مقارنة بنموّ الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2019 البالغ 5,6 في المئة. ويشدّد خبراء البنك الدولي على الأزمان غير المؤكّدة المقبلة.

وفي التقرير عينه، ساءت توقّعات انخفاض الناتج المحلّي الإجمالي المصري من 0.3 بالمئة إلى 2,1 بالمئة في غضون فترة أسبوعين فقط، من 19 مارس إلى 1 أبريل 2020.

ويُعزو التقرير غياب النمو جزئيا إلى تراجع السياحة. وتأثّرت أيضا تحويلات المصريين العاملين في الدول الخليجية، حيث أغلق فيروس كورونا المستجدّ مختلف أنواع الأعمال، ممّا أدى إلى تسريح هائل للعمّال.

قبل فيروس كورونا المستجدّ، غالبا ما طغت أوجهُ التحسّن البادية في الاقتصاد على القمع الشديد الذي مارسته حكومة السيسي، بما في ذلك الاعتقالات والتعذيب وحتّى قتل شخصيات من المعارضة.

فقد أطلقت الحكومة المصرية برنامج إصلاح في العام 2016 اشتمل على تخفيض قيمة العملة والحدّ من الإعانات، وذلك كجزء من اتفاقية مع صندوق النقد الدولي. وأشادت كريستين لاجارد، المديرة العامة السابقة للصندوق، بالتقدّم الذي أحرزته مصر.

مصر رايحة على فين؟

فإن اعتبرنا أنّ الغرب كان يغضّ الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها أحد أسوأ الأوتوقراطيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا– جزئيًا– بسبب نجاحاته الاقتصادية وتشديده الخناق على الإخوان المسلمين، ماذا سيحدث الآن مع رسم فيروس كورونا المستجدّ مسارا اقتصاديا مستقبليا قاتما أكثر أمام السيسي؟

لقد تفادت حكومة السيسي العقاب على انتهاكاتها لحقوق الإنسان؛ لأنّ الحكومات الغربية، من جديد، تفضّل القبول بالسلطوية عوضا عن المخاطرة بمواجهة عدم الاستقرار.

ويبدو أنّ صندوق النقد الدولي سيُنجد مصر من جديد. فالمؤسّسات العالمية متحمّسة لإبقاء مصر مستقرّة لأنّها الدولة الأكثر اكتظاظا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ودولة يعتبرها الغرب مهمّة على الصعيد الاستراتيجي، ومردّ ذلك جزئيا إلى أنّها مُتاخمة لإسرائيل.

ويَعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل خاص السيسي حليفا مهما في الحرب على المجموعات المتطرّفة، على غرار تنظيمَي الدولة الإسلامية والقاعدة. ولطالما تأثّر صندوق النقد الدولي بسياسات واشنطن، وغالبا ما يتردّد في اتّخاذ خطوات تُعارض هذه السياسات.

وبناء على طلب من مصر، أعلن صندوق النقد الدولي أوائل مايو أنّه سيقدّم لمصر قرضا بقيمة 2.77 مليار دولار للتعامل مع الركود الاقتصادي الناجم عن فيروس كورونا ولحماية احتياطاتها بالعملات الأجنبية. وفي 26 أبريل، أصدرت كريستالينا غورغييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، بياناً قالت فيه: “كما حدث في كثير من بلدان العالم، تأثّر اقتصاد مصر بجائحة كوفيد-19، وما ارتبط بها من ركود اقتصادي، واضطراب في الأسواق المالية”.

ثورة قادمة

بيد أنّ المجتمع المصري قد يصل إلى الخلاصة المناقضة:

فأولا، تبرز أدلّة دامغة على أنّ الحكومة تُقلّل من مدى تفشّي الفيروس. فقد طلبت مراسلة تابعة لصحيفة “الجارديان” البريطانية من علماء كنديّين أن يبحثوا في أمر تفشّي الفيروس في مصر، فقالوا إنّ معدّل الإصابة أعلى بكثير ممّا تقرّ به الحكومة.

ونتيجة لهذا التقرير، خضعت هذه المراسلة لاستجواب من السلطات المصرية، ثمّ فرّت من البلاد إلى ألمانيا خوفا من احتمال زجّها في السجن.

ثانيا، يشكو المصريون العاديون من مستويات المعيشة السيئة، رغم الإصلاحات التي أُطلقت مع صندوق النقد الدولي. فقد ارتفعت نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خطّ الفقر من 27,8 في المئة في السنة المالية 2015/2016 إلى 32,5 في المئة في السنة المالية 2017/2018، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ويعني ذلك أنّ خطّ الفقر الوطني يبلغ 8827 جنيها مصرياً في السنة. ولا شكّ في أنّ التراجع في الرواتب سيزيد مع إقفال الشركات بسبب فيروس كورونا المستجدّ.

ثالثا، تعاني البلاد نقصا في الجسم الطبيّ والتمريضيّ والإمدادات الطبّية، بعد أن ضغطت الجائحة على نظام الرعاية الصحّية بما يفوق قدراته. فبسبب الأجور الزهيدة، غادر الأطبّاءُ البلادَ بأعداد ملفتة، إذ غادر قرابة 10 آلاف طبيب/طبيبة من العام 2016 إلى العام 2019 فحسب. وتبعا لتقديرات نقابة الأطباء في مصر، من أصل 220 ألف طبيب/ طبيبة مسجّل يعمل نحو 120 ألفا منهم خارج مصر.

وينقص المستشفيات العمومية نحو 55 ألف ممرّض/ممرّضة. وتبعا لموقع الباروميتر العربي، قالت نسبة 31 في المئة فقط من المصريين إنّها راضية عن الأداء الإجمالي لخدمة الرعاية الصحّية التي تقدّمها الحكومة في العام 2018/2019، بانخفاض 19 نقطة منذ العام 2010.

وتُنشر أبحاث كثيرة عن العلاقة بين تفشّي فيروس كورونا المستجدّ والاضطراب والعنف السياسيَّين. ففي تقرير عن هذا الموضوع، كتبت مجموعة الأزمات الدولية: “من المحتمل أن يعيث التفشّي العالمي للجائحة فساداً في الدول الهشّة، وأن يتسبّب باضطرابات واسعة النطاق، وأن يمتحن أنظمة إدارة الأزمات الدولية بشكل حادّ.”

فهل مصر دولة هشّة في طريقها إلى اضطرابات سياسية تغطّي البلاد؟ الجواب هو لا على الأرجح، بسبب القمع الحكومي. فالأدوات اللازمة للحشد الاجتماعي والسياسي مقيّدة بشكل منتظم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

دراسة رسمية تحذر من انقراض 12 نوعا من الأسماك بسبب سد النهضة

حذرت دراسة أعدها المجلس القومي للتخطيط، التابع لوزارة التخطيط بحكومة الانقلاب، من أنسد الن…