‫الرئيسية‬ مقالات “محمود عزت” الصابر المحتسب
مقالات - سبتمبر 2, 2020

“محمود عزت” الصابر المحتسب

 إن العبارة التي قالها شيخ المجاهدين “عمر المختار” حينما جيء به، مقيداً بالسلاسل ليمثل أمام الضابط الإيطالي المحتل، فقال له: “نحن لا نستسلم.. ننتصر أو نموت”، عبارة أنهى بها حياته، مجاهدا ومدافعا عن وطنه، وهذه العبارة هي لسان حال ومقال كل مناضل من أجل قيم الحرية والكرامة الإنسانية، مهما تعرض لعسف الظالمين والطغاة.

فمنذ أن تم نشر خبر اعتقال الدكتور “محمود عزت”، حاول إعلام العسكر المأجور جاهدا أن يلصق به تهمة الإرهاب، وتشويه صورته، وأنه كان يحرض على الإرهاب، وأنه العقل المدبر للعمليات الإرهابية، وأنه مؤسس الجناح العسكري لجماعة الإخوان المسلمين، وغير ذلك من اتهامات من بنات أفكارهم وخيالهم المريض.

الدكتور “محمود عزت” البالغ من العمر 76 عاما، فشلت أجهزة الانقلاب بقضها وقضيضها في اعتقاله طوال سبع سنوات، مما جعلها تنسج حوله الأساطير، بأنه خارج البلاد، تارة في ألمانيا، وتارة في تركيا، وتارة أخرى في غزة، وأنه “مستر إكس” الإخوان، كما وصفه موقع “ديبكا” الصهيوني المقرب من الموساد، والذي زعم بأن الدكتور “محمود عزت” موجود في غزة في حماية حركة حماس، وأنه هرب إليها بعد الانقلاب على الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي.

وإنني لأعجب من موقع، من المفترض أنه مقرب من جهاز استخباراتي معروف (الموساد الصهيوني) فشل على مدار سنوات في العثور على الجندي الأسير “شليط”، يزعم بأن الدكتور “محمود عزت” في غزة، وقد تلقف الإعلام الانقلابي ما نقله الموقع الصهيوني، وظل يعزف على هذا الوتر، ليصرف الأنظار عن فضيحة الأجهزة الأمنية الانقلابية في العثور على الدكتور “محمود عزت” لسبع سنوات.

ولم يكتف الإعلام المتصهين بما نقله عن موقع “ديبكا” الصهيوني، بل خلع على الدكتور “محمود عزت” عدة ألقاب، منها ” ثعلب الإخوان”، و”صقر الإخوان”، و”المرشد الحقيقي”.

كما أن الصحفي “أبو حمالات” إبراهيم عيسى، وعبر موقع صحيفة الدستور، قال إن الدكتور “محمود عزت”، الرأس المدبر للمجازر التي ارتكبها الإخوان.

كما أن كثيرا من باحثي وناشطي السبوبة وخبراء الإرهاب، يصنفون الدكتور “محمود عزت” ضمن التنظيم القطبي داخل جماعة الإخوان، ويزعمون أن التنظيم القطبي يضم بجانب الدكتور “محمود عزت”، والدكتور محمد بديع، والمهندس خيرت الشاطر، وهم أصحاب القرار الحقيقي داخل جماعة الإخوان..

وزعموا أنه أحد أهم صقور التيار القطبي المتشدد في الجماعة، وشكل (حسب زعمهم) مع ”الشاطر” ثنائيا خطير، دفع الجماعة أكثر إلى اليمين ونحو التحالف مع “المجموعات الجهادية” مؤخرا! وأن هذا التنظيم انكفأ على نفسه.. وهو صاحب مصطلحات “مشروع شهيد” و”مشروع شهادة”.. إلى ما هنالك من الترهات.

الدكتور “محمود عزت” هو الذي أطلق التصريح الشهير في عام 2010 قبل الثورة على “مبارك”، وقال فيه: “جماعة الإخوان جماعة شرعية وقانونية ودستورية، وهذا لا يحتاج إلى إثبات، فشرعيتنا شرعية واقعية وهذه هي الشرعية، والنظام لو لم يعترف بالشرعية الواقعية فهو حر، ونحن لا نبحث عن شرعية قانونية من أجل الانتخابات القادمة، فهي انتخابات فردية وحوارنا مع الأحزاب نابع من قناعتنا بأن الطريق إلى الإصلاح لا بد وأن تتضافر فيه جميع القوى”.

ظل الدكتور “محمود عزت” منذ أن انضوى ضمن صفوف جماعة الإخوان المسلمين، منذ أن كان طالبا في الجامعة، وهو نموذج في الثبات والوفاء ببيعته، ثابت صابر محتسب. وقد عرفته السجون والمعتقلات المصرية في شبابه، عندما كان طالبا في الجامعة في الحقبة الناصرية البغيضة، وفي زمن مبارك. نال قسطا من الأحكام العسكرية الجائرة، وها هو يعود مجدداً لغياهب السجون والمعتقلات، دون مراعاة لسنه وشيخوخته.

وخلال السنوات السبع التي قضاها متخفيا، كان حريصا على خط الجماعة الأصيل الذي تبنته، وهو خيار السلمية في مقاومة الانقلاب العسكري، وانطلاقا من النداء الذي أطلقه مرشد الجماعة من على منصة رابعة: “سلميتنا أقوى من الرصاص”.

وقد أكد الدكتور “محمود عزت” على ذلك من خلال بياناته ورسائله، التي كان يبثها من حين لآخر وخلال المناسبات المختلفة، لوصف الإخوان بالالتزام بالسلمية، والبعد عن العنف.

قُبض على الدكتور محمود عزت في شقة متواضعة في التجمع الخامس، لا لأنه سرق المليارات، وفرط في ثروات البلاد، ولا لأنه خان وطنه ودينه، ولا لأنه تورط في فساد مالي أو أخلاقي، لكن جريمته الوحيدة أنه قال ربي الله، ولم يعط الدنية من دينه ووطنه، ورفض انقلاب العسكر الدموي أو يرضى بالأمر الواقع، كما طُلب منه ومن إخوانه.. هيهات هيهات.

فلك الله يا دعوة الخالدين

لقـد أوشك البغي أن يهمــدا

نشــرنـا دمانـا الزكيــة نـورا

يضـيء الظــلام ويجلو الهـدى

ففــي كــل قطر لنا شهـــداء

تعيث الحـراب بهم والمـدى

ومــن كـان أكــرم منا عطــاء

ومن كــان أبيض منا يـــــدا

وهـل عرف الدهر فينـا جـبـاناً

إذا هتف الحـق يخشى الــردى

ومـن غــيرنا يســتجيب النـداء

ويبعـث في الخـافقين الصـَدى

إذا الظُّــلم أفقــدنـا مـرشـــدا

فأعـــظــم بإيمـاننـا مـرشـــدا

لك الله يا دكتور محمود عزت وحفظك الله من كيد الأشرار، وجعلك الله في حرزه وضمانه وأمانه.
——-
نقلاً عن “عربي21”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

“مجزرة رابعة” والصراع بين الحق والباطل

مع حلول الذكرى السابعة لمجزرة رابعة، التى ارتكبها جيش الانقلاب، بحق معتصمين سلميين، لايملك…