‫الرئيسية‬ اقتصاد دراسة: 47 مليار دولار مساعدات خليجية لمصر منذ الانقلاب
اقتصاد - أبريل 28, 2015

دراسة: 47 مليار دولار مساعدات خليجية لمصر منذ الانقلاب

أصدر “مركز الجزيرة للدراسات” التابع لشبكة قنوات “الجزيرة” القطرية، دراسة اقتصادية تفصيلية عن المساعدات الخليجية التى تم تقديمها لمصرفى فترة ما بعد الانقلاب على أول رئيس مدنى منتخب فى تاريخ البلاد فى الثالث من يوليو 2013، والتضارب الحاصل بشأنها، وأسباب هذا التضارب، والسيناريوهات المستقبلية لمصير المساعدات الخليجية لمصر.

وأكد المركز فى دراسته أن المساعدات الخليجية التى قدمت لمصر بعد انقلاب يوليو تظل لغزًا يستعصى على فهم الكثيرين؛ خاصة المحللين الماليين والمتابعين للأرقام، وذلك بسبب التضارب فى الأرقام؛ فقد وصلت المساعدات المقدمة إلى مصر إلى ما لا يقل عن 23 مليار دولار حسب أرقام رسمية، و30 مليار دولار حسب تسريبات مكتب السيسي، و47.5 مليار دولار طبقًا لأرقام غير مدققة.

وأشارت الدراسة إلى عدم ظهور أى أثر ملموس لتلك المساعدات على الاقتصاد المصرى؛ سواء فى الموازنة العامة للدولة التى استمر العجز الحاد بها؛ بل وزاد العجز بعد وصول المساعدات لمصر لتصل قيمته 253 مليار جنيه فى العام المالى الأول للانقلاب 2013/2014 مقابل 239 مليار جنيه فى العام الذى حكم فيه محمد مرسى البلاد 2012/2013، كما لم تنعكس المساعدات فى شكل تحسن فى الأحوال المعيشية للمواطنين؛ بل حدث العكس حيث زادت معدلات الفقر والبطالة، وشهدت الأسعار ارتفاعات قياسية، واستمر تراجع احتياطيات البلاد من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى المصري، وهو ما يعنى عدم تغذيتها بالمساعدات المقدمة لمصر.

وبحسب الدراسة، فإنه عند الحديث عن حجم وأرقام المساعدات الخليجية المقدمة لمصر منذ انقلاب 3 من يوليو 2013 وحتى موعد انعقاد المؤتمر الاقتصادى بمدينة شرم الشيخ بداية شهر مارس 2015، فإننا نجد أنفسنا أمام 3 روايات متناقضة:

الرواية الأولى: الرواية الرسمية؛ ومصدرها وزير الاستثمار المصرى أشرف سالمان، الذى قدَّر هذه المساعدات بنحو 23 مليار دولار فى الفترة من يوليو 2013 وحتى نهاية 2014؛ حيث قال فى مؤتمر اقتصادى عُقد فى دبى فى فبراير 2015: “مصر تلقَّت 23 مليار دولار من الكويت والسعودية والإمارات على مدى 18 شهرًا الماضية”، وأنه إذا ما أضفنا لهذا الرقم المعلن من قِبَل الوزير 12.5 مليار دولار أخرى تعهدت دول الخليج بتقديمها لمصر فى الفترة المقبلة خلال مؤتمر شرم الشيخ يرتفع رقم المساعدات إلى 35.5 مليار دولار.

الرواية الثانية: مصدرها تسريبات مكتب السيسى التى تقول: إن المساعدات تجاوزت 30 مليار دولار دون إضافة تعهدات شرم الشيخ الأخيرة، وحسب التسريبات المذاعة على قناة “مكملين” الفضائية مساء يوم 12 من فبراير 2015، فإننا نجد أن اللواء عباس كامل – مدير مكتب السيسي – يعدِّد الدعم الخليجي؛ سواء من السعودية أو الإمارات أو الكويت، فيجمع عباس كل ذلك فى جملته المعروفة “علاوة عالمواد البترولية.. علاوة عالحاجات.. لما سيادتك تجمعها.. سيادتك والله معدى التلاتين مليار دولار”، أى حوالى 200 مليار جنيه نقدًا”.

الرواية الثالثة: رواية غير رسمية ومنقولة عن مصادر واقتصاديين متابعين لملف المعونات الخليجية المقدمة لمصر فى فترة ما بعد الانقلاب، وهذه الرواية تقول: إن حجم المساعدات الخليجية لمصر فاق 47.5 مليار دولار منذ يوليو وحتى نهاية عام 2014، وهذه المساعدات تتوزَّع ما بين منح نقدية مباشرة، ومساعدات نفطية من بنزين وسولار وديزل وغاز ومازوت وغيرها من مواد تُقدَّر قيمتها بـ9 مليارات دولار، ومساعدات عينية أخرى منها المستشفى الميدانى المقدَّم من السعودية للقوات المسلحة.

وتؤكد الدراسة أن هذا الرقم لا يأخذ فى الاعتبار المساعدات الخليجية الأخيرة لمصر؛ التى تقرَّرت خلال مؤتمر شرم الشيخ والبالغة 12.5 مليار دولار، فبإضافة التعهدات الأخيرة سيرتفع رقم المساعدات إلى 60 مليار دولار، وتستند هذه الرواية ليس فقط إلى أرقام المتابعين لملف المساعدات، بل إلى أرقام رسمية صادرة عن وزارات المالية والتخطيط والبترول، إضافة إلى أرقام التسريبات.

أسباب التناقض أرقام المساعدات

وبحسب الدراسة التى عرضها مركز “الجزيرة للدراسات” فإن هناك عدة أسباب هى التى خلقت حالة التناقض والتباين فى الأرقام الحقيقة للمساعدات الخليجية أبرزها:

1ـ إصرار الجهات الرسمية فى مصر على التعامل بعدم شفافية مع هذا الملف المهم، والإصرار كذلك على رفض الكشف عن الرقم الحقيقى للمساعدات الخليجية؛ التى حصلت عليها البلاد منذ وقوع الانقلاب العسكري.

2ـ عدم دخول هذه المساعدات البلاد بالطرق الرسمية المتعارف عليها؛ وهى القطاع المصرفى المسئول عن التحويلات الخارجية، أو من خلال البنك المركزى المصري؛ الذى يتلقى المعونات والمنح الخارجية، ثم يقوم بإيداعها فى حسابات الوزارات والجهات المتلقية لديه، والإشراف على أوجه إنفاقها بالتعاون مع أجهزة رقابية أخرى.

3ـ عدم خروج إحدى الجهات الرقابية الموثوق بها فى مصر، وليكن “الجهاز المركزى للمحاسبات” أو البنك المركزى المصري، برقم محدد للمساعدات الخليجية، وهو ما يفرض غموضًا شديدًا حول قيمتها، ويُثير بلبلة الرأى العام الذى بات محاطًا بأرقام متناقضة.

سناريوهات المستقبل للمساعدات الخليجية 

وبحسب مركز الجزيرة للدراسات، فإنه إذا ما تحدثنا عن مستقبل المساعدات الخليجية لمصر، فإننا نجد أنفسنا أمام ثلاثة سيناريوهات يتوقف تحقيق أحدها على ظروف إقليمية وعالمية بالدرجة الأولى تتعلق بمستقبل الاضطرابات الأمنية والقلاقل السياسية فى المنطقة، ومدى إسهام مصر فى احتوائها، أو بأسعار النفط العالمية، أو تتعلق بالداخل المصرى نفسه ومدى استفادة السلطات من هذه المساعدات فى تحريك الاقتصاد؛ وهنا تبرز عدة سيناريوهات لمستقبل المساعدات الخليجية لمصر؛ هي:

السيناريو الأول: استمرار المساعدات الخليجية لمصر لكن بوتيرة أقل؛ وهو ما ظهر بشكل ملحوظ فى مؤتمر شرم الشيخ؛ حيث تعهدت 4 دول خليجية بتقديم 12.5 مليار دولار مساعدات جديدة لمصر ما بين ودائع واستثمارات ومساعدات نفطية.

وجاء استمرار المساعدات الخليجية لمصر فى شرم الشيخ مخالفًا لتحليلات ذهبت إلى توقف المساعدات لظروف تتعلق بالوضع المالى الجديد للموازنات الخليجية؛ خاصة عقب تعرضها لخسائر تقدر بنحو 300 مليار دولار؛ بسبب تهاوى أسعار النفط، حسبما صرحت كريستين لاجارد مدير صندوق النقد الدولى فى شهر يناير الماضي”.

السيناريو الثاني: توقف المساعدات لأسباب تتعلق بالوضع المالى والسياسى للدول الخليجية؛ خاصة المنتجة للنفط، وحسب مجلة فورين بوليسى فإنه إذا ما واصلت أسعار النفط تراجعها، فإن دول الخليج ربما لا تكون قادرة على مواصلة تدفق أموال المساعدات لجيرانها فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التى لا يتمتعون بمخزونات كبيرة من الغاز الطبيعى والنفط؛ مثل: مصر والمغرب”.

السيناريو الثالث: استمرار المساعدات النفطية لا النقدية لمصر؛ خاصة أن انخفاض أسعار النفط يساعد على ذلك، وكذا استبدال المساعدات النقدية باستثمارات؛ وهو ما كان ملحوظًا فى تعهدات دول الخليج خلال مؤتمر شرم الشيخ؛ حيث تعهدت الكويت بضخ 4 مليارات دولار استثمارات فى مصر خلال الفترة المقبلة، كما تعهدت السعودية بضخ مليارين فى صورة استمارات من الأربعة مليار التى تعهدت بها، ومثلهما من الإمارات.

وبحسب الدراسة، فإن كل السيناريوهات المتعلقة بمستقبل المساعدات الخليجية لمصر تظل مفتوحة، ومن الصعب التكهن بها؛ فالنظام المصرى الذى نجح فى إقناع بعض دول الخليج بقدرته على القضاء على جماعة الإخوان المسلمين بهدف المحافظة على حكمهم على الرغم من صعوبة ذلك عمليًّا، وربما يكون قادرًا أيضًا على إقناعهم بأهميته فى الحرب ضد “تنظيم الدولة” فى العراق وسوريا وليبيا والحوثيين باليمن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …