‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير كارثة الفوسفات..آثار بيئية على المصريين أم “تشرنوبيل” مصرية؟
أخبار وتقارير - أبريل 22, 2015

كارثة الفوسفات..آثار بيئية على المصريين أم “تشرنوبيل” مصرية؟

استيقظ المصريون، صباح الأربعاء، على كارثة حدثت قبلها بيوم، إلا أن تداعياتها زادت بشكل كبير، حيث تسبب غرق ناقلة الفوسفات العسكرية التي تحمل 500 طن فوسفات في قنا، في ارتباك شديد داخل الأوساط الحكومية، وسط تساؤلات كثيرة عن مصدر الفوسفات، ولحساب من يتم نقله، ولماذا ينقله الجيش بالتحديد؟.

هذا غير الفزع الذي عززته تصريحات الخبراء، الذين أشاروا إلى أن كارثة بيئية محققة وقعت، وحذروا من التهاون الذي تتعامل به الحكومة مع الأزمة الكبيرة التي لم يسبق لها مثيل، وفقا لرأيهم.

وكان أهالي قنا والمحافظات القريبة منها هم الأكثر فزعا، حيث سادت حالة من الرعب بينهم، وامتنعوا عن تناول مياه الشرب أو استخدمها فى الطهى؛ خوفا من تأثير الفوسفات على صحتهم نتيجة رفع درجة السمية فى المياه؛ نظرا لوجود مركبات “البولونيوم، الرصاص، اليورانيوم، والكادميوم”.

واضطر عدد كبير من أهالى محافظة قنا إلى استخدام المياه المعدنية، خاصة لتوفير مياه الشرب للأطفال والطهى، مؤكدين أن إعادة فتح محطات المياه يعتبر كارثة حقيقية، فيما أعرب عدد من المزراعين عن تخوفهم من تضرر مواشيهم وأغنامهم جراء تناول تلك المياه، مؤكدين أن نفوقها سيكون كارثة، حيث تمثل كل ما يمتلكون من حطام الدنيا .

امبراطورية الجيش

وأثار غرق السفينة واكتشاف أنها تتبع القوات المسلحة تساؤلات العديد من المراقبين حول سبب نقل القوات المسلحة للفوسفات، وهل يدخل نقل هذه المادة في اختصاصاتها، ومصدر هذه الكمية الكبيرة التي يتم نقلها عبر النيل من جنوب مصر؟ ولماذا تتجه إلى شبرا الخيمة؟
وهي أسئلة أشار المراقبون إلى ضرورة وصعوبة الإجابة عنها في الوقت نفسه.

كما أشار مراقبون إلى أن الحادث يأتي تكذيبا للمشير عبد الفتاح السيسي الذي قال: “إن مصر لا يوجد بها إلا حجارة ورمل أسود وأبيض, معتبرين أن الفوسفات موجود في مصر بكثرة، إلا أنه يتم سرقته”، فمحاجر الفوسفات فى أسوان محصور استغلالها على بعض قادة المجلس العسكرى السابق والحالى”، وتطوع المراقبون إلى حساب الربح الذي تدره هذه الكمية من الفوسفات، حيث يبلغ ثمن طن الفوسفات الحجرى 200 دولار، وبضربها في عدد الأطنان الغارقة 510 ينتج 765 ألف جنيه. لافتين إلى أن هذه المبالغ لا تدخل نهائيا فى موازنة الدولة، بل تدخل فى جيوب بعض قادة المجلس العسكرى السابقين والحاليين .

ويوجد الفوسفات المصري في أماكن عديدة، أهمها مناطق البحر الأحمر (سفاجا- القصير- الحمراوين) باحتياطيات تقدر بحوالى 40 مليون طن، ومناطق وادى النيل (السباعية شرق وغرب بادفو – وشرق الأقصر) باحتياطيات تقدر بحوالى 70 مليون طن، ومنطقة أبو طرطور بالوادى الجديد باحتياطيات تقدر بحوالى 7 مليارات طن، وتمثل أكبر احتياطى فوسفات فى الشرق الأوسط.

وكان تقرير “معهد كارنيجي للشرق الأوسط ” قد أصدر تقريرا مؤخرا، أشار فيه إلى أنه “غالبا ما تُكنّى القوات المسلحة المصرية بـ”الصندوق الأسود”، خاصة حين يتعلَّق الأمر بدور هذه المؤسسة في الاقتصاد المحلي. فمعظم قطاعات الاقتصاد التي يديرها الجيش تبدو خفية، كما أن مصادر نفوذ القوات المسلحة غير واضحة المعالم” .

كارثة بيئية والحكومة تعالجها بـ”الشبة”!

وفي الوقت الذي أشار فيه العميد محيي الصيرفي، المتحدث باسم الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي”، بأنه لا تأثير على محطات مياه الشرب، حيث إن مادة الفوسفات تترسب في القاع ولا تنجرف مع التيار ،أي أنها لن تتحرك إلا في حدود ضيقة للغاية، وأنه تمت زيادة نسبة الكلور والشبة المضافة إلى مياه المنطقة في الحدود المسموح بها للتعامل مع أي ملوثات”، أشار خبراء إلى كارثة تسرب الفوسفات، مؤكدين أن عوالق مركبات الفوسفات وغيرها من العوالق الملوثة للهواء, تسبب- من خلال ملامستها للجلد والعين وتوغلها داخل الجهاز التنفسي- أمراضا مختلفة، كالتهاب القصبات والانتفاخ الرئوي والربو وزيادة أمراض العيون, وتؤثر المعلقات أيضا على النباتات، حيث تعيق عمليتي التبادل الغازي والنتح.

ومن جانبه، أشار الدكتور يحيى القزاز، أستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان، إلى أن هذه الكارثة إذا وقعت في دولة متقدمة “كانت الحكومة اتشالت”، وفقا لتصريحه، الذي أكد فيه أن الفوسفات الحجري به نسبة من اليورانيوم المشع، وعناصر أخرى شديدة الضرر. لافتا إلى أنه من المفترض أن يتم نقل مثل هذة المواد بطرق معينة، ووسائل معينة، تراعي عناصر السلامة والأمان، ويتم فحص المركب جيدًا، مطالبًا وزارة البيئة بسرعة التدخل لحل الأزمة.

فيما حذَر الدكتور محمود عمرو، مؤسس المركز القومى للسموم بكلية طب قصر العيني، شركات مياه الشرب بداية من قنا حتى دمياط ورشيد، من التعامل مع أزمة غرق “صندل الفوسفت الحجري” في نهر النيل بمحافظة قنا، بشكل فيه نوع من الرعونة والاستهتار؛ نظرًا لخطورة الموقف .

فيما أشار الدكتور محمود عمرو، مؤسس المركز القومى للسموم، إلى ضرورة استخدام العلم وليس الفهلوة في حجز الفوسفات عن الوصول لمعدة المواطن، مشيرًا إلى أن محطات المياه قادرة على علاج الموقف، معربا عن قلقه الشديد من حدوث تسمم مزمن للأسماك والطحالب في محيط غرق الناقلة، وبالتالي يعود ذلك على المواطن الذي يأكل هذه الأسماك بالتبعية، مطالبًا المسئولين عن نهر النيل بضرورة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإخراج أي كميات من الفوسفات الغارق، كي نقلل الآثار البيئية الناتجة.

وقال د. إبراهيم هاشم زيدان مدرس الجيولوجيا بهيئة المواد النووية، ود. حمدي سيف النصر خبير التعدين والمياه الجوفية السابق بالمساحة الجيولوجية الأمريكية، في تصريحات صحفية سابقة: “تبين لنا بأن هذه الأسمدة بها نسب من العناصر المشعة والسامة غير المدرجة فى المواصفات القياسية والجودة للأسمدة الفوسفاتية المصرية، بالرغم من وجود هيئة مختصة بذلك تابعة لوزارة التجارة والصناعة، وقد أخطرناهم بذلك عدة مرات من قبل الثورة ولكن دون جدوى، لذا فنحن نأمل الآن أن يتغير الوضع”.

وأضافا “تبين لنا من خلال الأبحاث أن خامات الفوسفات تحتوى على نسب عالية من عنصر اليورانيوم المشع والسام تتعدى 100 جرام فى الطن، خصوصا فوسفات مناطق البحر الأحمر ووادى النيل. حيث ينتقل اليورانيوم من هذه الأسمدة الفوسفاتية إلى التربة الزراعية ويلوثها، ومنها ينتقل إلى النبات بأوراقه وثماره ثم إلى الإنسان”.

وقريبا من ذلك، يشير د. م عبد الرزاق التركماني، مدير موقع “الهندسة البيئية”، إلى أن “الفلور” الناتج عن صناعة الفوسفات له تأثير واضح في النبات الطبيعي, حيث أظهرت الدراسات في مناطق الغابات المجاورة لمصانع الأسمدة الفوسفاتية أن أوراق الأشجار والقمم النامية تصاب بحروق, وإذا استمر التلوث بالفلور فإن الأشجار تنتهي إلى الموت, وينتقل الفلور المتراكم في أنسجة النباتات إلى الحيوانات التي تتغذى على النباتات، ومن ثم إلى الإنسان عن طريق الحيوانات التي يتغذى عليها أو بمنتجاتها.

وأضاف أن التلوث بحمض الكبريت على هيئة كبريت الهيدروجين H2S وثاني أكسيد الكبريت SO2 وثلاثي أكسيد الكبريت SO3 حيث تتفاعل مع الماء في الجو لتشكل أكاسيد الكبريتات، وتعتبر هذه الملوثات المكون الرئيسي للأمطار الحامضية، وتؤدي بالتالي إلى رفع درجة حموضة التربة، ورذاذ حمض الكبريت يؤدي إلى السعال وأعراض مرضية في الجهاز التنفسي, كما أن يؤثر غاز كبريت الهيدروجين H2S في الجهاز العصبي ويثبط عمليات الأكسدة في الخلايا, والتركيز المسموح به لهذا الغاز 0,15 ملغ /م3 لمدة 24 ساعة،
مضيفا أن “الكادميوم” في الأسمدة الفوسفاتية خطر يهدد جودة التربة وصحة الإنسان من خلال سلسلة الغذاء.

أما الكارثة الأخطر في تسرب الفوسفات فتتمثل في أن الصناعة الفوسفاتية، التي يشير التركماني إلى أنها “أحد المصادر المهمة للتلوث بالمواد المشعة الطبيعية، وتساهم هذه الصناعة في رفع مستويات النكليدات المشعة الطبيعية في البيئات المجاورة عند رمي المخلفات دون معالجة؛ لأن الصخور الفوسفاتية تحتوي على تراكيز عالية نسبيا من نكليدات سلسلة اليورانيوم، ويؤدي طرح مادة الفوسفوجبسوم والتي تقدر كميتها الناتجة عن هذه الصناعة بنحو 20% من المادة الخام إلى نشر التلوث الإشعاعي؛ لاحتوائها على الراديوم والبولونيوم.

كما دلت الدراسات الحديثة على أن البولونيوم لوحظ تواجده بتراكيز مرتفعة في المياه الجوفية المجاورة لأكوام الفوسفور جبسوم، كذلك غاز الرادون المنطلق من أكوام الفوسفو جبسوم من الملوثات الإشعاعية على الرغم من ضآلة نسبة ما ينبثق من ذراته الناتجة عن تفكك الراديوم.

تحذير وسخرية إلكترونية

وسريعا، وصل الهاشتاج الذي أطلقه نشطاء تحت عنوان “فوسفات في النيل” إلى صدارة الترتيب في “تويتر”، وتضمن مئات التغريدات حول الأزمة، والتي بدأت بالصورة التعبيرية المعروفة للفنان أحمد بدير “هنموت كلنا”، ولم تتوقف حتى الآن.

واعتبر النشطاء أن الحادث يعتبر كارثة بيئية بكل المقاييس، وأن غرق الفوسفات سوف يرفع مستويات عدد من المعادن في المياه، وعلى رأسها البولونيوم، الرصاص، اليورانيوم، والكادميوم، وهي معادن موجودة ضمن مُركبات الفوسفات بنسب مُختلفة، سُميتها عالية وتكلفة معالجتها مرتفعة.

وأشاروا إلى أن تلوث المياه بمعدلات مُنخفضة من الفوسفات يصيب بالسرطان، واضطرابات في الغدد والربو وقرح المعدة والإثنى عشر، إضافة إلى الأمراض التي يمكن أن تصيب الثروة السمكية في مقتل.

وتساءلوا عن قدرة مصر على تأمين مفاعل نووي، فقد صرح مسئولون سابقون بأن مصر تعتزم إنشاءه؛ بينما لا تتمكن من تأمين ناقلة فوسفات عابرة في النيل.

ونال تسرب الفوسفات نسبة كبيرة من السخرية من جانب نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال محمد عطية في تدوينة: “النهارده في قنا في 500 طن فوسفات (500 ألف كيلو) غرقوا في مياه النيل.. متتخضش.. دي كارثة بيئية بسيطة زي انفجار مفاعل تشيرنوبيل كده، فالإعلام بيتعامل معاها بسلاسة، فلو حضرتك بجد عندك نية حقيقية ميجيلكش كل الأمراض اللي لسه ملقولهاش علاج يا ريت متشربش من الحنفية، ولا تاكل أي سمك بيطلع من النيل خالص.. انقطع عن النيل والأكل منه لشهور.. اشرب مياه معدنية فقط حتى لو معكش فلوس تاكل.. الموضوع بجد مش هزار”، بحسب وصفه.

وقال “خراشوه”: يا بني إنت وهو الفوسفات دا يحل محل الأمينو كدا، يعني اشرب مايه مفسفتة وانزل الجيم هتلاقيك بقيت بمب”، وتساءل “مالت عليك حيطة يا c.c” ده على أساس إن مية النيل كانت ميه معدنية يعني؟” وقال خالد: ذنبك يا مرسي، عايزين عشر عربات كارو نحمل عليها الفوسفات اللي هنطلعة بعد عمر طويل”، وتساءل عبد الفتاح علي مستنكرا: “ماشرِئتش من نيلها؟”.

وقال مغرد آخر: الوطن اللي ميحسش يتسمم ونرتاح بقي خليها مخضرة للسيسي، وغنت جيهان: “فوسفات فات وفى ديله سبع لفات:، فيما أشار أحمد أهلاوي إلى أن “التاريخ سيذكر أننا الشعب الوحيد اللي جرب كل أنواع الموت لحد موصلت بينا الدرجة إننا هنموت متفسفتين”. واختتم ناجي العيسوي قائلا : “وإيه المشكلة لما تشرب مية فوسفات.. منها تفيد جسمك ومنها تغيظ الإخوان” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …