إسرائيل تحتفل بـ”بن سلمان” كما احتفلت بالسيسي
مازالت تداعيات حوار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لمجلة «ذا أتلانتيك» الأمريكية، يثير ردود أفعال كبيرة، بعد أن اعتبر بن سلمان أن للصهاينة الحق في إنشاء دولة لهم على أراضي فلسطين والقدس، كما زعم بن سلمان في مقابلته التي أجراها صحفي إسرائيلي وخدم ضابطا في الجيش الإسرائيلي، إن لليهود حقا على أرض أسلافهم، كما جمع في «محور الشر» كلا من إيران وحزب الله، مع التنظيمات السلفية المتطرفة كـ»القاعدة» وتنظيم «الدولة الإسلامية»، وضم إليها جماعات وطنية مثل جماعة الإخوان المسلمين وحركة «حماس» الفلسطينية، ليتبقى فقط اليهود بأنهم هم المسالمين الأطهار بالنسبة لبن سلمان.
ما علّق عليه المفاوض الأمريكي دنيس روس أن القادة العرب في السابق قبلوا بحقيقة وجود إسرائيل لكنهم لم يعترفوا «بحق» لها على «أرض الأجداد اليهود» وهو خط أحمر لم يتجاوزه أي زعيم عربي حتى الآن، إلا أن بن سلمان الذي شن حربا شرسة على دولته الوهابية، دافع عن حق اليهود، كأول مسئول عربي في دولة مثل السعودية قاطعت الكيان الصهيوني على مدار 70 عاما.
وكشف الصحفي الإسرائيلي أن الأمير خالد، شقيق ولي العهد، وسفير المملكة في واشنطن، حضر اللقاء وكذلك عدد من مستشاري ومساعدي بن سلمان، وإنهم كانوا يتجهمون حين كان ينحرف عن النص المعد له.
احتفاء صهيوني
واحتفلت وسائل الإعلام الإسرائيلية بتصريحات بن سلمان، وأشادت بإشارته لوجود مصالح مشتركة كثيرة بين السعودية وبين إسرائيل وأنهما قادرتان على العيش بسلام، متجاهلا واقع الاحتلال الفلسطيني والمجزرة في غزة.
وقامت وسائل الإعلام الإسرائيلية بإعادة نشر المقابلة كاملة.
ونقلت صحيفة “القدس العربي” عن صحيفة «يسرائيل هيوم» المقربة من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إن «المخفي أعظم»، مشيرة لاحتمال عقد صفقات بيع أسلحة إسرائيلية للسعودية ومنوهة أن تصريحات بن سلمان غير مسبوقة ولم يدل بمثلها زعيم عربي في الماضي بمن فيهم الراحل أنور السادات.
وعقب عدد من المتطرفين الصهاينة على تصريحات بن سلمان بأن إسرائيل ليست بحاجة لاعترافات بن سلمان ولا تستمد شرعيتها منه فيما قال آخر على موقع صحيفة «هآرتس» إنه استخدم كلمة إسرائيليين بدلا من يهود. وقال معلّق في موقع « يسرائيل هيوم « إن زعماء العرب يصطفون في طابور للتقرب من إسرائيل ومن رئيس حكومتها نتنياهو واليسار فيها يشعر بالحرج وبالضيق.
أما المعلّق السياسي في القناة الإسرائيلية العاشرة رفيف دروكر فقال ساخرا: «عندما سيبارك بن سلمان للسيسي بفوزه الأسطوري سيسمع من رئيس مصر القول» أهلا وسهلا بك بنادي المعجبين بإسرائيل».
ونقلت الصحيفة عن مصدر فلسطيني مسئول إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لم يفاجأ بالتصريحات وإنه يستخدم عبارات قاسية جدا كلما وردت أسماء قادة عرب على لسانه.
وتابع المصدر «عباس يعلم علم اليقين أن بن سلمان وغيره من قادة العرب المتعاونين مع إسرائيل متواطئون مع واشنطن وتل أبيب على القضية الفلسطينية ومستعدون للتنازل عن رام الله وليس القدس فقط لكنه يراهن على أن شعوبهم تردعهم ويعجزون عن تجاوزها من خلال تعاون عملي بما يعرف بصفقة القرن».
كشف الحقائق
فيما علق الكاتب الصحفي وائل قنديل على حوار بن سلمان قائلا: “الآن عرفنا من حديث بن سلمان أن بن تزيون المدون الصهيوني لم يدخل إلى الحرم النبوي متسللاً، أو مخترقاً، بل كان مدعواً لنقل رسالة، كانت مشفرة، والآن صارت واضحة حد الابتذال”.
وأضاف أن بن سلمان ذهب في حواره مع مجلة “أتلانتيك” الأمريكية، إلى أبعد من زيارة الكيان الصهيوني، وإذا كان الجدل لم يحسم تماماً بشأن الأنباء التي تردّدت عن قيامه بزيارة سرية إلى”إسرائيل” قبل عدة أشهر، فإنه بهذا الحوار يكون قد وقف على كل أبواب الصهاينة، من حاخامات التطرّف إلى جنرالات العدوان، مروراً بصقور الكنيست وحمائمه، موزعاً قبلاته وهداياه المجانية.
وقال قنديل خلال مقاله اليوم الأربعاء، “يتحدث بالعربي، ويفكّر بالعبري، هكذا ظهر بن سلمان في الحوار، في فقرة يقول فيها نصاً “فنحن في منطقةٍ لا تحيط بها المكسيك وكندا والمحيط الأطلسي والمحيط الهادي. بل لدينا تنظيم داعش والقاعدة وحماس وحزب الله والنظام الإيراني، وحتى قراصنة”، لافتا إلى أن هذا النص مأخوذاً من خطاب الصهاينة عن أنفسهم، حين يصوّرون إسرائيل واحة للديمقراطية والحداثة والتعايش، تحيطها غاباتٌ من الهمجية والتخلف والتطرف والإرهاب، ولو دققت في مضمون الفقرة لن تحتاج كثيراً من الجهد، لتكتشف أن قائمة الأعداء الخطرين، من منظور ولي العهد السعودي، مطابقة لما يتحدث به قادة الاحتلال الصهيوني، ما يعني باختصار أن كل من هو ضد إسرائيل يعتبره الأمير الصغيراً عدواً شريراً وخطراً محدقاً.
وتساءل: “السيسي وبن سلمان.. تابع ومتبوع أم تابعان. وفي هذا الحوار، يقدم ولي العهد السعودي الإجابة، إذ يبدو فيما يخص التقرب من إسرائيل سائراً على خطى صاحب الريادة في هذا المجال، عبد الفتاح السيسي، الذي أدرك، منذ وقت مبكر، أن عسل العلاقة مع إسرائيل أهم كثيراً من أرز السعودية والإمارات، فقرّر أن يعيش على الأرز بالعسل”.
لم يكتف بن سلمان بذلك، بل يمنح الاحتلال الصهيوني اعترافاً سخياً بالحق التاريخي في أرض فلسطين العربية، متقمصاً شخصية سير بلفور، فيقول “إن الإسرائيليين لهم “حق” في أن يكون لهم وطن”، ويساوي بين الصهيوني والفلسطيني، حين يضيف “أؤمن أيضا بأن الفلسطينيين والإسرائيليين من حقهم أن تكون لهم أراضيهم الخاصة بهم”.
ليفتح بن سلمان الباب لأي صهيوني، للادعاء بأن له حقاً تاريخياً في أراضي المدينة المنورة، ولن يجد أفضل من تصريحات ولي عهد السعودية حجةً قانونية، يستند إليها مطالباً بحصة من الأرض في يثرب، حيث كان هناك يهود لهم مساكنهم وحياتهم، فماذا يمكن أن يحصل وقتها؟.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …