‫الرئيسية‬ عرب وعالم هل أصبحت السعودية قبيلة تنقرض؟
عرب وعالم - سبتمبر 29, 2014

هل أصبحت السعودية قبيلة تنقرض؟

• اصطفاف السعودية مع إيران.. مغامرة غير محسوبة العواقب

• الرابح والخاسر من سقوط اليمن بيد الحوثيين

“السعودية الآن قبيلة تنقرض”.. كانت تلك تصريحات صادرة عن المحلل السياسي الإيراني المقرب من دوائر صنع القرار في طهران محمد صادق الحسيني، حاول خلالها تلخيص واقع الحال وما آلت إليه الأمور في المنقطة العربية بعد سقوط اليمن بيد الحوثيين، وتمدد الهلال الشيعي الإيراني في العواصم السنية.
تصريحات الحسيني- خلال لقائه فضائية “الميادين” ذات التوجه الشيعي- كشفت عن الطعنة التي تلقاها المشروع السعودي في المنطقة، بعد المغامرة غير المحسوبة التي اصطفت خلالها المملكة مع إيران ضد مشروع تيار الإسلام السياسي الوسطي، سواء في مصر أو ليبيا أو اليمن، وسلمت بيدها غطاءها الجنوبي وعمقها الإقليمي ليدخل طوعا ضمن المشروع الإيراني، ثم فوجئت بتلقي طعنة في الظهر بعد أن انقلب الحوثيون في اليمن على كافة الاتفاقيات، وسيطروا على كافة مقاليد الأمور في البلاد.
وقال الحسيني، في تصريحات كاشفة: إن اليمن أصبح جزءا من المشروع الإيراني، أو كما أسماه “محور المقاومة”، حيث أضحت صنعاء كطهران وبغداد ودمشق والضاحية الجنوبية في لبنان، و”عز اليمن أصبح في فقر السعودية”، على حد قوله.
باب المندب ومضيق هرمز
وأشار إلى أن سيطرة هذا المحور على اليمن معناه السيطرة على باب المندب ومضيق هرمز، وهو ما يضيق الخناق على السعودية وغيرها من دول المنقطة، وخضوعه تحت سيطرة المشروع الإيراني، وهو ما سيجعل من السعودية قبيلة تنقرض، ونهاية لحكم عائلة “آل سعود”، لافتا إلى أن عبد الملك الحوثي سيكون سيد اليمن وسيد الجزيرة العربية، فاليمني أصبح العزيز والسعودي هو الفقير، قائلا: “ما حدث في اليمن حرب عالمية ثالثة” ستغير المنطقة بأكملها.
ولفت إلى أن المحور الإيراني وأتباعه أصبحوا السلاطين الجدد للبحر الأحمر والبحر الأبيض والخليج الجدد، وأنهم سيغيرون خارطة المنقطة.
ويعد مضيق باب المندب على الساحل الغربي لليمن هو بوابة البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، وحينما يستطيع الشيعة في اليمن- “أنصار الله أو الحوثيون- السيطرة على صنعاء وتسليم المفتاح لطهران التي تسيطر بالفعل على مضيق هرمز، بوابة الخليج العربي، فقد قدموا هدية لا تقدر بثمن لإيران، التي ستصبح حارس الممرات المائية الاستراتيجية في الشرق الأوسط.
وتتلاقى تصريحات الحسيني مع ما قاله ممثل مدينة طهران في البرلمان الإيراني علي رضا زاكاني، وهو من المقربين من المرشد علي خامنئي، والذي تفاخر بأن إيران باتت الآن تتحكم في أربع عواصم عربية، وهي “بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء”، قائلا: “ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران، وتابعة للثورة الإيرانية الإسلامية”.
ولم يخف زاكاني رؤية طهران من وراء امتداد الحوثيين في اليمن، حيث أكد أن ثورتهم ستنجح في الوصول للسعودية، وأن الحدود اليمنية السعودية الواسعة سوف تساعد في تسريع وصولها إلى العمق السعودي.
زلزال اليمن
الزلزال الذي حدث في المشهد اليمني وتداعياته على السعودية وتزايد النفوذ الإيراني يكشفه موقع “فردا”، المقرب من الحرس الثوري الإيراني، والذي أشار إلى أن طهران تمكنت من هزيمة السعودية في ثلاث معارك، خلال الفترة الأخيرة، كان آخرها في اليمن التي سقط فيها النفوذ السعودي لصالح إيران.
وأضاف الموقع أن السعودية هُزمت ثلاث مرات أمام إيران مؤخرا، كان آخرها في اليمن، وقبل ذلك فشلت جهود السنوات الأربع السابقة في إسقاط بشار الأسد، كما تلقت المملكة ضربة قوية لنفوذها في العراق أيضا، لتكون بذلك قد منيت بالهزيمة والفشل على ثلاث جبهات.
وقال الموقع الايراني “إن يوسف الإدريسي، خليفة بندر بن سلطان رئيس جهاز الإستخبارات السعودية الأسبق، كان يحاول توسيع دائرة نشاط المجموعات المسلحة في العراق، والتركيز على مواجهة محور المقاومة في سوريا لإضعاف بشار الأسد، لكن الولايات المتحدة الأمريكية لم تقبل بنفوذ الإسلاميين في سوريا، مما أدى إلى تراجع كبير في أداء المعارضة السورية، فيما استثمر النظام السوري تراجع دور المعارضة السورية المسلحة، وتمكن من التحرك والسيطرة على مناطق كبيرة كانت تحت سيطرة المعارضة.
وأشار موقع فردا- في تقريره عن “الصراع السعودي الإيراني” في المنطقة- إلى أن “السعودية حاولت مواجهة الهلال الشيعي الممتد من طهران حتى بغداد ودمشق ولبنان، من خلال دعم المعارضة في سوريا، لكنها فوجئت بتقدم أنصار الله الحوثيين في اليمن، حيث استطاع حلفاء إيران في اليمن إسقاط الحكومة التابعة للسعودية، ليكون انتصارهم أقوى ضربة تتلقاها السعودية من إيران في المنطقة”.
وأكد الموقع أن كل الأحداث الجارية في المنطقة تشير إلى ضعف الأداء السياسي للنظام السعودي في مواجهة النفوذ والدور الإيراني بالمنطقة، وتابع قائلا: “إن ضعف السياسة السعودية وفشلها في المنطقة كان عاملا أساسيا في تقوية محور المقاومة بقيادة إيران”.
مغامرة غير محسوبة
ويرى مراقبون أن السعودية قفزت في الهواء وغامرت بشكل غير محسوب، باصطفافها بجانب إيران في عدد من الملفات، وحربها على المشروع الإسلامي السياسي السني، سواء في مصر وليبيا واليمن، حيث جلبت خطرا يهدد عمقها، في ظل تمدد المشروع الإيراني وسيطرته على عدد من العواصم العربية الهامة، واتساع نطاق تأثيره في ظل انحسار التأثير السعودي، حيث حاربت الرياض فصيلا لم يشكل خطرا عليها، فيما انضمت إلى فصيل يعد الخطر الأكبر وهو المشروع الإيراني.
وتتطابق تلك النظرية مع ما قاله الكاتب البريطاني “ديفيد هيرست”، في مقال له في صحيفة “ذي هافنغتون بوست”، حول المغامرة التي خاضتها السعودية بترك إيران تلعب في الملف اليمني، وصمتها عن سقوط العاصمة في يد جماعة الحوثي الشيعية، في مقابل شنها حربا واسعة على تيارات الإسلام السياسي، وهو ما ستدفع ثمنه “الرياض”.
وقال هيرست في مقاله: “إنه يمكن لتدخل في دولة أن يخفي وراءه تدخلا آخر، فبينما جميع الأنظار موجهة إلى سوريا والعراق، ثمة تدخل آخر يجري باليمن، مضيفا: “ليس مستغربا أن تدعم إيران قبيلة شيعية صغيرة في شمال اليمن اسمها “الحوثيون”، حيث لم يتوان السياسيون الإيرانيون عن الثناء على الاستيلاء الخاطف للحوثيين على العاصمة صنعاء”.
واعتبر الكاتب أنه “من المدهش أن تسمع عن الصلة الوثيقة للمملكة العربية السعودية ولحليفتها دولة الإمارات العربية المتحدة في اجتياح الحوثيين، وكيف أنها توصلت إلى تفاهم بحكم الواقع مع أكبر خصم إقليمي لها وهو إيران”.
وأشار إلى أنه جرى، في نوفمبر من العام الماضي، اتصال بين السعوديين وأعدائهم القدامى الحوثيين، وكتبت الصحافة حينها: “حرب بندر على الإسلام السياسي لها تجلياتها أيضا على الحدود السعودية المضطربة مع اليمن، وأن الحاجة إلى مواجهة المد الذي أحرزه التجمع اليمني للإصلاح في اليمن قاد السعوديين إلى دعم ميليشيات الحوثي، التي سبق أن حاربتها المملكة من قبل، وتم الإتيان بشخصية حوثية بارزة هو صالح حبري، بالطائرة عبر لندن ليقابل رئيس المخابرات السعودي”.
وقال هيرست: إن “الاجتماعات خلال الأسابيع القليلة الأخيرة تكثفت، وبلغني أن وفدا من الحوثيين توجه إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لحضور اجتماع رفيع المستوى، وأن نفس الوفد طار من بعد ذلك إلى الرياض، كما جرى اجتماع ناجح بين وزير الخارجية الإيراني ونظيره السعودي في نيويورك الأسبوع الماضي”، على حد قوله.
واعتبر أن الرجل المحوري في كل هذه اللقاءات- بين الحوثيين والسعوديين والإماراتيين- كان سفير اليمن في الإمارات العربية المتحدة أحمد علي عبد الله صالح، نجل الرئيس اليمني السابق الذي أجبر على التنحي في عام 2012.
وأضاف هيرست أنه من المعلوم أن الحوثيين وإيران هم ألد أعداء القاعدة في جزيرة العرب، وهي الفرع الأنشط للقاعدة خارج سوريا والعراق، “إلا أن المستهدف من هذا الاجتياح المفاجئ هو “الإصلاح”، الحزب الإسلامي الإصلاحي”.
وقال هيرست: إن الرئيس السابق علي عبد الله صالح ما يزال صاحب نفوذ، ولاعبا سياسيا مهما، ويبدو أن الحوثيين حصلوا في مهمتهم هذه على مساعدته، وكان صالح قد صرح من مقر تقاعده بكلام يفهم منه دعمه للحوثيين، وفي اليوم الذي وصلوا فيه إلى صنعاء استبدل صورته على صفحته في “فيسبوك” بصورة يبدو فيها مبتسما.
وأوضح أنه “لم يحصل من قبل أن دخل الإصلاح في اليمن في صراع مع السعوديين، إلا أن الرياض فيما يبدو أجرت حسبة استراتيجية، وخلصت إلى أنه آن الأوان لإعلان الحرب على جميع فصائل الإسلام السياسي، حيث وُجِدوا في العالم العربي، سواء في اليمن أو في مصر أو في ليبيا”.
واستدل على ذلك من خلال تصريحات تركي الفيصل- وهو شقيق وزير الخارجية وسفير سابق في بريطانيا- في اجتماع في أوروبا مؤخرا، قال: إنهم أجروا في السعودية حسبة استراتيجية، وأضاف: “لقد تم دراسة هذه السياسة بعمق وتروٍ”.
ولكن الكاتب يرى في هذه الدراسة “حسبة خطيرة وقصيرة النظر”، وخاصة عندما تطبق على بلد مثل اليمن الملاصق لحدود المملكة العربية السعودية الجنوبية، وهي حدود شبه سائبة، وهي استراتيجية محفوفة بالمخاطر على جبهتين”، متسائلا: “فأين سيكون مناط الولاء السني إذا ما انتهى الأمر إلى تدمير الإصلاح؟”.
واعتبر أن التظلم السني في اليمن وراء ما يحصل، كما حدث في سوريا والعراق، حيث أفرز ذلك “تنظيم الدولة”، مستذكرا “الذي فعله السعوديون من أجل إخماد الربيع العربي في البحرين، مدعين بأنه كان يشكل بوابة ستدخل منها إيران، وها هم اليوم يستخدمون قوة مدعومة من قبل إيران ضد الإسلاميين السنة في اليمن، فكل شيء مباح في أي بلد عربي، طالما كان المستهدف هو الإسلام السياسي”، على حد قوله.
ومن الخطورة بمكان أن يفترض السعوديون بأن النفوذ الإيراني عبارة عن طريق العبور منه في اتجاه واحد فقط، وفق هيرست، الذي أشار إلى أن الإيرانيين يتوقعون بعد أن يتمكن التحالف الغربي من سحق “تنظيم الدولة” في العراق وسوريا، فإن الدور من بعدها ربما سيكون على عميلهم بشار الأسد، معتبرا أن امتلاك صنعاء ورقة في أيديهم سيمكن الإيرانيين الآن من أن يلعبوا بها إذا ما هُدد الأسد.
ولم يستبعد هيرست إطلاقا أن تتحقق نبوءة التمدد الإيراني نحو السعودية من اليمن، قائلا: “إذا كانت المملكة العربية السعودية جزءا من ائتلاف قد يستهدف فيما بعد حليف إيران الأساسي في سوريا، فيمكن للإيرانيين أن يهددوا المملكة عبر حدودها الجنوبية”.
واختتم هيرست مقاله قائلا: “ينبغي على الأمراء الأكثر براغماتية داخل العائلة الحاكمة في المملكة العربية السعودية أن يتساءلوا ما الذي سيحدث من بعد، ما هي عواقب الفشل؟ وماذا لو استخدمت مثل هذه الخطط التي نجمت عن تفكير عميق ومترو- على حد قولهم- ضدهم في عقر دارهم؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …