فساد المحليات يواصل حصد أرواح المواطنين فى عقارات العشوائيات

انهيار العقارات أمر يومي اعتاد المصريون على سماع أخباره خلال الفترة الأخيرة؛ حيث شهدت مصر انهيار 8 عقارات خلال الأسبوعين الماضيين فقط، في عدد من محافظات الجمهورية، منها “القاهرة والأقصر والإسكندرية والمحلة والمنيا والبحيرة”.

وتشترك هذه العقارات المنهارة في أسباب واحدة، وهي: “بناء مخالف ولا توجد رخصة، وقرار إزالة لم ينفذ”، وهو ما يؤكد على غياب دور الدولة التي انشغلت في التصدي للمتظاهرين دون غيرهم.

فاليوم، استيقظ أهل منطقة الترجمان بالقاهرة على أصوات انهيار عقار مكون من دور أرضي وطابقين، أسفر عن إصابة شخصين على الأقل، فيما سارع الحي بالتأكيد على أن العقار كان قد صدر له قرار إزالة منذ 12 عاما، دون تبرير لعدم قيامه بإخلاء المنزل من السكان حتى انهار فوق رؤوسهم.

وفي محافظة الأقصر، شهدت اليوم أيضا، انهيار عقار آخر مكون من طابقين؛ أدى إلى وفاة صاحبه وإصابة زوجته.

يأتي هذا بعد أسبوعين فقط من فاجعة انهيار عقار المطرية، المكون من 8 طوابق، تسبب في وفاة 22 وإصابة 5 آخرين، وذلك بسبب قيام صاحب العقار ببناء الدور الخامس فوق اﻷرضى بدون ترخيص، وقام الحي بإصدار قرار إزالة له عام 2012، ولكن كالعادة لم تتم الإزالة.

وتعاني مصر من فوضى “التعليات” والبناء المخالف، والبناء بدون ترخيص، في ظل فراغ أمني كبير، وتواطؤ من مهندسي الأحياء، الذين يمنحون مافيا الأراضي صكوكًا على بياض بالبناء المخالف، وعدم اهتمام أو رقابة من الأجهزة المسئولة، وهو ما يهدد حياة العشرات من المواطنين للخطر.

وكشفت دراسة، أن نسبة مخالفات المباني في مصر بلغت 90% من إجمالي العقارات الموجودة، والتي قدرتها إحصائيات وزارة الإسكان بـ4.9 مليون مبني، وذلك حتى عام 2009 فقط، وهو ما يعني أن هذا الرقم زاد الضعف خلال السنوات الخمس الأخيرة.

وتشير الدراسة، التي أجرتها منار الحسيني، بكلية الهندسة جامعة القاهرة، إلى أن 50 % من هذه المباني تفتقر لأعمال الصيانة، موضحة أن حجم المخالفات بلغ في حي المطرية وحده 92.8%، وفي حي السلام 94%، بينما بلغت أعداد محاضر المخالفات التي تم تحريرها بواسطة الأجهزة الرقابية عشرة أضعاف تراخيص البناء، ففي عين شمس بلغت مخالفات البناء 96% بإجمالي عدد مخالفات 5030 مخالفة، وفي الدرب الأحمر 70% وحي الجمالية 50%..

كما تشير الدراسة إلي أن محافظة الإسكندرية، أصدرت 57 ألف قرار إزالة لم ينفذوا، رغم ما شهدته المحافظة الساحلية من حالات سقوط للعديد من العقارات.

وحصلت محافظة أسيوط علي نصيب الأسد في عشوائيات البناء بنسبة 98%، وتأتي في المرتبة الثانية محافظة القاهرة وتضم 81 منطقة عشوائية، لتشهد كارثة إنسانية في الدويقة بمنشأة ناصر، بعد انهيار كتل صخرية على سكانها، وذلك بحسب الدراسة.

وقالت الدراسة، إن ارتفاع معدلات الفساد داخل المحليات، كان أهم الأسباب نتيجة تفاقم المشكلة وانهيار العديد من العقارات، التي ثبت أن أغلبها حديثه وليست قديمة، مؤكدة أن الفساد أدى إلى صعوبة حصول المواطن على تراخيص البناء من خلال القنوات الشرعية.

فضلا عن ضعف أجور مهندسي الأحياء، والذي فتح الباب أمام الرشوة والمساومات وهجرة الكفاءات الهندسية من العمل في المحليات؛ هربًا من المسئولية الهندسية، والتي تجعلهم دائما عرضة للمساءلة القانونية، كما أن تضارب القوانين والتشريعات الخاصة بالبناء وتعددها يسهل اختراقها والالتفاف حولها واستغلال ثغراتها.