‫الرئيسية‬ عرب وعالم “دوبلير عبد الناصر”.. ماذا يحدث لو استولى قايد صالح على السلطة بالجزائر؟
عرب وعالم - يونيو 8, 2019

“دوبلير عبد الناصر”.. ماذا يحدث لو استولى قايد صالح على السلطة بالجزائر؟

إنّ جزءًا كبيرًا من مصائب الأمة العربية ومن الكوارث التي تعيشها اليوم يعود إلى التجربة الناصرية، التي أسست لأشرس أنظمة الحكم العسكرية في التاريخ العربي؛ فعبد الناصر وبعد انقلابه على الرئيس “محمد نجيب”، أسّس لواحدة من أحلك مراحل الحكم الفردي الشمولي في المنطقة، والتي امتدت إلى ليبيا، والجزائر، وسوريا، والعراق، وجزء كبير من المشرق العربي.

اليوم تحولت الناصرية وشعارات التجربة القومية إلى خنجر في خاصرة ربيع الشعوب، وإلى حزام أمان للنظام الاستبدادي القمعي العربي. القوميون العرب اليوم هم أشد العرب عداء للعروبة وللمشروع العربي بعد أن ذهبت نسائم ربيع الشعوب بالمساحيق التي تغطي وجوههم والأصباغ التي تلوّنوا بها طيلة عقود من عمر الأمة.

الدوبلير!

من جهته دعا العضو المؤسس في حركة “رشاد” الجزائرية المعارضة، الدبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت، الجزائريين إلى عدم استنساخ نموذج جمال عبد الناصر، الذي اتهمه بتدمير الجيش المصري في حرب 67، مع قائد الأركان الجزائري قايد صالح.

وحذّر زيتوت- في كلمة وجهها إلى الجزائريين بمناسبة الذكرى السنوية لهزيمة 67، وبثها عبر صفحتيه في “فيسبوك” و”يوتيوب” ورصدتها (الحرية والعدالة)- من أن هناك محاولات لتهيئة المناخ لتولي قائد الأركان قايد صالح رئاسة الجزائر.

واعتبر زيتوت أن حكم العسكر لم يجلب للعالم العربي إلا الهزائم والويلات، واستشهد على ذلك بحرب العام 1967 بين الجيوش المصرية والسورية والأردنية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، وقال إن “الآلة الإعلامية الدعائية الكاذبة سمتها بحرب الأيام الستة بينما هي في الواقع لم تدم أكثر من 6 ساعات، تم فيها تدمير الجيوش المصرية والسورية والأردنية”.

وأكد زيتوت، أن “الشعب الجزائري الذي انطلق في حراكه الثوري السلمي سيستمر في المطالبة بإنهاء الحكم العسكري للجزائر القائم منذ العام 1962″، محذّرا في الوقت ذاته من الانجرار وراء مطلب الطغاة في عسكرة الحراك، وقال: “كل المحطات التاريخية تؤكد أن الثورات السلمية هي الأقدر على النجاح وعلى ترجمة أحلام الشعوب في الديمقراطية إلى أمر واقع”.

ويكمن الخطر في إعادة تدوير مخلفات الناصرية في الجزائر، وهي أمراض الوهم التي خلفتها الناصرية، فبقطع النظر عن الأكاذيب الكبيرة التي روّج لها من شعارات فارغة مثل لاءاته الثلاثة، وأنه سيلقي بإسرائيل في البحر، وسيحارب الرجعية والعملاء، فإذا به يلقي بمصر في بحر الهزائم العسكرية والانكسارات التاريخية، ويلقي بشعب مصر في أتون التخلف ويحرمه النهضة الحقيقية التي يستحقها كباقي الأمم التي صنعت مجدها خلال الخمسينيات من القرن الماضي.

الثورة لا تموت

ومن المنتظر إن استولى قايد صالح على السلطة أن يعيد ذلك التدمير، ويضع الجزائر تحت سكين أعدائها مثل فرنسا وغيرها، مثلما وضع عبد الناصر مصر تحت سكين وصاية الكيان الصهيوني سواء بعد هزائمه المتتالية، أو بعد التمكين لحكم العسكر، وقد تحوّل إلى كنز استراتيجي لإسرائيل كما يقول منظرو الصهيونية اليوم، واستلم الراية من بعده جنرال إسرائيل السفيه السيسي.

خلّف عبد الناصر وراءه نظام القبضة العسكرية المصرية التي تحاصر الفلسطينيين وتؤمّن حدود الكيان الصهيوني بشكل أكثر شراسة من العدوّ نفسه، بل تحول العسكر اليوم إلى سرطان اقتصادي يعوّض الدولة ويمتصّ عرق المصريين إلى آخر درهم في جيوب الفقراء.

التجربة الناصرية كما يحلوا للقومجيين تسميتها، هي التي ألهمت التجربة العسكرية السوداء في ليبيا، وهي التي ألهمت كل تجارب العسكر الدامية التي سلّمت الوطن للأعداء عبر ترسيخ التخلف، والقمع، ومنع شروط النهضة، ومصادرة حق الاختلاف، والحق في التنظّم وفي التعبير.

لن تنهض الأمة ما لم تتخلص اليوم من إرث الناصرية البغيض، وتثور على الجنرالات ورثة عبد الناصر، ومن كل الإرث الإيديولوجي الثقيل القائم على عبادة الفرد وعلى تأليه الإنسان، لن تنهض الأمة ما لم ترم عنها أغلال التاريخ ورواسب التخلف، وتجعل من القيم الإنسانية والعربية الإسلامية أهدافا مثلى تحققها وحدة الأمة بالعمل، والصبر، والعلم، والمعرفة، واحترام الإنسان للإنسان، أما من كان يعبد عبد الناصر فإنه قد مات وغيره سيموت أيضا، لكن من يعتنق الحق فإنه لا يموت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …