‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير دلالات مجزرة السودان.. العسكر أعداء الديمقراطية والإسلاميون والعلمانيون ضحايا والغرب متآمر
أخبار وتقارير - يونيو 4, 2019

دلالات مجزرة السودان.. العسكر أعداء الديمقراطية والإسلاميون والعلمانيون ضحايا والغرب متآمر

رغم أن قمع السيسي لليساريين والليبراليين الذين دعّموا انقلابه ومجازره ضد الإخوان والإسلاميين عموما أثبت للمصريين أن العسكر لم يقوموا بانقلابهم ضد الإخوان فقط، وإنما ضد الديمقراطية لسرقة السلطة والثروة بقوة السلاح الذي اشتراه لهم الشعب، إلا أن تجربة السودان كانت تأكيدا جديدا بأن العسكر ضد الديمقراطية والحراك الشعبي، سواء قاده إسلاميون أم يساريون أم ليبراليون، فالكل في القمع سواء.

ففي انقلاب مصر وما تبعه من مجازر بلغت قرابة 17 مجزرة، أبرزها رابعة العدوية، كانت قوى الاستبداد والشر تستخدم فزاعة “الإخوان” لسحق الشعوب وقمعها وتبرير الانقلابات العسكرية، لكن في مجزرة القيادة العامة بالسودان تبين للجميع أن هذا الشعب الذي ثار ضد نظام يزعمون أنه ينتسب للإخوان وهم منه براء، يتم قمعه أيضا وسحقه وضرب مظاهراته من قِبل نفس قوى الاستبداد والقمع محليًّا وعربيًّا.

ففي اعتصام مصر كانت حجة العسكر ومن عاونهم من المخدوعين من التيارات السياسية الليبرالية واليسارية أن الإسلاميين يريدون الانفراد بالحكم، برغم أنهم منتخبون ديمقراطيا ويمكن إسقاطهم أيضًا بالانتخابات لو أراد الشعب، بينما اعتصام السودان كان بقيادة يسارية تعادي التيار الإسلامي أصلا، ومع هذا تم فض الاعتصامين، ما يؤكد أن العسكريين في العالم العربي يرفضون أي ربيع عربي، والقصة “ليست إخوان أو غير إخوان”.

ولكن ظهر حرص المجلس العسكري في مصر والسودان على السلطة ومن ثم الثروة، وليس على التغيير.

تآمر غربي

أما على المستوى الدولي وذرف أمريكا أو دول أوروبية دموع التماسيح على فض الاعتصام، وحديث بعضهم عن أنه سيحاسب المجلس العسكري في السودان على المجزرة التي قتل فيها 35 حتى الآن، فالأمر لا يعدو ذرًّا للرماد في العيون، فهم متآمرون مع العسكر في السودان كما تآمروا مع العسكر في مصر، والمعيار هو مصالحهم التي يعرفون تمامًا أن العسكر والديكتاتوريين يلبونها بلا اعتراض، بينما الحكومات المنتخبة ستسأل وتراجع وتحاسب وقد ترفض.

فلو كان الغرب صادقا لحاسب المجلس العسكري المصري، ولم يفتح له الباب ويقابله بالاحتضان ويبرم معه الاتفاقات التي تلبي مصالحهم، فهم كاذبون ولا يمكن أن يحاسبوا عسكر السودان؛ لأنهم لم يحاسبوا المجلس العسكري في مصر والسيسي ودعموه، بل وتحالفوا معه.

والأهم أن هناك مصالح وعلاقات بين هؤلاء العسكريين والأنظمة الغربية، ولا يمكن تصور أن السيسي أو البرهان تحركّا لقمع الشعبين المصري والسوداني دون ضوء أخضر دوليًّا ودعم وتمويل وتخطيط منهم.

فلو كانوا صادقين لتطهروا من جريمة التواطؤ على دماء شهداء انقلاب السيسي ورابعة، وشهداء مذابح بشار الأسد، والتحرك لإيقاف مجازر العسكر ضد ثورة الشعب السوداني، ولكن ردود أفعالهم ستقتصر على التصريحات الإعلامية لحفظ ماء الوجه، بينما هم يصافحونهم في الغرف المغلقة.

دور مثلث الشر في السودان

الدلالة الثالثة من فض اعتصام السودان وتنكر المجلس العسكري لكل وعوده وإلغاء اتفاقاته السابقة مع “قوى الحرية والتغيير”، وأغلبها أحزاب يسارية، هي دور مثلث الشر، خصوصًا مصر والإمارات، أو محور الثورة المضادة في التحالف مع عسكر السودان لإجهاض الثورة.

فهناك مخطط خليجي بدأ منذ ثورة مصر بالتعهد بإجهاض أي ربيع عربي؛ خشية أن يمتد إلى هذه الأنظمة الملكية السلطوية، ولعب المال والنفوذ الإماراتي تحديدًا دورًا فيه، ولذلك لم يكن مستغربًا أن ينقلب عسكر السودان على الثورة ويفضوا الاعتصامات بعد زيارات “البرهان” و”حميدتي” لمصر والإمارات والسعودية.

فالوصول إلى هذه المجزرة لم يكن قرارا اعتباطيا بين يوم وليلة، ولكنه “تتويج” لمسار بدأه المجلس العسكري منذ أسابيع، حين نسق العسكر مع دول الثورات المضادة، وقد تلقى الدعم المالي والوعود كما فعلوا مع السيسي.

وهذا ما يفسر تشابه الفض لاعتصامي مصر والسودان، وتحول ما حدث لصورة كربونية لما شهدته مصر في أغسطس 2013؛ بسبب تقارب قادة المجلس العسكري السوداني مع السيسي ودول الثورات المضادة، وحضور “البرهان” للسيسي ليتعلم منه كيف تعامل بالقوة مع فض اعتصام رابعة، وقامت نفس الجهات التي دعمت فض اعتصام رابعة في مصر بدعم فض اعتصام السودان.

بل إن منفذي المجزرتين في مصر والسودان (المجلس العسكري) اتفقوا على الفض في عيد الفطر وفجرًا والمعتصمون نيام؛ بدعاوى أنهم لا يفضون وإنما يطاردون مجرمين احتموا في الاعتصام، وادعاء أن الاعتصام مسلح، وحتى التشابه وصل لأسماء قادة المجلس العسكري الذين قاموا بجريمة فض الاعتصام (عبد الفتاح السيسي وعبد الفتاح البرهان).

وأكدت هذا أيضا صحيفة “الجارديان” البريطانية، حين قالت إن “رابعة تتكرر في السودان”، وإن “الحملة العنيفة على المتظاهرين جاءت بعد سلسلة من الاجتماعات بين قادة المجلس العسكري والأنظمة الاستبدادية في مصر والسعودية والإمارات، وليس من قبيل الصدفة أن يحدث ذلك، حيث زار حميدتي قائد قوات الدعم السريع “التي قادت حملة القمع” دول تدعم الفض.

هل هناك أمل في المستقبل؟

برغم اليقين بأن العسكر في العالم العربي (الذين يتعاملون مع دولهم كأنهم ورثوها مستغلين امتلاكهم القوة الباطشة) لا مستقبل لهم، إلا أن ما يحدث لن يستمر طويلا؛ لأن سعي عسكر ودول الثورة المضادة لوأد الثورات الشعبية ضد هذه الأنظمة العربية المشوهة هو محاولة عقيمة لوقف حركة التاريخ والثورات الشعبية الطبيعية، لذلك سيكون سعيهم “مؤقتا”؛ لأن “المنطقة العربية تغلي والحكام الحاليون لا يصلحون وفاسدون وديكتاتوريون وليس لديهم قواعد شعبية سوى بطانة السوء وأصحاب المصالح.

وربما ينجح ثوار السودان– عكس التجربة المصرية- من خلال تطبيقهم لأدوات الإضراب الشامل والعصيان المدني في أن يحققوا اختراقًا، وتكون تجربتهم ملهمة لمختلف الشعوب العربية في ثوراتها، بعدما تعلموا من أخطاء التجربة المصرية، وأن فض اعتصام القيادة العامة لن يوقف ثورة السودان، ونموذج سلطة المجازر غير قابل للحياة.

وبدون هذا فالمستقبل مظلم والبديل خطير وهو الفوضى والعنف، فإذا كانت دول مثل مصر تعاني من تفريخ أجيال جديدة من الإرهابيين وانتشار العنف بسبب قمع السلطة وتعذيبها المعتدلين في سجونها وغلقها وسائل التعبير السلمي، فالأمر في السودان أخطر.

فقد لا يقتصر الخطر في السودان على حرب أهلية كما جرى في ليبيا بدعم دول الثورة المضادة للانقلابي حفتر ضد ثوار ليبيا، وإنما قد يمتد لحروب تدفع السودان لمنعطف خطير في بلد مليء بالقبائل والميلشيات والصراعات المركبة.

والغريب أن المتحدث باسم الجيش السوداني يعلم هذا، وحذر بنفسه قبل فض الاعتصام من أن “السودان بها 8 جيوش” للتدليل على وجود قوى مسلحة في أكثر من مكان وحركات متمردة تحمل السلاح، وكل هؤلاء قد يحولون السودان إلى بلد فاشل مفكك، وسيتحمل من دعوا الانقلاب في مصر أيضا نصيبًا من هذه الفوضى، كما تحملوها حين تورطوا في دعم حفتر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …