حداد عسكري لـ«بركات».. والخروج من الباب الخلفي لجنود سيناء
يومان فقط، هي المدة التي فصلت بين حادثة اغتيال النائب العام هشام بركات، والهجوم على الجنود المصريين في سيناء، والذي أسفر عن مقتل 17 مجندا -بحسب رواية القوات المسلحة- بينما تراوح أعداد القتلى بين 70 إلى 100 جندي، بحسب تقارير صحفية.
ورغم قصر المدة، إلا أن التناول الرسمي والإعلامي للحادثين كان مختلفًا، حيث قامت الدولة بإعلان الحداد بعد اغتيال بركات، كما علقت القنوات الفضائية المصرية إذاعة مسلسلات وبرامج رمضان، وحضر عبد الفتاح السيسي الجنازة على رأس مسؤولي النظام، وهو الأمر الذي اختفى في تناول حوادث سيناء.
واعتبر مراقبون هذا الاختلاف تعبيرا عن الطبقية في الموت، والتي فرقت بين المستشار والجنود البسطاء، مشيرين إلى أن المجتمع المصري يعاني من التمييز والطبقية، والتي تظهر بوضوح بين الوظائف القيادية في الدولة مثل الضباط والقضاة، وبين غيرهم من المواطنين؛ حيث يتميز الفريق الأول بتعيين أبنائهم في وظائف كبرى، والعلاج في أفضل المستشفيات وعلى نفقة الدولة.
مواطنون درجة أولى
ولم تكن هذه هي الحوادث الوحيدة التي عبرت عن الطبقية التي تتعامل بها الدولة مع المواطنين، ففي شهر مايو الماضي، قررت حكومة محلب صرف إعانة مالية عاجلة لورثة كل قاض من القضاة الثلاثة الذين لقوا حتفهم في حادث العريش، في نفس الشهر قدرها 200 ألف جنيه، وكذا تقديم إعانة مالية عاجلة للقاضي المصاب “أيمن سعيد مصيلحي” قدرها 100 ألف جنيه، بينما حصل إبراهيم شريف أبو نيجع السائق المقتول على 5000 جنيه فقط، بالرغم أنه كان في الحادث نفسه.
ولم تقتصر الطبقية على التعويضات، بل امتدت إلى تقديم واجب العزاء؛ حيث تغيب المسئولون عن الحضور لعزاء أبو نيجع، وذلك بحسب تصريحات أسرته، التي قالت إنه “لم يهتم أحد من المسئولين بتأدية واجب العزاء في والدهم للأسف حتى بالتليفون، وكأنها تفرق بين الشهداء”.
وطالبت بمساواته بالقضاة الذين قتلوا معه، وأن تلقى أسرته الاهتمام نفسه من قبل الدولة؛ حيث إنه كان أول من تلقى الرصاصات ومات على إثرها فورًا.
أما ضباط الشرطة، فقامت الدولة بتمييزهم من خلال إنشاء صندوق تأمين المخاطر للضباط والأفراد بمبلغ مائة مليون جنيه دون رسوم اشتراك للضباط والأفراد.
كما تقدم وزارة التضامن الاجتماعي معاشات استثنائية لأسر الضحايا من المجندين والضباط من الجيش، فضلاً عن رعايتهم في مختلف الجوانب التعليمية والنفسية والاجتماعية والصحية، بحسب تصريحات سابقة لوزيرة التضامن الاجتماعي الانقلابية الدكتورة غادة والي.
على الجانب الآخر، لم يتقرر سوى تعويض 5000 جنيه بخلاف مكافأة نهاية الخدمة التي لم تتعدَّ 20 ألفًا لأسرة عامل نظافة توفي بعدما انفجرت عبوة ناسفة في أثناء فحصه لصندوق قمامة بالشارع، وذلك بجوار كوبري الحلمية بمنطقة المطرية؛ مما أدى إلى وفاته متأثرًا بجراحه عقب نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج في مارس الماضي.
غضب النشطاء
أثارت الازدواجية التي تطبقها السلطات الحالية للتمييز بين مواطنيها غضب واستياء السياسيين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين أكدوا أن مصر تعاني من الطبقية حتى في الموت.
وعبر الدكتور أحمد تهامي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة “دورهام” البريطانية، عن استيائه قائلا: “الدولة تعلن الحداد لاغتيال النائب العام لكنها تذيع المسلسلات والبرامج الكوميدية في مساء يوم استشهد فيه عشرات الجنود والمدنيين…ما هذه الطبقية المقززة؟”.
وقالت الدكتورة ناهد عز الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: “لا حداد على جنود الجيش المصري يا من تدعون الوطنية؟؟!! ..مسلسلات العهر تقف فقط من أجل المناصب والرتب …وليس إجلالا لأرواح خيرة شباب البلد ورجالها.. أو احتراما ومراعاة لمشاعر أهلهم ممن حرقت قلوبهم على أولادهم”.
وأضافت الكاتبة والصحفية نادية أبو المجد: “يعني عملوا حداد ووقفوا المسلسلات علشان قتل النائب العام لكن شغالين عادي بعد قتل عشرات من الجنود النهاردة!”.، وتهكم الفنان الساخر عطوة كنانة على ازدواجية النظام: “هو التليفزيون المصري مش هيعمل حداد ولا زهق؟! ولا النائب العام معاه واسطة !! ولا مفيش حد مات في سيناء !!”.
وعلق صاحب حساب “حملة باطل” قائلا: “النائب العام بتاع السيسي = حداد.. العساكر الغلابة مش بتوع السيسي = حلقة رامز ف معادها”.
وقال “بلاد الظلم أوطاني”: “والله صعبانيين عليا الجنود اللي استشهدوا اليوم ربنا يرحمهم … ده حتى مكلفوش نفسهم يعلنوا حداد 3 أيام ! معلش أصلكم مش لصوص زي هشام بركات”.
وتابع “Wael Mansour” : “أخبار المسلسلات ايه عالقنوات المصرية؟ مفيش حداد؟ ولا دول عشان جنود غلابة في منهم كتير؟! اخص! يا خسارتك يا بلد”.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …