بعد عامين من 30 يونيو.. نرصد التغيير الذي حدث بمصر
بعد مرور عامين على تظاهرات 30 يونيو، والتي استغلها المجلس العسكري للإطاحة بالرئيس محمد مرسي في 3 يوليو 2013، ما زال الشعب المصري يبحث عن مطالبه الأساسية التي خرج من أجلها في ثورة يناير 2011، والتي تتلخص في كلمات “عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية”.
وتشير الإحصائيات بعد الانقلاب إلى أنه لا تغيير ملموس يشعر به المواطن، حيث تدهورت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتزايدت الانتهاكات التي يمارسها النظام بحق ملف الحريات وحقوق الإنسان.
كل هذه الأوضاع المتدهورة، دفعت مراقبين إلى التأكيد على أن دوافع اندلاع الثورة على النظام الحالي متوفرة، وهو ما يطرح سؤال “بعد عامين من 30 يونيو.. كيف تغيرت مصر”؟.
أزمات مستمرة

“عشان الأمن لسه مرجعش.. مش عايزينك، علشان الفقير لسه ملوش مكان … مش عايزينك، علشان لسه بنشحت من بره.. مش عايزينك، علشان حق الشهداء لسه مجاش.. مش عايزينك، علشان مفيش كرامة لينا ولبلدنا.. مش عايزينك، علشان الاقتصاد انهار وبقى قايم على الشحاتة مش عايزينك، علشان تابع للأمريكان مش عايزينك”.
كانت تلك هي الأسباب التي ذكرتها حركة “تمرد”، وذلك لمطالبة الشعب المصري ودعوتهم للمشاركة في تظاهرات 30 يونيو للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة لتحقيقها، والتي قال السيسي في بيانه، في انقلاب 3 يوليو إنه سيلبيها، إلا أن هذه الأزمات لا تزال موجودة وقائمة حتى الآن، كأن لم يصبها شىء من هذا التغير رغم مرور عامين.
ومن أبرز الأزمات التي شهدتها مصر في عهد مرسي وكانت من الأسباب التي دعت بسببها قوى المعارضة التظاهر ضده، وما زالت مستمرة حتى الآن، هي مشاهد الطوابير أمام البنزينات، حيث تمثلت فى الأشهر الأخيرة فى نقص كميات بنزين 80 بالمحطات، ونقص جزئى فى بنزين 92.
وأسفرت هذه الطوابير، خلال الفترة الماضية، عن حالات قتل ومشاجرات بين المصطفين أمام البنزينات من أجل الحصول على ما يكفي سياراتهم من الوقود.
أما الكهرباء، فقد أظهرات مؤشرات وزارة الكهرباء أن نسبة العجز في التيار تصل إلى 3 آلاف ميجاوات، كما أن القدرة الإنتاجية لمحطات الطاقة الموجودة فى مصر ينبغى أن تصل الكمية المنتجة إلى 30 ألف ميجا وات، فى حين أنها لا تنتج فعليًا سوى 23 ألف ميجا فقط. وما زالت صفوف العاطلين تستقبل إليها عشرات الآلاف سنويا، حيث وصل معدل البطالة إلى 13.4% خلال عام 2015، بحسب تقرير منظمة اليونسيف، بينما كان معدلها 13.2% خلال الربع الأول من 2013.
وتشهد مصر أزمات اقتصادية طاحنة، حيث بلغ عجز الموازنة العامة للدولة لعام (2015-2016) بنحو 281 مليار جنيه، بينما وصل إلى 240 مليار جنيه في موازنة العام المالي الحالي (2014- 2015)، وذلك بارتفاع يصل إلى 40 مليار جنيه عن عن موازنة عام “مرسي”.
كما بلغ إجمالى ديون مصر المحلية والخارجية 2.1 تريليون جنيه بنهاية مارس 2015 تعادل 93.8% من الناتج المحلي الاجمالي، وذلك رغم قرارات الحكومة بتخفيض الدعم عن بعض الاحتياجات الأساسية للشعب المصري مثل الوقود والخبز والصحة والإسكان.
أما في عام مرسي، فقد بلغت الديون المحلية والخارجية 1.73 تريليون جنيه فى نهاية مارس 2013.
الشرطة تتوحش

“عادت ريما لعادتها القديمة”.. هكذا وصف مراقبون ونشطاء الداخلية خلال العامين المنصرمين، حيث عادت الممارسات الوحشية لرجال الشرطة بحق المواطنين، وزادت حالات القتل، بعد 30 يونيو، وبلغت ذروتها بفض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، وهو ما صاحبه زيادة فى أعداد المعتقلين، والذى بلغ 41 ألف معتقل، حتى مايو 2014، وفقا لإحصائيات “ويكى ثورة”.
وبعد مرور 7 أشهر من انقلاب 3 يوليو، وثق “ويكي ثورة” 80 حالة وفاة داخل مناطق الاحتجاز، سواء أقسام الشرطة أو السجون المصرية، كان من بينهم 11 حالة وفاة نتيجة الإهمال الطبى فى سجون “المنصورة العمومى، والمنيا العسكرى، وطرة، ودمنهور العمومى، ودمو بالفيوم، وبرج العرب”.
كما رصد مركز النديم، خلال الفترة من يونيو 2013 حتى مايو 2014، 196 حالة تعذيب ممن ترددوا عليه فقط، من بينهم 26 حالة أقل من 18 عامًا، و59 حالة ما بين 19 و25 عامًا، ومن بينهم 10 حالات عنف ضد النساء.
وخلال فترة عام من حكم السيسى، وهى الفترة من يونيو 2014، وحتى يونيو 2015، وثق مركز النديم 289 حالة تعذيب، و271 حالة وفاة داخل مناطق الاحتجاز، و119 حالة اختفاء قسرى، و97 حالة إهمال طبى، و63 إصابة نتيجة إطلاق نار فى الشارع، و52 حالة تكدير جماعى فى السجون، و27 حالة تعذيب جماعى، و27 حالة ضرب، و16 اعتداء جنسى، و10 حالات إهمال طبى لإصابات نتجت عن التعذيب، و7 حالات تحرش جنسى، و3 حالات احتجاز للأهالى كرهائن لحين تسليم ذويهم.
أما خلال عهد مرسي، فقد وثق مركز النديم 359 حالة تعذيب، و217 حالة قتل، من بينهم 77 من جراء التعذيب، فى الفترة من يونيو 2012، وحتى ديسمبر 2013، وفى الفترة من يناير 2013، وحتى عزل مرسى، وقعت 161 حالة قتل.
“فرقاء” 30 يونيو في الصورة التي ظهر فيها السيسي يتلو بيان انقلاب 3 يوليو، ظهر في الخلفية عدد من الشخصيات والرموز السياسية التي كانت شريكا أساسيا في هذا الانقلاب، وداعين إلى التظاهر ضد مرسي، حيث تصدرت هذه الشخصيات المشهد وقتها، وحضروا اجتماعا للقيادة العامة للجيش، بحضور شيخ الأزهر وبابا الكنيسة.
وبعد مرور عامين على هذه الصورة، أشار مراقبون إلى اختفاء أغلب هذه الرموز من المشهد السياسي، مؤكدين أنه لم يعد سوى السيسي فقط، والذي احتل أعلى منصب سياسي في مصر الآن.
ومن أبرز الداعمين والحاضرين لخطاب الانقلاب، كانت جبهة الإنقاذ الوطني، والتي تفككت عقب بيان بيان 3 يوليو، وتحولت لتكتلات انتخابية عقب الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، لكنها لم تنحج حتى الآن فى تشكيل قائمة انتخابية موحدة.
وتحولت أحزاب جبهة الإنقاذ لتحالف التيار الديمقراطى، الذى يضم “حزب الدستور، العدل، الكرامة، التحالف الشعبي، التيار الشعبين مصر الحرية”، كما انضم عدد من الأحزاب الأخرى لتحالف الوفد المصري الذي يضم “الوفد، الإصلاح والتنمية، المحافظين، المصرى الديمقراطى الاجتماعى، والصلاح والنهضة”، وذهبت الأحزاب الناصرية والاشتراكية المصرية أدراج الرياح ولم تنضم لتحالفات انتخابية، والتى هى بطبيعة الحال مهددة بالتفكك مع اقتراب موعد الانتخابات.
“الاختفاء والاندثار” كان مصير عدد آخر من رموز 30 يونيو، وأولهم الدكتور محمد البرادعى رئيس حزب الدستور الأسبق، ونائب رئيس الجمهورية في عهد عدلي منصور، والذي غادر البلاد بعد فض اعتصام رابعة العدوية وميدان النهضة حيث قدم استقالته، لتطلق وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب العنان للهجوم عليه واتهامه بالخيانة والعمالة، فأصبح غير مرغوب فيه داخل مصر، ليكتفي بالتدوينات التي يكتبها على فترات متباعدة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”.
كما ابتعد د. عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية ورئيس حزب مصر الحرية، عن المشهد السياسي، مشيرا إلى أنه يبحث حاليا السفر عن مصر، وذلك بسبب معارضته للنظام الحالى وتصريحه بأن ما حدث فى 3 يوليو انقلاب على “ثورة 30 يونيو”، بحسبما قاله حمزاوي.
ونفس الأمر تكرر مع عدد من الكتاب والمفكرين المصريين مثل “بلال فضل”، الذي مُنعت مقالته من النشر بجريدة الشروق عقب 3 يوليو، كما أعلن الدكتور علاء الأسوانى عن توقفه عن الكتابة بجريدة المصري اليوم بعدما نشر مقالات صحفية هاجم فيها النظام الحالى، ولم يشفع لهم تأييدهم لتظاهرات 30 يونيو، ومعارضة الإخوان من الاستمرار على نفس الوتيرة والمنهج.
وعلى جانب آخر، تحول عدد من الشخصيات السياسية من الانتقاد والهجوم اللاذع على السلطة في عهد مرسي إلى المعارضة على استحياء على السلطة في عهد السيسي، ومن ضمن هؤلاء د. محمد أبو الغار رئيس حزب المصري الديمقراطى الاجتماعى، الذي قال إن حزبه ليس معارضا ولا مؤيدا.
أما حمدين صباحى، مؤسس التيار الشعبي والمرشح الرئاسى الخاسر فى الانتخابات الرئاسية السابقة، فيتقلب موقفه بين الهجوم على النظام الحالي تارة والدعم تارة أخرى، لينعزل العمل السياسي بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية ويتفرغ لكتابة مقالات بجريدة الشروق.
ورغم إعلان سيد البدوي، رئيس حزب الوفد، المتواصل عن دعمه المطلق وتأييده للنظام الحالي، إلا أن تسريبات صوتية له كشفت سخطه على الأجهزة الأمنية، حيث اعترف بأنه تعرض لمؤامرة مخابرتية للدخول فى قائمة “فى حب مصر” الانتخابية.
أما حركة تمرد، الداعية لتظاهرات 30 يونيو، فقد شهدت العديد من الانشقاقات بعد 3 يوليو 2013، وذلك بعد ما أسموه المنشقون عنها بـ”انحرافها عن المسار الرئيسي”، في ظل اتهامات بالفساد المالي وتلقيهم أموالا دون دفاع من الجبهة الأخرى.
وقال المنشقون، إن الحركة تم استخدامها لإضفاء شرعية على تدخل الجيش مرة ثانية في الحياة السياسية، خاصة بعد تأييدها بشكل رسمي دعوة السيسي المصريين في 26 يوليو والخروج ثانية للتظاهر وتفويضه لمحاربة “قوى الإرهاب”، ليمر شهر وقد قام بفض اعتصاميْ رابعة والنهضة، خلاف قبول قانون التظاهر ومحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.
والقشة التي قصمت ظهر “تمرد”، فكانت الانتخابات الرئاسية، حيث ظهر الخلاف حول مرشحها “المدني” الذي يجب أن تدعمه، حتى أعلن محمود بدر بجبهته دعمه عبد الفتاح السيسي باسم حركة “تمرد”، وأن أي عضو بالحركة يدعم مرشحًا غيره فهو يعبر عن رأيه الشخصي، وأنه طالب السيسي بتقديم برنامج يحقق مطالب الثورة.
وتكونت جبهة أخرى بقيادة حسن شاهين ومحمد عبد العزيز، الداعمين للمرشح الناصري حمدين صباحي، وتصاعد الخلاف بين الجبهتين، مع ادعاء كل واحدة منهما الملكية الخالصة لأفكار وقواعد الحركة، لتسيطر جبهة “بدر” على الموقع الإلكتروني، والجبهة الأخرى على مواقع التواصل الاجتماعي للحركة.
وكوَّن المنشقون عن الجبهتين حركات باسم “تمرد تصحيح المسار” و”تمرد 25-30″ و”30 يونيو” و”تمرد مصري وبس” وإعلانهم عدم خوض انتخابات برلمانية أو الدخول في تحالفات.
واختارت حركة “تمرد” كتابة شهادة وفاتها بنفسها، وذلك من خلال حل نفسها بنفسها، حيث أعلنت في شهر يونيو الماضي، الحل النهائى للحركة، بعد تنصيب عبد الفتاح السيسي لمنصب الرئاسة.
وبهذا الإعلان، كتبت الحركة شهادة وفاتها بعد عمر لم يزد على العام، حيث كانت انطلقت قبل 30 يونيو 2013، بهدف جمع توقيعات من الشعب المصري لإسقاط الرئيس محمد مرسي، داعية إلى تظاهرات 30 يونيو التي اتخذتها القوات المسلحة ذريعة للإطاحة بـ”مرسي”، وذلك بحسب آراء المناهضين للانقلاب.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …










