تقارير أجنبية: ثلاثة بدائل السيسي أو انتظروا الفوضى والإرهاب
الفكرة التي يتبناها الكثيرون في الغرب بأن الرئيس المصري الحالي، الرجل العسكري القوي، عبد الفتاح السيسي، هو الخيار الوحيد المتاح لقيادة البلاد هي فكرة خاطئة بقدر ما هي خطيرة. السياسات القمعية للنظام الحالي تخنق الحياة العامة، وتمنع ظهور أي قيادة سياسية وتؤدي إلى التطرف والعنف المضاد. لكن هناك سيناريوهات أفضل.
يبدو أنّ واشنطن وبروكسل قد قبلتا أنه لا يوجد بديل لنظام السيسي وأنّه يجب على الغرب دعم مصر اقتصاديًا. لقد أساءوا الفهم مرة أخرى. هذه هي المشورة السياسية الخاطئة ذاتها التي قدموها لزين العابدين بن علي في تونس ومبارك في مصر قبل الانتفاضات الشعبية الضخمة التي أطاحت بهما على حد سواء.
بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو عام 2013، دعا دبلوماسيون غربيون وبرلمانيون معارضون للانقلاب إلى قبول الواقع الجديد والمضي قُدمًا. وإذا لم تتقبل هذا الأمر الواقع، كما قيل لي أثناء زيارة أعضاء البرلمان البريطاني، إذن “فأنت تدعو إلى حرب أهلية”. وعندما سألتُ: ماذا عن تصويتنا في انتخابات حرة ونزيهة؟ وما هي الضمانات بأنّ الرجل العسكري لن يطيح بحكومة منتخبة كلما أراد ذلك في المستقبل؟ كانت الإجابة هي: “تقبل الأمر الواقع أولًا، وبعد ذلك يمكننا التوصل إلى بعض الحلول”.
لن تتفتح الزهور
منذ الانقلاب العسكري في مصر والسيسي يقضي على أي بديل قابل للتطبيق؛ لقد ذبح وسجن ونفى المعارضين لمنع ظهور منافسين. هناك الكثير من الشخصيات العامة في السجون المصرية أو في المنفى قادرة على تشكيل حكومة جديدة، وتوفير بديل لنظام السيسي.
يتبادر إلى ذهني بعض الأسماء الهامة مثل محمد البرادعي، أيمن نور، باسم عودة، محمد محسوب، محمد البلتاجي، أبو العلا ماضي، عصام سلطان، وأحمد ماهر، وغيرهم الكثير.
حتى الزملاء العسكريين للسيسي تم قمعهم، بدءًا من محاولة اغتيال المدير السابق للمخابرات عمر سليمان في عام 2011 وإقصائه من سباق الرئاسة في عام 2012. كما تم وضع رئيس الأركان السابق سامي عنان تحت الإقامة الجبرية، ومُنع أحمد شفيق من العودة إلى مصر لقيامه بحملة لرئاسة الجمهورية.
لا انتخابات، لا بدائل
تأتي البدائل من عملية سياسية فعّالة ومجتمع متسامح. كانت هذه واحدة من إنجازات ثورة 25 يناير التي أطاحت بمبارك وقبضته المحكمة على مقاليد السلطة، والتي أنتجت طبقة جديدة من القادة، معظمهم من الشباب. لقد شعر الشعب المصري بتغيير حقيقي. ظهر 13 مرشحًا للرئاسة مع برامج ورؤى مختلفة، ومن ثم كان أمام مصر العديد من البدائل.
منذ الانقلاب العسكري، عاد السيسي لممارسة التلاعب بالانتخابات، وفاز العام الماضي بنسبة 97.3٪ من الأصوات. كما قام بتأجيل الانتخابات البرلمانية – ولا يبدو أنّه سيكون هناك انتخابات محلية في أي وقت قريب. لقد خنق المجتمع المدني، وقمع بشدة المنظمات غير الحكومية وعزز رتابة الآلة الإعلامية، وأغلق ميدان التحرير والميادين الأخرى واعتقل الآلاف من الناشطين بموجب قانون مكافحة التظاهر.
كما قام النظام العسكري بتطهير مؤسسات الدولة والجامعات من أي شخص يشك في ولائه. أعاد السيسي النظام من جديد (الذي سقط بعد الثورة) حيث عيّنت الحكومة مباشرة عمداء الجامعات والموظفين في مؤسسات الدولة بأفراد عسكريين. هذه هي البيئة التي تخنق أي بديل آخر.
أنا أو الإرهاب
الإجراءات القمعية وغير القانونية للنظام المصري الحالي تؤدي إلى التطرف والتحريض على العنف وتجبر مصر إلى الدخول في حرب أهلية منخفضة الحدة، وبالتأكيد، هذا ليس بديلًا مجديًا. منذ يوليو عام 2013 فقد أكثر من 3 آلاف من المصريين حياتهم. وفي الوقت نفسه، منذ وصوله إلى السلطة، رفض السيسي أي إمكانية للمصالحة الوطنية وأصر على الاستقطاب والتصعيد.
وعلى غرار مبارك والطغاة الآخرين، يقدم السيسي للمصريين خيارًا صعبًا وزائفًا في الوقت ذاته، وهو: اختياره أو اختيار الإرهاب وانعدام الأمن. إنّه يمنع المجتمع من ممارسة أي نشاط سياسي ويجعل من المستحيل ظهور أي عملية سياسية فعّالة. هذا الغلق التام للطرق المتاحة للتعبير والمشاركة سوف يهيئ الظروف لظهور عنف شعبي كوسيلة لمواجهة عنف الدولة.
ثلاثة بدائل
من خلال الاستسلام لفرضية أنّه “لا يوجد بديل” -وعدم المطالبة بتغيير حقيقي في مصر يفتح العملية السياسية داخل البلاد، والإفراج عن جميع السجناء السياسيين وضمان حقوق الإنسان- فإنّ صنّاع السياسة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يقدمون خدمة لا تقدر بثمن لنظام السيسي الاستبدادي؛ إنّ هذا الأمر يجعل فرضية “لا بديل” نبوءة ذاتية التحقق سوف تطارد مصر لعقود قادمة.
يمكن للمرء أن يرى ثلاثة سيناريوهات. دعونا نبدأ بالأقل احتمالًا: السيسي يغيّر سياساته القمعية ويفتح العملية السياسية. إنّ السبيل الوحيد لتصوّر هذا السيناريو هو إذا اعترف السيسي، الذي يواجه انتقادات دولية متزايدة لفشله في استعادة أمن المجتمع واستقرار الاقتصاد، بهزيمته. وهذا لن يتحقق في ظل رؤية السيسي لنفسه، في الداخل والخارج، على أنّه رجل قوي قادر على القضاء على الإرهاب وتوفير الأمن لشعبه.
في السيناريو الثاني: تقرر المؤسسة العسكرية اتخاذ بضع خطوات إلى الوراء وتسليم السُلطة إلى حكومة مدنية ثم تبني صيغة لتقاسم السُلطة. وهذا من شأنه أن يكون نتيجة محتملة لانتفاضة شعبية هائلة تُلقي باللوم على الجيش بسبب الإخفاقات الاقتصادية والسياسية في البلاد. وبطبيعة الحال، فإنّ الطريقة الوحيدة للجيش للسماح بحدوث ذلك سيكون من خلال تأمينه لمصالحه الخاصة والاعتراف أنّه يمكنه العودة إلى هدفه الأصلي وهو الحراسة وليس الحُكم.
السيناريو الأكثر ترجيحًا هو أن المؤسسة العسكرية، في مواجهة الامتهان بسبب انهيار الأمن القومي (تم الإعلان أنّ سيناء محافظة تابعة لتنظيم داعش)، وانعدام الأمن والاحتمال المتزايد بأن مصر أصبحت دولة فاشلة، تقرر التضحية بالسيسي ككبش فداء. في هذا السيناريو، يسلّم الجيش السلطة لشخص ما (عسكري سابق أو مدني) يفهم المصالح الاقتصادية والسياسية في البلاد، وفي الوقت نفس، يبدأ عملية مصالحة وطنية وإعادة البناء السياسي في البلاد. هذا الشخص الجديد سيقود فترة انتقالية قصيرة يمكن فيها إعادة بناء المؤسسات السياسية الفعّالة وسُبل المشاركة في الحياة السياسية.
أي من هذه السيناريوهات يقدم فرصًا أفضل من الواقع الراهن غير المستدام. مصر في حاجة للعودة إلى الحياة السياسية الطبيعية، وتضميد الجرح الاجتماعي وبناء المؤسسات. “خيار السيسي” لن يوفر لنا أيًا من هذه الأمور في أي وقت قريب.
…………………..
المصدر: موقع التقرير
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …