‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير “الجنرال” أطلق رصاصة الرحمة على ثورة يناير والعدالة
أخبار وتقارير - مايو 21, 2015

“الجنرال” أطلق رصاصة الرحمة على ثورة يناير والعدالة

في مايو 2013 وقبل شهر واحد من انقلاب الفريق أول عبد الفتاح السيسي على الرئيس المنتخب محمد مرسي، وعقب تصريحه الشهير “نحن (القضاة) الأسياد وما دوننا عبيد”، ثم مطالبته بتعيين أبناء القضاة فقط في مناصب آبائهم، خرجت مظاهرة لخريجي كليات الشريعة والحقوق أمام دار القضاء العالي، المطالبين بحقهم في العمل، وعدم قصر التعيين على أبناء القضاة، وهم يهتفون: ”زند بيه يا زند بيه.. كان ابوك قاضي ولا ايه؟”.

ما قاله الخريجون أكده “أحمد طه النقر”، المتحدث الرسمي باسم (الجمعية الوطنية للتغيير) عندما قال في ندوة لإدانة رفض وزير العدل السابق تعيين أبناء الزبالين قضاة: “إن والد المستشار أحمد الزند، رئيس نادي القضاة، كان يعمل حلاقًا، وهذا أمر لا يشينه أبدًا، لكن الشائن هو رفض قبول ابن عامل النظافة أو غيره في القضاء والنيابة”.

لهذا ما إن أُعلن في مصر عن تعيين المستشار المثير للجدل وزيرًا للعدل، حتى سارع النشطاء والصحف لذكر تاريخه وبث فيديوهات شهيرة له يصف فيها قضاة مصر بأنه “الأسياد” وغيرهم “عبيد” وصور لمواطنين وهم يقبّلون يده، وتصريحات له وهو يؤكد سعيه لتعيين أبناء القضاة الحاصلين علي ادني الدرجات الجامعية في سلك القضاة بدلاً من غيرهم من الخريجين المتفوقين من أبناء العمال والفلاحين وأصحاب المهن المتواضعة.

من هو الزند؟

رغم وجود الزند على رأس قائمة المطلوبين للتطهير في مؤسسة القضاء، وكونه واحدًا ممن يُطلق عليهم “فلول القضاء” عقب ثورة 25 يناير، لكنه تمكن من الفوز في انتخابات رئاسة نادي القضاة عقب الثورة ثم فاز في مارس 2012 بدورة جديدة، بسبب ما قال قضاة ونشطاء إنه دعمه مباشرة من وزير عدل مبارك السابق ممدوح مرعي، وصل لحشد غير مسبوق للقضاة في أتوبيسات وزارة العدل، لإبعاد تيار الاستقلال الذي دعم الثورة على مبارك عن النادي.

ومع أن الزند استنكر تصريحات وزير العدل السابق المستشار محفوظ صابر، مؤكدًا أن والده كان يمتلك صالون حلاقة في قريته، فهو اشتهر بدفاعه عن “توريث أبناء القضاة للمناصب القيادية”، وأعلن إصراره عليها في مارس 2012 واصفًا إياها بـ”الزحف المقدس”، ما جعل المعارضين لتعيينه وزيرًا يقولون إن السيسي أبعد وزيرًا رفض تعيين ابن زبال قاضيًا وجاء بوزير يرفض تعيين كل أبناء الشعب في منصب قضاة إلا أن يكونوا من أبناء القضاة.

فاللافت للنظر أن السبب الذي أطاح بالوزير السابق “صابر”، وهو تمسكه بـ”توريث القضاء” واستبعاد أبناء عمال النظافة وعموم الشعب من الوصول للسلك القضائي، سبق أن أكد عليه الوزير الجديد (الزند) في مارس 2012 واصفًا إياه بـ(الزحف المقدس).

واشتهر الزند بمعارضته لجماعة “الإخوان”، وحكم الرئيس محمد مرسي، وظهر في فضائيات مهددًا مرسي والاخوان، ومحرضًا ضدهم، وعقب عزل مرسي أعلن النائب العام السابق في عهد مبارك المستشار عبد المجيد محمود وتعيينه سفيرًا لمصر لدى الفاتيكان، وقف الزند معارضًا القرار بقوة.

وقد اتهمه نواب في البرلمان بالتنسيق مع الامارات ضمن ما سمي (الثورة المضادة) في مصر، وتقدم النائب السابق الدكتور أحمد أبو بركة عن حزب الحرية والعدالة، عام 2005، بطلب إحاطة لمجلس الشعب، للتحقيق مع المستشار الزند، بتهمة العمل في “وظيفة غير قضائية” بالإمارات أثناء إعارته.

وأدي الغضب عليه حينئذ لتعرض المستشار أحمد الزند، رئيس نادي قضاة مصر، إلى الضرب بالحذاء أثناء حضوره أحد المؤتمرات بنادي القضاة في 23 ديسمبر 2012 من قبل شاب مجهول.

كذلك اتهم سياسيون الزند بالاستيلاء على اراضي الدولة بأسعار رخيصة، وتعد قضية “أراضي الزند” إحدى القضايا التي أثارت جدلا واسعا بعد أن طلبت نيابة الأموال العامة العليا من النائب العام في مذكرة تفصيلية، وبعد إجراءات استدلالية، وتحقيقات الإذن، باتخاذ إجراءات التحقيق بعد عرض الأمر على مجلس القضاء الأعلى لرفع الحصانة عن المستشار أحمد الزند في بلاغات تتعلق باستيلائه على أراضٍ تجاوز مساحتها 300 فدانًا مملوكة لبعض الأهالي بوضع اليد بمنطقة الحمام بمرسى مطروح.

غير أنه بعد الإطاحة بـ”مرسي”، قرر المستشار أحمد إدريس، القاضي المنتدب للتحقيق في قضايا وزارة الزراعة، حفظ التحقيقات مع الزند في البلاغات المقدمة ضده وتتهمه بالاستيلاء على أراضي الدولة في مرسى مطروح شمال غرب مصر.

غضب وسخرية من تعيينه

ولذلك أثار تعيين رئيس نادي القضاة، المستشار أحمد الزند، وزيرًا للعدل، بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلفًا للمستشار محفوظ صابر، الذي أقيل بسبب تصريحاته التي رفض فيها عمل ابن عامل النظافة في القضاء، حالة من الغضب في مصر بين معارضي النظام والمستقلين، فيما أشاد به مؤيدو السيسي، ووصفه بالبعض بأنه محاولة انتحار من قبل النظام، ورصاصة الرحمة علي “العدالة” في مصر.

ومع هذا انقسم مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي ما بين مؤيد ومعارض لقرار تعين المستشار أحمد الزند وزيرًا للعدل خلفًا لمحفوظ صابر، كما هو الحال في مصر بين مؤيدي ومعارضي النظام.

وفي أعقاب أدائه اليمين الدستورية أمام السيسي ومشاركته في أول اجتماع لمجلس الوزراء اليوم الأربعاء، عاود نشطاء نشر مقطع فيديو قديم للمستشار الزند، أثناء اتصاله ببرنامج “مصر اليوم”، المذاع على قناة “الفراعين” ويقدمه توفيق عكاشة، يصف فيه “الزند” قضاة مصر بـ “الأسياد” والباقي “عبيد”، وانه لا وجه للمقارنة مع القضاة، بحسب قوله.

وقال محللون ومراقبون إن تعيين السيسي للزند هدفه تسريع قضايا محاكمة معارضي النظام من الإخوان، وتطهير القضاء من معارضي السيسي، فضلاً عن كونه رسالة تحد للخارج، بعدما أصدرت دول ومنظمات حقوقية بيانات تنتقد القضاء المصري وتصفه بأنه “مسيس” وغير محايد وتابع للسيسي؛ ما أغضب الخارجية المصرية التي أصدرت بيانًا تنتقد كل من انتقد القضاء المصري.

وعلق النشطاء على مواقع التواصل أنه لا فرق بين الوزير السابق والجديد، وأن كليهما لديه نظرة استعلائية تجاه الطبقات الأخرى من المجتمع؛ حيث سبق للزند أن دعا لتعيين أبناء القضاء الحاصلين على أدني درجة في الجامعات (مقبول)، بينما منعت الحكومة تعيين الحاصلين على أعلى الدرجات في منصب قضاة والنيابة العامة بدعوى أن أبناءهم فلاحون أو عمال أو زبالون، كما قال بعض الخريجين في تصريحات فضائية.

وعلقت شخصيات قضائية وسياسية معارضة على تعيين السيسي للزند بغضب وسخرية، حيث قال المستشار وليد شرابي الذي فصلته الحكومة من سلك القضاء بدعوى تأييده الرئيس مرسي، وقدم استقالته قبل عزله: “ليس معنى رفض وزير العدل تعيين أبناء الزبالين في القضاء أن يتم عزله ثم يقوم السيسي بتعيين زبال وزيرًا للعدل”.

11071769 10153247472159020 8417045057003276111 n

وقال المفكر محمد سيف الدولة العضو السابق في فريق مستشاري الرئيس مرسي، والذي استقال في عهد مرسي: “الحكاية مش ثورة مضادة ولا يحزنون، الحكاية أنهم بيعملوا تجارب ودراسات ميدانية على حدود الصبر والاحتمال عند المصريين”.

فيما قال د. هيثم أبو خليل رئيس مركز “ضحايا” لحقوق الإنسان: “للناس المتضايقين من تعيين الزند: “يا راجل فكك هو في عدل أصلاً علشان يكون له وزير؟”.

وأضاف: “شالوا اللي قال ابن عامل النظافة ميتعينش قاضي.. وجابوا اللي قال تعيين أولادنا هو زحف مقدس”، وتابع: “العسكر يخرجون ألسنتهم لشعب بأكمله فهل يفهم أكثرنا غباءً أن القصة ليست إخوان ولكنها قصة مجموعة مجرمين فشلة اغتصبوا وطن”.

واستنكر أيمن نور مؤسس حزب غد الثورة، قرار تعيين المستشار أحمد الزند وزيرًا للعدل، وقال عبر حسابه “تويتر”: “عندما يصمم نظام على الانتحار ويرفض أن تمنعه أو حتى تنصحه، يصبح الزند وزيرًا للعدل الغائب ويصبح عكاشة مفكر المرحلة”.

ووصف حزب “مصر القوية” الذي يرأسه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح الرئاسي السابق تعيين الزند بأنه “وحد مؤيدي ومعارضي النظام”، وانتقد عبد الله وجيه، أمين التنظيم بالحزب تعيين الزند وزيرًا للعدل، “في ظل شبهات الفساد المالي حوله وتعيين نجله بالقضاء”، قائلاً: “الحكومة بتهرج، هما القضاة خلصوا من على الساحة علشان يعيينوا الزند، ده لو النظام عاوز يفشل نفسه مش هيعمل كده”.

كذلك غرد د. إبراهيم حمامي معلقًا على تعيين الزند: “أحمد الزند أكثر من يليق بوزارة لا عدل السيسي، نقترح عكاشة للأعلام وإبراهيم عيسى للحريات وميزو (شيخ يساري) للأوقاف”، بينما عقب الصحفي Ahmed Fathy ساخرًا: “انتظروا السبكي وزيرًا للثقافة .. وعكاشة وزيرًا للإعلام (بعد إعادة الوزارة) ومنصور وزيرًا للشباب والرياضة !!”

وقال صلاح الباسل: “الزند………..ليس انقلاب فقط.. دولة عبيطة. كدة وصلنا لآخر خط…….الزند.. كدة إفلاس. شعر والا دقن شعار المرحلة”، في إشارة لقول مؤرخين إن والد وزير العدل الجديد كان يعمل في مهنة “حلاق”.

وكتب سعد مبروك عيسى ملخصًا الموقف: “العدل وزيرًا للزند، يحيا الزند”، وقالت وفاء محمد: “الزند، يعني أحكام شرسة وسرعة في تنفيذها على كل مؤيدي الشرعية.. الزند، يعني الظلم والجور والقتل بالجملة والسرقة عيني عينك. وصلنا لمرحلة وتظنون بالله الظنونا، ولكن رغم كل ذلك فالله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، قمة الظلم، فانتظروا عدل الله”.

وقال عضو حركة “تمرد” محمد عبد العزيز: “عدل ايييييه اللي انت جاي تقول عليه.. انت عارف قبلة معنى العدل ايييييه !”، وقال الكاتب أيمن الصياد: “الدولة تحسم خياراتها.. للذين لم يتأكدوا بعد.”

وقال عبد الرحمن يوسف القرضاوي: “ده انسب واحد للمرحلة ديه فعلا..بس واخدين بالكم أن الحكومة اجبرت وزير العدل السابق على الاستقالة لمجرد قوله ابن عامل النظافة لا يصلح للقضاء؟!”.

بالمقابل قال الشيخ مظهر شاهين: “مبروك على الشعب المصري اختيار سعادة المستشار أحمد الزند (أسد القضاة) وزيرا للعدل.. متمنيًا أن يعينه الله حيث كلفه.. وكلنا معه كعهدنا دائمًا”

وقال الكاتب القريب من المؤسسة العسكرية مصطفى بكري: “الشعب المصري كله فرحان بتعيين الزند وزيرا للعدل”.

الزند والثورة

وأثار حديث سابق للزند عن ثورة 25 يناير في فبراير 2011 غضب بعض القضاة، بعد أن وصف المتواجدين بالميدان بالغوغاء، مشيرا إلى أن القضاة الذين شاركوا في التظاهرات لا يجب أن يمثلوا إلا أنفسهم، ونتج عن ذلك مذكرة في منتصف فبراير من قبل القضاة، لسحب الثقة من الزند، غير أن الأخير تعاطى جيدا مع الموقف، بدعوته قضاة تيار الاستقلال” الذين حاربهم فيما بعد وفصلته موزارة العدل، وعلى رأسهم المستشار احمد مكي، وهشام البسطويسي إلى عهد جديد يتكاتف فيه الجميع، موضحا: ”فُهمت تصريحاتي بشكل خاطي'”.

وفي فبراير 2012 ظهرت دعوات تطالب بتطهير القضاء، ولم يقتصر الأمر على الثوار، إذ لحق بهم بعض أعضاء مجلس الشعب، فخرج الزند داعيا لوقف ”المعتدين” على القضاء عند الحد، ”لأن القضاء مستقل ومحصن، ولا يجرؤ أحد أن يعتدي على استقلاله”. 

ووصف دعوات تطهير القضاء بـ”الحمق”، ولم تتغير ردود المستشار في الشهور التالية؛ ففي عام 2013، ظهرت أصوات أخرى تدعم فكرة التطهير؛ فوصم المستجيبين لها بـ”الخونة'”.

وفي أواخر ديسمبر الماضي؛ طرد الزند بصفته رئيس نادي القضاة، المستشار محمد السحيمي من مكتبه، عقب انتهاء انتخابات التجديد الثلثي للنادي، بعد أن أراد الأخير رؤية ميزانية النادي، وبسبب المشادة، تم طرد الصحفيين والقنوات الفضائية بواسطة الأعضاء، وحدث اعتداء على مصوري صحف حاولوا تصوير الواقعة؛ بالضرب والسباب؛ وأصدر محررو القضاء بأكثر من جريدة وموقع شكوى رسمية ضد نادي القضاة برئاسة الزند، لكن النادي أصدر بيانا يؤكد حرصه على التواصل مع الإعلاميين، وعمق العلاقة بين الإعلام والقضاء.

أيضا تقدم 13 قاضي على رأسهم وزير العدل الأسبق، أحمد سليمان، إلى النائب العام ببلاغ رقم 4185 لعام 2014 ضد ”الزند”، بدعوى إبداء آراء سياسية في القوى الحزبية المختلفة، ومشاركته إياها مع وسائل الإعلام، للتحقيق معه كما جري التحقيق مع غيره وفصلهم بدعاوي خروجهم في مظاهرات أو تاييد مرسي. 

وقدم مجموعة من القضاة بلاغين ضد 17 قاضي، بينهم ”الزند”، عام 2013، مبررين البلاغ الأول بتصريحات رئيس نادي القضاة، أثناء تظاهرات 30 يونيو على أحد القنوات الفضائية، يؤكد فيه عمله بالسياسة و”اللي مش عاجبه يشرب من البحر”، أما البلاغ الثاني فكان بسبب ”السب والقذف”. 

ولكن “الزند” لم يجري التحقيق معه ووصف من يحاولون النيل منه بأنهم ”حشرات” – كما قال – ولا يجب أن يعكروا صفو “مسيرته المهنية”، التي بدأت برئاسة محكمة الاستئناف بالقاهرة وحتى توليه منصب رئيس النادي منذ عام 2005.

وعقب الواقعة الاخيرة بقتل “ولاية سيناء” 3 من قضاة مصر وسائقهم بسيناء، قال المستشار أحمد الزند: “لن يفلت من خطط له، ومن أشرف عليه”، مشددًا على أن “هذا الحادث الجبان لن يثنى القضاة ولن يخيفهم أو يرهبهم عن مواصلة العمل ليل نهار لتطهير مصر من هؤلاء الخوارج القادمين من خلف التاريخ”، وأعلن تأمين القضاة وصرف معاشات ضخمة لهم مقارنة بمن يموتون من المصريين العاديين في حوادث مماثلة.

 

شاهد الفيديو:

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …