‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير هافينجتون بوست: هل لا يزال السيسي يحتفظ بدعم كبار جنرالاته؟
أخبار وتقارير - مايو 13, 2015

هافينجتون بوست: هل لا يزال السيسي يحتفظ بدعم كبار جنرالاته؟

في توقيت واحد نشرت ثلاث صحف أمريكية هي “ديلي بيست” و”نيويورك تايمز” و”هافينجتون بوست” تقارير تؤكد التيقن من صحة التسريبات التي سبق أن بثتها قناة “مكملين” من مكتب الفريق أول عبد الفتاح السيسي عام 2013، بعد قيام معمل أوروبي بإصدار ثاني تقرير عن التسريبات؛ يؤكد أيضًا أنها صحيحة، وتقول إن ثبوت صحتها بتقارير فنية أوروبية يضع إدارة أوباما في مأزق؛ لأنها أثبتت أن ما جري في مصر “انقلاب عسكري”، ومن ثم يعتبر تعاون أوباما مع السيسي مخالفًا للقانون الأمريكي، كما يحرج داعميه السعوديين بعد إساءته لهم في التسريبات، فضلاً عن أنه يدعم موقف الرئيس المسجون محمد مرسي.

الجديد في التقرير الأخير الذي نشره الكاتب “ديفيد هيرست” يوم الثلاثاء 12 مايو الجاري في صحيفة “هافينجتون بوست”، هو تساؤله: “هل لا يزال السيسي يحتفظ بدعم كبار جنرالاته؟”، ومناقشته أدلة حقيقية على أن السعودية غير راضية عن السيسي، وأن “المال” السعودي وحده هو الذي يبقى على السيسي، وأن كل ما ترغب فيه الرياض هو “استقرار مصر” لا “السيسي”، ولهذا تسانده، ومناقشة جرت بين الرئيس التركي أردوغان والملك سلمان في لقائهما الأخير حول ماذا لو لم يتحقق الاستقرار في مصر؟ وماذا لو ظهر جنرال آخر يحقق هذا الاستقرار غير السيسي؟ 

سؤال أردوغان الخطير

الصحيفة قالت إن “موقف سلمان تجاه السيسي يمكن أن يتضح في تلك الجلسة الطويلة للعاهل السعودي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي وضع شروطًا ثلاثة ليوافق على مصالحة عامة مع السيسي، الذي كان في المملكة السعودية في ذلك الوقت؛ أولها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإلغاء أحكام الإعدام، وسماح السيسي بحرية التجمع وحق التظاهر”.

وأضافت: “لأن تلك الشروط من شأنها أن تقوض الدعائم الثلاث للانقلاب العسكري، كان واضحًا أن طلبات أردوغان لا يمكن تلبيتها”، وأنه وفقًا لرواية أردوغان العامة حول اللقاء لم يحدث “التقاء عقول” بينه وبين الملك سلمان حول مصر؛ حيث قال سلمان: إن مصر دائمًا ما يديرها ديكتاتور عسكري، ثم سأل الجانب التركي (أردوغان): إذا لم يحكم السيسي فمن يكون البديل؟ السعودية تسعى فقط لنيل شيء واحد من مصر، لا يمتُّ بصلة بالربيع العربي وميدان التحرير أو الديمقراطية؛ ألا وهو الاستقرار، فكيف يتحقق دون تقلد الجيش المسؤولية؟”.

وبحسب هيرست: “كانت تلك حجة سلمان خلال اللقاء، لكنها لا تشي بدعم صلب كامل للسيسي كما تبدو، وثمة اختلاف بين القول إن الرياض تدعم الاستقرار في مصر والقول إنها تدعم السيسي”.

ماذا لو جاء جنرال آخر بدعم من الجيش بخطة قابلة للتطبيق،لإعادة الأمور إلى نصابها؟ كم من الوقت سيبقى السيسي الرجل الذي يستحق الدعم؟ ماذا لو غرقت مصر أكثر في عدم الاستقرار.

ووصف موقف الملك سلمان قائلاً: “هو لا يفعل ولا يشعر بأنه مسؤول عن مصير السيسي، فقط ما يهمه هو استمرار مصر وفقًا للمنطق السعودي”.

وأضاف: “لا يبدو ذلك أقل من رد فرانكلين روزفلت على وزير خارجيته سمنر ويلز الذي وصف الديكتاتور النيكاراجوي الوحشي سوموزا بـ”النذل”، فأجابه روزفلت: “نعم.. لكنه نذل تابع لنا”، ولكن: “لا ينطبق ذلك على السيسي؛ لأن الديكتاتور المصري ليس رجل سلمان، بل أنه أحد أخطاء أخيه غير الشقيق عبد الله في السنوات الأخيرة لعهده” حسبما يقول “هيرست”.

الجنرالات غير راضين عن السيسي

هيرست تساءل في التقرير: “ماذا لو جاء جنرال آخر بدعم من الجيش بخطة قابلة للتطبيق لإعادة الأمور إلى طبيعتها؟ كم من الوقت سيبقى السيسي الرجل الذي يستحق الدعم؟”.

وقال: “عبرت بعض الشخصيات البارزة في مؤسسة الجيش عن شعورها بالخطر جراء ذلك، وتحدثوا عن مشاعر عدم ارتياحهم إلى زملاء في مؤسسات مناظرة خارج الجيش، وأشاروا إلى عدم سعادتهم من حدوث الانقلاب في الوهلة الأولى، لكنهم ساندوه بعد أن شعروا أنهم لا توجد خيارات أخرى، لكنهم باتوا يتساءلون الآن عن الطريق الذي يأخذهم السيسي إليه”.

وأضاف: “لقد عملت أن أحدًا من هؤلاء قال: “لم تكن مصر أبدًا بمثل هذا السوء”، وخلص الذين استمعوا لتلك الشخصيات إلى وجود تصدعات بدأت في الظهور داخل الجيش، ويستطيع المرء أن يتفهم وجهة نظر الجنرالات، فهم لا يعتقدون أن الجيش يستطيع التكيف مع المتطلبات الملقاة على كاهلهم؛ حيث أضحت مؤسسة الجيش الوكالة الأمنية الرئيسية، كما لا يرغبون في أن يتحمل الجيش مسؤولية الاضطرابات الاجتماعية”. 

وتابع “هيرست”: “من المحتمل أن يكون ذلك أحد دوافع تسجيل محادثات السيسي، ونشرها بعد أسبوعين فقط من تقلد سلمان السلطة، فلأن هاتف عباس كامل جهزته له خدمات المخابرات إذن فإن عملية تسجيل محادثات الدائرة الداخلية للسيسي نابعة من الداخل، عبر شخص ما أراد في المقام الأول أن يستمع سلمان إلى ما يقوله السيسي ويفكر فيه تجاه المانحين الداخليين الذين يعتمد عليهم”.

وقال: “من بين بواعث القلق احتمالات انتقال التمرد في شبه جزيرة سيناء إلى البر الرئيسي لمصر الذي لجأ الجيش إلى تكتيكات وحشية لقمعه، عبر هدم الجانب المصري من رفح، وفرض حظر تجوال، وإطلاق النار على القرى، وتدمير نحو 10000 منزل”.

ولا تمتلك سيناء إلا تعدادًا سكانيًا متناثرًا يبلغ نحو نصف مليون، فما بالك لو بدأ ذات الشيء في صعيد مصر البالغ تعداده 30 مليون نسمة (مع الإعلان عن قرب تدشين ولاية الصعيد على حسابات جهادية)؟ لا سيما أنه مجتمع محافظ دينيا، صوت بأغلبية كاسحة للإخوان، وبات مهمشًا اقتصاديًّا.

لكن الجنرال محمود محفوظ، الخبير العسكري المصري، رفض ذلك الإعلان، وقلل لـ”هيرست” من أهميته، معتبرًا إياه “بلا قيمة، ومجرد استعراض إعلامي”، ومضى يقول: “نحن نختلف عن سوريا وليبيا والعراق، جيشنا ما زال لاعبا مؤثرا، ولا تمتلك مؤسسة غير حكومية السيطرة على مساحات محددة كما هو الحال في سوريا”.

ولكن “محفوظ” قال: “لسوء الحظ، فإن حدود مصر الشرقية والغربية والجنوبية ترتبط بدول تدعم المد السلفي السياسي، أو تضم مساحات كبيرة يهيمن عليها ذلك المد، وتستغل الجماعات الفجوات الحدودية للدفع بعملائها داخل مصر”.

والمشكل – كما يقول ديفيد هيرست – أن “القوى الغربية المدعمة للسيسي، والاتحاد الأوروبي قد لا تحتمل تطور الأزمة في مصر، وتحاول التدخل إذا انفجرت الأمور، لقد انتظر الغرب في ليبيا وسوريا واليمن، حتى تفاقمت الأمور، وإذا مرت مصر بذات الطرق، لن يكون الانفجار على المستوى المعتاد، لكنه سيكون من النوع النووي، ولن يضحى أمام المصريين إلا الهروب في اتجاه واحد؛ ألا وهو مراكب الهجرة إلى أوروبا، فإلى أي مدى تستطيع أوروبا أن تتحمل رفاهية الاكتفاء برؤية عدم الاستقرار في مصر؟”.

263 مرسومًا رئاسيًّا للسيسي!

وحول السؤال الرئيسي المتعلق بمستقبل السيسي، قال تقرير “هافينجتون بوست” إنه: “مرهون بقدرته على إثبات قدرته على جلب الاستقرار لمصر، ولكن كافة الأدلة تشير إلى عكس ذلك، فكما أشار الباحث السياسي المصري عماد شاهين في بحثه الأخير إلى أن حكم السيسي أصبح أكثر شخصنة، في غياب برلمان منتخب”.

11006474 10153227922284020 2213198511046943886 n

 

لقد أصدر السيسي 263 مرسومًا منذ صعوده إلى السلطة، ولم ينجح في تشكيل قاعدة سياسية خلفه، كما لا يستطيع عزل وزير الدفاع الحالي، وفقًا للدستور الذي أمن منصبه وقتما كان يشغل ذات الحقيبة الوزارية، والآن، بعد أن خلع السيسي بزته العسكرية، بات الرئيس المدني محاصرًا في شبكة صنعها بيده، والوضع الأمني داخل مصر يتزايد سوءًا؛ حيث بلغت أعمال العنف خلال الشهور الثلاثة الأولى فحسب من العام الجاري 1641 حادثة، أي بمعدل حادث عنف كل 90 دقيقة.

ثاني تقرير عن التسريبات معضلة للسيسي 

ويشير تقرير ديفيد هيرست، حول تأكيد مختبر أوروبي متخصص – في ثاني اختبار فني – أن الصوت الوارد في التسجيلات المسربة التي تحدث فيها عبد الفتاح السيسي عن تحويل أموال المانحين الخليجيين إلى حسابات للجيش “يعود له فعلاً” أنه “لم تكن هناك فروق من حيث علم الأدلة بين تسجلين أحدهما للتسريبات والثاني لخطاب رسمي للسيسي، مؤكدًا أن هذا يشكل معضلة للسيسي مع الأمريكان والخليجيين.

حيث قارن فريق المتخصصين الصوت الذي وردت في التسجيلات المسربة بتسجيل معروف لأحد خطابات السيسي، وتمت مقارنة مقطعين أحدهما مدته 38 ثانية والثاني 41 ثانية، فتبين – بحسب التقرير الأوروبي الفني لمختبر “جي بي فرينش أسوسيتس” – أن “الخصائص الصوتية بين التسجيل المعروف والتسجيل المسرب تشترك في أسلوب التنفس والصوت الهمسي وارتفاع وتوتر في الحنجرة وفي استخدام الأنف”.

وجاء في التقرير الفني “عند قيامنا بالمهمة أخذنا بعين الاعتبار درجة التشابه بين التسجيل المرجعي والتسجيل المشكوك فيه، كما أننا أخذنا بعين الاعتبار النمطية أو التميز للمواصفات في التسجيلات المشكوك فيها؛ لأن هذا له علاقة بعدد المتحدثين الذين يتحدثون تلك الصيغة من اللغة، ويتوقع أن يشتركوا بتلك المواصفات”.

ويضيف أنه “بناءً على هذه التقديرات، فقد رأينا أن الأدلة تعطي دعمًا قويًّا للرأي بأن المتحدث الذي تدور حوله الشكوك هو عبد الفتاح السيسي”، بحسب هافينجتون بوست.

ويذكر الموقع أن مختبرات “جيه بي فرينش” قامت باختبار إمكانية أن تكون الأشرطة تم تزويرها بلصق أجزاء من صوت السيسي معًا، وتوصلت إلى الاستنتاج بأنه “ليس هناك أي إشارة بأن المحادثات قد تمت فبركتها عن طريق تحرير عدد كبير من قطع التسجيلات الصوتية أو اللفظات”.

ويلفت الكاتب إلى أن هذا التقرير هو الثاني الذي يتم تحضيره، بناءً على طلب من المحامين الذين يعملون لصالح الرئيس المسجون محمد مرسي، وقد أكد الأول هوية المستشار القانوني للجيش ممدوح شاهين في الحديث ذاته.

وقال “هيرست” إن محتوى الأشرطة مثير جدًّا؛ حيث يناقش السيسي ودائرته المقربة بازدراء كيف يأخذون من دول الخليج 30 مليار دولار أخرى، وتحويلها إلى حسابات للجيش في بنوك مختلفة، وكانت تلك التسجيلات مركزية في خلاف دبلوماسي بين السعودية ونظام العسكر.

وأضاف: “إنه في قسم آخر من شريط، تم أيضًا التحقق من صحته، يكشف السيسي مع مدير مكتبه في ذلك الوقت عباس كامل تقديم السعودية والكويت والإمارات لأكثر من 395 مليار دولار لمصر، ما بين يوليو 2013 وديسمبر 2014، على شكل مساعدات وديون نقدية ومشتقات بترولية، وهو ضعف المبلغ المعلن، وقد يكون الرقم ارتفع بحسب بعض التقديرات ليصل إلى 50 مليار دولار. 

سلمان للسيسي: أين أنفقت الأموال؟

ويشير تقرير “هيرست” إلى أن الملك سلمان في أول اجتماعاته بالسيسي طالب أن يعرف ماذا فعل السيسي بتلك الأموال، ولكن “لا يعرف ماذا كانت إجابة السيسي، ولكنه طلب المزيد من الأموال منذ ذلك الحين”.

وعقب لقاء قصير بين الملك سلمان والسيسي في 4 مايو الجاري قال المذيعة المصرية أماني الخياط إن السيسي قال للملك إنه “سيدفع ثمن خياراته” (في اليمن وسوريا)، ومنذ جلوس الملك سلمان على العرش قدمت السعودية والإمارات والكويت ستة مليارات دولار لمصر على شكل قروض تجارية بفائدة 2.5%، وهو أعلى مما طلب صندوق النقد الدولي.

ويوضح تقرير هافينجتون بوست أن الأشرطة، التي سربت خلال أسبوعين من تولي الملك سلمان المنصب، “فيها إدانة للسيسي؛ حيث أظهرت كيف أراد تحويل الأموال الآتية من الخليج إلى حسابات بنكية تابعة للجيش”.

وجاء في التسجيل المسرب: “نريد عشرة مليارات لوضعها في حساب الجيش، ونريد عشرة مثلها من الإمارات، ومن الكويت عشرة أخرى، بالإضافة إلى قرشين آخرين لنضعها في البنك المركزي، وهذا سيسد ميزانية 2014″، فيضحك مدير مكتب السيسي قائلاً: “وبعدها سيغيب عن الوعي”، دون الإشارة إلى عمن يتحدث.

ويرد عليه السيسي: “يا راجل الفلوس عندهم زي الرز عندنا”، ولكن الكلام الأكثر إساءة كان يعود لـ”كامل” الذي وصف دول الخليج وبالذات الكويت بأنها “أنصاف دول”، ويجب عليهم أن يدفعوا؛ لأنهم “يعيشون حياة ترف في أكوام النقود”، حيث قال كامل إن الكويت عليها تكاليف إرسال 35 ألف جندي مصري، للمشاركة في التحالف ضد بغداد بعد غزو العراق للكويت عام 1990 “عندما كانوا في أزمة”.

وفي التسجيلات ذاتها ناقش السيسي مع المقربين الطرق التي يمكن من خلالها إخفاء حقيقة توقيف الرئيس مرسي في الأصل في معسكر، بدلاً من سجن تابع للداخلية، وهو أمر محرم في القانون المصري، مشيرًا إلى أهمية هذا الأمر بالنسبة للمحامين الذين يمثلون الرئيس مرسي؛ لأن هذا دليل أساسي على تحويل مجرى العدالة.

ويشير هيرست إلى أن المحامي “طيب علي” في لندن وعضو في فريق الدفاع عن مرسي، والذي دعا الأمم المتحدة للتحقيق في محتويات الأشرطة، قال لـ”ميدل إيست آي”: “الدليل الذي تم التحقق منه ليصبح مقبولا في المحاكم يبين أنه تم التلاعب بالمجريات القانونية في مصر”.

وينوه التقرير إلى أنه بعد أن قامت قناة “مكملين” المصرية المناصرة للإخوان المسلمين ببث تلك الأشرطة، كان تعليق رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب بأن القناة لديها موقف من السيسي والحكومة، وقال: “لا أحد في مصر يصدق قناة للإخوان المسلمين، ولن يستطيعوا تغيير الوضع على الأرض”.

ويستدرك هيرست بأن السيسي في محاولة منه للحد من الأضرار طلبًا من سفيره في الرياض الذهاب إلى ولي العهد في وقتها الأمير مقرن والاعتذار منه، وقام بالاتصال ببقية حكام الخليج بنفسه ليعتذر منهم.

وذكرت “رويترز” في وقتها أن ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان ألمح الى التسجيلات بقوله إن “أي محاولات حاقدة لن تؤثر على العلاقات الأخوية القوية والمتنامية بين الطرفين”.

 

اقرأ أيضًا:

ديلي بيست: الجيش موَّل الاضطرابات ضد مرسي والانقلاب معضلة لأوباما

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …