لماذا صمتت مصر على الاعتداء الصهيوني الرابع على السودان؟
استغربت مصادر دبلوماسية عربية الصمت المصري على العدوان الصهيوني الرابع على أراضي السودان، يوم الثلاثاء الماضي، وعدم صدور أي بيان رسمي أو احتجاج مصري، بينما اهتمت مصر بقضية 20 إثيوبيا أحضرتهم من ليبيا، وقالوا إن الصمت المصري غير مبرر، وربما رأت القاهرة عدم إغضاب تل أبيب التي وقفت بجوارها في الكونجرس لفك حظر السلاح الأمريكي عقب انقلاب يوليه 2013.
وكشفت مصادر سودانية عن تنسيق صهيوني مع اللواء المنشق الليبي خليفة حفتر لضرب السودان ودعم متمردي دارفور، وأكدت أن قوات الجيش السوداني عثرت مع متمردي حركة العدل والمساواة، التي نجحت القوات السودانية في توجيه ضربة كبيرة لهم في معركة “النخارة” الأحد الماضي، على أسلحة تسلموها من ليبيا عن طريق قوات حفتر، ومنها 20 عربة جيب وأسلحة متنوعة.
وقالت إن الطائرة الإسرائيلية بدون طيار التي أسقطها السودان– لأول مرة بعد تحسين دفاعاته الجوية بعد 3 هجمات صهيونية سابقة– كانت ترصد وتستهدف ضرب طائرات بقاعدة “وادي سيدنا” الجوية، واستطلاعات الدفاعات الأرضية السودانية بعدما وافق البرلمان على شراء منظومات دفاعية جديدة لوقف الاختراقات الصهيونية للسودان عبر البحر الأحمر.
وأشار المصادر السودانية إلى أن إحباط مخطط حركة “العدل والمساواة” التي كانت تنوي تنفيذ هجوم كبير في السودان بدعم صهيوني وليبي من قوات حفتر، كشف أن الحركة المتمردة، التي تتخذ من دارفور مقراً لها، تلقت دعما وتمويلا من اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، الذي سبق أن اتهم بدوره الخرطوم، في فبراير الماضي، بدعم من أسماهم “الإرهابيين” بليبيا، في إشارة لقوات فجر ليبيا الثورية التي تسيطر على العاصمة طرابلس.
ومعروف أن الخرطوم اعترفت- عقب إسقاط حكم الرئيس الليبي السابق معمر القذافي- علنا بدورها في إسقاطه عبر دعم الثوار بالسلاح؛ لأنه (القذافي) كان يدعم في أيامه الأخيرة متمردي دارفور، وهو ما أكده حينئذ المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية خالد موسى، مشيرة إلى استعانة القذافي في معركة سقوطه الأخيرة بهؤلاء المرتزقة من دارفور.
إسقاط طائرة إسرائيلية في السودان
مساء الثلاثاء الماضي، سمع سكان مدينة أم درمان السودانية- خاصة الذين يقطنون بالقرب من الكلية الحربية- دويا ينم عن انفجارات، فخرج المواطنون مستفسرين عن الدوى الذي هز المنطقة، حتى جاء تصريح من الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الصوارمي خالد سعد، ذكر أن طائرات أو طائرتين إسرائيليتين بدون طيار اخترقتا الأجواء السودانية عبر البوابة الشرقية (ولاية البحر الأحمر)، وتصدت لهما قوات الدفاع الجوي.
وقال الناطق الرسمي بلسان القوات المسلحة السودانية (الأربعاء): إنه تم إسقاط طائرة إسرائيلية من دون طيار في منطقة وادي سيدنا في أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، بعد رصد دخولها المجال الجوي السوداني عبر البوابة الشرقية في ولاية البحر الأحمر، وتضم هذه المنطقة عدة مواقع عسكرية سودانية بينها مراكز تدريب ومواقع فنية.
وأضاف أن الطائرة كانت محملة بصاروخين، وقالت مصادر عسكرية رفيعة في الخرطوم إن الدفاعات الجوية السودانية أطلقت صاروخين على الطائرة لدى ظهورها على رادارات الدفاع الجوي فأسقطتها، وعدم وقوع أي إصابات بشرية أو مادية.
وقد ترددت أنباء عن قصف صهيوني لسد ومباني التصنيع الحربي، وأنباء أخرى عن تردد عن محاولة انقلابية، ولكن المكتب الإعلامي للجيش السوداني نفى هذه الأنباء المتضاربة بخصوص ضربة جوية لسد مروي وبمباني إدارة التصنيع الحربي، وأكد أن هذا “عار من الصحة تماما ولا يمت للحقيقة بصلة”.
وقد نفت إسرائيل علمها بما قالته السودان، ونقلت صحيفة “يسرائيل هيوم”، 7/5/2015 عن “مصدر رسمي في القدس” قوله: إنه “لا علم لإسرائيل بإسقاط طائرة إسرائيلية من دون طيار غربي العاصمة السودانية الخرطوم”.
ولم يستبعد السياسي السوداني الدكتور “الطيب مصطفى” أن تكون الطائرات التي استهدفتها مضادات الدفاع الجوي السودانية بمنطقة وادي سيدنا العسكرية “كانت في مهمة استطلاعية للتأكد من معلومات تخص السودان”.
وأشار مصطفى إلى أن الأمر يتعلق بطائرة استطلاع وليست طائرة هجومية، وقال: “من الواضح أن الأمر يتعلق بطائرة استطلاع للتأكد من معلومات ليس إلا، وليست طائرة هجومية، وأن إسرائيل تريد التأكد من معلومات”، مشيرا إلى سوابق إسرائيل في استهدافها لمواقع سودانية في وقت سابق، واستبعد أن يكون الأمر متعلقا بضرب قافلة عسكرية تنقل أسلحة سودانية كانت في طريقها إلى قطاع غزة، كما اعتادت تل أبيب أن تقول عقب عدوانين سابقين على السودان.
وكان السودان قد اتهم، في الماضي، إسرائيل بقصف منشآت عسكرية سودانية، من بينها مصنع أسلحة في الخرطوم في عام 2012، كما قصف قافلة لمهربي تجارة البشر قرب البحر الاحمر، وزعم أنها ولم تكن المرة الأولى التي تقوم بها إسرائيل بضرب مناطق داخل السودان، فقد سبق أن استهدفت عربة (سوناتا) بمنطقة البحر الأحمر عام 2010 راح ضحيتها أحد المواطنين، وقصفت قافلة لتجار تهريب الهجرة غير الشرعية بدعوى أنها قافلة لنقل أسلحة سودانية إلى الفلسطينيين في غزة عبر البحر الأحمر.
وكان الهجوم الصهيوني الأكبر في أكتوبر 2012 على السودان قد أدى إلى تدمير 60% من مجمع “اليرموك” العسكري، وخصوصا عنابر تخزين السلاح التي توفر للجيش السوداني 40% من احتياجاته، وقالت تل أبيب حينئذ “إن هذا أول هجوم يقوم به سلاح الجو الإسرائيلي في هذا العمق السوداني”، معتبره أنها “رسالة للإيرانيين بأنه يمكن قطع مثل هذه المسافات؛ لأن المسافة بين “إسرائيل” والسودان 1900 كلم، بينما المسافة بين “إسرائيل” والمفاعل النووي الإيراني في قم 1600 كلم”، على حد قوله، حيث أشاعت إسرائيل حينئذ مزاعم لمصادر استخباراتية غربية تقول إن الإيرانيين حاولوا إقامة مخزن صواريخ باليسية في السودان؛ لاستخدامها وقت الحاجة في حال قيام إسرائيل بتوجيه ضربة جوية ضد إيران قد تؤدي إلى تدمير مخزونها من الصواريخ طويلة المدى.
دور حفتر في دعم متمردي دارفور
وتقول المصادر السودانية، إن اللواء حفتر الذي يطالب مصر والإمارات بمده بأسلحة لمحاربة قوات فجر ليبيا الثورية، ووصله مؤخرا– رغم حظر الامم المتحدة- دعما عسكريا من الإمارات تمثل بثلاث طائرات مقاتلة من طراز “سوخوي” ومروحية عسكرية وعدد من المدرعات والآليات، سعى لنقل بعض هذه العربات لقوات متمردي دارفور لدعمها في عملية كبيرة كانت تنوي القيام بها في مناطق قريبة من جنوب السودان، وأن معتقلين من الحركة أسرتهم قوات السودان اعترفوا بهذا.
وتقول المصادر السودانية، إن مقاتلي “العدل والمساواة” كانوا يحاربون إلى جانب قوات معمر القذافي في أعقاب اندلاع ثورة فبراير 2011، وسبق أن دعمهم القذافي بالمال والسلاح، وهو ما دعا الخرطوم لدعم الثورة الليبية، وأنه عقب سقوط القذافي انتقل متمردو دافور لدعم قوات حفتر التي تضم فلول النظام السابق.
وقد فتحت الهزيمة الكبيرة التي تلقتها قوات العدل والمساواة في موقعة “النخارة” بولاية جنوب
دارفور، وفقد فيها متمردو دارفور أكثر من مائتي عربة، الباب مجددا حول دعم قوات حفتر إضافة إلى دولة الجنوب التي انفصلت عن السودان، لحركات التمرد السودانية عبر الأموال والسلاح.
وقد اعترفت حركة العدل والمساواة – في بيان – بخسارتها أمام القوات المسلحة السودانية في معركة “النخارة”، الأحد الماضي، وقال جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة: إن الحركة تعترف بأنها “لم تكسب معركة النخارة بمقاييس الكسب عندها أو بالصورة التي عهد الشعب السوداني كسبها للمعارك طوال سني الثورة”. وأضاف أن “عدم كسب الحركة للمعركة بالصورة المرجوّة لا يعني أبدا خسرانها للحرب أو القضية”، كما اعترف بخسارة الحركة لآليات وعتاد قال إن الحركة غنمتها في الأصل من الحكومة، ولكنه عاد وقلل من حجم الخسارة ووصفها بأنها “لا تتجاوز ربع ما يتشدَق به النظام”.
وكانت حركة العدل والمساواة قد تدربت، قبل المعركة الأخيرة، في منطقة راجا بولاية بحر الغزال بدولة جنوب السودان، بحسب المصادر السودانية، التي قالت إنها تتدرب منذ عدة أشهر تدريباً مكثفاً بواسطة خبراء أجانب من أجل القيام بأعمال تخريبية داخل السودان بدعم صهيوني ومن قوات حفتر، لاستهداف مناطق البترول والبنوك واختطاف الشباب للتجنيد الإجباري واستهداف الأسواق بالمحليات المختلفة.
وقامت القوات السودانية بنصب كمائن بكل الطرق المتوقع أن تسلكها المجموعات المتمردة في طريقها لولاية جنوب دارفور، واستدرجتها لمكان المعركة (النخارة جنوب محلية تلس)، صباح الأحد الماضي، واستولت على عدد كبير من سيارات الهجوم وجنود التمرد في دارفور تقدر بحوالي 100 عربة.
ويقول خبراء عسكريون، إن العملية التي خسرتها حركة العدل والمساواة كسرت شوكتها نسبيا في جنوب دارفور، وأنها لم تكن عملية عابرة أو تحرك محدود لقواتها أو عملية اختراق بعدد قليل من القوات لتحقيق أهداف محددة، إنما كانت عملية ذات أهداف كبيرة وبُعد إستراتيجي واضح، ومقصود بها ضربة كبيرة للخرطوم ونهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة من الصراع في دارفور.
وقالوا إن المتمردين كانوا يعتقدون أن القوات الموجودة في مناطق غرب بحر الغزال وراجا وحفرة النحاس والمثلث بين السودان وجنوب السودان وإفريقيا الوسطى، حيث تجمعات هذه القوات كافية، وأن عبورها من الحدود وإلى الغرب من محلية بُرام والردوم، مروراً بغرب وجنوب غرب تُلُس في البطن الرخو لجنوب دارفور ومناطق قريضة ثم الانعطاف ما بين جنوب غرب نيالا ومحلية كاس، للوصول إلى مناطق شرق الجبل سيكون سهلاً وميسوراً، ويمكن أن تقطعه القوات بعرباتها السريعة في غضون ساعات دون أن تدخل في معركة أو اشتباكات طويلة، إلا أن الوقت لم يسعف تلك القوات التي كان الجيش السوداني يرصدها، فكانت المعركة الفاصلة في النخارة بجنوب دارفور، ما يشكل هزيمة لحفتر الذي فشل أيضا في السيطرة على بنغازي من أيدي قوات ثوار فجر ليبيا، فأعلن تأجيل المعارك إلى ما بعد شهر رمضان المقبل، بعدما تبين أن القوات التي تتعاون معها تشهد انشقاقات واختلافات.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …










