لهذه الأسباب تروج الأذرع الإعلامية للحكومة مبادرات مصالحة الإخوان؟
بالتزامن مع التغييرات في السعودية والأنباء عن ضغوط داخلية وانهيار الاقتصاد وتقلص المعونات ودعوات المطالبة بانتخابات رئاسية جديدة، بدأت صحف محسوية على الأذرع الإعلامية لمكتب عبد الفتاح السيسي الترويج لأنباء عن خطط للمصالحة طرحتها جماعة الإخوان، وهو ما نفته مصادر بالجماعة.
ويرى مراقبون أن تداول الأذرع الإعلامية للنظام لهذه الشائعات يشير إما لتسريب لخطط حكومية لا علاقة بها بالإخوان ولكن يراد جس النبض ومعرفة رد الإخوان عليها، أو أنها تكشف مأزق النظام وأن القمع والاعتقالات والإعدامات لم تنل من المظاهرات المستمرة ضد النظام أو توقفها أو مأزق النظام بسبب تقلص الدعم الخليجي وتدهور الاقتصاد والرغبة في تهدئة تسمح للسلطة بإظهار أن تحسنًا ما طرأ على الأحوال منذ الانقلاب في يوليه 2013.
كانت صحيفة “الوطن” إحدى الصحف الداعمة للنظام الحالي قد نشرت تصريحات نسبتها لـ”مصادر سيادية”، قال فيها إن د. سعد الكتاتني، رئيس حزب الحرية والعدالة، وأبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط وعضو التحالف الوطني لدعم الشرعية، طلبا التفاوض مع الدولة من خلال وسيط هو أحد قيادات حزب النور.
وأضافت الصحيفة أن القياديين بجماعة الإخوان المسلمين عمرو دراج ويحيى حامد، يتواصلان مع عضو بالكونجرس الأمريكى، يدعى “كيث أليس”، وهو المسلم الوحيد في مجلس النواب الأمريكي، وطلبوا منه إقناع لجنة حقوق الإنسان بالمجلس بالتدخل والضغط على النظام المصري لقبول التصالح مع الإخوان، والوصول إلى صيغة تُبعد قيادات التنظيم عن أحكام الإعدام والمؤبد الصادرة في حقهم.
وصاحب هذه الأخبار أنباء أخرى نشرتها موقع “البوابة نيوز”، التي يرأس تحريرها الإعلامي عبدالرحيم علي، والتي زعمت خلالها أن مبادرة جديدة أطلقها عدد من قيادات الجماعة في السجون، وقَّع عليها نائب المرشد العام خيرت الشاطر بنفسه.
وتقضي المبادرة- بحسبما نشر في الموقع- بالتهدئة مع الدولة المصرية، على أن تسمح للجماعة بالمشاركة السياسية وفقًا لشروط مسبق يتم الاتفاق عليها، وتقديم الدية إلى ضحايا الإخوان والإفراج عن القيادات المسجونين، مع التراجع عن المطالبة بعودة مرسي، وتحديد دور القوات المسلحة والشرطة والقضاء وإبعادهم عن العملية السياسية وكفالة الأمن لأسر ضحايا مظاهرات الإخوان ودفع الدية لهم.
وأضافت البوابة أن قيادات الإخوان بالخارج تلقوا نصوص المبادرة لمراجعتها قبل السعى لتقديمها إلى الحكومة، بعد نجاح المهندس خيرت الشاطر في إقناع الإخوان المسجونين بها وفقًا لقاعدة “ليس في الإمكان أفضل مما كان”.
وتابعت: “كما أرسلت جماعة الإخوان بنودها إلى عدد من سفارات دول الاتحاد الأوروبي؛ بهدف الضغط على النظام المصري لقبولها، والتي ستقدم إليه عن طريق وسطاء لم يتم تسميتهم بعد”.
وأكدت- على لسان مصدر بالجماعة- أن عددًا من تلك الدول وافقت فعليًّا على المبادرة، وستجري اتصالات وساطة مع الحكومة المصرية خلال الأيام القليلة المقبلة، بحسبما نشر.
أسرة الشاطر تنفي
ومن جانبها، نفت عائشة الشاطر، كريمة نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، المهندس خيرت الشاطر، ما تردد عن تقديم والدها مبادرة لحل الأزمة السياسية الحالية من داخل محبسه.
وقالت عائشة- في تدوينة لها عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”-: “لا صحة للأكاذيب التي يشيعها البعض عن مبادرة أطلقها والدي الحبيب خيرت الشاطر من داخل السجن”.
وأضافت: “أتعجب ممن يسألون عن صحة الخبر!! ألم تحفظوا سياسة النظام بعد وإعلامه في الكذب والتأليف والتضليل؟!”.
السيسي يرغب في مصالحة
وكان عبد الفتاح السيسي قد ألمح، في أكثر من لقاء صحفي، إلى إمكانية إقدامه على طرح مصالحة مع الجماعة التي أطاح بها من الحكم؛ حيث قال: “إن مهمة بناء البلاد لن تكتمل إلا بدعم كل المصريين”، وهو ما اعتبره مراقبون إشارة إلى الحديث عن الإخوان.
كما طالب السيسي – في حوار صحفي له أجراه في ديسمبر الماضي – وسائل الإعلام المؤيدة له بالتوقف عن انتقاد معارضيه، مضيفًا: “حتى (المعارضين) يجب عدم انتقادهم، كفانا عنفًا وتمزقًا، فمصر كادت تضيع، وعلينا ألا نختلف”.
وقال السيسي – في حوار آخر له مع وكالة “أسوشيتد برس”، أجراه في سبتمبر الماضي – إن فرصة مشاركة الإخوان في العملية السياسية متاحة حال تخليهم عن العنف، بحسب تصريحاته.
نفي متكرر
وفي كل حديث عن مصالحة مرتقبة، يخرج قيادات جماعة الإخوان المسلمين لنفي الأمر من أساسه، مؤكدين استمرارهم في النضال الثوري حتى تحقيق مطالب الثائرين في الشارع المصري، والتي تتلخص في القصاص من قتلة الشهداء وعودة الشرعية المنتخبة ومحاكمة الانقلابيين، بحسب بيانات الجماعة.
وكان الدكتور عمرو دراج، وزير التعاون الدولي السابق ورئيس لجنة العلاقات الخارجية لحزب الحرية والعدالة، قد كذب جميع ما ينشر في الصحف المصرية عن المصالحة، مؤكدًا أن الجماعة لم تتلق أي مبادرات منذ فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.
وقال دراج إنه ينشر كثيرا أخبار عن عروض ومبادرات ومفاوضات تجرى بين النظام وبين قياديين فى جماعة الإخوان أو التحالف الوطني لدعم الشرعية، تتضمن إفراجًا عن قيادات للجماعة، أو تشكيل للحكومة وكأنها حقائق لا تقبل الشك، لكن هذا غير حقيقى
وأضاف: “بالنسبة لى على المستوى الشخصى، فقد كنت متأكدًا من عدم وجود أية اتصالات أو مبادرات من هذا النوع، لسبب بسيط، وهو أننى بصفتى أحد من كانت تطالهم أنباء المشاركة فى مثل هذه “الحوارات” أعلم يقينًا أنه على مدار عام ونصف، لم تحدث محاولة واحدة جدية لدى النظام في مصر لفتح حوار من أى نوع أو التراجع عن موقفه المبدئي بوأد أية توجهات لرفض النظام القائم”.
وتابع دراج: “الكثيرون من داعمي الإخوان يظنون أن نشر أخبار عن تلقينا عروضًا للمصالحة والمشاركة فى تشكيل وزارى ورفضنا لها يصب فى صالحنا، ولكن نحن لا نريد أن ندعى بطولات بناءً على أمور غير حقيقية”.
وقال “إنه لا يملك أى شخص تفويضًا فى التفاوض، ولن يفرط أحد فى مطالبنا”.
وأشار إلى أن معدل ظهور هذه النوعية من الأخبار لم يتوقف منذ مجزرة فض اعتقام رابعة، موضحًا أنها تنسب لمصادر مجهولة في كل مرة بصيغ مختلفة، وهي تظهر بمعدل شهري تقريبا.
واتهم دراج السلطات المصرية بالوقوف وراء نشر مثل هذه الاخبار لإحداث فتنة بين قيادة لثورة وبين القاعدة الشعبية لها، من ناحية وبين القوى الثورية بعضها البعض، والزعم بأن تحالف دعم الشرعية يجري صفقات سرية ويبيع من خلالها الآخرين من جهة أخرى.
وتابع في سرد أهداف النظام من نشر هذه الأخبار قائلاً: “وكذلك لايصال رسالة لجهات خارجية تفيد بأن أنصار الشرعية لا يعجبهم العجب وأنهم صداميون وأن السلطات تطرح عليهم حلولاً وهم يرفضونه”.
وأضاف: “إن موقفنا المبدئي والثوري يفرض علينا درجة من الشفافية السياسية مع الشعب الذي صوت في خمسة استحقاقات سياسية على مدار ثلاث سنوات لينسف نتائجها الانقلاب في لحظات، وهو الشعب الذي ضحى ولا يزال يضحي في سبيل نيل حريته المكبلة، ودفاعنا عن الشرعية هو دفاع عن حرية هذا الشعب أولا وعن خياراته التي أعلنها بوضوح في صناديق الاقتراع قبل أن يكون انتصارًا لشخص أو حزب أو جماعة”.
ومن جانبه، نفى الدكتور يحيى حامد، مستشار الرئيس محمد مرسي، ووزير الاستثمار في حكومة رئيس الوزراء الأسبق الدكتور هشام قنديل، قبول الجماعة المصالحة مع النظام الحالي نفيًا قاطعًا، حيث قال عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “أي تكهنات بقبول أي مصالحة مع نظام السيسي هو وهم.. اليوم ثورتنا في موقف الفاعل وسنستمر وسيسقط الخائن وعصابته”.
وهو ما صرح به الدكتور أحمد رامي المتحدث باسم حزب “الحرية والعدالة”، والقيادي بجماعة الإخوان المسلمين، أيضًا مرجعًا نفيه إلى أن الإخوان لا يملكون المصالحة على دماء هى حق لأولياء الدم.
وأضاف د. رامي، في تصريحات لـ”وراء الأحداث”: “من أراد أن يتصالح فليذهب إليهم أولاً”، مؤكدًا أنهم لن يقبلوا بغير القصاص.
وأوضح أن الإخوان حاليًّا ليسوا إلا جزءًا بسيطًا لا بتجاوز10% من الحراك ولا يملكون إيقافه، مشيرًا إلى أن الثوار في الشارع لن يقبلوا بنود مثل هذه المصالحات التي لا تطرح سوى الاستسلام والرضا بأمر الواقع.
وأرجع القيادي الإخواني تكرار الحديث عن المصالحة إلى رغبة النظام فى إجراء تسوية مبنية على الاستسلام له، مبينًا أنه يعرض ذلك من وقت لآخر في صورة ما يطلق عليه مصالحة.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …