أول”عيد”بدون عمال وفى ثكنة عسكرية و”الفصل” بدل المنحة
احتفلت مصر بالعيد العالمى للعمال هذا العام، وسط إجراءات أمنية مشددة؛ حيث حضر المشير عبد الفتاح السيسى فى احتفالية أقيمت بهذه المناسبة داخل أكاديمية الشرطة فى منطقة نائية على أطراف القاهرة، وقبل موعده بأربعة أيام كاملة؛ بسبب الإجراءات الأمنية.
وشارك فى الاحتفالية رئيس الوزراء إبراهيم محلب وعدد من الوزراء وقيادات القوات المسلحة والشرطة وقيادات العمال وممثلى الأحزاب ورؤساء النقابات، مما أعطى السمت العسكرى للاحتفالية.
وشهد الاحتفال، العديد من المظاهر التى كانت تحدث فى عهد الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك؛ حيث أطلقت بعض السيدات الزغاريد فور دخول السيسى قاعة الاحتفال، كما ردد المشاركون هتافات “بنحبك يا سيسي”.
خطاب “الإرهاب”
وركز السيسى فى كلمة مرتجلة، ألقاها خلال الاحتفالية – التى لم ينقلها التليفزيون المصرى على الهواء كما هو معتاد – على مطالبته للمصريين باصطفافهم خلفه فى مواجهة الإرهاب، مشددًا على ضرورة تحملهم المسئولية معه فى مواجهة الإرهاب.
وأضاف: “يجب أن يقوم كل فرد بنصح زملائه فى العمل وجيرانه بعدم التخريب والصبر على الحكومة لمدة عامين حتى تستطيع الدولة الوقوف على قدميها مرة أخرى”.
وجاء الحديث عن “الإخوان” فى الاحتفالية، عندما قاطعه أحد العمال مطالبا بضرب الإخوان “بالجزمة”؛ حيث رد السيسى قائلا: “أنا مش عايزك تعمل كدا ومقدرش أقول كدا، هناك من يقوم بتكدير حياة المصريين لكن هذه الدولة لو تم هدمها مش هتبقى لينا أو ليهم”.
وقال السيسى: إن الانتخابات البرلمانية ستؤجل حتى انتهاء شهر رمضان المقبل وامتحانات الثانوية العامة، دون تحديد موعد جديد لها.
واختتم كلمته بتوجيه رسالة للمصريين قائلا: “إنتوا اللى أنقذتوا مصر وأنقذتونا فى 30 يونيو، أنا مش قائد ولا رئيس أنا واحد منكم، محدش هيقدر يحكم الناس غصب عنهم، وكرامة الرئيس لا تسمح له بأن يحكم الناس غصب عنهم، ونظرة المحبة منكم لى تساوى عندى الدنيا، ولو افتقدت هذه النظرة همشى على طول”.
وعلى عكس العادة التى صنعها الشعب المصري، لم يخرج أحد ليسأل السيسى عن العلاوة، فيرد عليهم بأمر منح علاوة بنسبة محددة.
“عيدية” القضاء
ومن جانبها، منحت المحكمة الإدارية العليا “عيدية” العمال، هذا العام، حكمًا قضائيًا بإحالة الموظفين العموميين للمعاش فى حالة الاعتصام داخل منشآت العمل أو الإضراب عن العمل وتعطيل المرافق العامة.
وقالت الإدارية العليا بمجلس الدولة، فى حيثياتها، الثلاثاء 28/4، إن “الاعتصام لا يعامل معاملة المظاهرة أو الاجتماع أو التجمهر، وإنما هو فى حقيقته إضراب لانقطاع بعض العاملين عن أداء أعمالهم دون أن يتخلوا عن تلك الوظائف”.
هجوم إعلامي
ومن ضمن المفارقات التى يشهدها عيد العمال هذا العام، الهجوم الذى يشنه الإعلاميون المؤيدون لنظام السيسى عليه، الذين انتقدوا مراسم الاحتفال والخطاب الذى ألقاه.
وانتقد الإعلامى إبراهيم عيسى احتفال السيسى داخل أكاديمية الشرطة تحت دعوى الظروف الأمنية، مؤكدًا أن الأكاديمية ليست المكان المناسب لتنظيم مثل هذا الاحتفال.
وتساءل عيسى، خلال برنامجه “25،30” المذاع عبر فضائية “أون تى في”: “يعنى إيه أحتفل بعيد العمال فى أكاديمية الشرطة وأقول عشان الظروف الأمنية؟ أنت بتضبط الأمن فى مكان وآخر لا تستطيع ضبط الأمن فيه؟”.
وشدد على أن احتفال العمال يجب أن يكون داخل مصنع أو شركة أو فى مكان العمال، مضيفًا: “لما تحتفل يا سيادة الرئيس بعيد العمال فى أكاديمية الشرطة هتحتفل بعيد الشرطة فين؟ دا لو محمد مرسى كان ضبط الأمن واحتفل بيه فى مصنع الحديد والصلب”.
شاهد هجوم عيسى على السيسى بسبب “عيد العمال”:
مرسى وسط العمال
أما الرئيس محمد مرسي، فقد احتفل بعيد العمال، عام 2013، بمجمع الحديد والصلب فى حلوان، وسط حضور مكثف من العمال؛ حيث أشاد “مرسي” فى كلمته خلال الاحتفالية بكفاءة ومهارة العامل المصرى إذا توفرت له الظروف، مطالبًا بعودة شعار “صنع فى مصر” من جديد.
وردا على هتاف بعض الحضور فى الاحتفال بعيد العمال “المنحة يا ريس”، قال الرئيس محمد مرسي، إن الزمن الذى يَمنح فيه الرئيسُ الشعبَ انتهى، وجاء زمن الشعب الذى يجد ويعتز بكرامته؛ وما اعتمدته لكم هو بعض حقكم؛ فأنتم الذين تمنحون ولست أنا”.
وأصدر مرسى زيادة العلاوة التى يحصل عليها العمال كل عام بنسبة 50%، وهو ما يعنى أنها ستصبح 15%؛ حيث قال: “من يأخذ منكم منحة 100 جنيه فى هذه المناسبة سيأخذ 150 جنيها، ومن يأخذ 200 جنيه سيأخذ 300 جنيه.
شاهد كلمة مرسى بمناسبة عيد العمال فى مجمع الحديد والصلب:
مسرحيات مبارك
وكانت احتفاليات الرئيس المخلوع حسنى مبارك كمسرحيات هزلية؛ حيث اعتاد الاحتفال به فى قاعة مؤتمرات الأزهر، فى الصباح الباكر، وسط حراسة أمنية مشددة جدا.
وكان مبارك يلقى خطابات كل عام صيغت كلماته بعناية فائقة لتدغدغ مشاعر العمال، بينما يقاطعه – أحد المحسوبين عليه – ليطالبه بالعلاوة السنوية، فيرد الرئيس بالعلاوة، ثم يقاطعه شخص آخر ليقول فيه “شعرا” أو يمدحه، أو تتخلل الخطابات الهتافات المؤيدة له، والتى غالبا ما تشير إلى اهتمام الرئيس بالعمال والغلابة.
شاهد أحد خطابات مبارك فى الاحتفال بـ”عيد العمال”:
السادات وعبد الناصر مدرسة واحدة
أما الرئيسان الراحلان جمال عبد الناصر وأنور السادات، فقد سارا على نفس النهج، وذلك من خلال الاحتفال وسط العمال واستخدام العبارات الرنانة، هذا إلى جانب خلط السياسة بعيد العمال فى خطاباتهما.
وكان عبد الناصر يقدم فى خطاباته ما يشبه التقرير عن أعماله خلال كل عام، والمستجدات التى طرأت على حالة العمال، مثل خطابه فى عام 1969م، بالإضافة إلى أنه كان يضيف الطابع السياسى على الخطاب ليكشف للشعب تطورات الوضع السياسى سواء الداخلى أو الخارجي.
شاهد خطاب عبد الناصر فى عيد العمال عام 1969:
كما احتفل السادات بآخر عيد عمال له، عام 1981م فى القلعة الصناعية فى منطقة 15 مايو، واستخدم العبارات الرنانة عن حرب أكتوبر التى خاضها مع إسرائيل، لتمتزج السياسة بعيد العمال كما فعل عبد الناصر.
شاهد آخر خطاب للرئيس الراحل أنور السادات فى عيد العمال بمدينة ١٥ مايو عام 1981:
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …