‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير “واشنطن بوست”: تعديلات السيسي انقلاب مزدوج يهدد استقرار مصر والمنطقة
أخبار وتقارير - فبراير 22, 2019

“واشنطن بوست”: تعديلات السيسي انقلاب مزدوج يهدد استقرار مصر والمنطقة

استحوذت التعديلات الدستورية التي بدأ نظام الانقلاب العسكري تمريرها من أجل استمرار المتقلب في الحكم مدى الحياة، على نصيب الأسد من تعليقات الصحف الأجنبية وتعليقات كبار كتاب الصحف الأمريكية، والتي رأت أن هذه التعديلات هي بمثابة إعلان انقلاب على الانقلاب نفسه، من خلال خنق المجال العام بمزيد من الاستبداد والديكتاتورية، الأمر الذي يهدد استقبال البلاد والمنطقة بأكملها. 

ونشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للكاتب عز الدين شكري حذر فيه من انقلاب عبد الفتاح السيسي الدستوري، للمرة الثانية على التوالي، مؤكدا أن تعديل السيسي للدستور يهدد استقرار مصر.

وقال إن برلمان العسكر، اقترح التعديلات وناقشها ووافق عليها في أقل من أسبوعين، وهي التي تسمح للسيسي بالبقاء حتى عام 2034، وجعله مسؤولا عن القضاء، وجعل مصر تحت “حماية” الجيش، وهو ما جعل السيسي يعجل بتمرير هذه التعديلات، حيث ستكون محلا للاستفتاء بعد 30 يوما من المناقشات العامة”.

انقلاب على الانقلاب

وقال فشير إن رغم نص “المادة 226 من الدستور الذي وضعته دولة السيسي نفسه، وهي تحدد عملية التعديل تحظر وبشكل واضح تعديل المدة المحددة للرئيس بولايتين أو الاحترازات المتعلقة بالحرية، إلا في حالة قدم التعديل ضمانات لهذه الحريات، وبعبارة أخرى فإن التعديلات التي يقترحها السيسي غير دستورية، ويقوم بدفعها من خلال انقلاب دستوري”.

وأشار إلى أن ملايين المصريين لا يهتمون بهذه التعديلات لمعرفتهم أنهم يعيشون الآن في ظل الديكتاتورية العسكرية، متسائلا: “هل يتعامل أي شخص مع الانتخابات الرئاسية بجدية حيث يتم اعتقال المرشحين الرئاسيين كلهم، أو يجبرون على الانسحاب؟، وهل يهتم أحد بدستور صيغ في ظل الجيش وإهمال الدولة المنظم؟، وهل هناك من يدعم، أو يتسامح حقيقة مع حكم السيسي العسكري على أمل أنه سيحول مصر إلى ديمقراطية؟”.

وأجاب فشير عن الأسئلة كلها بـ (لا)، معللا السبب الذي يجعل أي شخص يتحمل حكام مصر الديكتاتوريين هو أنهم يوفرون الاستقرار لبلدهم وجيرانهم، وفعل المصريون هذا عندما اختاروا عام 2013 الأمن والاستقرار على وعد الديمقراطية المخادع، وتنفس بقية العالم الصعداء، ونظر الجميع للمعيار غير المريح: مقابل الاستقرار دعونا نحرف النظر عن الديكتاتورية، وكل ما يمكن للشخص عمله هو إصدار تصريح حول انتهاكات حقوق الإنسان وطرحها في اللقاءات أو المؤتمرات الصحافية، ومن ثم مواصلة العمل كما هو معتاد، فتم التخلي عن فكرة الديمقراطية بعد 11/ 9، وهي أنها قرينة للاستقرار، وما يهم اليوم هو الاستقرار”.

وأكد أن المشكلة في هذا الانقلاب الدستوري أنه يربط الأمرين معا من جديد، فمن خلال تمديد مدة حكم الرئيس، ومحو ما تبقى من استقلال قضائي، ومنح الجيش سلطة الرقابة على الدستور، فإن هذا يحول مصر إلى ديكتاتورية عارية، ودون أي مظهر من مظاهر الديمقراطية، وهذا يصدم المصريين وتوقعاتهم وتصورهم عن أنفسهم. 

وقال الكاتب إن المصريين ملوا من الاستفتاءات التي أجراها حسني مبارك، وعندما استسلم أخيرا للضغوط ووافق على عقد انتخابات تنافسية عام 2005، رأى المصريون أن هذه الخطوة متأخرة جدا، وحتى لو قبل المصريون بسيطرة السيسي على الحكم، فإنهم نظروا إليه على أنه خطوة مؤقتة، وربما ضرورية، لإخراج مصر من الفوضى، ومرحلة انتقالية نحو عقد دولة فاعلة، لا عودة للحكم الديكتاتوري على نمط الستينيات من القرن الماضي، وما تقوله هذه التعديلات للمصريين هو أنهم سيظلون تحت الحكم العسكري وللأبد، وهذا أبعد مما تستطيع غالبية المصريين تحمله أو استيعابه.

الديكتاتور يحتاج الشرعية

وأوضح أنه في الوقت الذي تعتمد فيه الأنظمة الديكتاتورية، كما هو الحال في مصر، على الإكراه، إلا أنها تحتاج للشرعية، وكلما قلت شرعية النظام ازدادت حاجته إلى العنف والإكراه، وكلما زادت القطاعات التي ينفرها انحدر المجتمع إلى حلقة مفرغة، وقد نفرت الإصلاحات الاقتصادية الطبقة المتوسطة، فيما يعاني الإسلاميون من ضغط الاعتقالات والمنفى، وتعيش سيناء حصار تحد إرهابي مصمم، ويعيش الملايين من الشباب في حالة من الغضب بعدما سحقت أحلامهم بعد عام 2011 بديمقراطية وحياة أفضل، ولهذا فإن السيسي يقف فوق برميل من البارود.

وأشار إلى أن إحدى مشكلات الأنظمة الديكتاتورية هي غموضها وافتقادها للشفافية، وسيطرتها على الإعلام، وغياب ما يشبه النقاش العام، وممارسة القمع الوحشي ضد المعارضة، بالإضافة إلى أنه يصعب فيها مقياس مواقف الرأي العام، ورغم جهود أجهزة الاستخبارات، إلا أن الحكام لا يحصلون على الصورة الشاملة عن توجه الرأي العام، ومع مرور الوقت يتم حتى تكميم إشارات التحذير الأولية عندما تتناقض مع رأي الحاكم، وفي النهاية لا يستطيع الحاكم الشمولي التعرف على حدود سلطته بسبب القمع، وبهذه الطريقة يجتاز نقطة التحول دون أن يعرف هذا الأمر، وهكذا قام أنور السادات بسجن المعارضين له كلهم عام 1981، وقبل شهر من اغتياله، وهكذا زور حسني مبارك وابنه الطامح بوراثته الانتخابات التي فازا فيها بالمقاعد كلها قبل أشهر من ثورة ميدان التحرير عام 2011″.

وقال فشير إن المفارقة هي أن الجميع يشعر بالمفاجأة عندما ينهار النظام، وفي العالم المثالي كان على السيسي التعلم من أخطاء الرجال الذين أطاح بهم، وفي العالم المثالي كان على الجيش أن يمنع السيسي من التحول لنسخة جديدة عن مبارك الذي أطاح به، وفي العالم المثالي كان على شركاء مصر ممن يدفعون مليارات الدولارات من أجل استقراره، أو يستفيدون مليارات الدولارات منه، القيام بمنع السيسي من الوقوع في الوادي السحيق، وتشجيعه على القيام بإصلاحات حقيقية تخفف من حدة الغضب والمعارضة”.

واختتم مقاله بالقول: “لأننا لا نعيش في عالم مثالي فلن يحدث شيء مما ذكر أعلاه، وما سيحدث هو استمرار مصر في تدهورها بقيادة يسكنها الخوف والطموح، واستخدام الإكراه لتعزيز الانقسام السياسي، وستواصل الأمة المعاناة من الوضع الاقتصادي وفساد المؤسسات، فيما تواصل تناحرها وجماهيرها تغلي حتى يحدث شيء خطأ يفجر برميل البارود، وعندما يحصل هذا فلا تندهش”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …