‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير النظام القمعي “ستايل”.. كيف تتعرف عليه لتتمكن من إسقاطه!
أخبار وتقارير - يونيو 27, 2018

النظام القمعي “ستايل”.. كيف تتعرف عليه لتتمكن من إسقاطه!

ربما تفكر في حقيقة الأوضاع المتردية مع نظام الانقلاب، بعد أن حكم بالقمع والقتل، وتتساءل لماذا يصمت المصريون على استمرار هذا الحكم الفاشي، لتعود بالذاكرة بعد إسقاط ديكتاتورية حسني مبارك في فبراير 2011، حينما تطلع كثير من المصريين للتصدي لإرث الماضي من انتهاكات حقوق الإنسان، في طريق مطالبتهم بـ”عيش. حرية. عدالة اجتماعية”، الشعار الذي تجمع تحته ملايين في التحرير وفي الميادين العامة في مختلف أنحاء البلاد.

وبعد ثورة كبيرة نجحت في إسقاط الديكتاتور المخلوع الذي حكم البلاد ثلاثين عاما بالقمع، انقضت الثورة المضادة، واستطاعت في اختطاف مكتسبات الثورة، ليصاب المصريون بحالة من اليأس تجاه السير نحو أي ثورة قادمة، قد تؤدي في النهاية لحالة من الفوضى ينشرها رجال العسكر وزبانيتهم، الامر الذي استطاع من خلاله قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي الإمساك بزمام الامور حتتى الآن نتيجة هذا اليأس الشعبي المرهون بتغير الظروف.

حُدد أكتوبر موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية، وبعد ذلك من المرجح أن يضع الأعضاء المنتخبون قانون العدالة الانتقالية، على النحو الذي حدده الدستور الجديد. وعليه، تحدث المركز الدولي للعدالة الانتقالية مع ثلاثة نشطاء رائدين من مصر، لبحث عما إذا كان هناك بالفعل فرصة لتحقيق العدالة والإصلاح بمصر في المستقبل القريب في بيئة من الانتهاكات المستمرة، وقوانين قمعية جديدة، ومناخ سياسي مستقطب إلى حد بعيد.

كيف نشر القمع؟

بينما العنف الذي ترعاه الدولة، والذي جسد ذروته رابعة، قد أعاد المساءلة كمسألة ذات أهمية لعديد من المصريين، أتى عدد من القوانين القمعية التي مررها الرئيس عبد الفتاح السيسي ليحد من قدرة المصريين على التعبير عن مخاوفهم. فبعد انتخاب السيسي شنت الحكومة حملة على المنظمات الغير حكومية المستقلة، بدءاً من قانون منظم يمنح الحكومة الحق في حل أي مجموعة “تهدد الوحدة الوطنية”. وجاء قانون مكافحة الإرهاب الجديد ليحكم قبضة الدولة على أي أصوات معارضة عن طريق وضع غرامات تصل لـ 63000 دولار للصحفيين الذين لا يتقيدون بالرواية الرسمية بشأن عمليات الحكومة ضد الجماعات المسلحة.

حتى أن صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، وصفت عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب، بأنه أكثر حكام مصر قمعا في العصر الحديث، نتيجة الناتهاكات التي تحدث في السجون، وحالات القتل التي قدرت بالآلاف من اجل التمكن والسيطرة على الحكم.

وفي تقرير لوكالة “رويترز” أشار باحث في “هيومن رايتس ووتش” إلى أنّ حملة الانقلاب ضد المعارضة تمهد لحكم طويل المدى للسيسي. واعتبر الباحث أنّ السيسي أشرف على حملة قمع غير مسبوقة ضد المعارضة في مصر.

وعلى الرغم من تفشي القمع خلال عهد مبارك، إلا أنه كان أخفّ وطأةً وكان يُستخدَم بصورة أكثر تقطعًا كوسيلة سياسية نفعية لتثبيت النظام، فقد حرص نظام مبارك على الحفاظ على واجهة ليبرالية من خلال الحزب الوطني الديمقراطي الذي استخدمه مبارك وحلفاؤه لبث صورة ديمقراطية أمام أعين الجماهير المحلية والدولية، فعلى سبيل المثال، قاد الحزب الوطني الديمقراطي في العام 2005 التعديلات الدستورية التي سمحت بإجراء أول انتخابات رئاسية متعددة المرشحين في تاريخ البلاد، وأعقبها مزيد من التعديلات في العام 2007، في خطوةٍ بدا في الظاهر أنها تعزز صلاحيات مجلس الشعب المنتخَب، لكنها لم تقدّم إصلاحات جوهرية.

في المقابل، وبعد أكثر من أربعة أعوام من الاضطرابات، يبدو نظام السيسي أقل قدرة أو استعدادًا إلى حد كبير لكبح القمع الذي يمارسه والأساليب العنيفة التي يلجأ إليها، من الاستثناءات القليلة اعتذار الرئيس السيسي في يونيو 2015 عن همجية الشرطة – الذي يمكن تفسيره بأنه تعبيرٌ نادر عن التفكك في صفوف القوى الأمنية – والتقرير الذي نشرته صحيفة “الأهرام” في أبريل 2015 والذي تضمن إدانةً لهمجية الشرطة المتواصلة.

وعلى النقيض من نظام السيسي، أدان الحزب الوطني الديمقراطي خلال وجوده في الحكم، التعذيب، وفرَض قيودًا على استخدام العنف من جانب الدولة، وسعى إلى الحفاظ على واجهة من الاستقلال القضائي، لكن نظام السيسي تخطى عددًا من الخطوط الحمراء السابقة، فأساء بذلك إلى مشاعر بعض الطبقات الوسطى المدنية، فعلى سبيل المثال، اتخذ اللجوء إلى العنف الجنسي، على الرغم من استخدامه في عهد مبارك، أشكالًا أكثر دراماتيكية ومنهجية، وتحول اغتصاب الرجال المحتجزين لدى الشرطة إلى تكتيك متواصل ومنتشر على نطاق واسع.

ويعتبر البعض أن تكتيكات السيسي تعكس ببساطة واقع السياسة المصرية بعد أربعة أعوام على انطلاق الانتفاضة، لكن هذا المنطق يتجاهل وجود بدائل أخرى لحملة القمع الراهنة.

في حين استخدم نظام السيسي القمع الجسدي تكتيكًا أساسيًا للتعامل مع النشطاء السياسيين، وخير دليل على ذلك الأحكام القاسية التي صدرت بحق الجميع، شكّل التهميش الاقتصادي والسياسي الوسيلة الرئيسة للتعامل مع النخبة في قطاع الأعمال؛ ففي أعقاب انتفاضات 2011، وُضِع رجال أعمال في السجون على خلفية اتهامات بالفساد، وعلى الرغم من الإفراج عن أحمد عز، قطب صناعة الفولاذ والساعد الأيمن لجمال مبارك، في أغسطس 2014، إلا أنه مُنِع من الترشح لمجلس النواب في العام 2015، وعلى مستوى الاقتصاد الكلي، أكد الجيش سيطرته عبر لجوئه إلى توسيع أمبراطوريته الاقتصادية إلى درجة كبيرة على حساب نخبة الأعمال، مثلًا عبر منح عقود حكومية كبيرة إلى شركات تسيطر عليها المؤسسة العسكرية بدلًا من القطاع الخاص، ولعل الدور الأساسي الذي أداه الجيش في مشروع قناة السويس الجديد هو خير دليل على هذا التأثير المتنامي.

مقايضة لقتل الشعوب

وتبقى تلك الأساطير المؤسسة للسيطرة وقمع الدولة ثابتة بشكل كبير، حيث تعتمد في أغلبها على هذه الغجراءات:

– القائد الملهم

تفشل دولة القمع حين تعجز عن بناء أسطورة القائد أو الرمز، أو حين تهتز هذه الأسطورة بشكل تعجز معه عن ترميمها والحفاظ على تماسكها، يتحول القمع ساعتها إلى فعل عشوائي غير منضبط، سرعان ما ينهار أيًّا كان ما سيتشكل بعد انهياره، كذلك تبدأ رحلة تفكيك دولة القمع من هدم أسطورة الملهم والسخرية منها، لذا فإن الطغاة دومًا ما يضيقون ذرعًا بالسخرية؛ لأنها تهدم الأساطير المؤسسة لإمبراطورياتهم.

-عليك أن تختار بين الحرية أو الأمن

ثنائية الحرية والأمن تكاد تكون أحد أبرز الأساطير المؤسسة لقمع الدولة، فدائمًا ما يتم ربط الحرية بالفوضى والتخريب وفقد الانضباط والسيطرة، والعجز عن تحقيق الأمن للناس، وغالبًا ما تسعى السلطة القمعية إلى تبرير القرارات الأكثر فاشية وفق محددات أمنية بحتة، القاعدة الحاكمة هنا ببساطة هي «يمكن للناس أن يقدموا أية تنازلات بشأن حرياتهم إذا شعروا أن أمنهم مهدد».

– السلطة هي الدولة وكل شخص فيها دولة بذاته

لا يوجد فارق بين الدولة أو السلطة، فمن ينتقد السلطة أو ينتقص منها فهو يريد هدم الدولة، الحاكم هو الدولة، والشرطي هو الدولة، والقاضي هو الدولة، وكل من يمتلك سلطة بشكل ما هو دولة في ذاته.

-الدولة صادقة دائمًا

لا تترك الدولة لمواطنيها حرية تركيب قناعاتهم وتكوين خياراتهم وفق التداول الحر للمعلومات والأخبار، هناك دومًا الرواية الرسمية لكل حدث، والتي لا تعبر دومًا عن الحقيقة أو حتى تقوم بإعطاء تفاصيل إضافية، بقدر ما تجيب ببساطة عن السؤال الكلاسيكي «كيف تريدك الدولة أن تنظر لهذا الخبر/ الحدث»؟

– السحر الخاص للزي الرسمي

أسطورة القمع تقوم على أن يرتدي القانون زيًّا هو زي رجل الأمن، فلا تكون أفعاله خاضعة للقانون بقدر ما تكون أفعاله قانونًا قائمًا بذاته، يتمتع أصحاب البزات الرسمية بحصانة دائمة من المحاسبة، وتبريرات معدة سلفًا لأفعالهم، هذه الأسطورة يتم ترسيخها تمامًا لدرجة قد يشعر معها الشخص العادي بالإهانة إذا تعرض لفعل ما من شخص عادي مثله، بينما لا يشعر بالإهانة إذا تعرض لنفس الفعل من أحد أصحاب الياقات الرسمية.

على الداعين لتحرير الشعوب أن يطلبوا من الناس دائمًا أن يخلعوا الأزياء الرسمية عن أصحابها إذا أرادوا أن يروا الحقيقة، وأنت تنظر للقصف الأمريكي على المدنيين في العراق وسوريا، تخيل أن قائد الطائرة يرتدي جلبابًا ولحية وأن الطائرة يرفرف عليها علم القاعدة، وأن تنظر لرجل الأمن يطلق النار على الناس في الشوارع، حاول أن تنزع عنه رداءه، وتعيد فقط تقييم الصورة.

– رجال الدولة في مرتبة أعلى من سائر المواطنين
على السلطة القمعية حتى يستتب الأمر لها أن تغرس هذه الحقيقة ببساطة، «الدولة هي التي تحميك» لذا يعني ببساطة أنه عليك أن تتجاوز عن أخطائها وتقبلها بصدر رحب، رجل الأمن يسهر على راحتك، هذا لا يعني أنك يجب أن تساعده وتتعاون معه، وإنما يعني أنه عليك أن تتقبل أنه سيحظى بامتيازات لن تحصل أنت عليها، وعليك أن تكون مقتنعًا أنه جدير بذلك.

– المواطن الصالح

عند تأسيس دولة القمع، ينبغي أن يتم تفريغ كافة التصورات من المضامين المركبة والمعقدة، وتعبئتها بمضامين سطحية (غالبًا ما تكون أحكامًا)، هناك دومًا حلفاء وأعداء، سواء على مستوى الدول أو الأحزاب أو حتى الأفراد، شخصية المواطن الصالح (الشريف)، هي شخصية محورية في تركيب أي كيان قمعي.

تصنع الدولة القمعية صورة المواطن الصالح وفق قالب مواصفات نمطي مصنوع بعناية ( يهتم بأمور حياته المعيشية – قليل الاهتمام بالشأن العام إلا حينما تستدعيه الدولة- يدرك أن بلاده مهددة – يتعاون مع رجال الدولة في كافة مواقعهم – يتابع الإعلام الرسمي ويتبنى تصورات السلطة- …)، وعلى النقيض هناك المواطن السيء (الطابور الخامس- الخائن- الإرهابي- …) وهو يعني ببساطة ذلك المواطن المستعصي على الصياغة ضمن القالب الشريف الذي تصنعه الدولة على عينها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …