اعتقالات اليساريين.. “أكلت يوم أكل الثور الأبيض”!
حملات اعتقال متتالية شهدتها مصر منذ بداية مايو الجاري، بدأت بطلاب أزهريين قدر عددهم بحوالي 100 طالب، ثم نشطاء يساريين وناصريين ومستقلين الخميس قدر عددهم بقرابة 29، ثم حملة ثالثة بدأت مساء الخميس في جنوب مصر للإخوان وغيرها، وسط انباء عن اعتقال قرابة 500 شخص.
29 عضو فقط من نشطاء القوي والاحزاب اليسارية والناصرية هم من اهتمت بهم وسائل الإعلام والمحامون المشاهير والمنظمات الحقوقية، في حين تم تجاهل باقي المعتقلين الإسلاميين، كما تجاهلوا من قبل تصفية 22 شابا في الشهور الاخيرة برصاص داخلية الانقلاب بدعاوى أنهم إرهابيون، بالمخالفة للواقع.
التهمة التي وجهت لجزء كبير من المعتقلين اليساريين هي الكتابة علي “فيس بوك” سواء بهدف “إهانة رئيس الجمهورية” أو “تكدير السلم والامن”، وأفرجت النيابة عن بعضهم أما الاسلاميين فمنهم من احتفى قسريا أو تم حبسه بتهم ملفقة، ما يشير لتطورات سياسية مقبلة يعد لها قائد الانقلاب فأراد إسكات أية معارضة مسبقا.
فالاعتقالات جاء في ختام زيارة بعثة صندوق النقد لتسليم الشريحة الثانية من قرض الـ 12 مليار دولار، بشروط رفع الفائدة، التي تعني مزيدا من التضخم، وسط توقعات بقرارات اقتصادية صعبة، ورفع جديد لأسعار الوقود والكهرباء.
كما واكبت حملة الاعتقالات، زيارة قائد الانقلاب للسعودية لحضور القمة العربية الامريكية، وقرب تسليمه “تيران وصنافير” رسميا. كما جاء اعتقال نشطاء تابعين لتيارات يسارية وناصرية ومستقلة، ينتظر أن يترشح من بينهم مرشحون في انتخابات الرئاسة 2018، بعد ساعات من ظهور نية السيسي البقاء بانتخابات اخرى مزورة.
لماذا اعتقل طلاب الازهر؟
قبل هذه الحملة التي تم خلالها اعتقال نشطاء وحزبيين من تيارات يسارية وناصرية ومستقلة وليبرالية، شنت ميلشيات الانقلاب حملة اعتقالات واسعة على الشقق السكنية لطلاب جامعة الأزهر أوائل مايو الجاري.
وتزامن اعتقال النشطاء اليساريين مع زيادة القبضة الأمنية على الإسلاميين إضافة لقتل بعض أنصار جماعة الاخوان الذين اتهمتهم وزارة الداخلية بالإرهاب وأخرهم 9 في سوهاج قبل نحو 12 يوما.
وكانت حملة مداهمات واسعة نفذتها داخلية الانقلاب طالت العشرات من طلاب جامعة الأزهر منذ 9 مايو الجاري، قال نشطاء ان عددهم وصلت إلى نحو 100 حالة، بيد أن وزارة الداخلية لم تعلن عن أي اعتقالات.
وذكرت مصادر حقوقية وطلابية أن الحملة استهدفت مساكن الطلاب بمدينة نصر، القريبة من جامعة الأزهر، وتحديداً بأحياء السادس والسابع والثامن والعاشر بمدينة نصر.
وأعلنت داخلية الانقلاب في أقل من شهرين عن اغتيال 22 شابًا؛ لفقت لهم تهما بالتورط في أحداث عنف، أغلبهم طلاب بجامعة الأزهر، فيما قالت منظمات حقوقية إن عددا منهم كانوا مختفين قسريا.
ادانات حقوقية لاعتقال اليساريين
كعادتها دانت 6 منظمات حقوقية حملة الاعتقال الاخيرة للنشطاء اليساريين في بيان رسمي، وتغاضت عن اعتقال الاخوان وطلاب الأزهر، وربطتها بمشروع القانون الذي يناقشه مجلس النواب لتغليظ عقوبة إهانة “رئيس الجمهورية”، ووضع قيود على استخدام فيس بوك في مصر.
واعربت المنظمات الموقعة في بيانها عن “إدانتها الشديدة للحملة البوليسية المتصاعدة التي طالت العشرات من النشطاء عبر المطاردة والاعتقال”، ووصفتها بأنها “تمثل عودة لظاهرة زوار الفجر البغيضة التي انتشرت خلال عهد الدكتاتور المخلوع حسني مبارك”.
وقالت إن الاتهامات التي وجهت للمعتقلين دارت حول: “نشر أخبار كاذبة من شأنها تشكيك المواطنين بأداء النظام الحاكم والاسقاط عليه”، و”التشكيك في نزاهة القضاء وتحريض المواطنين على التظاهر والتجمهر والعصيان”، و”نشر صور مسيئة لـ”شخص ومنصب رئيس الجمهورية” استنادا إلى منشورات على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك”.
كما شملت الاتهامات للمقبوض عليهم: “الانضمام لجماعات إرهابية هدفها إسقاط الدولة”، و”الترويج للإرهاب بصورة مباشرة وغير مباشرة لارتكاب جريمة إرهابية”، و”استخدام موقع إلكتروني لترويج انتقادات وأفكار الجماعات الإرهابية بغرض إسقاط الدولة وقلب نظام الحكم”.
وربطت المنظمات الستة بين هذه الاعتقالات وما قالت إنه “تلقي مجلس النواب (العسكر) مقترحًا من رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي كامل عامر، بتعديل بعض مواد قانون العقوبات لتغليظ العقوبة على إهانة رئيس الجمهورية، لتصل إلى الحبس من يوم إلى ثلاث سنوات والغرامة التي تتراوح قيمتها من 50 ألف جنيه حتى 200 ألف جنيه”.
التهمة “فيس بوك”
بحسب محامين ومنظمات حقوقية، شملت الحملة التي تمت الخميس الماضي في قرابة 10 محافظات القبض على 29 شابًّا من المحسوبين على تيارات مستقلة وناصرية ويسارية، وشباب من حركات شباب 6 إبريل ومن أحزاب سياسية مصرية، من بينها حزب الدستور والعيش والحرية وحزب التحالف الاشتراكي، ومن حملة الفريق الرئاسي 2018 لطارق حجي.
وقال المحامي “خالد علي” في حسابه علي فيس بوك قال إن التهم الموجهة للشباب تعتمد على “بوستات” منشورة لهم على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وأن مبررها “استهداف الأحزاب التي نشطت في هذا العام، وملاحقة أعضائها، ومرتكزاتها في المحافظات لنشر الرعب والخوف، وقتل كل محاولات إحياء الفعل السياسي أو استعادة المجال العام»، على حد قوله.
وأحال رئيس برلمان العسكر “علي عبد العال” أوائل مايو الجاري مشروع قانون لوضع “ضوابط على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي”، للمناقشة من جانب لجنة مشتركة من مكتبي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والشؤون الدستورية والتشريعية.
ويشترط مشروع القانون تسجيل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لبياناتهم ورقمهم القومي لدى الشركة المصرية للاتصالات، والدخول علي فيس بوك للمصريين عن طريق “تصريح رسمي من قبل الحكومة”، بحسب مقترح النائب رياض عبد الستار إلى لجنة الاقتراحات والشكاوى.
وتقود منظمة “أفاز” الدولية التي تضم 41 مليون عضو، وتعمل على ايصال آراء ووجهات نظر الشعوب إلى صناع القرار في العالم، والمعنية بقضايا البيئة وحقوق الإنسان، حملة بهدف جمع 100 ألف توقيع للاحتجاج على ما تسميه “تحويل مصر إلى دولة بوليسية بشكل يفوق الوصف”، عبر رسالة موجة إلى رؤساء لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية ولجنة الاتصالات والمعلومات، وإلى جميع أعضاء مجلس نواب اعسكر في مصر، تدعوهم لرفض هذا القانون.
وتشير لأن “هناك العديد من الطرق الأخرى التي يمكن من خلالها مواجهة الأخبار الكاذبة والمنشورات التي تروج للإرهاب والعنف عبر هذه المواقع بعيداً عن فرض مراقبة جماعية على أنشطة جميع المصريين على الإنترنت”.
ايضا انتفضت الاحزاب اليسارية والاشتراكية ضد عمليات القبض على شبابها الأحزاب في مؤتمر صحفي عُقد مساء الخميس بمقر حزب الدستور بحضور ممثلي أحزاب الدستور والمصري الديمقراطي الاجتماعي والكرامة والتحالف الشعبي الاشتراكي والعيش والحرية تحت التأسيس، وجورج إسحاق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان.
وخلال المؤتمر أرجعت “جميلة إسماعيل” الزوجة السابقة للمرشح الرئاسي الاسبق أيمن نور، سبب الحملة بأنه “جزء أول من حملة السيسي الانتخابية التي بدأها أمس”، بحسب قولها، في إشارة لتصريحات قائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي للصحف الحكومية.
وقالت إسماعيل “إن السيسي بدأ حملته الانتخابية بإرسال مجموعة من الرسائل للمواطنين” مشيره لأن من هذه الرسائل تخويف المواطنين بالحبس والاعتقال، بحسب قولها.
ووصف ممثل حركة 6 ابريل الاتهامات بالتدوين علي فيس بوك بانها “مضحكة” وانتقد حبس نشطاء بتهم سياسية بينما وزير الداخلية الأسبق هارب من حكم قضائي بالسجن ولم يتم القبض عليه.
ونبه لأن الاعتقالات هذه المرة لم تطل “نشطاء الحركات خارج إطار الاحزاب الرسمية” فقط باعتبار ذلك مخالف للدستور” ولكننا نشهد الآن حملة اعتقالات لأعضاء الاحزاب القانونية، وبتهم مضحكة للغاية، مثل التشكيك في انجازات النظام”.
ما سبب الاعتقالات المتعددة؟
تشير حملة الاعتقالات الاخيرة لأن نظام الانقلاب ربما يكون بصدد تنفيذ سلسلة إجراءات أخرى تتضمن التنازل عن الأرض (تيران وصنافير)، والقيام بموجة جديدة من رفع الاسعار بعدما دعا لرفع الاسعار علنا وهاجم الشعب الذي يشكو الغلاء، وأنه يخشي أن تلقى تلك الإجراءات معارضة أو احتجاجات ومظاهرات، لهذا بادر بإعطاء أوامره لاجهزته بضرب النشطاء خصوصا علي مواقع التواصل آخر معقل للتعبير عن الراي الحر يزعجه بعدما أمم الصحف والفضائيات لحساب لجانه الالكترونية.
السبب الاول المرجح: هو احتمال صدور حزمة قرارات اقتصادية جديدة ربما تم الاتفاق عليها أثناء زيارة وفد صندوق النقد الدولي لمصر، في إطار خطة الإصلاح الاقتصادي يتوقع أن تؤدي لمزيد من رفع الاسعار، وهو ما مهدت له تصريحات السفيه مؤخرا تلمح لهذه الزيادات، ومن ثم مخاوف من تصعيد هذه القوي والاحزاب للاحتجاجات ضدها.
ودعت بعثة صندوق النقد الدولي مصر لرفع اسعار الفائدة ما أثار انتقادات اقتصاديين حذروا من ان تؤدي لارتفاع موجة التضخم، كما طالب الصندوق رفع اسعار الوقود والكهرباء، والغاز، ومن ثم أسعار النقل والمواصلات.
الدليل: أشارت له 6 منظمات حقوقية، قالت إن قائمة الاتهامات الموجة لبعض المقبوض عليهم، شملت: أنهم من “العناصر الإثارية”، و”الترويج لشائعات بشأن الاقتصاد في محاولة لتأجيج مشاعر المواطنين واحياء الروح الثورية لديهم”.
وكذا “اثارة القاعدة الجماهيرية وتأليب الرأي العام بالقوة للضغط على النظام القائم بالبلاد لعدم قدرته على توفير الأمن والخدمات اللازمة للمواطنين وتعطيل مصالحهم”.
السبب الثاني المرجح: هو الاستعداد لمسرحية “الانتخابات الرئاسية” التي بدأت قوى سياسية وحزبية مختلفة الاستعداد لها وطرح فكرة التحالف لترشيح مرشح بعينه أمام السفيه ودعمه.
وهذه الحملة بدأت باعتقالات بين أعضاء الفريق الرئاسي لحملة عالم ناسا عصام حجي، ثم طالت آخرين من أحزاب وقوى يسارية وناصرية ومستقلين.
الدليل: ربط حزب “التحالف الشعبي” بين القبض على نشطاء وبدء استعدادات القوى السياسية للحملة الانتخابية والاستعداد لإعلان مرشحيها وبرامجها.
وقد وصف القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي “مدحت الزاهد”، القبض على بعض شباب الأحزاب والمستقلين في عدة محافظات بأنه “رد من السلطات على المطالبة بضمانات لنزاهة الانتخابات المقبلة، وضمان فرص المنافسة”.
السبب الثالث المرجح: هو قرب تسليم “تيران وصنافير” للسعودية بعدما وقعت حكومة الانقلاب اتفاقا مع السلطات السعودية في أبريل 2016، أبطلته محكمة القضاء الاداري، وأحالت الحكومة الامر لمجلس النواب المتوقع أن يوافق عليها قريبا.
وسبق أن جرت احتجاجات من قوي يسارية ومستقلين ضد اتفاق تيران وصنافير، واجهتها ميلشيات الانقلاب بحملات اعتقال ضد المتظاهرين طالت قرابة 1300 شخص ثم تم الإفراج عن أغلبهم لاحقا، وأشهرها احتجاجات 3 يناير 2017 على سلالم نقابة الصحفيين.
خلاصة الامر ان القوي اليسارية والناصرية بدأت تشعر انها أكلت يوم اكل الثور، وأن صمتها ومباركتها لجرائم الديكتاتور قد ردت عليها وبدأت تاخذ نصيبها من التنكيل والقمع، ما يعد درسا بليغا لها بالدفاع عن المبادي التي لا تتجزأ وهي الحرية لكل مصري دون عنصرية أو فئوية.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …