طوارئ السيسي لا تختلف عن القتل والقمع الحالي سوي في “محاكم أمن الدولة”
إلغاء التقاضي على درجتين والتوسع في الاعتقال العشوائي، ومراقبة مواقع التواصل، الاجتماعي، ومنع طباعة الصحف قبل مراجعتها، وغلق مواقع الكترونية .. هذه بعض من قرارات قانون الطوارئ المنتظرة التي أعلن السيسي تطبيقها منذ الاثنين 10 أبريل لمدة 3 أشهر، وتؤكد وسائل الاعلام الأجنبية أنها ستستمر كما فعل “مبارك” وستدمر ما تبقي من الاقتصاد.
وبرغم أن دستور 2014 الذي يحتكم اليه السيسي يمنع تجديد الطوارئ إلا مرة واحدة وبأغلبية النواب، إلا أن السيسي تحايل على الدستور حين فرض الطوارئ على شمال سيناء وبعدما قال 3 شهور وجددها مرة ثانية وأخيرة بموجب الدستور، عادل ليصدر قرارا جديد بالطوارئ في سيناء وهكذا حتى استمر تطبيقها 5 سنوات حتي الان.
لا يوجد جديد بالتالي في قرارات طوارئ السيسي، ولا توقعات ما بعد اعلان الطوارئ، عما يجري بالفعل منذ انقلابه على الشرعية والرئيس المنتخب محمد مرسي 3 يوليه 2013، فكل ما هو موجود في القانون بما فيه منع الاجتماعات الخاصة حتى وإن كانت داخل الأحزاب، فعله نظام السيسي وزاد عليه بالقتل العشوائي خارج نطاق القانون الذي تنفذ قواته العسكرية والأمنية.
ومع هذا فمن المهم أن نتعرف علي حالة الطوارئ في ظل دستور 2014 وأحكام الدستورية الاخيرة التي ألغت فقرة هامة في قانون الطوارئ القديم تتعلق بمنع الاعتقال العشوائي دون إجراءات قضائية، وهوما يفعله السيسي بالتواطؤ مع النيابة وقضاة، كي يقال ان مصر لا يوجد بها معتقلون ولكن محبوسين بقرارات من النيابة!.
طباخ السم بيدوقه!
من المفارقات أن تكون جريدة الامنجي “عبد الرحيم علي” – البوابة-هي اول من يطبق عليها قانون طوارئ السيسي، ويجري مصادرتها لمجرد أنها طالبت بمحاسبة لا عزل وزير الداخلية، لأنه فشل في وقف التفجيرات ومسئول عن 15 تفجير وقعت في عامين منذ تولي منصبه منها 4 في كنائس، ليصدق عليه المثل “طباخ السم بيدوقه”.
وينص قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 الذي أصدره جمال عبد الناصر أثناء الوحدة مع سوريا، ولا يزال مطبقا في مصر على “مراقبة الرسائل أيا كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها”
ولن يقتصر الامر على مراقبة الصحف ومصادرتها، ولكنه – كما بشنا الصحفي الامني الثاني مصطفي بكري في حوار مع قناة دريم مساء الاحد سيتم “إغلاق بعض مواقع التواصل الاجتماعي” بدعوي أنها “تحرض على العنف”.
أبرز بنود الطوارئ
تنص المادة 154 من دستور 2014على عرض قرار فرض حالة الطوارئ على مجلس النواب وموافقة أغلبية أعضاء المجلس “ويكون إعلانها لمدة محددة لا تجاوز ثلاثة أشهر، ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة، بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس”، وهي مطبقة على مناطق بشمال سيناء فقط منذ قرابة 4 سنوات.
وكان أول استخدم لقانون الطوارئ في ظل تولي السيسي إدارة البلاد عقب الانقلاب علي الرئيس محمد مرسي، جري لمدة شهر واحد في أغسطس 2013 الذي شهد فض اعتصامي رابعة والنهضة، في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور.
ويعطل “الطوارئ” عمل القوانين العادية التي تتعارض معه “كلما تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية أو في منطقة منها للخطر سواء كان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث اضطرابات في الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء”.
كما ينص القانون على أن يكون التظلم من الاعتقال بعد 6 أشهر دون أن يفرج عنه، ليسمح بالقبض دون إذن والاحتجاز لمدة مفتوحة دون عرض المحتجز على النيابة أو القضاء و”وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور”، و”فرض الحراسة على الشركات والمؤسسات”، وأن تفصل “محاكم أمن الدولة” الذين يعين رئيس الجمهورية أعضاءها في الجرائم.
و “لا يجوز الطعن بأي وجه من الوجوه في الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة ولا تكون هذه الأحكام نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية”.
وفي 2 يونيو 2013، أي قبل شهر واحد من الانقلاب علي الرئيس محمد مرسي، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمًا بعدم دستورية بعض الصلاحيات الواردة في قانون الطوارئ واستغرق صدور الحكم عشرين عامًا منذ إقامة الطعن عام 1993.
وانتهى الحكم إلى بطلان فقرة رئيسية من قانون الطوارئ (رقم 162 لسنة 1958) هي الفقرة الأولى من المادة الثالثة والتي كانت تنص على إمكانية “القبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص فى تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية”.
وبهذا الحكم لم يعد من سلطة رئيس الجمهورية أن يفوض وزير الداخلية بإصدار قرارات اعتقال إدارية تسمح بالقبض على الأشخاص دون إذن قضائي واحتجازهم دون العرض على سلطة قضائية في ظل الطوارئ ولكن هل يلتزم السيسي بهذا؟
بالطبع لا، وعلي طريقة “الدفاتير دفاترنا” قررت تشريعية مجلس عبد العال اليوم الثلاثاء تعديل قانون الطوارئ، ليسمح بالقبض دون إذن والاحتجاز لمدة مفتوحة دون عرض المحتجز على النيابة أو القضاء، وتلغي بذلك حكم الدستورية السابق!
مجلس عبد العال يبصم !!
من مفارقات طوارئ السيسي أنه تم فرضها والعمل بها وصرت في قرار رسمي بالجريدة الرسمية قبل أن يوافق عليها برلمان عبد العال، صحيح أن دور هذا المجلس هو البصم على كل قرارات السيسي وتوفير الغطاء التشريعي القانوني الشكلي لها، ولكن حتى انتظار موافقة المجلس ظهر بوضوح انها بلا قيمة في هذه الحالة.
انشغال المجلس كان في جانب اخر يتعلق بسلق قوانين أخري في زحمة أزمة التفجيرات منها:
أولا: تعديلات قانون الإجراءات الجنائية
حيث أعلن الدكتور على عبد العال رئيس المجلس موافقة النواب من حيث المبدأ على مشروع قانون بـ “تعديل بعض أحكام قوانين الإجراءات الجنائية والكيانات الإرهابية وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض”.
وتشمل هذه التعديلات بوضع قيود على الطعن أمام محكمة النقض فقط وأن تكون هي التي تنظره لا ترسله لمحكمة اخري بما يستغرق وقتا، فضلا عن زيادة مدة من يبقون تحت رحمة قانون الكيانات الإرهابية الي 5 سنوات بدل 3.
ثانيا: إحالة اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية
كما كان متوقعا جري استغلال التفجيرات لتمرير التنازل عن الأرض المصرية في تيران وصنافير، حيث أحال على عبد العال، الاثنين، اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بالبرلمان برئاسة المستشار بهاء أبو شقة لمناقشتها، ومن ثم تمريرها.
ثالثا: تشكيل هيئتي الصحافة والإعلام
كشف عبد العال أنه سيتم إصدار قرارات تشكيل هيئتي الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام اليوم أو غداً، على أن تُنشر في الجريدة الرسمية، وهي المجلس التي سوف تسيطر على كافة وسائل الاعلام المكتوبة والمرئية ويتولاها موالون للسيسي والنظام والجهات الأمنية.
رابعا: ضوابط الخطاب الديني
وصل الامر بعلى عبد العال لتحدي الازهر وإعلان أن المجلس الأعلى لمواجهة الإرهاب (الذي سيتشكل من الأجهزة الأمنية) سيقوم هو تنقية مناهج التعليم وتجديد الخطاب ووضع مناهج التعليم والخطاب الديني “ولن ننتظر وزارة من الوزارات أو جهة من الجهات”، في إشارة تحد للازهر.
خامسا: مراقبة الفيس بوك
أكد عبد العال أن موقعي فيس بوك ويوتيوب وغيرهما من المواقع “التي تبث أخبارا للتواصل بين الإرهابيين” سيتم مراقبتها جيدا في ظل حالة الطوارئ.
محاكم أمن الدولة العليا طوارئ
المكسب الوحيد الجديد للسيسي من قانون الطوارئ سيكون سعيه انشاء محاكم للطوارئ في كافة المحاكم الابتدائية والاستئنافية، وضم ضباط الجيش لها، ويحيل لها من يرغب في اصدار احكام عاجله ضدهم دون انتظار.
ولا يجوز الطعن بأي وجه من الوجوه على الأحكام الصادرة من محكمة أمن الدولة طوارئ (المادة 12)، وهو ما سيحقق له الغرض الأهم من إعلان حالة الطوارئ الآن.
والأكثر خطورة أن قانون الطوارئ يمنح السيسي سلطات واسعة في التدخل في أحكام محاكم الطوارئ، حيث يحق له إلغاء الحكم الصادر بالإدانة بعد التصديق عليه، مع الأمر بإعادة المحاكمة من جديد، أو تخفيف العقوبة، أو وقف تنفيذها، ولا تصبح أحكام محاكم الطوارئ نهائية إلا بعد تصديقه عليها!.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …