كيف وأدت أذرع ثلاث جهات سيادية بالصحف انتفاضة الصحفيين؟
أثار تراجع مجلس نقابة الصحفيين المفاجئ عن قرارات الجمعية العمومية للصحفيين- وفى مقدمتها “تقديم قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسى اعتذارا للصحفيين، وإقالة وزير داخليته مجدى عبد الغفار”- حالة من الاستياء والإحباط بين جموع الصحفيين، الذين أكدوا أن المجلس لم يؤد الأمانة ويكمل الرسالة.
وكان لتدخل الأجهزة الأمنية “المخابرات العامة- المخابرات العسكرية- الأمن الوطنى” الدور الأكبر فى وأد انتفاضة الصحفيين والتراجع المخزى لمجلس النقابة، حيث لعبت هذه الأجهزة عبر أذرعها الإعلامية فى المؤسسات الصحفية والخاصة، وأمرتهم بتشكيل جبهة مناوئة للجمعية العمومية، سميت بعد ذلك بـ”جبهة تصحيح المسار”.
وكانت مؤسسة الأهرام قد استضافت هذه الجبهة الأمنية، بحضور ودعم رؤساء تحرير الصحف القومية والخاصة، وبعض أعضاء مجلس النقابة، حيث توحدت جميع الأذرع الإعلامية للأجهزة السيادية على قلب رجل واحد؛ لإفساد ووأد انتفاضة الصحفيين ضد نظام السيسى، بعد اقتحام الداخلية للنقابة لأول مرة فى تاريخها.
وتشغل أغلب الأذرع الأمنية للأجهزة الأمنية السيادية مناصب قيادية فى المؤسسات الصحفية، حيث يشغل يارسر رزق، أحد أذرع جهاز المخابرات العسكرية على سبيل المثال، رئاسة إدارة وتحرير مؤسسة أخبار اليوم، وكذلك عماد الدين حسين رئيس تحرير الشروق، وعلاء ثابت رئيس تحرير الأهرام المسائى، فيما يعتبر رؤساء تحرير مجالس إدارة الأهرام والجمهورية واليوم السابع من أذرع جهاز الأمن الوطنى.
وكانت الجبهة المدعومة من تحالف ثالث مكون المخابرات العسكرية والمخابرات العامة والأمن الوطنى، ويتزعمها “رؤساء تحرير مجالس وإدارات صحف الأهرام والأخبار والجمهورية، بحضور ثلاثة من أعضاء مجلس النقابة من الخارجين عن إجماع الجمعية العمومية، وهم حاتم زكريا، وخالد ميرى، وعلاء ثابت، وأمين صندوق النقابة”، قد بدأت فى ترويج أخبار خاصة بفرض الحراسة على النقابة، ووقف بدل التكنولوجيا فى حالة تمسك مجلس النقابة بقرارات الجمعية العمومية الأخيرة، ما أرهب عددا من صحفيى المؤسسات القومية الذين تفاعلوا مع الجبهة.
وتزامن ذلك مع حملة إعلامية تشكك فى قانونية الجمعية العمومية، فضلا عن قيام أغلب الصحفيين من أعضاء برلمان الدم- يتزعمهم مصطفى بكرى- بدور متخاذل، وذلك بالوقوف مع وزارة الداخلية وعبد الفتاح السيسى ضد زملائهم فى النقابة، رافضين تقديم طلبات بسحب الثقة من الوزير مجدى عبد الغفار، وذلك على خلفية تهديد من تحالف دعم مصر الموالى للانقلاب، بإسقاط عضويتهم- على طريقة عكاشة- إذا تبنوا مطالب الجمعية المومية، وخاصة المطلب الخاص بتقديم السيسى اعتذارا للصحفيين.
وقالت النقابة، في بيان، إن “مجلس نقابة الصحفيين خلال استقباله، اليوم، وفودا من مجلس برلمان الدم وعددا من قدامى النقابيين، أكد ترحيبه بأي مبادرات جادة لحل الأزمة، بما يحفظ للنقابة حقها القانوني والأدبي كمؤسسة عريقة”.
وكان مجلس النقابة قد صدم جموع الجمعية العمومية بتأجيل المؤتمر العام الذي تحدد له يوم الثلاثاء القادم لمدة أسبوع، لـ”إعطاء الفرصة لكل الأطراف والوسطاء، سواء من داخل البرلمان أو خارجه، لتفعيل جهودهم في اتجاه حل الأزمة”، بحسب البيان.
وشدد المجلس على أن أزمته مع وزارة الداخلية “قضية مهنية ونقابية، حيث لم يتم اتباع القانون الذي يمنع تفتيش النقابة إلا بحضور عضو من النيابة العامة ونقيب الصحفيين”.
وأشار البيان إلى أن “النقابة تقدمت ببلاغ للنائب العام “نبيل صادق” بكل وقائع أزمته مع الداخلية، وتنتظر التحقيق فيه”، لافتًا إلى أن “هذه الوقائع لم يتكرر مثيل لها على مدار تاريخ النقابة، الذى يمتد على مدار 75 عاما”.
ومتطرقا لسبب الأزمة، بضبط صحفيين اثنين من مقر النقابة، الأحد الماضي، أوضح البيان أن “الصحفيين احتميا، يوم 30 نيسان/ أبريل الماضي، بمقر النقابة، فور علمهما بمداهمة منزلهما؛ تمهيدا لتسليم نفسيهما للنيابة فور تحقق صدور أمر قضائي بحقهما، تفاديا منهما للإجراءات الشرطية”، مضيفا: “وهو ما يؤكد أن الأمر ليس اختفاء وليس تواريا ولا احتماء من العدالة”.
واتهم المجلس قوات الأمن، بـ”الإصرار على محاصرة النقابة، والاستعانة ببلطجية للاعتداء البدني واللفظي على الصحفيين عند دخول نقابتهم، وهو ما ساهم في زيادة حالة الغضب والدفع في اتجاه تصعيد الأزمة”.
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض قبل أربعة أيام على الصحفيين، عمرو بدر، ومحمود السقا، من مقر النقابة؛ لاتهامهما بـ”خرق قانون التظاهر في الاحتجاجات المتعلقة بجزيرتي تيران وصنافير (قالت السلطات المصرية إنهما تابعتان للملكة العربية السعودية، ما أثار غضب الشارع المصري)، وتكدير السلم العام”، وتم حبسهما 15 يوما على ذمة التحقيقات.
ونقابة الصحفيين كانت مركز مظاهرات معارضة خرجت ضد السلطات المصرية، مؤخرا، رفضا لقرار مصر “التنازل” عن جزيرتي “تيران و”صنافير” للسعودية، وفي مظاهرات معارضة للقرار، يوم 25 نيسان/ أبريل الماضي، تعرض أكثر من 40 صحفيا للتوقيف الأمني والاعتداءات، وفق بيانات سابقة للنقابة.
وكانت نقابة الصحفيين قد أعلنت- خلال انعقاد الجمعية العمومية الطارئة لها، الثلاثاء الماضي- عن 18 مطلبا، على خلفية الأزمة، على رأسها إقالة وزير الداخلية “مجدي عبد الغفار”، ونشر صورته سوداء (نيجاتف)، واعتذار الرئيس عبد الفتاح السيسي، والإفراج عن الصحفيين المحبوسين في قضايا نشر”.
فيما أصرت لجنة الأداء النقابى بالصحفيين، في بيان لها، على اعتذار السيسي الواضح والصريح عن واقعة اقتحام نقابة الصحفيين، وعدم الاكتفاء بإقالة وزير داخليته.
وتحت عنوان “انزعوا السكين من يد هذا الوزير الأهوج، اقتحام النقابة.. يوم أسود فى تاريخ الحريات” أصدرت اللجنة بيانا جاء فيه “شهدت نقابة الصحفيين عملا إجراميا بامتياز، عندما اقتحمت قوات أمن النظام، ممثلة فى وزارة الداخلية، مقر النقابة، واختطفت الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا، واعتدت على أفراد أمن النقابة المدنيين، وأصابت أحدهم، بالإضافة إلى ترويع أسر الزملاء المعتقلين المعتصمين بالنقابة”.
وقد سبق أن حذرت “الأداء النقابى” من مغبة احتفال النقابة بعيدها الماسى تحت رعاية عبد الفتاح السيسى؛ لأنها تشعر بما يجرى من أمور للصحفيين وعدد كبير منهم خلف القضبان، ونؤكد مكررا أن استقلال النقابة الكامل هو الأساس لضمان حرية الصحافة وقيامها بدورها الوطنى فى كشف الفساد، ونقل الحقيقة بحيدة ومهنية إلى الشعب مصدر السلطات.
وذكرت اللجنة بقانون النقابة الذى ينص فى المادة 70 على أنه “لا يجوز تفتيش مقر نقابة الصحفيين أو أحد مقارها الفرعية، أو وضع أختام عليها إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة، وبحضور نقيب الصحفيين أو النقابة الفرعية أو من يمثلها”.
“المادة 71”
“للنقابة والنقابات الفرعية حق الحصول على الأحكام الصادرة فى حق الصحفى والأحكام والتحقيقات التى تجرى معه”.
وقالت “لجنة الأداء”، رغم أنه لديها العديد من التحفظات على أداء مجلس النقابة الحالى.. إلا أن اللجنة تهيب بالجماعة الصحفية الوقوف صفا واحدا خلف مجلسها المنتخب داعمة له؛ لرد الهجمة المنظمة التى يتعرض لها الصحفيون فى الفترة الأخيرة، وألا تكترث الجمعية العمومية ببعض النداءات التى تشق وحدة النقابة؛ لأن قوة المجلس إنما تأتى من قوة وترابط الجمعية العمومية.
وترى “لجنة الأداء” أن الحد الأدنى من الاعتذار عن هذه الفعلة الشنعاء لا يتمثل فقط فى إقالة وزير الداخلية، الذى فشل على جميع المستويات إلا فى إشعال الفتن والحرائق بين طوائف الشعب، والنقابة ليست أقل من صيدلية أو مكتب محاماة لا يجوز تفتيشها إلا بحضور ممثل للنيابة وعضو مجلس نقابة.
بل تطالب لجنة الأداء باعتذار عبد الفتاح السيسى عما حدث، فهو الذى أعلن عن رعاية احتفالية النقابة بالماسية، كما أن نقابة الصحفيين ليست أقل من سيدة “ميدان التحرير” التى أعتذر لها الرئيس.
وفى كل الأحوال نهيب بالزملاء الصحفيين عدم نشر اسم هذا الوزير أو صوره أو أخباره، وكل من على شاكلته حتى إقالته.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …