بعد عزل 15 قاضيا ..مذابح القضاة من الطاغية للمنقلب
ما أشبه الليلة بالبارحة ،فى أغسطس 1969 قام الطاغية المعروف جمال عبدالناصر بالتخلص من أكثر من مائتين من قضاة مصر بعزلهم بالمخالفة للقانون، نتيجة لتقارير كاذبة من أعضاء التنظيم الطليعي بزعم العداء لنظام 23 يوليو. ، واليوم 21 مارس 2016 يكرر الحكم العسكرى بقيادة المنقلب عبد الفتاح السيسى ، نفس المذبحة ، حيث قرر المجلس الأعلى لتأديب القضاة عزل 15 قاضيا من حركة “قضاة من أجل مصر” في واقعة تسمى “التوقيع على بيان رابعة” وأحالهم للمعاش، كما قرر المجلس مد أجل الحكم على 55 آخرين في البيان ذاته لجلسة 28 آذار/ مارس للحكم.
وقال مصدر مطلع، إن المجلس الأعلى لتأديب القضاة قال في أسباب الحكم “ثبت من خلال اسطوانات مدمجة وفيديوهات وصحف أنهم أدلوا بتصريحات سياسية وانضموا إلى جماعات سياسية بما يخالف لوائح العمل في السلطة القضائية”.
ويعد هذا الحكم باتا ونهائيا، ولا يجوز الطعن عليه، وفي آذار/مارس من العام الماضي، أحال مجلس تأديب وصلاحية القضاة 31 قاضيا من قضاة بيان رابعة للمعاش بتهمة التوقيع وإذاعة بيان يؤيد فيه شرعية الرئيس محمد مرسي.
كما قرر المجلس آنذاك إحالة 10 قضاة آخرين للمعاش في قضية أخرى وهي تكوين حركة قضاة من أجل مصر، وعدم قبول الدعوى ضد خمسة قضاة آخرين في التهمة ذاتها.
قالت مصادر قضائية، إن مجلسا تأديبيا بمصر أصدر الاثنين، حكما نهائيا وباتا بعزل 15 قاضيا أيدوا جماعة الإخوان المسلمين التي أطيح بها من حكم مصر عام 2013.
قضاة من أجل مصر
وكان المحكوم عليهم وعشرات القضاة الآخرون قد انضموا إلى جماعة سمت نفسها قضاة من أجل مصر، أيدت جماعة الإخوان بعد انتفاضة 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك بعد 30 سنة في الحكم.
وقال المصدر إن المجلس الأعلى لتأديب القضاة أرجأ الحكم بشأن 55 قاضيا آخرين في قضايا مشابهة إلى 28 مارس/آذار للنطق بالحكم.
ويقول مؤيدون لجماعة الإخوان إن هناك قضاة عارضوا الإخوان علانية لكن لم يقدموا للمحاكمة.
القضاة أدوات فى عهد المنقلب
وكان وزير العدل الأسبق المستشار أحمد مكي، قال في تصريحات صحفية “إطلاق اسم بيان رابعة عليه يعد تجاوزا للحقائق، وأن القضاة أذاعوه في الاعتصام، وهو ما لم يحدث، ولكنه صدر بمناسبة الاعتصام”، مضيفا: “قرأت البيان، وهو كلام ليس فيه أي خروج عن التقاليد القضائية، ولا اشتغال بالسياسة، كما يزعمون”.
وأكد المستشار “مكي” أن هناك “هجمة يتعرض لها القضاة الحريصون على استقلاله، الذين سعوا لأن تكون مهمته تحقيق العدل، وغرز الطمأنينة في نفوس الناس، في حين أن النظام يستخدم القضاة كأداة من أدوات الرذع والتخويف، وعكس كل أهداف القضاة”.
يشار إلى أن القضاة الموقعين على ما يسمى بيان رابعة أصدروا بيانا توضيحيا في وقت سابق، ذكروا فيه بطلان قرار قاضي التحقيق المستشار محمد شيرين فهمي، بإحالتهم للجنة الصلاحية، مؤكدين أن بيانهم المذاع من المركز الإعلامي لاعتصام رابعة، جاء إعمالا لحقهم في التعبير، الذي كفلته الدساتير المصرية المتعاقبة والمواثيق الدولية، ومن بينها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والإعلان العالمي لاستقلال القضاء.
مذبحة القضاة فى عهد عبد الناصر
كان من بين انجازات الحقبة الليبرالية في مصر قبل قيام حركة ضباط 23 يوليو 1952، ضمان استقلال السلطة القضائية واحترام أحكامها، وعدم تدخل الدولة في شئون القضاء والقضاة، وعاش قضاة مصر أزهي عصور الاستقلال خلال حكومات الوفد، في إطار قانون استقلال القضاء الصادر عام 1943 في عهد حكومة مصطفي باشا النحاس.
وفي أعقاب حركة 23 يوليو، وتأميم الحياة السياسية والديمقراطية في مصر، شهدت العلاقة بين ضباط الجيش والقضاة صدامات حادة وعديدة، نظراً لرغبة حركة الجيش في فرض هيمنتها والاستئثار بجميع السلطات، لذلك كان طبيعياً أن ينتهي الأمر بصدام مروع بين الطرفين وهو ما عرف تاريخياً في أغسطس 1969 باسم »مذبحة القضاء« والتي قام خلالها الطاغية عبدالناصر بالتخلص من أكثر من مائتين من قضاة مصر بعزلهم بالمخالفة للقانون، نتيجة لتقارير كاذبة من أعضاء التنظيم الطليعي تتهم القضاة بالعداء لنظام 23 يوليو.
وشهدت هذه الفترة الكئيبة علي قضاة مصر، تطاولاً علي أحكام القضاة عبر صفحات الجرائد، وخضع عشرات القضاة لعمليات تجسس من قبل الأجهزة الأمنية. »الوفد« في حوارها اليوم مع المستشار يحيي الرفاعي، رئيس شرف نادي القضاة مدي الحياة، تناقش أوضاع قضاة مصر خلال عهد عبدالناصر، خاصة أن المستشار يحيي الرفاعي، أحد الذين عزلوا خلال مذبحة القضاة، حيث كان سكرتير عام نادي القضاة، ونجح بقائمته بالكامل في انتخابات النادي في مواجهة قائمة التنظيم الطليعي.
هذه المذبحة نفذت في 31 أغسطس 1969 وتم خلالها عزل رئيس محكمة النقض، وأكثر من نصف مستشاريها وناهز عدد القضاة المعزولين حوالي مائتي قاضٍ من القضاة المتمتعين بحصانة عدم القابلية للعزل بغير الطريق التأديبي طبقاً للقانون، أما أسباب هذه الكارثة، وإذا شئنا الدقة فقد كان وراءها سبب غير مباشر وهو هزيمة يونيو 1967 وما تبعها من آثار نفسية وعصبية علي القيادة السياسية، وعلي من كانوا علي صلة بها من أعضاء التنظيم السري الطليعي في الاتحاد الاشتراكي، وللأسف الشديد فقد كان بعض رجال القضاء ومجلس الدولة منخرطين في هذا التنظيم كما تبين لنا فيما بعد، وكانوا معدودين علي أصابع اليدين وكان بعضهم يكتب التقارير السرية عن زملائه إلي القيادة السياسية يومياً بما كان يدور من أحاديث في نادي القضاة، ومجالس القضاة الخاصة، حيث كانت هذه مهمة أعضاء ذلك التنظيم وبهذا الأسلوب بدأوا في إثارة غضب الرئيس »جمال عبدالناصر« بصورة متصاعدة ضد القضاة. وفي الوقت ذاته، كان الرئيس »عبدالناصر« يلح علي المستشار »عصام حسونة« وزير العدل في أن يشكل تنظيماً سرياً من القضاة!! وكان الوزير غير مقتنع بهذه الطريقة لتعارضها مع أخلاق القضاة، فكلف »عبدالناصر« وزير الداخلية »شعراوي جمعة« بتشكيل جماعة قيادية لهذا التنظيم، فشكلها من عدد من رجال القضاء ومجلس الدولة، وإدارة قضايا الحكومة، والنيابة الإدارية، واسماهم هيئات قضائية، وهي واقعة حدثت لأول مرة في تاريخ القضاء المصري منذ نشأته وحتي هذه الكارثة التي أطلق عليها »مذبحة القضاء«.
وبعد تولي المستشار »محمد أبونصير« وزيراً للعدل هل وجد من يوافق من السادة القضاة علي الانضمام للتنظيم السري في القضاء؟
– بعد تعيين الوزير »محمد أبونصير« قام بتشكيل تنظيم سري من القضاة!! وكانت نواة هذا التنظيم وجود قضاة أشقاء بعض الوزراء آنذاك، وأخذت هذه الجماعة تعقد جلسات دورية برئاسة الوزير »محمد أبونصير« الذي بذل جهداً كبيراً في سبيل تكوين تنظيم طليعي داخل القضاء، واستعان بتكوينه ببعض الذين خضعوا لنفوذه ونفوذ عملاؤه، وهنا تزايدت التقارير اليومية علي مكتب الرئيس »عبدالناصر«. وناقش الوزير مع اللجنة العليا هذا التنظيم، وطالب الجواسيس في توصياتهم بإعادة تشكيل هيئات القضاء، ودمجها في النيابات الإدارية وإدارة قضايا الحكومة، وإجراء التنقلات بين القضاة إلي هاتين الجهتين، وإلي غير ذلك من المقترحات الهدامة والمبالغات الجسيمة في حق الشرفاء من رجال القضاء.
كيف نفذت مذبحة القضاة؟
– ظل الجواسيس يكتبون التقارير ضد رجال القضاء الشرفاء إلي أن قام الرئيس »عبدالناصر« بتكليف د. جمال العطيفي بصياغة مجموعة قرارات جمهورية لتنفيذ المذبحة، وبدأت العجلة تدور، حيث تم تشكيل لجنة في رئاسة الجمهورية لتحديد الأسماء الواجب فصلها، والأسماء التي سيكتفي بنقلها إلي جهات حكومية أخري. وأعهدت اللجنة تلك الكشوف من واقع تقارير التجسس التي كانت تفيض بالحقد علي القضاة والشرفاء، ولا تنسب لهم أكثر من أنهم أعضاء الثورة المضادة الذين يقذفون في حق الرئيس عبدالناصر في جلساتهم اليومية بنادي القضاة. فصدرت قرارات المذبحة من »عبدالناصر« باعتبارها قرارات جمهورية، وتضمنت حل مجلس إدارة نادي القضاة، وتعيين مجلس آخر لإدارته من بين شاغلي المناصب القضائية بحكم وظائفهم.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …