محلب على خطى السيسي فى التنازل عن «حصة النيل»: سد النهضة لا يمثل خطرا على مصر!
كعادة النظم التي تستند على القوى العسكرية في الحكم، والتي لا تكترث غالبا إلا ببقاء الحاكم دون مصالح وحياة شعوبها، خرجت تصريحات رئيس وزراء 3 يوليو إبراهيم محلب، خلال زيارته لغينيا الاستوائية، الثلاثاء الماضي، لتقلل من مخاطر سد النهضة على مصر.
بالتناقض مع منطق العقل وآراء الخبراء الاستراتيجيين الذين يرون أن المفاوضات فشلت مع إثيوبيا، وعلى الحكومة أن تعلن ذلك للشعب وتتخذ إجراءات أخرى حتى لا يغيب الشعب المصري الذي سيصحو في يوم على جفاف قاتل أو فيضان مزلزل إذا تعرض جسم السد لانهيار بسبب زلزال قد يضربه، بسبب وقوعه في منطقة مرتفعة شديدة التضاريس تشطة الزلازل، ما يجتاح السد العالي ويدمر مصر أثر 200 مليار متر من المياه.
غياب المسؤولية السياسية
توقيت التصريح يعبر عن عدم المسؤولية السياسية لمحلب وحكومته، حيث تجري في الخرطوم اجتماعات اللجنة الفنية.. والتي يراها الدكتور محمد نصر علام، وزير الري الأسبق، “لم ولن تسفر عن أي نتائج إيجابية؛ لأن إثيوبيا لن تسمح بذلك، وأنها تعاملت بتعنت شديد مع مصر خلال الاجتماعات الخمسة السابقة”.
ويراها الخبراء “اجتماعات شكلية”، وأن إثيوبيا تحاول فرض شروطها على مصر، وأن مسار المفاوضات حاليًا متأخر جدا، وفي صالح إثيوبيا، التي تسرع من خطواتها في بناء السد، لفرض أمر واقع على مصر.
تخبط حكومي
تصريحات محلب جاءت في سياق التخبط الحكومي، حيث سبقه تصريحات سابقة لرئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي، ومن قبلهم السيسي نفسه، بأن “سد النهضة لا يمثل خطرا على مصر”، على عكس كافة التحذيرات الفنية من مخاطر السد الذي سيقلل من كميات المياه المتدفقة إلى مصر، ومخاطر بناء 5 سدود أخرى يجري اقامتها على النيل بإثيوبيا.
تصريحات محلب التي أدلى بها، الثلاثاء الماضي، خلال لقائه الجالية المصرية في غينيا الاستوائية، بأنه “لا خوف من بناء سد النهضة، فالمشروع تتم مراجعته بمشاركة مصرية وخبرات عالمية، بما يحقق مصالح دول حوض النيل دون أي نقص أو زيادة، مؤكدًا أنه لا خوف من بناء السد؛ لأن مصر تعمل بإيجابية”، تلك التصريحات لا تتماشى مع سياسات أجهزة المخابرات التي تدير الملف مصريا، حيث التقطت الأذرع الاعلامية تصريحات محلب وشنت هجوما عليه بصورة كبيرة، قاده الإعلامي المؤيد للحكم العسكري جابر القرموطي، على فضائية “أون تي في”، مطالبا بإقالة محلب وإسناد ملف سد النهضة لأجهزة سيادية أخرى، “المخابرات الحربية”.
فيما دشن عضو حزب المصريين الأحرار القيادي السابق بحملة السيسي للانتخابات الرئاسية، الدكتور حازم عبد العظيم، هاشتاج عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، الثلاثاء، تحت مسمى “حكومة العواطف”.
كما سخر عبد العظيم- في تدوينته- من تصريحات محلب، التي قال فيها إنه لا خوف من سد النهضة، وأنه لا أحد يستطيع أن يحجب الشمس عن مصر، قائلًا: “إيه اللي جاب النهضة جنب الشمس؟!”.
مخاطر مستقبلية
ولعل المخاطر التي تواجهها مصر منذ توقيع اتفاق المبادئ الذي وقع عليه السيسي في مارس الماضي متصاعدة، ولكن يتم تغييب الشعب عنها بفعل أجهزة اعلام السلطة التي تعمل بلا ضمير.
حيث تفرض وثيقة المبادئ واقعًا جديدًا في حروب المياه بالمنطقة، وتعد بمثابة اعتراف مصري رسمي بحق كل دول النيل في بناء سدود على مسار النيل؛ مما يقلص حصة مصر المائية، التي لا تكفيها حاليًا، وهو ما يعرضها للعطش مستقبلًا، فضلًا عن أضرار السد الإثيوبي على إنتاج الكهرباء من السد العالي وبوار أراض زراعية مصرية.
المخاطر بين مرسي والسيسي
ولعل تصريحات قيادات العسكر تعبر عن عشوائية تقدير المخاطر التي تواجه مصر، وتكشف عن اعتماد إدارة الرئيس محمد مرسي على العلم في إدارة الأزمات، وليس التغطية على المخاطر، من أجل استقرار متوهم لا يشعر به إلا من يريد أن يظل قابضا على حياة الشعب بعنجهية القوة العسكرية، وإعلام مضلل لا هم له سوى تغييب الوعي.
فقبل إطاحة السيسي بالرئيس المنتخب محمد مرسي بشهر واحد، قدم 12 من خبراء المياه والوزراء السابقين دراسة أعدتها “مجموعة حوض النيل بكلية الهندسة جامعة القاهرة”، بتكليف من حكومة هشام قنديل، مخاطر سد النهضة على مصر والسودان وآثاره التي يصعب احتواؤها أو التعايش معها.
بنى من خلالها مرسي وحكومته استراتيجية التحرك الدولي والإقليمي وفق مصالح الشعب المصري، الذي سرعان ما تم الانقضاض عليها من قبل العسكر.
وانتهت الدراسة إلى أن مخطط السدود الإثيوبية ستكون له تداعيات اجتماعية واقتصادية وسياسية شديدة على مصر يصعب احتواؤها أو التعايش معها، منها:
– السدود الإثيوبية الأربعة المقترحة على النيل الأزرق تهدف إلى التحكم الكامل في مياه النيل الأزرق، وهو الرافد الرئيس لمياه النيل، وبالتالي؛ التحكم في حصة مصر المائية وإلغاء (أو على أقل تقدير “تقزيم”) دور السد العالي في تأمين مستقبل مصر المائي.
– سد النهضة وحده بتصميمه الحالي بسعة 74 مليار متر مكعب ستكون له آثار سلبية عنيفة على حصة مصر المائية وعلى إنتاج الكهرباء من السد العالي وخزان أسوان، وذلك أثناء فترات ملء الخزان وأثناء تشغيله، وتزداد حدة هذه الآثار السلبية خلال فترات الجفاف؛ حيث تتعارض مصالح إمداد مصر والسودان بالمياه الكافية مع تعظيم إنتاج الطاقة من سد النهضة.
– تقليل الحصة المائية المصرية سيؤدي إلى بوار مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية وتشريد ملايين الأسر، وزيادة في تلوث المسطحات المائية ومشاكل في إمدادات مياه الشرب والصناعة، ومشاكل في النقل النهري والسياحة النيلية، ويشكل تهديدًا للمزارع السمكية.
– انهيار السد سيؤدي إلى نتائج كارثية تحل بالسودان ومصر، تشمل انهيار سدود وغرق العديد من المدن الكبرى والقرى، وتعرض ملايين الأرواح إلى مخاطر الموت والتشريد.
واقترح تقرير لجنة الخبراء المصريين أن يكون الحل الأمثل هو “منع إقامة السد”، ومع قيام المشروع كواقع، ورأت اللجنة أن يتم إيقاف بناء السد فورًا حتى يتم الانتهاء من التفاوض وتقييم الآثار بطريقة علمية والتوافق حوله، وأن يكون الحد الأدنى للمطالب المصرية بألا تزيد سعة هذا السد عن 14 مليار متر مكعب، كما كان مقترحًا قبل الثورة، وهذه السعة ستنتج 60% من الكهرباء المقترحة على سد النهضة، وبكفاءة تزيد عن ضعف كفاءة سد النهضة الضخم، وبتكلفة أقل بكثير من تكلفة إنشاء سد النهضة، وبآثار سلبية أقل يمكن التعامل معها، كما أن هذه الكهرباء ستكفي احتياجات إثيوبيا الكهربائية من السد، وكذلك يفيض جزء منها للتصدير، ناهيك عن أن السد بالتصميم المقترح (14 مليارًا) يحقق معظم فوائد السودان المتوقعة من سد النهضة، وبالتالي يوحد وجهتي نظر مصر والسودان.
بجانب أن تتعهد إثيوبيا رسميًا بعدم استخدام مياه السد في الزراعات المروية، كما أعلنت مسبقًا في هذا الشأن. وبالنسبة لأي مشروعات مستقبلية، تتعهد إثيوبيا رسميًا بمبدأ الإخطار المسبق وإجراءاته التنفيذية على ضوء ما جاء في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة عام 1977 للأنهار المشتركة.
وأن تتم المراجعة الدقيقة لكل تصميمات السد من قبل خبراء مصريين بعد الانتهاء من تعديلات أبعاده الفنية للتأكد من سلامته الإنشائية.
كما دعت “مجموعة حوض النيل” من وصفتهم “غير المتخصصين” إلى “عدم الخوض في تبرير فوائد وهمية أو غير ذات قيمة حقيقية لسد النهضة الإثيوبي أو التهوين من أمر الآثار الجانبية الخطيرة له بطريقة سطحية؛ حيث إن هذه الأمور تتعلق باعتبارات هندسية مستفيضة ومتخصصة أوضحتها الدراسات التي قمنا ونقوم بها، كما أكدتها بعض الدراسات العالمية بل والدراسات الإثيوبية المقدمة للجنة الثلاثية الدولية على ما شابها من القصور”.
وبعد عامين من وصول العسكر إلى رأس السلطة لا يستطيع المراقب تجاوز استراتيجية العسكر التي عملت عكس مصلحة مصر في ملف سد النهضة، بل نحت التقارير الفنية المتخصصة جانبا لصالح عنجهية العسكر، أو كما يقول الاعلامي جابر القرموطي: سنصخو على كارثة الجفاف وعندها سيتم إقالة وزير الري وتحميله مسؤولية تعطيش المصريين”!.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …