دراسة تلخص أسباب انهيار “الدواء المصري”
بعد أن نجحت مصر فى توفير ٨٥٪ من احتياجاتها الدوائية محليا، والتي كانت توفر منها ٥٪ فقط، جاء قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي ليواصل مسلسل انهيار صناعة الدواء، وهو المسلسل الذي بدأ منذ عهد السادات، بحيث عادت تلك الصناعة في عهده إلى حدود 5% مجددا، حيث أصبح اعتمادها شبه الكلي على الشركات الأجنبية.
وقالت خبيرة الأدوية ناهد يوسف، في دراسة نشرتها صحيفة “الشروق” الأربعاء، إن نهضة صناعة الدواء انطلقت على أيدى الدكتور النبوى المهندس الذى تولى وزارة الصحة بين عامى ٦١-١٩٦٨، إذ قادت مؤسسة الأدوية التى أنشئت في عهده عام ١٩٦٢ حملة توفير الدواء لـ٥٠٠ وحدة صحية منتشرة بالقرى، واستعانت فى ذلك بالمصانع الصغيرة التي كانت موجودة آنذاك، إلى جانب تأسيس شبكة من 8 مصانع جديدة، وكان الهدف زيادة إنتاج المستحضرات الدوائية من ٥٪ إلى ٨٥٪.
وكشفت الدراسة أن تلك المرحلة شهدت انتعاشا لصناعة الدواء، وأقيمت أكبر شركة لصناعة الدواء فى الشرق الأوسط «شركة النيل للأدوية»، التى بني مصنعها العملاق خلال عامين، وتولى الخبراء المصريون تصميم وتصنيع كافة المستحضرات الدوائية اللازمة لمختلف التخصصات ووفرت مؤسسة الأدوية الحماية اللازمة لتلك الصناعة فى مواجهة شركات الأدوية العملاقة التى عملت جاهدة لإفشالها، لأن مصر كانت تستورد منها معظم احتياجاتها من الأدوية والخامات.
وتابعت: “اهتمت مؤسسة الأدوية بصناعة الكيماويات الدوائية، وحين لم تنجح محاولات الحصول على حق المعرفة من المصانع الغربية، اتجهت مصر للتعاون مع روسيا واستطاعت إنشاء مصنع لإنتاج المضادات الحيوية والسلفا ومشتقاتها والإسبرين”.
وأوضحت أنه خلال أقل من عشر سنوات كانت تلك الجهود قد حققت الهدف المنشود. وأصبحت المصانع المصرية تغطى ٨٥٪ من الأدوية وبعض خاماتها. إذ صارت تنتج نحو خمسة آلاف صنف من الحقن والأقراص والسوائل والمراهم والمحاليل. وكان لكبار أساتذة الطب والصيدلة دورهم فى تصميم وتعديل الكثير من تركيبات المستحضرات بما يناسب أمراض المصريين وخصوصياتهم.
وقالت ناهد يوسف إنه بعدما أصبح فى مصر ١٢٠ مصنعا للدواء. تعرضت الصناعة لحملة تفكيك ممنهج منذ السبعينيات، إذ فى ظل سياسة الانفتاح والخضوع لتعليمات البنك الدولى تحول الاقتصاد المصرى بصورة تدريجية من الاستقلال إلى التبعية. وشنت شركات الأدوية العملاقة هجوما ضاريا ضد صناعة الدواء المصرية، حتى صارت نسبة المنتج المحلى من الداوء ٥٪ مرة أخرى، وأصبحت نسبة لا تقل عن ٤٠٪ من الأدوية تصنع فى المصانع المصرية لحساب الشركات الأجنبية والباقى يستورد من الخارج، وصارت تلك الشركات تحول أرباحها للخارج بالعملات الصعبة، دون أن تبنى مصنعا أو تعين عاملا، ودون أن تضيف مستحضرا محليا لعلاج أمراض كالسرطان بدلا من الاعتماد فى ذلك على الاستيراد.
وعلق الكاتب الصحفي فهمي هويدي خلال مقاله اليوم الخميس، على المعلومات التي ذكرتها ناهد يوسف، إن ما قالته لم يحرك شيئا فى دوائر المسؤولين والغيورين على هذا البلد، عند الحد الأدنى فإن أحدا لم يحاول التحقق من صحة تلك المعلومات، حتى أن الاهتمام بالموضوع لم يحظ بعشر معشار صدى هزيمة الفريق القومى لكرة القدم فى أية مباراة إفريقية أو عربية، رغم أن ما جرى فى موضوع الدواء يعد هزيمة منكرة.
وأكد أننا منينا بهزيمة ساحقة فى معركة تصنيع الدواء. لذلك فإن التدقيق فى المعلومات وتقصى حقائق تلك المرحلة يصبح من الأهمية بمكان؛ إذ الهزيمة هذه المرة لم تكن ثمرة مؤامرة دبرها الخصوم، لأنها كانت صناعة محلية تمت على أيدى «أهل الشر» فى الداخل، من المهملين والفاسدين والمستوردين الذين ارتكبوا جريمتهم ثم أفلتوا من الحساب والعقاب.
وشدد على أن ماحدث نكسة لها توابعها فى مجالات أخرى تشمل الزراعة والصناعة والتعليم والإعلام، موضحا أنها لم تكن الوحيدة فى مصر المعاصرة لنظام حكم السيسي لأننا لا نملك شجاعة نقد الذات ونستعذب تضخيمها والدفاع عن الوطن بحناجرنا وليس بسواعدنا.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …