‫الرئيسية‬ عرب وعالم “أم عبد الله السورية” تشرح لكم: هل وجدت فرقا بين “المعضمية” و”الجيزة”؟
عرب وعالم - ديسمبر 21, 2016

“أم عبد الله السورية” تشرح لكم: هل وجدت فرقا بين “المعضمية” و”الجيزة”؟

أم عبد الله.. مدرسة سورية، تقيم في مصر منذ نحو عامين، إذا رأيتها يصعب أن تفرقها عن المصريات، من ناحية المظهر، وطريقة الحديث، والتفاعل مع الناس في الشارع.. تضحك على نكتة ألقتها البائعة في السوق، وتلقي التحية على جارتها في السكن مطمئنة منهاعلى صحة ابنها الذي نقلوه إلى المستشفى ليلة أمس، وتقدم طبقا من الحلويات السورية الشهية إلى صاحبة المنزل الذي تقيم فيه، ردا على الطبق الذي سبق أن أرسلته لها منذ يومين مليئا بـ”الفول النابت” الذي يتميز به المصريون.

لم تجد “أم عبد الله” طوال تلك الفترة أي تصرف ضايقها من المصريين ؛ بل بالعكس لقيت ترحيبا شديدا منذ حضرت إلى مصر، وتمكنت من توثيق علاقتها بالمصريين بشكل تشير إلى أنه ليس نادرا، بل تكرر مع معظم السوريين المقيمين بمصر، مع شعورهم بأنهم لم ينتقلوا من بلادهم إلا إلى بلادهم، ولا تشعر “أم عبد الله” التي يعرفها جيدا أبناء المدينة التي تقيم فيها بمحافظة الجيزة (جنوبا) ويحتفظون برقم هاتفها على تليفوناتهم المحمولة، أنها انتقلت من “المعضمية” التي ولدت وعاشت فيها وتشعر أنها سوف تعود إليها عن قريب.

وتلفت المدرسة السورية إلى أنها لا تشعر بأي غربة ، وأن المصريين عاونوها في بناء أسرتها من جديد بعد أن دمرها التشتت ونهشتها الغربة ، وتدلل على ذلك بأنها حين جات إلى مصر لم تكن تملك أي شيء، مع أسرتها التي تتكون من زوجها و3 من الأبناء وابنة شقيقها، إلا أن أهل المدينة التي استقرت فيها عاونوها على تأثيث شقة مناسبة بكافة مرافقها، كما ساعدوها في تزويج ابنها من ابنة خاله، وتوفير عمل لزوجها وأبنائها، مؤكدة أنها تعتبر نفسها محظوظة بالاستقرار وسط المصريين الذين لا تعتبر أن هناك فرقا بينهم وبين السوريين من حيث الطباع والصفات ، وهو ما أدى إلى الاندماج الكامل للسوريين معهم دون أي حساسيات.

ولا يأتي كلام “أم عبد الله” من فراغ، ففي المدينة نفسها التي تقيم فيها تجد السوريين تغلغلوا في كافة المهن، فهذا الطبيب والمدرسة والسباك، والكوافيرة، وصانعة الطعام، وبائع الخضر، وسط ترحيب من المصريين.

تاريخ من العلاقات
“ميساء الشيخ حسين” إعلامية وباحثة اجتماعية سورية مقيمة في مصر، تحاول تفسير تلك الظاهرة، حيث تؤكد أن المصريين والسوريين يتشابهون في كثير من التقاليد الاجتماعية والمظاهر العامة؛ ما أدى إلى عدم شعور السوري بأنه غريب في مصر، موضحة أن السينما والمسرح والفن والأدب المصري كانت روافد مهمة لتعرف السوريين على الشعب المصري بشكل كامل ودقيق.

وأشارت لـ”الخليج أونلاين” إلى تقبل المجتمع المصري للسوريين القادمين من بلاد مشتعلة، وإيوائهم، وارتباطهم معهم بأواصر صداقة وجيرة، وتطور ذلك إلى علاقات اقتصادية وتزاوج كانت من أهم أسباب ذلك الاندماج الذي شعر به السوريون في مِصْر، وتلفت إلى أنه خلال السنوات الأربع الماضية تم التعامل مع السوريين في المجتمع المصري على عدة مستويات وبآليات مختلفة، تميزت بالترحيب غير المشروط، والتعاطف الكامل مع أزمتهم، لم يتمكن خطاب إعلامي، ظهر مؤخرا، في افتعال وقيعة بين المصريين والسوريين المقيمين بمصر، بالتزامن مع سلسلة إجراءات حكومية عاملت السوريين كلاجئين فحسب.

وضربت مثالا على ذلك بعدم الوضوح في القرارات الحكومية المتعلقة بإقامات السوريين وتسجيل أولادهم في المدارس ورسوم الجامعات وطريقة الحصول على تراخيص مزاولة المهن، مما أدى إلى نشوء حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي وشعور عام لدى السوريين بأنهم في مكان غير مرحب بهم فيه، رغم نجاحهم في تأسيس مشاريع صغيرة ومدرة للدخل تستخدم اليد العاملة المصرية في كثير من الأحيان.

وتشير “ميساء” إلى العلاقة التاريخية بين المصريين والسوريين، التي بدأت في عهد الفراعنة الذين استعانوا بخبراء آشوريين في تنظيم توزيع المياه عند فيضان النيل، ثم تنامي تلك العلاقة خلال فترة حكم الناصر صلاح الدين، وإبراهيم باشا،  وآخرها كانت الوحدة التي جمعت بين البلدين على يد جمال عبدالناصر، مشيرة إلى عدد من الشخصيات السورية التي أثرت في الحياة الثقافية المصرية، ومنها: نجيب الريحاني وأبوخليل القباني وفريد الأطرش وأسمهان.

السوريون في مصر.. أهل
“باسم الجنوبي” ناشط مصري، يعتبر أحد أبرز الأسماء العاملة على زيادة اندماج السوريين في المجتمع المصري، وتمكن من خلال مبادرته “سوريا الأهل” أن يوفر فرص عمل عديدة، وينظم العديد من المناشط الثقافية والاجتماعية المهمة في إطار دعم هذا الاندماج.

ويشير “باسم” إلى أنه لا يعتبر السوريين المقيمين بمصر لاجئين؛ بل إخوة في الوطن والدين واللغة والهوية والإنسانية، ومن ثم كل دعم يقدم لهم لا يعتبر تصدقا بل يعتبر واجبا لا بد من القيام به.. لافتا إلى أنه على الرغم من أن أعداد السوريين في مصر تجاوزت نصف مليون، إلا أنهم بعملهم وحبهم للاتقان وتمتعهم بعزة النفس لم يكونوا عبئا على المصريين، بل كانوا شركاء في كل ميادين العمل.. وهو ما يراه الشعب المصري كل يوم وفي كل مكان يوجد فيه السوريون.

ويبدي السوريون إعجابهم بذلك الترحيب المصري، لافتين إلى أنهم أينما اتجهوا يسمعون من المصريين عبارات من قبيل: “أحسن ناس، أجدع ناس”، وبات المصريون ينظرون للسوريين على أنهم شعب عامل قادر على الحياة فعلاً.

أمي بعد أمي
وفي تصريح صحفي روت “لينا”، وهي أم لثلاثة أطفال وزوجة شهيد، أنها قدمت إلى مصر في 2012 من الغوطة، ولم تكن تعرف أحدا، إلا أنها تعرفت في الإسكندرية على سيدة في الخمسينات نداتها قائلة: “لازمك حاجة يا بنتي”؟ حين لاحظت أنها غريبة عن المكان، ومنذ ذلك الحين، تشير لينا، وهي تعيش بأبنائها مع السيدة التي كانت تقيم بمفردها، والتي اعتبرهم أسرتها قائلة: “أدخل السنة الثالثة معها، كدت أنسى بلدي من فرط حنانها وحبها، فهي تحبني وتخاف عليّ كثيراً، وتعتني بأطفالي كأنها جدتهم، كما أمنت لي فرصة عمل أخرج كل يوم وأعود وأجدها قد اعتنت بالأطفال وأطعمتهم وإذا تأخرت تتصل بي لتطمئن عليّ”.

وفي تصريحات صحفية سابقة أشار رئيس الجالية السورية في مصر راسم الأتاسي، إلى أن عدد السوريين في مصر يتراوح ين 300 و350 ألفًا، بعدما وصل في منتصف عام 2013 إلى نحو 600 ألف.

كما يتركز السوريون في عدد من المناطق منها: مدينة 6 أكتوبر بالجيزة، و”عين شمس” و”جسر السويس” و”الحلمية” و”المطرية” بالقاهرة، ومحافظتي الإسكندرية والإسماعيلية، إضافة إلى منطقة “الرحاب” التي يعيش فيها التجار السوريون الأكثر قدرة مالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …