‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير بالأرقام.. إهدار تبرعات المصريين بـ”تحيا مصر”.. الشيراتون و العشوائيات مفاتيح الفساد
أخبار وتقارير - أبريل 19, 2016

بالأرقام.. إهدار تبرعات المصريين بـ”تحيا مصر”.. الشيراتون و العشوائيات مفاتيح الفساد

رغم وصلات الشحاتة التي يجيدها قائد الانقلاب العسكري السيسي لابتزاز المصريين بالتبرع لمصر ، سواء بالتصبيح على مصر لو بجنيه، أو تقديم فروض الولاء بالتبرع المليوني من رجال الاعمال، لتطوير العشوائيات ودعم البرامج الاجتماعية والتخفيف عن كاهل الدولة التي تواجه الأزمات الاقتصادية.

وبمتابعة نشاط صندوق تحيا مصر لا يمكن تجاهل الهدر المالي الكبير الانفاق ببذخ على التجهيزات ، ولزوم المظهرة …

وعلى الرغم من أن أموال الصندوق في حكم الأموال العامة التي تُنفق على مشروعات تنموية تقوم عليها شركات جديدة مملوكة ملكية تامة للصندوق أو يسهم في رأسمالها حسبما ورد في المادة التاسعة من القانون تنظيم عمل الصندوق.

إلا أن الواقع يؤكد أن إهدار المال العام في أموال التبرعات عبر مشروعات تطوير العشوائيات وعلى أعمال تجهيز مقر الصندوق الكائن بمساكن الشيراتون في حي مصر الجديدة بأحدث التصميمات والديكورات الفنية وأجهزة التكييف المستوردة للغرف الثمانية المخصصة للصندوق، وشراء أرقى أنواع الباركيه للأرضية، “وهو عبارة عن بلاط سيراميك يشبه سطحه الخارجي للخشب، ولكنه مصنوع من نفس مواد البلاط” والحوائط المعلقة للأسقف، وبتكلفة مالية باهظة تتراوح فيه قيمة المتر الواحد ما بين “170- 250” جنيهًا.

وتستغرق رحلة البحث عن مقر “صندوق تحيا مصر” عناء كبيرا أشبه بالدخول إلى مدينة الأشباح وسط صحراء مقفرة لا أحد يعلم مكانه من السكان أو يسمع عن وجوده من قبل في قلب مساكن الشيراتون على أطراف حي مصر الجديدة بالقرب من طريق مطار القاهرة الدولي، على مقربة من مول “صن ستي” الواقع بين طريق الأوتوستراد وبين المساكن.

وهو مبنى زجاجي فخم مكون من خمسة أدوار مطرزة بالكلادينج بالكامل من الخارج.

فيما يتشدد ضباط الأمن داخل المركز على عدم تصوير المقر من الخارج.

الدور الأرضي خاص بمركز المعلومات ودعم واتخاذ القرار وفي الثاني مقر الصندوق بأرضية وأسقف من السيراميك والباركيه الفاخر، وعلم مصر يعانق “لوجو” الصندوق وشعاره ورقم الحساب الخاص به للتبرع في البنوك (037037) مطبوعًا عليه ومعلقًا على مدخل سلم المركز الرئيسي المؤدي إلى مقر الصندوق، المزخرف بأحدث الديكورات والتجهيزات الفنية والتصاميم العصرية الأقرب إلى “تشطيبات” الفنادق الـ”7 stars” .

ميزانية تشطيب مقر صندوق التبرعات الذي يحمل اسم “تحيا مصر” تتخطى 5 ملايين جنيه، حسب أحد موظفي الحسابات والمالية بالصندوق، متحفظًا على ذكر اسمه، رغم أنه كان مجهزًا من قبل لموظفي المركز الذين تم توزيعهم على المقرين الآخرين التابعين لمجلس الوزراء بشارعي قصر العيني والهرم، ولكنه أعيد تجهيزه ليتناسب مع مكانة رئاسة الصندوق التابع بصفة مباشرة لرئاسة الجمهورية، فضلًا عن 4 سيارات ملاكي مخصصة للصندوق وقياداته، يتعدى ثمن السيارة الواحدة المائة ألف جنيه وأجهزة الحاسب الآلي الداخلية مع شراء أحدث أجهزة التكييف المستوردة، وكل ذلك من أموال التبرعات.

في الوقت الذي يقوم فيه الصندوق في الأساس على فكرة دعم الفقراء وتطوير العشوائيات والنهوض بالاقتصاد المصري المتعثر وتمويل المشروعات الاقتصادية ذات البعد الاجتماعي التي تحقق التنمية المستدامة، ولكن غياب الرقابة على أموال التبرعات بعد إدخال تعديلات تشريعية على القرار الجمهوري الخاص بإنشائه تقلص من رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات وتجعل دوره قاصرًا على إعداد مؤشرات عامة عن الأداء العام بناءً على قوائم مالية رُبع سنوية، في ظل إعفاء عوائد الصندوق والتسهيلات الائتمانية الممنوحة له من كافة الضرائب والرسوم وعدم سريان أحكام قوانين ضرائب الدخل والدمغة عليه بما يفتح المجال أمام شبهات استغلال النفوذ من قبل القائمين عليه وإهدار المال العام في تمويل المشروعات التي يشرف عليها الصندوق.

وأنشأ الصندوق ، خلال حضور السيسي مراسم تخريج دفعة من طلبة إحدى الكليات العسكرية، حيث طرح في خطاب بثه التليفزيون المصري، فكرة تبرع المصريين من أجل مواجهة الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد، ودعم قيم العدالة الاجتماعية، وتمويل المشروعات ذات الجدوى الاقتصادية، التي تحقق التنمية المستدامة.

وفي الأول من يوليو قبل الماضي أعلنت رئاسة الجمهورية عن تدشين صندوق يحمل اسم “تحيا مصر” تفعيلًا لمبادرة السيسي التي سبق أن أعلن عنها لدعم الاقتصاد المصري وتم إنشاء حساب بالبنك المركزي يحمل رقم (037037) ويكون للصندوق حساب خاص برقم موحد في جميع البنوك المصرية تودع فيه كافة موارده وتؤول إليه كافة الأموال النقدية والمنقولة والثابتة الخاصة بحساب (30-6-30-6) لتلقي مساهمات وتبرعات المصريين في الداخل والخارج بجميع البنوك المصرية لحساب الصندوق الذي يخضع لإشراف رئيس الجمهورية حسبما جاء في المادة الثانية المنشورة في الجريدة الرسمية من القرار الجمهوري الصادر بقانون رقم 84 لسنة 2015.

إهدار 500 مليون جنيه في تطوير العشوائيات

عزبة العسال الواقعة على مساحة 40 فدانًا بالقرب من شارع أحمد بدوي في حي شبرا بمحافظة القاهرة…هي إحدى المناطق العشوائية التي تم تطويرها من ميزانية الصندوق ، وهناك لا صوت يعلو فوق صوت الإهمال، شوارع ضيقة مليئة بالمطبات ومسكونة بالقمامة متناثرة في كل مكان وعلى مداخل السلالم الضيقة المساحة التي لا تسمح بمرور أكثر من شخص، ودورات المياه الواقعة في مواجهة الصالة الرئيسية الصغيرة حينا وفي كثير من الأحيان يوجد “الحمام تحت بير السلم” والمطبخ لا يتسع لوقوف شخص واحد فقط مثل غرفة الحبس الانفرادي في السجون، والغرفتان الداخليتان تم تقليص مساحتهما إلى النصف “مترين في متر” ولا تضم أكثر من سرير واحد فحسب، وأسقف خشبية بارزة منها “عروق” بالية أكلها التشقق وسكنها السواد والصدأ وأرضية من البلاط المشقق الذي تتسرب منه المياه إلى الجيران في الدور الأرضي.

الحياة هناك لا تختلف عنها داخل العشش، وهي أقرب ما تكون إلى حياة اللاجئين داخل المخيمات لما يزيد على 400 وحدة سكنية تم تجديد أكثر من 100 وحدة سكنية والبعض الآخر تم هدمه وإعادة بنائه مرة أخرى.

عدد كبير من الأهالي داخل عزبتي جرجس والعسال وحارة عبد الدايم يطالبون الحكومة بإعادة بناء منازلهم التي تم إسناد أعمال تطويرها إلى شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار “سوريل”، إحدى شركات مجموعة “سوديك” العقارية التي يمتلك 40% من أسهمها مستثمرون سعوديون والباقي أسهم في البورصة ويرؤس مجلس إدارتها الدكتور هاني سري الدين، وبدعم وتمويل من صندوق “تحيا مصر” لتطوير العشوائيات بعد دخول شركة “المقاولين العرب” في أعمال المقاولات، والتي تقوم بهدم المساكن القديمة الآيلة للسقوط، لإعادة بنائها بالخرسانة المسلحة.

جاء ذلك بعد فشل الشركة السابقة في أعمال التطوير في ظل حالة التقلص الشديدة الواقعة في مساحتها وسوء التشطيبات النهائية والتصميمات الداخلية الذي وقعت فيه شركة “سوديك” العقارية، التي نفذت المرحلة الأولى من مشروع تطوير العزبة، بناءً على بروتوكول تعاون موقع مع محافظة القاهرة في مايو 2012 والمرحلة الثانية من تنفيذ “المقاولين العرب”.

الحرامية الممول الرئيسي للصندوق

فرض صندوق “تحيا مصر” نوعًا من السرية شبه التامة على حساباته لعدم كشف إجمالي ما توصل إليه الصندوق من تبرعات، البعض منها تم كشفه على الملأ في حين لم يتم الكشف عن باقي المبالغ المالية الباهظة التي تبرعت بها جهات عربية ورجال أعمال خليجيين للصندوق، وأبرزهم “رجال أعمال سعوديون يحبون مصر” الذين أعلنوا عبر مبادرتهم أن إجمالي ما تم جمعه يتخطى الـ500 مليون جنيه.

بينما بلغت مساهمات البنوك العربية والأجنبية العاملة في السوق المصرية نحو 300 مليون جنيه وأبرزها بنوك “قطر الوطني والإمارات دبي الوطني وإتش إس بي سي الإنجليزي”، بالإضافة إلى مساهمات بنوك القطاع العام، “مصر، القاهرة، البنك الأهلي” وتبرعات عدد من رجال الأعمال المصريين وعلى رأسهم صاحب مؤسسة “النساجون الشرقيون” محمد فريد خميس، الذي تبرع بنصف دخله السنوي لصالح”صندوق تحيا مصر” على مدار 4 سنوات قابلة للتجديد.

كما أسهمت مؤسسة “ايه إف جي هيرميس” للتنمية الاجتماعية التي خصصت 50 مليونًا لتنمية القرى الفقيرة بمحافظات الصعيد، وكذلك شركة المجموعة المالية “هيرمس” التي تبرعت بـ 20 مليون جنيه للصندوق فضلًا عن تغير المساهمات والتبرعات من يوم لآخر.

ومن بين تلك الأموال 3 مليارات من شركات أوراسكوم وعائلة ساويرس لتسوية نزاعاتها مع الضرائب، بالإضافة إلى 1.2 مليار جنيه هي “نصف أسهمه في عامر جروب” من رجل الأعمال المهندس محمد الأمين، رئيس غرفة صناعة الإعلام، رئيس شركة المستقبل المالكة لقنوات “سي بي سي”.

كما تبرع رجل الأعمال صلاح دياب، مؤسس جريدة المصري اليوم بـ6.5 مليون دولار، وتبرع أحمد بهجت، صاحب قنوات دريم بـ 30% من الأسهم المملوكة له بشركاته، وكذلك نجل اللواء طيار رفعت الجميل رجل الأعمال المصري أيمن الجميل “الراشي” في قضية فساد وزارة الزراعة، الذي أعلن عن تبرعه بـ150 مليون جنيه من أجل مصر.

معظم هذه الأسماء عليها قضايا ومخالفات مالية تتخطى المليارات تحاول من خلال تبرعها لصندوق “تحيا مصر” إسكات الجهات الرقابية والمحاسبية عنها، وجاء ذلك بعد لقائـهم بعبد الفتاح السيسي خلال الإفطار السنوي الذي أقامه في شهر رمضان قبل الماضي حين طالبهم بالتبرع بنحو 100 مليار جنيه لدعم الاقتصاد المصري المتردي.

حيث يلجأ رجل الأعمال مضطرًا إلى أن يتبرع للصندوق بجزء من ماله لحل مشكلاته الاقتصادية وأزماته المالية المتعثرة مع البنوك من ناحية وليبدو في صورة الداعم القوي للنظام السياسي الحاكم من ناحية أخرى، رغم أن تلك الأموال يتم تقنينها بالخارج كـنسبة 1% من الأرباح السنوية التي يدفعها رجال الأعمال ضمن المسئولية الاجتماعية للشركات، حيث يلزمهم القانون بالإنفاق على الخدمات الاجتماعية، والشركات يكون لها مطلق الحرية في إنفاق تلك النسبة على تمويل الأبحاث العلمية ومنح الدراسات العليا أو الإنفاق على المستشفيات والمدارس والجامعات والمعاهد التعليمية أو المساهمة في تنمية المجتمع المحلي كما يحدث في جنوب إفريقيا، ولكن تلك المسئولية اختيارية في مصر والبديل المتاح هو جمع تلك التبرعات عبر صندوق “تحيا مصر”.

الرقابة ممنوعة

مع مرور الأيام على إنشاء الصندوق غابت الشفافية عن القائمين على إدارته في الكشف عن أرصدة الصندوق ولم يُعلن البنك المركزي المصري أو أحد المكاتب المسجلة لديه عن قوائم المتبرعين الشهيرة أو حجم تبرعاتهم رُبع السنوية وفقًا لمعايير المحاسبة المصرية، ولم تُفصح أي جهة رقابية حتى الآن عن قيامها بمراجعة ومراقبة حساباته، حسبما كانت تنص المادة الثامنة من قرار رئيس الجمهورية السابق بالقانون رقم 139 لسنة 2014 والتي تنص على أن أموال الصندوق تعد أموالًا عامة في تطبيق أحكام قانون العقوبات، ويتولى الجهاز المركزي للمحاسبات أعمال الرقابة ومراجعة الحسابات، ويُعد تقريرًا بذلك كل أربعة أشهر يُعرض على رئيس الجمهورية قبل أن يتم تعديلها دون إشارة لذلك عبر موقع الصندوق الإلكتروني أو صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسـبوك”.

وفي أقل من 8 شهور أصدر السيسي القرار رقم 84 لسنة 2015 الخاص بتنظيم عمل الصندوق، وإلغاء صندوق “دعم مصر” الذي أطلقه رئيس الوزراء السابق المهندس إبراهيم محلب، وأعلن رئيس الصندوق فاروق العقدة عن ميزانية الصندوق التي بلغت 827 مليون جنيه وتم التبرع بها من الجيش ورجال الأعمال والمواطنين، وتمت إضافتها إلى صندوق “تحيا مصر”.

المركزي للمحاسبات ممنوع من المراقبة على أموال الصندوق

وحول الرقابة على أموال التبرعات الخاصة بصندوق “تحيا مصر” ذكر مسئول بارز في الجهاز المركزي للمحاسبات، متحفظًا على ذكر اسمه، أنه حتى الآن لم يُسمح لهم بالرقابة على أنشطته أو تقييم الأداء العام له خلال الشهور الثمانية الماضية في ظل حالة عدم التعاون من قبل القائمين على إدارة الصندوق، مضيفًا أنه تم إدخال تعديلات على قانون إنشاء الصندوق للهروب من نطاق المراقبة التي من المفترض أن يقوم بها الجهاز الأبرز في القيام بأعمال الرقابة في مصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …