هل تتحقق نبوءة “ترامب” السيئة لأمريكا ؟
هل تتحقق نبوءة الملياردير “دونالد ترامب” الذي يتقدم السباق للفوز بترشيح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية، والتي قال فيها: إن الولايات المتحدة تتجه نحو ركود شديد، وأن نسبة البطالة المرتفعة، وارتفاع سعر الأسهم في البورصة الأمريكية، مقارنة بقيمتها الحقيقية، ينذران بتدهور اقتصادي جديد للولايات المتحدة؟.
قبل أيام، أطلق دونالد ترامب نبوءة أقل ما يقال عنها إنها «سوداوية» للاقتصاد الأمريكي، قال فيها، من جملة ما قاله: إن الولايات المتحدة تتجه نحو «ركود شديد». وحذر رجل الأعمال والملياردير والسياسي، في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»، من أن نسبة البطالة المرتفعة وارتفاع سعر الأسهم في البورصة مقارنة بقيمتها الحقيقية ينذران بتدهور اقتصادي جديد.
وأوضح “ترامب” أن معدل البطالة الحقيقي أعلى كثيرا من نسبة الـ5% التي أعلنها مكتب إحصاءات العمل الأمريكي. وقال أيضا: «نسبة البطالة ليست 5%، والرقم قد يكون في خانة العشرينات إذا نظرنا للرقم الحقيقي». وتابع أن بيانات البطالة «تصمم إحصائيا كي يظهر الساسة ولا سيما الرؤساء.. بشكل جيد».
كما أشار إلى أن الفترة الحالية غير مناسبة للاستثمار بالبورصة، طارحا رؤية أكثر قتامة للاقتصاد الأمريكي مما يراه معظم الاقتصاديين.
وفي واحد من «التصريحات العنترية»، تعهد ترامب بأن يتخلص من الدين المحلي الأمريكي الذي يتجاوز حاليا 19 تريليون دولار على مدى 8 أعوام فقط من توليه سدة الرئاسة، وذلك من خلال إعادة التفاوض على اتفاقات التجارة، حيث قال: «سأعيد التفاوض على جميع اتفاقاتنا.. الاتفاقات التجارية الضخمة التي أعتقد أنها لا تفيدنا».
لعبة التصريحات والانتخابات
لا شك أن تصريحات ترامب تدخل في قلب لعبة الانتخابات الأمريكية، التي يطلق فيها مرشحو الرئاسة العنان لمخيلاتهم في تصريحات «ما أنزل الله بها من سلطان»؛ لإقناع الناخبين الأمريكيين بحشد الأصوات لهم.
ففي كل مرة، يصور مرشحو الرئاسة الأمريكية أنفسهم منقذين حقيقيين للولايات المتحدة، غير أن من يفوز بالرئاسة منهم، ويتربع في البيت الأبيض سرعان ما يغادره بعد 4 أو 8 سنوات دون أية إنجازات اقتصادية تذكر. فديون أمريكا تزداد يوما بعد يوم، ولم يستطع أي من رؤساء الولايات المتحدة، لجمها أو الحد منها على مدى عشرات السنين الماضية، وهم جميعا يضطرون في النهاية إلى عملية التسيير الكمي، وهي سياسة نقدية غير تقليدية تستخدمها البنوك المركزية لتنشيط الاقتصاد القومي عندما تصبح السياسة النقدية التقليدية غير فعالة، حيث يشتري البنك المركزي الأصول المالية لزيادة كمية الأموال المحددة مقدما في الاقتصاد، وتتميز هذه عن السياسة المعتادة أكثر لشراء أو بيع الأصول المالية بالحفاظ على معدلات الفائدة في السوق عند قيمة الهدف المحدد.
المؤشرات لا تقول ذلك
غير أن مؤشرات الاقتصاد الأمريكي ليست بدرجة السوء والمأساوية التي تحدث بها ترامب. فقد حقق الاقتصاد الأمريكي نموا بنسبة 1.4 في المائة في الربع الرابع من العام 2015، بحسب بيانات رسمية.
وأعلنت وزارة التجارة الأمريكية أن إجمالي الناتج القومي في الربع الرابع من العام الماضي 2015 فاق التوقعات التي قُدرت من قبل بـ 0.7 في المائة. وبشكل عام، يقدر النمو الذي حققه الاقتصاد الأمريكي خلال عام 2015 بحوالي 2.4 في المائة.
وأحد أهم الأسباب التي حققت النمو هو زيادة إنفاق المستهلك بما يفوق التقديرات التي وضعها المسؤولون، وذلك بسبب تحسن سوق العمالة.
2.8 نسبة النمو المتوقعة
وعموما يتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاع نمو الاقتصاد الأمريكي إلى 2.6 % من 2.5 % خلال العام الجاري، وبنسبة 2.8% خلال عام 2016، بعد أن تراجعت من التوقعات السابقة بنسبة 3%. ويزداد التفاؤل في الأسواق المالية الأمريكية بأن الاقتصاد الأمريكي قادر على تخطي الأزمات الحالية الناتجة من تباطؤ معدلات النمو العالمي، وهو الأمر الذي اتضح من استمرار الشركات الأمريكية في توفير الوظائف ما يعكس الثقة الحالية في الاقتصاد الأمريكي.
215 ألف وظيفة جديدة
وخلافا لتوقعات دونالد ترامب بخصوص البطالة والوظائف، فقد أعلن مكتب إحصاءات العمل الأمريكي الأسبوع الماضي، نمو عدد العاملين في الولايات المتحدة خلال آذار/مارس الماضي بمقدار 215 ألف عامل، في الوقت الذي سجل فيه معدل البطالة ارتفاعا طفيفا إلى 5% مقابل 9ر4 % في شباط/ فبراير الماضي، والذي كان أقل مستوى للبطالة منذ شباط/فبراير 2009 .
أين يتجه الاقتصاد الأمريكي في 2016؟
جاء في تقرير لبنك قطر الوطني صدر قبل أيام، أن الاقتصاد الأمريكي شهد نموا قويا في الربعين الثاني والثالث من عام 2015، حيث نما بنسبة 3.9 % و2.0 % على التوالي، ولكن تعثر الأداء في الربع الأخير الذي شهد نموا بنسبة 0.7% فقط.
وحسب التقرير، فقد كان السبب الرئيسي لهذا التراجع هو عمليات تصفية الاستثمار في قطاع الطاقة والاسهام السلبي لصافي الصادرات. ومن المتوقع أن يستمر التأثير السلبي لهذين العاملين على الاقتصاد خلال عام 2016، ولكن من المتوقع أن يقود الارتفاع القوي للاستهلاك إلى رفع النمو في الولايات المتحدة إلى نحو 2 %، وهو ما يعدّ أعلى قليلا من المعدل الطبيعي للنمو.
إذن، ما هي التوقعات بالنسبة لكل من هذه المكونات في عام 2016؟ يجيب البنك، «نتوقع أن يستمر الاستهلاك الخاص في النمو في عام 2016 بنحو 3.3 %. ويعد الاستهلاك أكبر مكون في الناتج المحلي الإجمالي بفارق كبير، حيث يمثل ما يقرب من 70 %. ويشهد الاستهلاك في الولايات المتحدة حاليا مجموعة من الظروف المواتية. فقد انتعش نمو الأجور في الأشهر الأخيرة ليصل إلى 2.5 % في ديسمبر. وزادت الوظائف بمعدل أكثر من 220 ألف في الشهر في عام 2015، ما أدى إلى انخفاض معدل البطالة إلى 5.0%. وأدى الانتعاش القوي في سوق العمل وانخفاض معدل البطالة إلى استفادة عدد أكبر من الناس من ارتفاع الأجور.
وعلاوة على ذلك، فقد تعززت القوة الشرائية للمستهلكين بانخفاض أسعار النفط، وهو ما حرر بعض الدخل لصالح الاستهلاك. ويمكن للمرء أن يجادل بأن الانخفاض الأخير في أسعار الأسهم الأمريكية (7.5 % حتى الآن هذا العام) قد يقلل من ثروة المستهلكين، وبالتالي يقلل من إنفاقهم. ولكن من المرجح أن يكون أي أثر من هذا القبيل صغيرا، وأن يقابله ارتفاع في أسعار المنازل. وفعليا، تظهر الاستطلاعات ارتفاع وتصاعد ثقة المستهلكين دون أن تتأثر بالانخفاض الأخير في أسعار الأسهم.
صورة غير وردية
في المقابل، لا تبدو الصورة وردية بالنسبة للاستثمارات. فتراجع أسعار النفط يدفع شركات الطاقة في الولايات المتحدة إلى تقليص نفقاتها الاستثمارية. علاوة على ذلك، ظل حجم المخزونات يرتفع بوتيرة سريعة وغير قابلة للاستمرار، وهو ما يحتمل أن يكون مثبطا للنمو في عام 2016.
من ناحية أخرى، يتوقع أن يكون للإنفاق الحكومي تأثير محدود على معدل النمو. وأخيرا، فإن البنك يتوقع أن يستمر صافي الصادرات في تشكيل عبء على الاقتصاد الأمريكي. فقد أدى ارتفاع قيمة الدولار بالفعل إلى زيادة مؤشر سعر الصرف الفعلي الحقيقي‒ وهو أداة تستخدم لقياس تراجع القدرة التنافسية لأسعار الصادرات ‒ بنسبة 15.6 % منذ بداية عام 2014.
من المرجح أن يستمر الدولار الأمريكي في الارتفاع في المستقبل، حيث يُتوقع أن يستمر بنك الاحتياطي الفيدرالي في تنفيذ سياسة التشديد النقدي، في الوقت الذي ستقوم فيه أغلب البنوك المركزية الأخرى، خاصة في منطقة اليورو واليابان، بتيسير سياساتها النقدية أكثر. ونتيجة لذلك، فإننا نتوقع أن يطرح صافي الصادرات حوالي 0.4 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يتماشى مع ما حدث في الربع الرابع من عام 2015.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …