إخلاء سبيل قيادات بـ”التحالف”.. خطوة للمصالحة أم فخ للتشويه؟
اعتاد أنصار الشرعية في مصر تسمية من يخلى سبيلهم من النيابة، ويخرجون لينعموا بنور الحرية بأنهم “على الإسفلت”، غير أن الإفراجات أو “الانفراجات”- كما يحلو للإسلاميين من أنصار الشرعية تسميتها– التي اعتمدها الانقلاب ما تزال ضيقة، وتأتي في وقت تثور فيه قضية أن هناك من تخلى عن الثورة ويستعد للمصالحة، وأن أحد الشروط إخلاء سبيل المعتقلين، كذلك تأتي الإفراجات في وقت يروج فيه بعض المقربين من النظام وجود مصالحة، تحديدا بين النظام والإخوان، كتلك التي طرحها سعد الدين إبراهيم وغيره.
قيادات “التحالف”
ولعل آخر ما في ملف الإفراجات قرار إخلاء سبيل قيادات “تحالف دعم الشرعية”، مع أنباء من المحامين تفيد بأن نيابة أمن الدولة لم تستأنف على قرار إخلاء السبيل في قضيتهم، وهو ما يعتبره البعض مقصودا من النظام، وليس نتيجة جنوح قضائي ردا على إقالة المستشار أحمد الزند.
كما أن القيادات المفرج عنها، والتي وصلت “الإسفلت” تشمل “الداعية الإسلامي الشيخ فوزي السعيد، ورئيس حزب “الاستقلال” مجدي حسين، ورئيس حزب البناء والتنمية السابق نصر عبد السلام، والقيادي بحزب العمل مجدي قرقر، والقيادي بحركة الجهاد محمد أبو سمرة، وأحمد عبد العزيز، وخالد غريب، وأحمد مولانا، ومحمد حسان، وسعد حجاج، ومحمد رمضان، ومحمد محسن”، وهم الذين اعتقلوا في يوليو 2014.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أخلت السلطات سراح محمد الظواهري، شقيق القيادي بتنظيم القاعدة أيمن الظواهري، وفي العام الماضي أطلقت السلطات المهندس أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط، ومن قبله النائب ببرلمان الثورة محمد العمدة، ومن قبلهما الدكتور ياسر علي، والدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء الأسبق.
غير أن هذه الإفراجات شملت قيادات من الإخوان، ومنهم الدكتور حلمي الجزار، ولكنها ارتدت إلى اعتقالات بعد القبض على الدكتور المهندس محمد علي بشر، وزير التنمية المحلية في حكومة (مرسي- قنديل)، فضلا عن إعادة اعتقال وضبط وإحضار القيادات الوسيطة، أو ما يطلق عليه الصف الثالث، الذين أخلى سبيلهم بأحكام براءات أو بانقضاء المدة.
التوقعات المرئية
وقبل أيام قلائل، طالعتنا المصادر الصحفية على تنوعها وتضاد أيديولوجيتها وانحيازها للنظام ومعاداتها له، بعناوين يحمل فيها عالم الاجتماع السياسي سعد الدين إبراهيم نبأ “مصالحة بين الحكومة والإخوان “خلال شهور”، وجاء تصريحه الأول في حواره مع “الجزيرة مباشر” من إسطانبول، وهو يزور تركيا للاطمئنان على صحة أيمن نور، الذي يتعافى من إثر عملية جراحية، معلنا أنه التقى بعض قيادات الإخوان من “العجائز والشباب” كل على حدة- على حد تعبيره – وتم فتح ملف المصالحة.
وقال إبراهيم: “مبادرتي للمصالحة هدفها السلام والاستقرار الداخلي ووقف نزيف الدماء الذي يجري في كل شبر بمصر، الذي ينتج أضرارا اقتصادية وهروب المستثمرين الأجانب في ظل عدم الاستقرار”، معتبرا في تصريحات صحفية لاحقة أن المؤتمر الذي عقده وزير الداخلية مجدي عبد الغفار، يشتت جهود المصالحة، داعيا إلى سحب اتهامات عبد الغفار للإخوان بالمسؤولية عن دماء هشام بركات.
ولقربه من الأمريكان، يعتقد بعض المراقبين احتمالية أن تكون مبادرته وحديثه بثقة عن “المصالحة” يدفعه توجه أمريكي لجس النبض، بعد انقضاء عامين ونصف من انقلاب هم أول داعميه، وإما لأخذ شوط إعلامي في هذا الجانب، يهدف لقياس ردود الفعل المجتمعي حول المصالحة.
غير أن “ناشطا ليبراليا” من عينة ممدوح حمزة، بدأ في تغيير موقفه من جماعة الإخوان “الإرهابية”، ودعا إلى تبادل وتوافق في النظام الحالي، بما يضمن مصالحة بين فئات المجتمع، ومنهم الإخوان المسلمون.
إفراجات طبيعية
يتوقع بعض المحللين أن تكون “حملة” الإفراجات، التي تقوم بها الأجهزة الأمنية طبيعية، وتخدم على مصالح النظام في ادعاء استقراره وتحجيمه للمظاهرات المناهضة له ولحكمه، حيث قالت المحامية بثينة القماش، إنه “من المنتظر خلال الفترة القليلة القادمة سيتم الإفراج عن بعض قيادات الإخوان المسلمين، لكن ليس بغرض التهدئة من جانب النظام بل لممارسة نوع من الفتنة بين أبناء الشعب”.
وأضافت أن “الفتنة باتت الورقة القذرة التي يلعب بها أي نظام”، مشيرة إلى أن “السلطة الحالية أبعد ما تكون عن الالتزام بالقانون”.
وقال أحمد رامي، القيادي في جماعة “الإخوان المسلمين”: إن الإفراجات “تهدف إلى الترويج لوجود صفقة أو مصالحة مع النظام”.
وأضاف رامي- في تصريحات تعليقًا على أحكام اليوم- أنها “لا تعدو كونها نوعًا من التجمّل لا يغير من حقيقة الشرعية المفتقدة للسيسي، والتي لن يحصل عليها بأي إجراءات جزئية، بل لن يحصل عليها لا هو ولا غيره، إلا بشرط أن تمنح من الشعب صاحب السلطة الأعلى من الجميع”.
محاولة للتشويه
صدى المصالحة في جانب تحالف دعم الشرعية وفي الداخل الإخواني مدخل للاتهام بالخيانة لدماء الشهداء وتضحيات الآلاف، وعليه أصدر الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمود حسين بيانا، نفى فيه لقاء أي من قيادات الجماعة مع أي مسؤولين عرب– سعوديين بوجه خاص- من أجل الترتيب لمصالحة بين الجماعة والنظام في مصر، قال عنها النظام إن السيسي يؤيد المصالحة.
وقال حسين، في بيانه في تعليقه على المبادرات ولقاء مسؤولين سعوديين لبحث المصالحة: إنها حديث وسائل الإعلام، واعتبرها “لقاءات وهمية ومبادرات لا أصل لها ، في محاولة لإلهاء الشعب المصري عن الواقع المعيشي المتردي الذي أحدثته سياسات سلطة “الانقلاب”.
وأوضح أمين عام الجماعة أنه “لم تحدث أية لقاءات مع مسؤولين سعوديين ولا غيرهم، ولم يطرح علينا أو نطلب أي مبادرات من أحد، ونؤكد أن ترويج مثل هذه الأخبار هي محاولة فاشلة لتشويه رموز جماعة الإخوان بإشاعة عدول الجماعة عن مواصلة المسار الثوري السلمي، وتخليها عن التمسك بالشرعية، واستعادة حقوق الشهداء، فثورة الشعب المصري مستمرة بإذن الله حتى تتحقق كل أهدافها”.
اقرأ ايضا:
– سعد الدين إبراهيم: مصالحة بين الحكومة والإخوان “خلال شهور”.. وأبوالفتوح أو نور بدائل مناسبة للسيسي
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …