‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير فيتو موسكو يمنع محاكمة جنرالاتها عن جرائم حرب سوريا أمام “الجنائية الدولية”
أخبار وتقارير - فبراير 17, 2016

فيتو موسكو يمنع محاكمة جنرالاتها عن جرائم حرب سوريا أمام “الجنائية الدولية”

قتلت القوات الروسية في الشيشان في الفترة بين عام 1994 إلى 1996، ما بين 80 إلى 100 ألف، بحسب تقديرات غربية، ثم قتلت قرابة 40 ألف أخرين في الفترة بين 1999 و2002 معظمهم في قذف قنابل وهجمات مدفعية بلا تمييز، بخلاف اختفاء وإعدام بلا محاكمة لـ 2000 منهم، ومع هذا لم تُحاكم على جرائم الحرب هناك.

 وقد برر البعض عدم تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في هذه الجرائم، بدعوي أنها لم تنشأ سوي عام 2002، مع أنه يجوز لها محاكمة مجرمي الحرب – مثل بوتين – عن جرائم سابقة لإنشائها.

ولكن الغريب أن نفس المحكمة أعلنت في اكتوبر 2015، فتح تحقيق في جرائم حرب محتملة ارتكبت في حرب عام 2008 بين روسيا وجورجيا، وأن المدعية “فاتو بنسودا” خلصت إلى وجود “أساس معقول للاعتقاد” بأن جرائم ارتكبت خلال الحرب القصيرة التي نشبت بسبب اقليم اوسيتيا الجنوبية الانفصالي في جورجيا، ما سيضع روسيا -وهي دولة غير عضو في المحكمة -لأول مرة أمام محكمة جرائم الحرب الدائمة التي تدعمها أوروبا.

وجاءت الجرائم الروسية في سوريا لتفتح المجال مرة أخري حول سؤال: من يحقق في جرائم روسيا ضد مسلمي سوريا أم أن التحقيق يجري فقط لو كان لصالح غير المسلمين مثل أهالي جورجيا؟ خصوصا أن ذات المحكمة لم تحقق في جرائم الصهاينة ضد غزة ولا جرائم أمريكا في العراق وافغانستان.

فقد أعاد استهداف الغارات الروسية للمدنيين في سوريا الأذهان الى سياسة “تهجير المدنيين” التي طبقتها روسيا سابقاً في الشيشان، إذ هجّرت المدنيين عبر إرهابهم من خلال استهداف مناطقهم لفشلها في القضاء على المقاتلين الشيشان براً.

لماذا يقصف الروس المستشفيات والمدارس؟

وفقاً للشبكة السورية لحقوق الإنسان، تعرضت 163 منشأة على غرار المدارس والمستشفيات والمساجد للقصف من قبل المقاتلات الروسية في الفترة الممتدة من 30 سبتمبر 2015 وحتى اليوم، إضافة إلى مقتل 1815 مدنياً في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.

ويقول “أحمد رمضان” القيادي في المعارضة السورية أن حصيلة ضحايا القصف الروسي منذ 30 سبتمبر الماضي بلغت 27 مدرسة و29 مستشفى 8 منها دُمرت بالكامل، وقتل فيها مئات المرضي والاطباء والتلاميذ، وأنه خلال ٧٢ ساعة فقط من 2 إلى 4 فبراير الجاري بلغ ٢٦٠ مدنيا، منهم ٤٤ طفلا و٣٤ سيدة، وفي حلب وحدها ١٣٦ شهيدا (٥٢%).

وتقدر تقارير صحفية وحقوقية، أن روسيا قصفت 22 مستشفى و27 مدرسة في مناطق واقعة تحت سيطرة المعارضة ضمن محافظات حلب وإدلب واللاذقية ودرعا السورية، منذ بدء غاراتها المستمرة منذ أكثر من 4 أشهر.

واستهدفت الغارات الروسية التي بدأت في 30 سبتمبر الماضي في سوريا بذريعة “مكافحة داعش”، المعارضة المعتدلة أكثر منها عناصر التنظيم، إضافة إلى المدنيين القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعات المعارضة، فيما بقيت محدودة على أهداف تابعة لـ “داعش”، حيث تكثف القصف الروسي على مناطق المعارضة في إدلب وحماة وحلب والعاصمة دمشق ودرعا، ومحيطها، دون أن تستثني مدارس ومساجد ومستشفيات وأفراناً.

وبلغ عدد المدارس التي قصفتها المقاتلات الروسية منذ بدء عملياتها الجوية في سوريا، قبل نحو 4 أشهر، 27 مدرسة 16 منها في حلب، و6 في إدلب و3 في دمشق، وواحدة في كل من الرقة ودير الزور، وفقاً لإحصاءات الحكومة السورية المؤقتة، وكان آخرَ المدارس المستهدفة، مدرستان في مدينة إعزاز تابعتان لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ما أدى الى مقتل 6 أطفال.

ومع أن الناطق باسم الأمانة العامة للأمم المتحدة “ستيفان دوجاريك”، قال في 11 يناير الماضي، إن استهداف المدارس والمؤسسات الصحية في الآونة الأخيرة بات أمراً يبعث على القلق، وأن الاعتداءات تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي، فلم يتحرك أحد دوليا لمحاكمة بوتين وجنرالاته.

وتسعى روسيا التي تنتهج سياسة تحويل كامل سوريا إلى ساحة حرب، لوقف الدعم الذي توفره المدن السورية المدنية لقوات المعارضة من خلال الدعم الجوي الذي تقدمه لقوات الأسد التي تتحرك براً، حيث تهدف من وراء ذلك إلى تشكيل ضغط جسدي ونفسي على السكان المحليين من أجل وقف دعمهم للمقاتلين، وتعمل علي تهجيرهم.

تركيا: جرائم حرب

وقد وصفت الخارجية التركية، الضربات الجوية الروسية في سوريا، بأنها “جرائم حرب صريحة تنتهك القانون الدولي”، وأشارت في بيان الاثنين 16 فبراير.

وأضاف البيان “هي بمثابة جرائم حرب تتنافى مع الضمير الإنساني، كما تتنافى مع القانون الدولي، وبارتكاب روسيا لهذه الجرائم، تزيد من عمق الحرب في سوريا، وتزيد حدة التصعيد في المنطقة”.

فرنسا وبريطانيا: جرائم حرب

أيضا وصفت كل من فرنسا وبريطانيا الضربات الجوية الروسية في سوريا بأنها “جرائم حرب صريحة تنتهك القانون الدولي”.

وانتقدت بريطانيا وفرنسا دور روسيا في الحرب السورية وقالتا إنه ينبغي على موسكو وقف الصراع بدلا من تأجيجه، وذلك بعدما قتل العشرات من المدنيين في ضربات بصواريخ.

وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في بيان: “الغارات الجوية المزمعة على مستشفيات في شمال سوريا في الأيام الأخيرة قد ترقى إلى جرائم حرب وينبغي التحقيق فيها”.

وأضاف البيان: “أفزعني استمرار نظام الأسد ومن يدعمه في قصف المدنيين الأبرياء رغم الاتفاق الخميس الماضي على وقف الأعمال العدائية.. ينبغي على روسيا أن توضح (موقفها) نفسها وتظهر بتصرفاتها أنها ملتزمة بإنهاء الصراع وليس تأجيجه”.

ووصف وزير الخارجية الفرنسي الجديد جان مارك إيرو، الحكومة السورية وداعميها، بارتكاب جرائم حرب، وقال لنواب البرلمان الفرنسي أن الأمر العاجل هو حماية المدنيين.

وقال: “ينبغي وقف كل القصف، غير مقبول استهداف المستشفيات والمدارس، هذه التصرفات انتهاك سافر للقانون الدولي.”

وكانت القوى الدولية اتفقت في الأسبوع الماضي خلال اجتماعها في ميونيخ على السعي إلى “وقف الأعمال العدائية” خلال أسبوع، واتهم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري روسيا بضرب جماعات معارضة وطنية ضمن حملتها.

وقال رئيس منظمة “أطباء بلا حدود” في فرنسا أن مستشفى تديره المنظمة في ادلب تحول إلى ركام، وأن 7 أشخاص قتلوا وفقد 8 آخرون فيما وصفته بأنه “هجوم متعمد” من الطائرات الروسية.

وأعلنت المنظمة أن التحالف السوري الروسي هو من قصف المستشفى التي تشغلها المنظمة، كما ذكر مسؤولو مكتب المنظمة في فرنسا للأناضول أن طائرات من التحالف السوري الروسي هي من قصفت المستشفى في معرة النعمان. 

ودانت فرنسا الهجوم على مستشفى “أطباء بلا حدود” ووصفته بجريمة الحرب.

الأمم المتحدة: يرقى لجريمة حرب 

وقد أعلنت الأمم المتحدة أنه في حال إثبات استهداف مدارس ومستشفيات في سوريا بشكل متعمد من قبل القوات الروسية، فإنّ ذلك يمكن أن يرقى لجريمة حرب. 

وأوضح المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، “روبرت كولفيل” في مؤتمر صحفي بمقر الأمم المتحدة في جنيف السويسرية الثلاثاء 17 فبراير، أنه في حال ثبُت تنفيذ روسيا أو النظام السوري لذلك القصف، “فيمكن أن يتهم اتهام البلدين بارتكاب جرائم حرب”.

وقال كولفيل، “يمكن اعتبار قصف المستشفى والمدارس في سوريا، أنه جريمة حرب في حال ثبت تنفيذه عن عمد، مشيراً إلى أن مستوى استهداف المستشفيات والمدارس في سوريا يظهر استخدام ذلك كـ “تكتيك حربي”.

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عن “قلقه العميق إزاء الهجمات التي استهدفت 4 مستشفيات في حلب، وإدلب بسوريا، يوم الإثنين الماضي، وأدت إلى مقتل 50 شخصًا، معظمهم من الأطفال”، بحسب بيان لنائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، فرحان حق، في مؤتمر صحفي بنيويورك. 

موسكو تنفي 

وقد نفى المتحدث باسم الكرملين الروسي “ديمتري بيسكوف”، الأنباء التي تواردت حول قيام مقاتلات روسية بقصف مستشفى في مدينة معرة النعمان بمحافظة ادلب السورية، وقال: “لا نقبل تصريحات من هذا القبيل، كما أن أولئك الذي يدلون بهذه التصريحات لا يستطيعون إثباتها دائماً” على حد زعمه.

وأكد بيسكوف ضرورة التثبت من الخبر في حالات مماثلة من المصدر الأول، مشيراً إلى أن مصدرهم هو “النظام السوري”!؟.

هل يمكن محاكمة بوتين أمام الجنائية؟

عندما سئلت عضو لجنة التحقيق “كارلا ديل بونتي” رئيسة الادعاء العام السابقة للمحكمة الجنائية الدولية التابعة للأمم المتحدة: “هل يمكن إحالة ملف سوريا إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية؟”، قالت بوضوح إنه “لا يمكن لأي جهة أن تحيل ملف سوريا إلا مجلس الأمن الدولي”، وهو ما يعني أن الفيتو الروسي سيقف عقبة أمام محاكمة الروس عن جرائم الحرب.

وهناك أمر أخر هو الاتفاق الذي وقعته روسيا وبشار الاسد لنقل قواتها الي قاعدة جوية سورية، والذي يمنع محاكمة الروس علي أي جرائم حرب في سوريا، ومعروف أن المحكمة لا تقبل دعاوي إلا من الدول أو المنظمات الدولية، ويصعب محاكمة الروس إلا لو تغير النظام في دمشق.

 

لكن “كارلا ديل بونتي” أشارت إلا “أن ذلك الأمر يعتمد على الارادة السياسية للدول” وهو ما لا يتوافر في عالم اليوم حيث الإفلات الكامل من العقاب، سواء على جرائم أمريكا أو روسيا او اسرائيل.

وأضافت المسئولة: “ما زلنا ننتظر الضوء الأخضر للعدالة الدولية”، وتابعت “أن مجلس الأمن لا يفعل شيئا ولا يستطيع أن يفعل شيئا بسبب حق النقض” الذي تستخدمه روسيا لحماية نظام الأسد. 

وسورية – مثل روسيا -لم توقع معاهدة المحكمة الجنائية الدولية، ما يعني أنه سيكون على مجلس الامن ان يقرر احالتها على المحكمة لما يرتكب من جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية على اراضيها، فالمجلس هو من قام بمثل هذا الدور بالنسبة لدارفور العام 2005 وليبيا في 2011.

وسبق أن استخدمت روسيا والصين بالفعل حق النقض (الفيتو) في مايو 2014 لإسقاط مشروع قرار تبنته فرنسا في مجلس الأمن، يدعو الى “إحالة طرفي النزاع في سورية الى المحكمة الجنائية الدولية”، وذلك قبل التدخل العسكري الروسي المباشر.

وقد ذكر المحلل الأميركي المتخصص بقضايا الأمن الوطني “جوش روجين”، في مقال نشرته في واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس 14 أكتوبر 2015، أنه مع انكشاف أمر الدعم الذي يتلقاه الجيش السوري من الحكومة الروسية، بات من المحتمل أن يتعرض كل المسؤولين الروس بدءاً من الرئيس فلاديمير بوتين ومن دونه في الرتبة، للمحاكمة بدعوى ارتكابهم جرائم حرب، وفقاً لما قاله مسؤولون أميركيون سابقون وخبراء في القانون الدولي.

ويقول خبراء في محاكم جرائم الحرب إن روسيا، التي تقف وراء الجيش السوري الذي ارتكب تلك جرائم لإلقاء 2000 برميل متفجر الأسلحة الكيماوية على المدنيين السوريين منذ يوليو الماضي، وقتل 11 ألف معتقل، قد عرّضت نفسها لتهمة «التشجيع والتحريض» على ارتكاب جرائم الحرب. 

ويقولون أنه ربما لا تتم محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب في سوريا إلا بعد بضع سنوات، ولكن لو تمت المحاكمة، وفقاً لما يقوله خبراء، فإن بوتين قد يتحمل المسؤولية وفقاً لذات التهم التي حوكم بموجبها الرئيس الليبيري تشارلز تايلور.

وقال «ستيفن راب» الذي سبق له أن شغل منصب سفير الولايات المتحدة المفوّض للبحث في جرائم الحرب منذ عام 2009 وحتى العام الجاري: «يسير الروس بشكل حثيث نحو الوضع الذين سيتحملون فيه المسؤوليات القانونية. 

وأضاف «راب» الذي سبق له أن ترأس جلسات المحكمة الدولية التي نظرت في الجرائم المرتكبة في رواندا ثم المحكمة الخاصة التي نظرت في جرائم الحرب في سيراليون، إن هناك سابقة لاعتقال رئيس دولة بسبب مسؤوليته الجرمية عن مساعدة قوات دولة أخرى قامت بارتكاب جرائم حرب مثل حكم الحبس 50 عاماً على «تايلور» في سجن بريطاني بتهمة واضحة هي «مساعدة وتحريض» الجبهة الثورية المتحدة على ذبح المدنيين.

وقال «راب» إن المساعدة التي تقدمها روسيا لسوريا لا يمكن التعامل معها كجرائم حرب إلا إذا تمكن القضاة من إثبات أن المسؤولين الروس كانوا واعين تمام الوعي بالممارسات الوحشية لنظام الأسد، وبأن المساعدة التي قدمت للنظام السوري ساهمت في هذه الممارسات بشكل أساسي. 

ويقول «شريف بسيوني» الرئيس السابق للجنة المنبثقة عن مجلس الأمن للتحقيق في خروقات القانون الدولي في يوغسلافيا السابقة، أنه في ظل المساعدات الاقتصادية والدعم العسكري ووجود المستشارين العسكريين الروس، فإن أي جريمة ارتكبتها القوات السورية تنسحب على أولئك الذين ساعدوا على وقوعها وخاصة منهم الإيرانيون والروس”.

ووفقاً لنظام «المسؤولية القيادية» الذي تم تأسيسه بناء على «معاهدة هاغ» عام 1899 وتعديلاتها في عام 1907، والتي دخلت حيز التطبيق بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، فإن كبار المسؤولين يتعرضون للمحاكمة إذا فشلوا في وضع حد لجرائم الحرب وبقية الممارسات الوحشية التي كانوا يعلمون بحدوثها. 

وتم الاستناد إلى نظام «المسؤولية القيادية» بنجاح في محاكمة جنرال ياباني عام 1945 بسبب الجرائم التي ارتكبها جنوده في الفلبين أثناء الحرب العالمية الثانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …