المصالح المتنافسة لمعسكر الانقلابيين ثغرة بيد الثوار
قادة المجلس الأعلى كـ”بيت العنكبوت” يخربونها بأيديهم
ليس تحذيرًا يهدف لتوحد الانقلابيين، وإن كان ذلك واقعًا في ظاهره حتى الآن، وإنما عرض لمعلومات تقول إن ثورة 25 يناير شهدت ثغرة نفذ منها الثوار، وهي “دولة العسكر”، حيث كان لأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة (طنطاوي – سامي عنان) دورًا في ثورة يناير.
راهن الشعب على النزول بقوة لإزاحة الفساد، في حين ظهر لاحقًا تلاقي هذه الثورة الشعبية بمطالبها الرومانسية مع رغبة لدى المجلس لتحقيق مصالحهم وإبقاء سيطرتهم على مفاصل الدولة المصرية التي هي جزء من الجيش واقتصاده وقياداته، كما ظهر في تصريحات لاحقة لقائد الانقلاب الحالي السيسي، من خلال القضاء على مشروع توريث جمال محمد حسني مبارك، ثم مراهنتهم بالقضاء على الثورة مجددًا وعودة عقارب الساعة للوراء، لطالما نفت بعض القوى الثورية عودتها، والأمور لسابق عهدها باستهداف فصائل الثورة الواحد تلو الآخر بداية بالإخوان ثم 6 إبريل.. ثم بقية من يحاول رفع رأسه في مواجهة مشروعهم من القوى الثورية والمعارضة الحقيقية.. تماما كما يفعل العنكبوت في بيته.
سناريو قبل 5 سنوات
تواترت معلومات -لا ينجى منها المخابرات العامة والعسكرية التي كانت تنتشر في أنحاء الوطن فضلا عن ميدان التحرير- أن قرار تنحي مبارك جاء بعد تردد طويل، وضغط خارجي، جاء بعدما “هددت” أو “اتفقت” القيادة العسكرية مبارك بمحاكمته بتهمة الخيانة العظمى.
(1) ينزل فيه القائد العام للقوات المسلحة بملابسه العسكرية بسيارة دفع رباعي إلى ميدان التحرير، يطلب من شباب الإخوان وممثليهم بالضغط على قادتهم للجلوس إلى مائدة الحوار مع نائب الرئيس عمر سليمان، فيستجيب الإخوان ويندبون د.محمد مرسي لهذه الجلسة.
(2) عصيان مدني، شمل البلاد ومحاصرة مقار الرئاسة من قبل الثوار، ومقري مجلسي الشعب والشورى ومبنى التلفزيون واستقالة البدراوي من أمانة الحزب الحاكم؛ مما سرع الأحداث -دون معرفة الخلفيات- لأن المصريين رفضوا تنازلات مبارك واعتبروها شكلية، واحتجاجًا على (عدم التنحي الصريح) في خطاب مبارك الأخير.
(3) في 11 فبراير، وبعد انتفاضة ملايينية استمرت 18 يومًا، فرض الشعب المصري إرادته بالتغيير، فتنحّى حسني مبارك وفوّض ادارة شؤون البلاد الى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يضم بشكل خاص وزير الدفاع محمد طنطاوي ورئيس الأركان سامي عنان، في بيان تاريخي تلاه نائب الرئيس عمر سليمان الذي فوضه مبارك.
(4) يؤكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الرئيس الجديد أنه “لن يكون بديلاً عن الشرعية التي يرتضيها الشعب”!، يشبه إلى حد ما بيان 3 يوليو، وألمح إلى تدابير جذرية مرتقبة أبرزها حل مجلسي الشعب والشورى، وتشكيل حكومة أتضح أنها منزوعة الصلاحيات.
نقلت صحف خليجية بينها “القبس” أن خلافات دارت بين دائرة مبارك الصغيرة عمر سليمان وطنطاوي وقائد الحرس الجمهوري ومدير المخابرات وقيادة الجيش يقودهم سامي عنان رئيس الأركان؟!، وهذا من أبرز أسباب التأخر في بث كلمة مبارك المتلفزة حتى منتصف ليل الخميس/الجمعة، إلى أن استطاع قائد الجيش المشير طنطاوي إقناع القادة بتكريم مبارك وقبول نقل صلاحيات مبارك إلى عمر سليمان.
كما نقلت مصادر صحفية أن قيادات الجيش التقت من دون حضور القائد الأعلى مبارك، أوصرت على تضمين كلمته قرارات واضحة واعترافا بـ«الخطأ» كنظام حكم، مقابل ضمانات بالمحافظة على سلامته، وعدم إهانته، وخروجه بشكل كريم كقائد أعلى للجيش يدينون له بالولاء.
مراهنات وإشاعات
وبدا أن لعبة الشد والجذب داخل بيت الحكم بحلقتيه، اعتمدت كا يقولون على مراهنات مشتركة وتنازلات مفتوحة بشرط ألا يقع النظام، كما اعتقد الثوار، قيادات الجيش عملت في وجود عمر سليمان الذي فوضه مبارك بصلاحياته، وإن أشيع أن المجتمعين في المجلس الأعلى اجمعوا على عدم موافقتهم على تولي سليمان، وعملوا أيضا إلى جوار أحمد شفيق، وأن أشيع مطالبتهم كقادة للجيش بإقالة حكومة احمد شفيق وتشكيل مجلس عسكري يدير البلاد لفترة محددة تشهد اجراء انتخابات برلمانية ورئاسة حرة ونزيهة.
فكان ما حدث هو إنقلاب عسكري ناعم، هدفه الأدني تكفير المصريين بالثورة وهدفه الأعلى قتل روح الحرية لدى كل من يدعو مجددا إليها، البيان “رقم واحد” هو خير دليل على ذلك؛ يتولي اللواء رضا حماد قائد القوات الجوية قراءة البيانين اللذين صدرا عن المجلس الأعلى، وليس المتحدث باسم وزارة الدفاع، وهو ما أعطى رسالة بأنه حتى القوات الجوية التي ينتمي اليها مبارك متحدة مع بقية قادة أفرع الجيش في موقفها، إضافة لتوجه الثورة المنقوصة.
بيت العنكبوت
لا يأتي التهديد للسيسي من احتجاجات الشوارع، هذا ما رأته مجلة فورين بوليسي الأمريكية التي قالت إن السيسي ينفذ اجراءات أمنية مشددة قبيل الذكرى الخامسة لثورة يناير لكن التهديد الحقيقي الذي يواجهه ليس من احتجاجات الشوارع وإنما من داخل نظامه حيث ظهرت توترات جديدة في الشهور القليلة الماضية.
حيث أشار التقرير إلى توترات جديدة في نظام السيسي، قد تنم عن حالة مقبلة من زعزعة الاستقرار، في كيان “الدولة العميقة” الكيان الموحد المسيطر، ووجود مصالح متنافسة لمراكز السلطة دائماً، باعتباره ائتلافا فضفاضا لمراكز السلطة، يتضمن هيئات الدولة مثل الجيش والمخابرات والشرطة والقضاء، وأيضًا كيانات بخلاف الدولة، مثل العائلات القوية في دلتا النيل، والقبائل في الصعيد، ووسائل الإعلام الخاصة، ومجتمع الأعمال، كتنافس وزراة الداخلية والجيش في السنوات الأخيرة من حكم مبارك، إلا إنها توحدت عند تهديد مصالحها.
وأضاف التقرير أن تدهور علاقات السيسي مع مجتمع الأعمال مثل ساطع على ذلك. فبينما كانت لبعض رجال الأعمال شكوك حول السيسي عندما تولى الحكم في منتصف 2014، إلا أن اعتقال رجل الأعمال صلاح دياب في بداية نوفمبر، بتهمة الفساد المالي وحيازة أسلحة دون ترخيص، أفزع مجتمع الأعمال بالكامل، بسبب طريقة القبض والإهانة التي تعرض لها الأشبه بعصر زوار الفجر وعبدالناصر.
صراع الشبكات الأمنية
التقرير يضع وسائل الإعلام على درجة كبيرة من التاثير ووضع المصالح المتنافسة بين مكونات الدولة، حيث يشير التقرير إلى علامات توتر بين السيسي والأجهزة الأمنية.
وقال إن تلك الأجهزة تمارس نفوذًا من وراء ستار على شبكات وسائل الإعلام الخاصة بالبلاد، ومن المرجح أنها أجازت، إن لم تكن شجعت، النقد المتصاعد فجأة الذي واجهه السيسي في الشهور الأخيرة.
وفي هذا السياق، علقت لميس الحديدي بعد اعتقال دياب وحسام بهجت ناشط حقوق الإنسان في أول نوفمبر، قائلة : “لا نحتاج مؤامرات خارجية، نحن المؤامرة نفسها. نتآمر بأنفسنا ضد أنفسنا!”.
ومن المعلوم حسب تسريبات مكتب السيسي أن الفضائيات تتحرك بكبسة زر من عباس كامل مدير المكتب، ولكن التقرير يرى أن هناك شواهد على ما اسمته تدافع بين أجهزة الأمن المختلفة، على التمويل والنفوذ السياسي.
واستبعدت مخيلة كاتب التقرير أن يكون اللغط الإعلامي الدائر على أثر سياسي إنما هو من قبيل قنابل الدخان لتنفيذ أهداف من خلف العماء الذي تحدثه، حيث يرى التقرير أن بعض الاحتكاكات في البرلمان “المنتخب” حديثًا، كانسحاب مفاجئ لحزب مستقبل الوطن، الذي نسب نجاحه في “الانتخابات” إلى جهاز الأمن الوطني، من الكتلة البرلمانية المؤيدة للسيسي، التي يرأسها لواء سيف اليزل.
وعندما عاد والتحق بالكتلة مرة أخرى بعد بضعة أيام، يوحي بأن البرلمان الجديد قد يكون موقعًا للتوسط في تلك الاختلافات داخل النظام (أمن وطني – مخابرات)، موضحًا أن تدخل أجهزة الأمن في السياسة المصرية لا يعد شيئًا عجيبًا ولا جديدًا، ولكن واقعًا أن تسمح حكومة منفردة بالسلطة فجأة بنقد أجهزة أمنية بعينها، إنما يعكس صدعًا داخليًّا.
السيسي والجيش
ويرى التقرير أن الأهم، هو رصد مسئولين أجانب لتوترات بين السيسي والجيش، بل إلى دائرة السيسي السياسية الضيقة، التي تثير الريبة وربما الحسد وسط كبار المسئولين الآخرين، يضاف إليها زيادة مخاوف الجيش لتصاعد التحديات الأمنية والاقتصادية المتزايدة.
ونقل التقرير عن أحد المسؤولين قوله إن اللواءات يرون أن السيسي معزول ومحاط بأناس لا يمتلكون إجابات. وأضاف أنهم يشرعون في طرح أسئلة مثل.. “لماذا تغرق الأسكندرية في مياه الأمطار؟ ولماذا قتل السائحون المكسيكيون؟ وهذا شيء مربك”.
ويرى التقرير أنه من الصعب تقدير عمق أو إلحاح تلك الخلافات داخل النظام، لصعوبة أن تظهر دواخل نظام السيسي أمام المراقبين الخارجيين، وحتى أعضاء مراكز السلطة الأساسية يجدون الوضع الحالي مربكا.
وينقل التقرير عن أحد رجال الأعمال من أصحاب العلاقات الجيدة قوله إن “هناك بالقطع صراع سلطة، ولكن من يكون اللاعبون الرئيسيون؟ كان هناك نظام قائم (في ظل مبارك) تتم فيه موازنة المصالح. ثم انهار في أثناء الثورة 2011، ولا يزال الأمر في فوضى.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …