‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير مخططات السيسي لتأميم النقابات المستقلة”.. تضع مصر بالملف الأسود لمنظمات العمل الدولية
أخبار وتقارير - ديسمبر 9, 2015

مخططات السيسي لتأميم النقابات المستقلة”.. تضع مصر بالملف الأسود لمنظمات العمل الدولية

..نواب الاتحاد الرسمي يتبنون “توحيد النقابات”.. والمستقلون يراهنون على “قانون الحريات النقابية” وإلا التدويل

 

منذ إعلان وزير القوى العاملة جمال سرور، عن انتهاء إعداد مشروع قانون العمل الجديد خلال 60 يومًا، على الرغم من أن القانون مطروح للنقاش منذ 5 سنوات، وتصريح محمد وهب الله الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال مصر، منتصف نوفمبر الماضي، باتجاه الاتحاد للتخلص من النقابات المستقلة فى “قانون التنظيمات النقابية” الذى يتم إعداده حاليًا.. تعيش الساحة العمالية المصرية في أزمة متصاعدة.

فعلى الرغم من الأزمات الطاحنة التي تواجه القطاع العمالي، بسبب إغلاق المصانع وتسريح العمال، بصورة يومية، وتخاذل اتحاد عمال مصر، واصطفافه بجانب الحكومة، وإيثاره المطالبات الاعتيادية بالحفاظ على الحقوق العمالية، الأمر الذي يدفع العمال لنيل حقوقهم بالتظاهرات والإضرابات، التي تصاعدت في الفترة الماضية بصورة كبيرة.

ولم يجد العمال أمامهم سوى النقابات المستقلة التي تدعم حقوق العمال دون التقيد بسقف علاقاتها ومصالحها بالحكومة، كما يفعل الاتحاد العام للعمال الذي يترأسه جبالى المراغى، وفق نشطاء عماليون.

تصفية “المستقلة”
وعقب انتهاء انتخابات برلمان الدم، وتصعيد عدد من النقابيين العماليين لعضوية البرلمان من بينهم جبالى المراغى، الذي أكد مرارا على نهاية عصر النقابات المستقلة، وضع ممثلو اتحاد عمال مصر، الفائزين بعضوية البرلمان، إلغاء النقابات المستقلة على رأس أجندتهم التشريعية.

وأكدت النائبة مايسة عطوة -أمينة المرأة في الاتحاد، والفائزة عن قائمة “في حب مصر” بالصعيد- أنها ستسعى لإلغاء النقابات المستقلة في قانون الحريات النقابية، وأنها مع حرية العمل النقابي  وليس التعددية النقابية، “إذ لا يجوز أن يكون في المنشأة التي يكون فيها ألف موظف أكثر من نقابة”!!

واتفق معها النائب جمال عبد الناصر عقبي (أمين صندوق اتحاد العمال) الذي رفض استمرار النقابات المستقلة قائلا: “هو كل اتنين ماشين في الشارع هيعملوا نقابة”..

تحرش عمالي!
وفي اطار التصعيد ضد النقابات المستقلة، شهد الأسبوع الجاري عددًا من التصريحات والمطالبات بفرض الرقابة على النقابات المستقلة؛ حيث طالب هشام جلال عضو مجلس إدارة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، بضرورة الكشف عن مصادر تمويل النقابات المستقلة فى ظل عدم وجود مواد قانونية صريحة تجيز لهم الحصول على اشتراكات من العاملين فى المنشآت المختلفة، كما لا يوجد آلية رسمية للرقابة مثلما يراقب الجهاز المركزى للمحاسبات.

وأوضح جلال، أن الاتحاد العام معلوم عدد أعضائه والآلية القانونية التى تحكم عمله وتمويله والمصارف الشرعية التى ينفق فيها، متسائلًا: “النقابات المستقلة تعمل بشكل شبه رسمى باتفاقية دولية وقعت عليها مصر بدون وضع ضوابط لعملها والرقابة عليها، وهو يثير الشكوك حول هدف وجودها”.

توحبد النقابات
فيما أعلن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، عن اعداده مشروعا نقابيا جديدا بهدف لإنهاء فكرة التعددية النقابية داخل المنشأة الواحدة، من أجل الحفاظ على أمن المنشآت والاستقرار الاقتصادى، وذلك فى مبادرة جديدة، وفق ما قاله محمد وهب الله الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال مصر، فى تصريحات صحفية مؤخرا، الذي أكد أن المشروع الذي يعده الاتحاد العام لـ”توحيد النقابات العمالية” تحت مظلة واحدة يشرف على انتخابات اختيارها القضاء، سترتكز على قانون التنظيمات النقابية بعد تعديله، منتقدا تشكيل أكثر من لجنة نقابية دخل المنشأة الواحدة.

كما أعلن الاتحاد العام للعمال الأسبوع الماضى عن الكتاب الدورى لمجلس الوزراء، والذى ورد فيه ضمنيًا الاعتراف بالاتحاد العام ونقاباته العامة والفرعية، بأنها المنظمات التى لها الحق فى التحدث باسم جموع العمال.

وانتقد جبالى المراغى رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ورئيس النقابة العامة للعاملين بالنقل البرى، فى تصريحات صحفية، النقابات المستقلة ، قائلا “ليس لديها قدرة للحشد، ولن تنجح، لأنها تعمل ضد مصالح استقرار الوطن بحجة الدفاع عن الحقوق العمالية، على الرغم أن التنظيم النقابى الرسمى يتفاوض مع الحكومة”.

وأضاف، ردا على دعوة النقابات المستقلة للعاملين بهيئة النقل العام، لتنظيم إضراب عن العمل ووقفات احتجاجية، “الفرق بيننا وبين من يدعون أنفسهم بالنقابات المستقلة، هو أننا نراعى الظروف العامة لمصر، ولا نضغط على الحكومة بما يفوق طاقتها”!!

وكان عدد من العاملين بهيئة النقل العام قد أعلنوا عبر النقابة المستقلة عن تنظيم إضراب عن العمل فى عدد من الجراجات والورش التابعة للهيئة فى القاهرة والجيزة، ووقفة احتجاجية ، يوم الثلاثاء 15 ديسمبر الجارى، احتجاجًا على رفض إدارة الهيئة نقل تبعيتهم من محافظة القاهرة إلى وزارة النقل، ووقف تطبيق قانون الخدمة المدنية عليهم، وتعديل نظم الأجور والتشغيل والحوافز والبدلات والتأمينات الاجتماعية والصحية.

حراك مضاد
تلك التقاعلات أثارت ممثلي النقابات المستقلة، وكلّف الاثنين الماضي، عدد من اتحادات نقابات العمال المستقلة، محامين لإرسال مذكرات احتجاجية إلى منظمة العمل الدولية بجنيف، والاتحاد الدولى للنقابات ببروكسل، احتجاجاً على مخطط الحكومة للقضاء على تلك النقابات.

ومن المقرر أن يعقد اتحاد النقابات المستقلة مؤتمرا صحفىا الأسبوع المقبل لشرح تحركاته لمواجهة الحملات الحكومية التي يقودها اتحاد العمال.
فيما دعا ‏المؤتمر الدائم لعمال الإسكندرية، فى بيان له، النقابات المستقلة وكل القائمين على حماية حقوق العمال، إلى التصدى لمخطط الحكومة للقضاء على النقابات المستقلة.

وأضاف المؤتمر فى البيان: «قيادات الاتحاد الرسمى ظلّوا جالسين على كراسيهم دون انتخابات منذ عام 2006 حتى الآن»، وتساءل: «كيف تعترف الحكومة بهذا الاتحاد كممثل وحيد للعمال؟

ودعا المؤتمر النقابات المستقلة، وكل مؤيدى وداعمى الحركة العمالية الحرة إلى لقاء تشاورى بمقر حزب العيش والحرية «تحت التأسيس»، لبحث سُبُل الردّ.

فيما أكدت فاطمة فؤاد، رئيس النقابة المستقلة للضرائب على المبيعات، أن النقابات المستقلة معترف بها طبقا للمواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر، وأن رئيس الوزراء السابق، إبراهيم محلب، اعترف بنقابتها كمؤسسات شرعية، موضحة أن إلغاء الحكومة للنقابات المستقلة يعني وضع مصر على القائمة السوداء لمنظمة العمل الدولية.

بينما أوضح محمد الجمّال، المتحدث باسم اتحاد النقابات المستقلة بالسويس، أن دستور 2014 الذي اُنتخب على أساسه مجلس النواب هو الذي أتاح تشكيل النقابات المستقلة في المادة 76 التي نصت على أن “إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية وتمارس نشاطها بحرية وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم وحماية مصالحهم كما تكفل الدولة استقلال النقابات والاتحادات ولا يجوز حل مجالس إداراتها إلا بحكم قضائي ولا يجوز إنشاء أي منها بالهيئات النظامية”.

أما الناشطة العمالية فاطمة رمضان  فترى أن اتجاه الدولة  نحو حل النقابات المستقلة وتهميشها  ليس جديدا ، لكنه بدأ من أيام حكومة الدكتور عصام شرف بعد الثورة، لكنه بات اليوم أصبح أكثر وضوحا بإعلان الحكومة قصر التعامل الرسمي على اتحاد العمال العام.

162 نقابة مستقلة
وتعود فكرة النقابات المستقلة إلى إنشاء “النقابة المستقلة للعاملين بالضرائب العقارية” التي أنشأها كمال أبو عيطة، وزير القوى العاملة والهجرة الأسبق، في عهد الوزيرة عائشة عبد الهادي، بعدها تم إنشاء أول اتحالنشد للنقابات المستقلة وهو الاتحاد المصري للنقابات المستقلة الذي ترأسه كمال أبو عيطة، وبعد أن نشب الخلاف بين “أبو عيطة” والقيادي العمالي كمال عباس توجه الأخير لإنشاء دار الخدمات النقابية والعمالية، والتي فتحت الباب أمام ميلاد اتحاد جديد وهو اتحاد عمال مصر الديمقراطي، الذي ضم قرابة 162 نقابة مستقلة .

ومن بين هذه الاتحادات؛ اتحاد عمال مصر القومي، والذي يرأسه أحمد خيري. وينضم لتلك الاتحادات اتحاد النقابات العمالية واتحاد عمال الموانئ واتحاد الحرفيين والعمالة غير المنتظمة، واتحاد عمال النقل، ومن بين النقابات التي تلعب دورا ملحوظا النقابات المستقلة في مصانع الحديد والصلب وغالبية مصانع منطقة حلوان، وفي قطاع الكهرباء توجد النقابة المستقلة للعاملين بالكهرباء ، وفي الجامعة العمالية تلعب النقابة المستقلة للعاملين بالجامعة دورا عماليا بارزا، ضد إدارة الجامعة التي تتبع الاتحاد العام…

دور سياسي
وقادت النقابات المستقلة إضرابات عمالية خلال حكم مبارك ، ثم انتقلت الفكرة بعد ذلك إلى شركات الغزل والنسيج، والتي قادت احتجاجات عمالية مهد معظمها لثورة 25 يناير.

وفي 2011 وبعد تولي الدكتور أحمد البرعي، منصب وزير القوى العاملة والهجرة، تزايدت أعداد النقابات المستقلة، بعد قراره حل الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، مستندا في إطلاق الحريات النقابية إلى ما وقعته مصر من اتفاقيات عمل دولية وأهمها الاتفاقية الأشهر رقم 87 لسنة 1948، والاتفاقية 98 لسنة 1949.

الاتحاد الحكومي
بينما يضم الاتحاد العام لنقابات عمال مصر في عضويته رسميا نحو 5 ملايين عامل، ويضم 24 نقابة عامة، تضم مئات اللجان النقابية في المؤسسات والشركات، رغم كل ما لديه من إمكانيات مادية وقيادات عمالية وكذلك أصول تتمثل في المقار والمؤسسات الخدمية للعمال، إلا أنه يعتبر من أهم أسباب ظهور النقابات المستقلة، بعدما هجره العديد من أبنائه لعدم وقوفه بجانبهم والاهتمام فقط بمهادنة الأنظمة والحكومة.

ولا يخفى على أحد أن أسباب ضعف الاتحاد العام لنقابات عمال مصر وما استتبعه من ظهور للنقابات المستقلة، ترجع إلى تمسك بعض قياداته بمصالحهم الشخصية، بينما تركوا العمال على الأرصفة دون حتى أن يستمع إليهم أحد.

واكتفى الاتحاد العام بإطلاق التصريحات والانتقادات اللاذعة للنقابات المستقلة متهما إياها بتهديد الأمن القومي، حتى وصل الأمر إلى قيام عبد الفتاح إبراهيم، رئيس الاتحاد السابق، رئيس النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج، باتهام كل من ينتمي للنقابات المستقلة بأنه “خائن لدينه ووطنه”.

بينما وصف جبالى المراغى، رئيس الاتحاد الحالي، النقابات المستقلة بـ” رغاوى صابون” أو “زوبعة في فنجان”، سرعان ما تنتهى لأنها قائمة على أساس غير شرعي، واتهم “جبالي” النقابات المستقلة بالفشل قائلا “لقد أثبتت تلك النقابات المستقلة فشلها في قيادة ما سمي بالربيع العربي الذي كبد بلداننا العربية 800 مليار دولار حتى الآن”.

فيما قال الدكتور أحمد عبد الظاهر، رئيس اتحاد العمال مصر الأسبق “النقابات المستقلة نبت شيطانى ولا توجد لها شرعية قانونية وإنشاؤها استند عن طريق الخطأ إلى نصوص اتفاقيات العمل الدولية والتي صدّقت عليها مصر، لأن هذه الاتفاقيات جاءت لتحترم التشريعات الوطنية في الدول الأعضاء ولا تخالفها”.

تلك الاهانات تجاهلت فتوى مجلس الدولة، والتي أكدت صحة وقانونية تشكيل النقابات المستقلة في ضوء القانون، بعدما أرسلت إدارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات كتابا إلى مجلس الدولة طالبت فيه بالإفادة بالرأي في مدى قانونية تشكيل النقابات العامة المستقلة في ضوء القانون رقم 35 لسنة 1976 بشأن النقابات العمالية واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 لسنة 1948 ومدى قانونية خصم قيمة اشتراك أعضاء النقابة المستقلة ووقف خصم قيمة اشتراكهم باللجنة النقابية.

وعلى ما يبدو فغن خشية النظام السياسي من أية تخركات شعبية قادمة سيدفع بقوة لاقرار قانون التنظيمات النقابية، الذي يحظر النقابات المستقلة، وحينها سيطون التدويل هو الملاذ الوحيد للنقابات في مواجهة سيطرة الحكومة وتخاذل اتحاد العمال عن مناصرة العمال في قضاياهم، وهمومهم المالية والمعيشية وسط اتجاهات لخصخصة ما تبقى من شركات قطاع عام، كسبيل لتمويل العجز المالي الذي تعانيه الحكومة الحالية!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …