بالأدلة.. سيناء تدفع ثمن ولاء «السيسي» لـ إسرائيل!
ما بين قانون يجيز تملك الأجانب ومزدوجي الجنسية لأراضي سيناء، والانتفاع بها لـ50 عاما، وما بين توغل شبه يومي للقوات الاسرائيلية داخل الأراضي المصرية برا وجوا، باسم مطاردة الإرهابيين تارة وأخرى لمطاردة المتسللين الأفارقة.. تبقى سيناء المنطقة الرخوة في السياسة المصرية التي دخلت حالة الانبطاح في عهد السيسي، بل باتت إسرائيل هي المصدر الأهم لغرفة العمليات المركزية في شمال سيناء التي تعمل من خلالها القوات المصرية في حربها على ما تسميه الإرهاب! ، وذلك وفق مصادر عسكرية مطلعة.
الاثنين الماضي، ترددت أنباء بقوة عن اتفاق مصري- إسرائيلي سري، تم مؤخرا بين عبد الفتاح السيسي وإسرائيل على تسليم المنطقة (ج) من العريش حتى رفح من البحر المتوسط لـ”طابا”، إلى قوات مكافحة الإرهاب الإسرائيلية.
الأمر الذي يربطه مراقبون بالحشود العسكرية الكبيرة التي تقوم بها القوات الاسرائيلية على الحدود المصرية، حيث تتواجد المدرعات الاسرائيلية، لأول مرة على حدود سيناء، بالإضافة إلى القصف الجوي يوميًا للطائرات الصهيونية.
وكان عيد المرزوقي رئيس “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان” في لندن،قد كتب على صفحته على “الفيسبوك”، أمس، : “تم الإتفاق بين أمريكا واسرائيل ومصر بتسليم المنطقة ج ، والتي تبدأ من العريش حتي رفح ، ومن البحر المتوسط حتي طابا ، الي قوات مكافحة الإرهاب الإسرائيلية “…
وأضاف:” إسرائيل الآن بتحشد وتدرب وتشحن مدرعات ومجنزرات لأول مرة علي حدود سيناء ناهيك عن القصف الجوي لطائرات اسرائيل اليومي .. متنساش تدعم حرب اسرائيل علي الارهاب ياخاين”..
تقسيمات سيناء
يشار الى ان اتفاقية “كامب ديفيد” في 1978، نصت على تقسيم شبه جزيرة سيناء إلى ثلاث مناطق تختلف في درجة التأمين، وعدد القوات المصرية المسموح بتواجدها فيها كالتالي:
المنطقة (أ):
تبدأ من قناة السويس غربًا وتمتد حتى أقل من ثلث مساحة سيناء، ويسمح في هذه المنطقة (طبقًا للاتفاقية) بوجود فرقة مشاة ميكانيكية واحدة، ولا يزيد عدد الدبابات المصرية عن 230، ولا يزيد عدد الجنود عن 22 ألف.
– المنطقة (ب):
وتبدأ من حدود شرم الشيخ (جنوبًا)، وتتسع على شكل مثلث مقلوب لتصل إلى مدينة العريش، وتضم الممرات الاستراتيجية التي تتحكم في شبه الجزيرة، ويسمح في هذه المنطقة بحد أقصى من التسليح يتمثل في 4 كتائب بأسلحة خفيفة، وبمركبات على عجل، وعدد أفراد لا يتجاوز 400 فرد.
– المنطقة (ج):
وتضم الشريط الحدودي بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة بالكامل، وفي هذه المنطقة لا يُسمح لمصر بنشر قوات عسكرية، بل يقتصر الوجود الأمني على الوجود الشرطي بأسلحة خفيفة.
عشق السيسي يورط مصر
وحول العلاقة الحميمة التي تربط نظام السيسي باسرائيل، يقول الكاتب جاكي هوجي “، في مقال تحت عنوان “مصر وإسرائيل.. حبيب وعشيقته”، نشره موقع “المونيتور” البربطاني، الاثنين الماضي، “إسرائيل هي بالفعل صديق مقرب من مصر، وباتت تربطها بمصر علاقات ومصالح قوية أكثر من ذي قبل…لقد بات ما يشغل مصر الآن يشغل إسرائيل، وتدور بينهما نقاشات مختلفة حول كل ما يطرأ من مستجدات في المنطقة ولها علاقة بهما أو بأحدهما، ولكن كل ذلك من وراء الأبواب المغلقة وبعيدًا عن كاميرات الإعلام ورصد الصحافة”.
ويرى الكاتب أن “العلاقة بين البلدين وصلت في الخفاء إلى حد العشيق الذي ينتظر محبوبته، ويفتح لها، ويفيض عليها من مشاعره الفياضة، وربما يضع حياته بين يديها مستأمنًا إياها عليها، مضيفًا “لقد زالت كل العقبات التي تمنع التعاون الاستخباراتي والأمني بين مصر وإسرائيل، والتعاون سويًا في مواجهة حماس في غزة، بالإضافة إلى التعاون في التصدي لنفوذ إيران في المنطقة، والوقوف في وجه التطرف السني أيضًا، وربما قد تعاونا البلدان لسرقة حصان أو اثنين من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولكن كل ذلك تحت جنح الظلام”.
وختم: العلاقة ستظل رهينة غرفة النوم، وستنعمان معًا بأفضل حياة بينما هما في السرير، وستظل حياة المحبوبة هادئة ومستقرة نوعًا ما؛ حيث إنها سعيدة بتلك العلاقة، أما هو فما إن يغادر الفراش فسيظل شاعرًا بالخجل، ويسعى للإقلال من شان محبوبته في العلن، وسيطالب دومًا بمعاقبتها كساقطة رغم سنوات عشقه لها في الخفاء.
وكان موقع “وللا” الإخباري، نشر في 9 مارس تقريرا، أعده الصحفي أمير تيفون عن طابع العلاقات “الحميمية” بين السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يسلط الضوء على جوانب أخرى، لم تتعرض لها قبل ذلك وسائل الإعلام.
فمن خلال مقابلاتٍ أجراها مع عدد كبير من المسؤولين السياسيين والعسكريين ودبلوماسيين صهاينة لعبوا دوراً في الاتصالات بين السيسي وإسرائيل، يجزم تيفون أن مستوى التعاون الأمني والتنسيق السياسي بين إسرائيل ومصر في عهد السيسي وصل إلى حدود غير مسبوقة، وفاق أكثر التوقعات الصهيونية تفاؤلاً.
ولا خلاف بين نخب الحكم الذي تحدث إليها تيفون على أن موقف السيسي الحاد والصريح ضد حركة حماس، في أثناء الحرب ضد غزة في الصيف الماضي، هو الذي ساعد نتنياهو على التصدي للضغوط الدولية التي مورست عليه، للاستجابة لمطالب المقاومة الفلسطينية.
ونظراً لأن حرب غزة الأخيرة من أكثر الحروب التي تركت تأثيرات عميقة على الوعي الجمعي للصهاينة، فإن تيفون يجزم بأن وقوف السيسي في أثنائها إلى جانب إسرائيل، بدون أدنى تردد، جعله أكثر الشخصيات شعبية في الكيان الصهيوني.
ومن خلال الوصف الذي عرضه التحقيق، يمكن القول إن نتنياهو كان أكثر الزعماء الأجانب الذين حرص السيسي على الاتصال بهم هاتفياً، مرات كثيرة جداً، ويوضح تيفون آلية إجراء الاتصال بين السيسي ونتنياهو، حيث أفاد بأن السيسي كان يتحدث العربية، بينما تحدث نتنياهو الإنجليزية، فيما يتولى مترجم يتقن اللغتين الترجمة. ولا يفوت تيفون الإشارة إلى أن نتنياهو هو الذي أحدث التحول في موقف الإدارة الأمريكية من نظام السيسي، وأنه طلب من نشطاء جماعة الضغط اليهودية النافذة “إيباك” التحرك بكثافة داخل الكونجرس وأروقة الإدارة الأمريكية من أجل إجبارها على التراجع عن الموقف الأولي السلبي من نظام السيسي، وهذا ما كان.
فيما كشف الصحفي االاسرائيلي “آفي سيخاروف”، في تقرير نشره، في الأول من مارس الماضي ، أن السيسي في اتصالاته بإسرائيل في أثناء الحرب على غزة أبدى امتعاضه من “تواضع” الضربات التي كان يوجهها الجيش الإسرائيلي لغزة، حيث كان يتطلع لضربات أكثر سحقاً. ويحتفي سيخاروف بالسيسي بأنه “الزعيم الوحيد في المنطقة الذي تتوافق أقواله وأفعاله عندما يتعلق الأمر بالحرب على الإسلام السياسي، ولا سيما جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس”. ولم يفت سيخاروف توظيف قرار قضاء السيسي اعتبار حماس حركة إرهابية في مهاجمة أوروبا، لأن قضاءها أخرج الحركة من دائرة التنظيمات الإرهابية.
سيناء وليبيا
ويقف الكاتب الصهيوني، تسفي بارئيل، عاجزاً عن استيعاب دوافع السيسي لاعتبار الجناح العسكري لحركة حماس تنظيماً إرهابياً، مشيراً، وبحق، إلى أنها المرة الأولى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي التي تقدم فيها دولة عربية على مثل هذا القرار. وفي مقال نشرته صحيفة “هارتس”، في الأول من فبراير الماضي يصل بارئيل إلى استنتاج مؤلم، فقد عد اعتبار كتائب القسام تنظيماً إرهابياً “انقلاباً على المبدأ القائل إن المقاومة الفلسطينية تخدم بالضرورة المصالح العربية”.
لكن، ما لفت بارئيل حقيقة أنه لا يوجد، من ناحية فعلية، ما يبرر مواقف السيسي تجاه حماس، على اعتبار أن الجهة التي تتولى تنفيذ العمليات “الإرهابية” في سيناء منظمة تتبع تنظيم “الدولة الإسلامية”.
ويستنفر مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي لدعم السيسي في حربه داخل سيناء، على اعتبار أن إسرائيل هي الطرف الرئيس المستفيد من هذه الحرب.
وفي ورقة نشرها في 3 فبراير الماضي، يجزم المركز أن الحرب التي يشنها السيسي في سيناء هي “حرب إسرائيل”، لكن الحماس الصهيوني الشديد للسيسي والاحتفاء به لا يعود فقط لحجم الخدمات الاستراتيجية التي يقدمها لتل أبيب بشكل مباشر، بل تطالب النخب الإسرائيلية العالم بالوقوف إلى جانب السيسي في حروبه الإقليمية.
مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة الذي يرأسه دوري غولد، كبير المستشارين السياسيين لنتنياهو، صب غضبه على الولايات المتحدة وأوروبا لأنهما لم يدعما اقتراح السيسي استصدار قرار من مجلس الأمن، يشرع التدخل الأجنبي في ليبيا.
وفي تقدير موقف نشره على موقعه بتاريخ 3 فبراير، شدد المركز على ضرورة رفض أي حل سياسي للأزمة الليبية، على اعتبار أن مثل هذا الحل سيضفي شرعية على مشاركة الإسلاميين في حكم ليبيا، وهذا يهدد أوروبا، كما يزعم المركز.
وقد وصل الحرص الإسرائيلي على استقرار نظام السيسي وضمان بقائه، إلى حد الانشغال باستشراف تأثير التغييرات على هرم الحكم في السعودية على مستقبل دعم الرياض للنظام، وما إن كان هذا التطور سيؤثر على التوازنات الإقليمية، ويعزز من مكانة تركيا، وغيرها من القضايا.
ولعل ما أعلنه برلمان وحكومة طبرق الاثنين 18 أغسطس، من طلب مشاركة الدول العربية في ضربات عسكرية في ليبيا يفسر التراجع الأمريكي، لصالح محور السيسي تل أبيب ، بدعم إماراتي.
من جانب آخر، عجز النخب الصهيونية عن تقديم تفسير سياسي مقنع لتهافت السيسي على تقديم العون لإسرائيل دفع مرجعيات دينية يهودية إلى تقديم تفسيرات دينية لهذه الظاهرة، حيث اعتبر الحاخام يوئيل بن نون -أحد أبرز المرجعيات الدينية في إسرائيل، وأحد أهم قادة المستوطنين في الضفة الغربية- أن السيسي بمثابة “معجزة” حدثت لإسرائيل.
وفي مقال نشره موقع صحيفة “ميكور ريشون” اليمينية بتاريخ 6 مارس الماضي، أوضح بن نون الذي يقيم في مستوطنة “أفرات” المقامة على أراض فلسطينية مصادرة في منطقة بيت لحم أن –ما وصفه-بـ«انقلاب السيسي» جنب إسرائيل العواقب الكارثية لوصول الإسلاميين إلى الحكم في مصر.
تفريغ سيناء
ومع تصاعد مخططات السيسي لتفريغ سيناء من سكانها، بدأ الجيش في تنفيذ المرحلة الثالثة من اخلاء سكان رفح لمسافة 5 كلم، لتصل إلى منطقة الكوثر في الشيخ زويد.. لتتفاقم معاناة أهالي سيناء الذين فقدوا الآلاف من ابنائهم ونساءهم وشيوخهم خلال تنفيذ الإخلاء القسري بمرحلتيها، فيما تطلق عليهم الدوائر الرسمية المصرية “مسلحيين تكفيريين جهاديين دواعش”.
سيناء الأهمية والاستراتيجية
وتبلغ مساحة شبه جزيرة سيناء نحو 61 ألف كيلومتر مربع، أي ما يعادل نحو 6% من مساحة مصر(1.001.450 كم²)، وتنقسم إدارياً إلى محافظتين: شمال سيناء وعاصمتها العريش، وتقع على ساحل البحر المتوسط، وتنقسم إلى ستة مراكز إدارية تضم ست مدن هي (العريش – بئر العبد – الشيخ زويد – رفح – الحسنة – نخل).
أما محافظة جنوب سيناء وعاصمتها الطور، فتتكون من 8 أقسام إدارية هي (أبورديس – أبوزنيمة – نويبع – دهب – رأس سدر – شرم الشيخ – سانت كاترين – طور سيناء – طابا)، وهي عبارة عن 8 مدن تضم 13 وحدة محلية قروية، و81 تجمعًا بدويًا.
سياسات السيسي في سيناء، لا ترق لصانعي الاستراتيجيات العسكرية المصرية، حيث يؤكد اللواء محمد علي بلال ، قائد القوات المصرية في حرب الخليج، تعتبر شبه جزيرة سيناء من أكثر الأقاليم المصرية أهمية من الناحية الاستراتيجية، حيث تعتبر البوابة الشرقية لمصر، ومدخلاً أساسيًا لأغلب الهجمات التي تعرضت لها البلاد عبر التاريخ، واكتسبت أهمية متزايدة في الفترة الأخيرة بعد قيام إسرائيل عام 1948، واحتدام الصراع العربي – الإسرائيلي على حدودها الشرقية، والتى كانت سيناء واحدة من ساحاته الرئيسية.
مضيفا -في حوار سابق لـ«الأناضول»: “سيناء تمثل محورًا سياسيًا واقتصاديًا واستراتيجيًا هامًا لمصر، بسبب حدودها المتاخمة لإسرائيل، إضافة إلى أنها تربط بين أفريقيا وآسيا”..
إلى ذلك تكتسب سيناء أهمية بالغة من الناحية الاقتصادية –بحسب المراجع الرسمية- حيث تعتبر المورد الأول للثروة المعدنية في مصر، ففي جزئها الغربي يقع عدد من آبار البترول الهامة الموجودة داخل وحول خليج السويس.
كما تتمتع منطقة شرق سيناء بوفرة الكثير من المعادن مثل النحاس، والفوسفات، والحديد، والفحم، والمنغنيز، بالإضافة لكميات من اليورانيوم، كما تحتوي على أجود أنواع الفيروز الموجود بالعالم ولهذا أطلق عليها “أرض الفيروز”..
ويشكل النشاط الزراعي في سيناء أهمية بالغة حيث تقدر مساحة الأراضي المزروعة بها حوالي 175 ألف فدان (الفدان يساوي 4 آلاف و200 مترًا مربعًا) تنتج حوالي 160 ألف طن من الفاكهة والخضار، وحوالي 410 ألف أردب (الأردب يحتوي 150 كيلو) من الحبوب، سنويًا، بحسب مصادر حكومية.
كما تقدر الثروة الحيوانية في سيناء بنحو 265 ألف رأس من الغنم، والماشية.
وتمثل السياحة أحد أهم الجوانب الاقتصادية في المنطقة حيث يوجد عدد من المنتجعات السياحية الشهيرة بمحافظة جنوب سيناء، في مقدمتها طابا، ودهب، وشرم الشيخ، ونويبع.
هذه القيمة الاقتصادية والاستراتيجية، يقدمها السيسي بسياساته القمعية لقمة سائغة للصهاينة.. فماذا ينتظر المصريون وشرفاء الجيش المصري والساسة.. هل التبرير أم التحذير أم وقف مسلسل الانهيار الاستراتيجي على أعتاب تل أبيب؟!
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …