الداخلية تؤسس «فرقة الموت».. والتصفيات الجسدية تقود مصر إلى «8 أكتوبر»
القتل خارج القانون الذي تشهده مصر خلال الفترة الحالية، يحدث تحت أعين رجال القضاء، ولم يقدم أحد للمحاكمة، حتى روايات الداخلية تؤكد أن القتل تم خلال مواجهات مع الشرطة، بل وبعضها يقول تمت التصفية، وسط إدانات حقوقية بلا جدوى سياسية، ومحاولات من شباب المعارضين للرد على الاعتداءات بالمثل ورفض قيادات المعارضة للرد المسلح والاصرار على السلمية، رغم تسريبات مؤكدة من قيادات أمنية بأن مليشيات ستنزل تقتل الاخوان في سرايرهم، وهيشوفوا أيام سودا!
التصفيات الجسدية فى أبشع صورها تتجسد من وقت ليس بالقليل –تحت مرأي ومسمع العالم- فى سيناء، والتي تدخل وفقاً لمراقبين ضمن جرائم الحرب، من خلال قصف المدفعية والطائرات المقاتلة وأخرى من دون طيار يُعتقد بأنها تابعة لإسرائيل.
ويعتمد الجيش سياسة التصفية الجسدية ضد أهالي سيناء، ولعل أبرز ما يؤكد ذلك، هو تصفية الجيش أحد الشباب الإعلاميين، الذي كان مسؤولاً عن إحدى الصفحات التي ترصد الانتهاكات هناك، حيث اقتحم الجيش منزل هذا الشاب ويدعى أحمد، ومن دون محاولة القبض عليه، قُتل داخل منزله، من دون أن يطلق رصاصة واحدة ضد قوات الجيش، بحسب شهود عيان في سيناء!
وفي هذا الاطار المأساوي، رصد تقرير للمرصد المصري للحقوق والحريات 681 حالة قتل خارج إطار القانون لمواطنين على يد قوات الجيش والشرطة، فيما يقدرهم بعض الحقوقيين بـ800 ضحية، دون أن يتم التحقيق في جريمة قتل واحدة، بسيناء، مؤخرا!.
ماريسكوت ماريل
وسط تلك الحالة ومنذ اعتلاء مجدي عبد الغفار سدة وزارة الداخلية تصاعدت عمليات التصفية الجسدية للمعارضين وإلقاء جثثهم بالصحراء أو إبلاغ أهاليهم باستلامهم من مشرحة زينهم.
القتل خارج القانون بلا محاكمة امتد من الإسكندرية والبحيرة إلى القاهرة والجيزة والفيوم، وكان أخرهم يوم الخميس 6 أغسطس، بقتل الشاب مجدي بسيوني بالجيزة، ثم 6 من معارضي السيسي بالفيوم، بزعم مشاركتهم في قتل ابنة أحد الضباط!
ومن خلال قراءة نوعية في عمليات الداخلية الاجرامية، يستطيع المراقب التأكد أن عبد الغفار جاء ليطبق منهج «ماريسكوت ماريل»، مؤسس باسم “فرق الموت”، في ستينيات القرن الماضي بالبرازيل،
ورغم فشل “فرق الموت” في وأد ثورة البرازيليين ضد النظام العسكري، يكرر النظام المصري نفس المسار، بقمع المعارضين وقتلهم وتصفيتهم.
وقام “ماريل” بابتكار طريقة لا إنسانية لمواجهة نضال الشباب بـ “فرق الموت” أو فرق الإعدام خارج القانون. الفكرة هي عبارة عن عصابات منظمة تقوم باختطاف قيادات وأفراد المعارضة من الاتحادات والروابط الطلابية والعمالية النشطة وتقوم بتصفيتهم جسدياً بعد تعذيبهم في سرية تامة، وقد تكونت تلك الفرق من مجموعات من ضباط الشرطة والجيش العاملين والمتقاعدين وبعض القضاة، والذين كانت تمولهم مجموعات من رجال الأعمال المقربين من النظام، والذين بفضلهم تم التوسع في تلك الفرق لتنتشر سريعاً في كل الولايات البرازيلية…بينما يبدع النظام المصري باختيار فرق الموت من داخل الجهاز الأمني، بل وارتدائهم زيا رسميا، مكتفيا بالباسهم النقابات لتغطية وجوههم فقط!
غطاء فاضح
وتعمل مليشيات الأمن المصرية منذ بداية عمل عبد الغفار وزيرا للداخلية ، وفقاً لقانون الشرطة المادة 102، التي تمنحها ذريعة قتل شخص ما ، حيث تنص على : “تبادل إطلاق نار والتعدي على الشرطة”.
وحدد قانون تنظيم الشرطة حالات يمكن فيها قتل الشرطة للمتهمين، منها الاعتداء على فرد الأمن بالرصاص، والهجوم على كمائن شرطة بالرصاص الحي، أو تبادل إطلاق نار خلال محاولة ضبط متهم عليه أحكام تزيد عن 3 أشهر.
ورغم أن ملابسات كل حالات القتل خارج القانون التي شهدتها مصر في الفترة الأخيرة، تشير إلى سلمية القتلى أو اعتقالهم سابقا وعدم وجود اثار لتبادل رصاص بين الطرفين، يرحب الاعلام بالتصفيات الجسدية، مصدرا الروايات الأمنية بأنهم عناصر مسلحة كانت تشكل خطورة على المجتمع المصري!
وفي ظل غياب المحاكمات العادلة ، يتم تشجيع الأفراد المشاركين في عمليات التصفية بترقيات واجازات ومكافات ، وفق أحد المصادر الأمنية ، الذي قال لـ”المراسل”،: يتردد داخل ردهات الوزارة والأقسام، حين يتم اعتقال بعض المعارضين، “جبت دا حي ليه…دا قتل زميلك فلان”.
أهداف التصفيات
يتبع نظام السيسي سياسة “التصفيات الجسدية” ضد رافضي حكم العسكر والمعارضين بشكل عام، رغبةً منه في ردع أي حراك ثوري سواء من رافضي السيسي، أو حتى من التيارات والمجموعات الشبابية، التي بدأت تهاجم السيسي.
ووفق خبراء، أكدوا أن خيار التصفية الجسدية، هو خيار يسعى اليه السيسي ، بعد فشل كافة الحلول الأمنية الأخرى، وذلك، قبل أن يضطر إلى سيناريوهين: مصالحة مع المعارضة قد تطيح به، أو انهيار تام ومن ثم استبداله ببديل عسكري أو سياسي يرضى عنه العسكر، كما يتم تدارسه بأروقة المخابرات وبعض الأجهزة السيادية!
تداعيات مجتمعية
من جهته، يقول القيادي في حزب “الحرية والعدالة”، أحمد رامي، إن من قتل المعتصمين في رابعة بقذائف طيران حارقة، ثم حرق الجثث وجرفها بالجرافات، لا يُستبعد منه القيام بتصفيات جسدية.
ويضيف في تصريحات صحفية، “الموضوع ليس ممارسات وزارة الداخلية، وإنما سياسة ممنهجة للتمهيد للتصفيات الجسدية، عبر الترويج لتلك الفكرة من المنابر الإعلامية”، معتبراً أن “هذا التنظير جاء قبل انتهاج الداخلية لهذا الأسلوب، وهناك العديد من مقالات الرأي في الصحف الموالية للنظام الحالي والعسكر تدعو لذلك، فضلاً عن التحريض في البرامج الفضائية”.
ويشدد على أن “هذا التحريض لن يمر من دون حساب، فكما القاتل خارج إطار القانون، والمحرضون أيضاً سيحاسبون”.
وعن تأثير سياسات وزارة الداخلية على توجّه الشباب إلى العنف، يشير إلى أن “هذا ما نحذر منه الجميع، وخصوصاً الشرطة، من خطورة تلك الممارسات عليهم هم أيضاً”، مؤكداً أن “هذه السياسات قابلها الثوار بالثبات والصمود والإصرار، وسيكون الرد على تلك الجرائم بمزيد من الإصرار على انتصار الثورة”.
فيما يقول أحمد مفرح -مسئول الملف المصري بمنظمة “الكرامة لحقوق الإنسان”- إن انتشار جرائم القتل خارج إطار القانون وتصفية المعارضين للنظام، تأتي في ظل وجود إرادة سياسية لتنفيذ هذه الجرائم، بعد تولي وزير الداخلية الجديد اللواء مجدي عبد الغفار.
وأشار إلى أن سياسة اغتيال المعارضين أو المشتبه بهم ترتكب بشكل ممنهج من قبل قوات الجيش والشرطة في شمال سيناء منذ سبتمبر 2013، مما أدى إلى مقتل أكثر من 800 مواطن، وأوجد حاضنة شعبية للعمليات المسلحة ضد الشرطة والجيش، ثم انتقلت إلى باقي المحافظات منذ بداية العام الجاري، لتحصد أرواح نحو 30 شخصا!.
وأوضح مفرح أن الداخلية تسعى من وراء زيادة هذه العمليات إلى تأجيج الوضع الداخلي في باقي المحافظات، وخلق مناخ مشابه للأوضاع في شمال سيناء، مما سيؤثر بشكل كبير على السلم المجتمعي ويزيد من انتشار العنف وشريعة الغاب.
“حركة 8 أكتوبر”
وبالعودة للتجربة لبرازيلية، لم يجد المعارضون من فرصة لاستمرار نضالهم السلمي، وقرر الكثير من الطلاب تغيير وجهتهم في المقاومة من المسار السلمي إلى الطريق المظلم الذي دفعهم إليه النظام الحاكم؛ وهو العمل السري المسلح، ليقوموا هم أيضاً بتكوين مجموعات سرية مسلحة تقوم بتفجير العديد من الأماكن الحيوية داخل البرازيل، والتي سرعان ما تطور أداؤها، ليقوموا بعد ذلك بعمليات خطف لشخصيات عامة وسفراء ودبلوماسيين أجانب، ومبادلتهم ببعض المحتجزين لدى الأمن، وقد كانت أشهر تلك العمليات، عملية اختطاف السفير الأميركي “تشارليز بيرك”، والتي تمت بمعرفة حركة “8 أكتوبر”، والذي تمت مبادلته بـ 15 من السجناء السياسيين.
وإزاء تلك المعطيات، فإن خيار الدم المسال يدفع شباب المعارضين لخلع ولاءاتهم للقيادات التي ما تزال متمسكة بالسلمية، يدعمهم أقارب القتلى، للقصاص لدماء أبنائهم، ما يوفر حاضنة شعبية للعنف المضاد، الذي سيطال قوى الأمن، بعد فشل خيار السلمية الواضح على الأرض.
طالما بقيت ادانات المنظمات الدولية الحقوقية لجرائم العسكر في مصر، بلا فعالية ساسية، حيث تتدفق جميع أنواع المساعدات العسكرية على النظام الحاكم، ويبقى الحراك الثوري بسلميته في طريقه، كمدخل للتفاوض أو الضغط السياسي الشعبي.
ورغم التأكيد على مخاطر الاندفاع نحو العنف المضاد، إلا أن الفطرة الانسانية والنواميس الكونية تحتم التفكير به بقوة، بعد اهدار أقل أسس الحياة بأمان!
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …