‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير السيسي يُعيد حقبة «الحاكم الإله» بـ500 تشريع.. ولغز 15 قانونا «سريًا»
أخبار وتقارير - أغسطس 4, 2015

السيسي يُعيد حقبة «الحاكم الإله» بـ500 تشريع.. ولغز 15 قانونا «سريًا»

قانون كل يومين معدل تشريعات السيسي.. والقوانين تضمن ولاء أجنحة الأمن

 

السيسي تجاهل رفض «مجلس الدولة» لـ 34 قانونا.. والدستورية ألغت واحدا بأوامر الجنرال

 

إسهال التشريعات وضع البرلمان فى مأزق كبير.. والدستور ألزمه بـ دراسة قانونين فى الساعة

 

 

منذ مرت المجنزرات العسكرية على مكتسبات ثورة 25 يناير ضاربة عرض الحائط بإرادة المصريين عبر 5 استحقاقات انتخابية -شهد لها العالم بالنزاهة ودشنت لـ”سنة أولى” ديمقراطية فى مصر للمرة الأولي فى التاريخ- واعتلاء وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي سدة الحكم فى أعقاب بيان 3 يوليو، استحوذ الوافد الجديد على القصر الرئاسي على كافة السلطات بين يديه، وجمع صلاحيات غير مسبوقة تحكم بموجبها فى كافة مناحي الحياة فى مصر وبات الوطن بمؤسساته وهيئاته وأفراده يدور فى فلك النظام الجديد ووفقا لهواه وتشريعاته.

 

435 قانونا وقرابة 70 قرارا جمهوريا هى إجمالي ما أصدره السيسي على مدار 730 يوميا تمثل تربعه على عرش مصر، أمضي خلالها عاما كاملا يحكم من خلف ستار الرئيس المؤقت عدلي مدكور، قبل أن يتولي زمام الأمور دون وسيط فى أعقاب الانتخابات الرئاسية التى اكتسحها بنسبة 98% متفوقا على منافسه الوحيد حمدين صباحي الذى حل فى المركز الثالث خلف الأصوات الباطلة، ليصبح قانون كل يومين هو معدل إصدار الجنرال للتشريعات، إلا أن اللافت أن أكثرها يكتسب صفة “غير دستوري” لمخالفته الدستور الذى صنع على عين النظام العسكري وأغلبها جاء ليرسخ كافة السلطات فى يد الحاكم.

 

ومن المضحكات المبكيات أن دستور السيسي وضع البرلمان المقبل –الذى لازال فى علم الغيب- فى مأزق لا يحدث عليه، بعدما بات يتعين على نوابه الجدد أن يراجعوا هذا الكم الهائل من القوانين والتشريعات فى نحو 15 يوما فقط، وهو ما يستوجب البت فى 29 قانونا يوميا بمعدل أكثر من تشريع أو قانون على مدار الساعة –هذا مع فرضية عمل البرلمان المزعوم طوال 24 ساعة لمدة 15 يوما دون أجازات-.

 

وعلى الرغم من أن الدستور الجديد جاء ليحصن بعد المناصب من أجل ضمان الرقابة على كافة مؤسسات الدولة دون استثناء وتوثيق عدم وجود مسئول –أيا كان منصبه- فوق المسائلة والحساب والمراجعة، وهى المواد التى تغني بها أنصار النظام باعتبارها نهاية لحقبة الزعيم الملهم، إلا أن السيسي أبى إلا أن يملك صك المنع والعطاء وحق الطرد والتعيين، لتتجاوز الدولة مرحلة الرئيس الملهم إلى حقبة الحاكم الإله.

 

فقرر السيسي قرارا بقانون 89 لسنة 2015 يمنحه حق عزل مسؤولي الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية في الدولة، وهي البنك المركزي والهيئة العامة للرقابة المالية والجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية، ونشر هذا القانون في الجريدة الرسمية في غير مواعيدها الرسمية -حيث تم نشره يوم السبت إجازة رسمية- ما يجعله قرارا استثنائيا، واضعا 4 شروط مطاطية على أساسها يصبح من حقه عزل قيادات هذه الأجهزة، وهي: “إذا ما قامت بشأن رئيس الهيئة دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها، أو إذا فقد الثقة والاعتبار، أو إذا أخل بواجبات وظيفته بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، أو إذا فقد أحد شروط الصلاحية للمنصب الذي يشغله لغير الأسباب الصحية”.

 

برلمان يمشي على الأرض

 

منذ تولي السيسي السلطة فى مصر دون وسيط قبل نحو عام مخالفا بنود خارطة الطريق التى وضعها بنفسه فى بيان 3 يوليو بتقديم الانتخابات الرئاسية على البرلمانية –دون أن يحدد زمنا لإنجاز انتخابات مجلس النواب- تحول الرجل العسكري إلى برلمان يمشي على الأرض وباتت تصريحاته قوانين وأوامره تشريعات، بل إن اللافت فى تشريعات السيسي أن أكثرها مر دون موافقة قسم التشريع بمجلس الدولة رغم رفض الأخير قرابة 34 قانونا، ولكن بقي التشريع الوحيد تم رفضه والتزمت السلطة الحاكمة بقرار المحكمة الدستورية العليا هو قانون الانتخابات البرلمانية وبموجبه تم تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمي.

 

وتجاهل السيسي رفض قسم التشريع 34 مشروع قانون أعادها إلى الوزارات سواء لرفض موادها لتعارضها مع مواد الدستور أو القوانين الأخرى، أو لاستيفاء بعض الأوراق أو الشروط، وقام بتمريرها دون موافقة مجلس الدولة أو الالتفات إلى رأي المفوضين، فأقر قوانين المناقصات والمزايدات للسماح بالتصرف فى أراضى الدولة لأغراض الاستثمار، وإنشاء وتنظيم عمل اللجنة القومية لاسترداد الأصول، وتنظيم الأحداث الرياضية وحماية المشاركين فيها والمنشآت الرياضية، وتعديلات قانون الزراعة، وغيرها.

 

وعلى الرغم من ثقة المراقبين أن البرلمان القادم لن يكون سوى أحد أجنحة الجنرال لإدارة الدولة فى خطوة تعود إلى حقبة ما قبل الثورة بتحول أعضاءه إلى نواب خدمات تستجدي الوزراء وتبارك خطوات الرئيس، لا تراقب ولا تحاسب، إلا دستور السيسي حدد 15 يوما فقط ليناقش مجلس النواب تلك التشريعات، ليقرها أو يرفضها، ونص فى المادة 156 على أن «المجلس سيستعرضها ويناقشها ويوافق على هذه التشريعات خلال 15 يوما من انعقاده، فإذا لم تعرض وتناقش، أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها فى الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار».

 

كما خالف السيسي آلية إصدار التشريعات بإصدار 15 قانونا دون أن يلتزم بنشرها فى الجريدة الرسمية أو يُعلن عن تفاصيلها وأحاطها بهالة من السرية، ما يطرح علامة استفهام مزعجة حول طبيعة تلك القوانين والسبب فى غموضها والهدف منها، خاصة وأن إصدارها بتلك الصورة لا يجعلها تدخل حيز النفاذ وفقا لأحكام المحكمة الدستورية العليا التى تؤكد ضرورة نشر التشريعات فى الجريدة الرسمية لنفاذها، فيما عللت مصادر حكومية بأن تلك القوانين متعلقة بتعاقدات بترولية أو تعدينية، ستنشر لاحقا.

 

قوانين تحت الطلب

 

تشريعات السيسي لاقت حملات من السخرية من جانب الصحف والمؤسسات الأجنبية، حيث تهكم الكاتب البريطاني باتريك كيسنجلي –فى تقرير لصحيفة «الجارديان» العريقة- من الوتيرة السريعة التى صدرت فى ظلها القوانين والتشريعات فى عهد السيسى، قائلا: «بين كل طرفة عين السيسى يسن قوانين الاستبداد والقمع، لتفوق شهية التشريع التى شهدتها مصر فى عهد أنور السادات وحسنى مبارك، كما أنها تضاهى تلك التى صدرت فى أعقاب سقوط النظام الملكى فى مصر فى عام 1952».

 

إلا أن أحد فى دولة 3 يوليو لم يلتفت لحملات الغمز واللمز داخليا والسخرية والتهكم خارجيا، ومضي فى طريقه لسن القوانين التى تخدم السلطة وتمرر الانهيار الاقتصادي، حيث صدر فى عهد المؤقت عدلى منصور 147 قانونا فى عام واحد، وتكفل السيسي بإصدار 288 قانونا وقرابة 30 قرارا جمهوريا، ليتفوق الجنرال على استاذه محمد حسين طنطاوي خلال حكم المجلس العسكري عقب الثورة بعدما اكتفي بإصدار 318 قانونا فقط، بينما كان نصيب الرئيس المنتخب محمد مرسي 154 تشريعا، فى قرابة 5 سنوات تميزت بوأد البرلمان.

 

وجاءت أبرز قوانين السيسي على النحو التالي:

 

ــ تعديل قانون الجامعات لتغيير نظام اختيار رؤساء الجامعات وعمداء الكليات، بحيث يعينون بقرار رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير التعليم العالى وقرار لجنة فحص أوراق المرشحين، بدلا من الانتخاب.

 

ــ تعديل قانون الضريبة على الدخل لإخضاع صافى الربح الذى يحققه المصرى خارج بلاده للضريبة، وكذلك إخضاع أرباح صناديق الاستثمار فى الأوراق المالية التى لا يقل استثمارها فى الأوراق المالية وغيرها من أدوات الدين عن 80%.

 

ــ حظر التصوير الضوئى لبطاقات رجال القوات المسلحة والشرطة، وحظر تصنيع وتداول الزى الرسمى لهم.

 

ــ تعديل قانون التقاعد والتأمين للقوات المسلحة بزيادة جديدة للمعاشات العسكرية بالنسبة للضباط وضباط الصف والجنود، بنسبة 10%.

 

ــ شهادات استثمار وتنمية قناة السويس وإعفاؤها من الضريبة.

 

ــ تعديل بعض أحكام قانون الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة وقانون إنشاء مؤسسة صندوق الجلاء للقوات المسلحة.

 

ــ تعديل بعض أحكام قانون الكليات العسكرية والكلية الفنية العسكرية وكلية طب القوات المسلحة.

 

ــ تعديل المادة 78 من قانون العقوبات بتغليظ عقوبة تلقى الأموال والمساعدات من الخارج للإضرار بالأمن القومى.

 

ــ تعديل قانون الأسلحة والذخيرة باشتراط ضرورة موافقة وزارة الدفاع بدلا من وزارة الداخلية على استيراد الأسلحة من خارج البلاد.

 

ــ تعديل قانون الشرطة باختصاص القضاء العسكرى، دون غيره، بالفصل فى جميع الجرائم التى تقع من المجندين الملحقين بخدمة هيئة الشرطة.

 

ــ تعديل قانون الأزهر بمعاقبة الأساتذة بالعزل جزاء الاشتراك فى مظاهرات أو إدخال أسلحة وذخائر أو ارتكاب أفعال لا تتلاءم مع صفة العالم المسلم.

 

ــ إسناد حماية المنشآت والمرافق العامة إلى القوات المسلحة بالتعاون مع الشرطة.

 

ــ جواز تسليم المتهمين الأجانب إلى بلادهم فى أى من مراحل التقاضى.

 

ــ تعديل قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة لتصبح زيادة المعاش بنسبة 10% ثابتة مع زيادة المستقطع من الراتب لصالح المعاش سنويا بذات النسبة.

ــ زيادة النسبة المقررة للمعاشات العسكرية عام 2007 بنسبة 5%.

 

ــ تعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات لتحديد حالات فصل عضو هيئة التدريس وحظر العمل الحزبى داخل الجامعة والتحريض على العنف.

ــ تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين.

 

قانون الخدمة المدنية الجديد.

 

ــ زيادة المعاشات العسكرية 10% اعتبارا من أول يوليو.

 

ــ إعفاء رؤساء وأعضاء الأجهزة الرقابية.

 

دستورية القوانين

 

كانت تشريعات السيسي شاهدة على محاولات مستميتة لضمان ولاء أجنحة الأمن “الجيش والشرطة والقضاء” عبر زيادة المخصصات المالية وإفلاتهم من المسائلة القانونية، فضلا عن ترسيخ أركان ملكه وجمع السلطات فى يده، فيما حلت قوانين ترقيع الاقتصاد فى المرتبة الثالثة لأولويات النظام، حيث شملت التشريعات الخاصة بالمجالات العسكرية 3 قوانين بزيادة المعاشات العسكرية، وإخضاع مجندى الشرطة للقضاء العسكرى للمرة الأولى، وتوسيع نفوذ القضاء العسكرى بموجب قانون حماية المنشآت.

 

إلا أن لائحة قوانين السيسي عامرة بالعوار لعدة أسباب، على رأسها عدم عرضها على قسم التشريع بمجلس الدولة أو الالتزام بالتوصيات الصادرة عنه أو عدم نشرها فى الصحيفة الرسمية، وأوصت هيئة مفوضى الدولة بإحالة عدد منها إلى المحكمة الدستورية، للبت فيها وهى قوانين الحد الأقصى للأجور، وزيادة ضريبة المبيعات على السلع، وصندوق تحيا مصر، وشهادات استثمار قناة السويس والذى تم تصحيحه لاحقا.

 

فيما تم الطعن على بعض القوانين أمام القضاء الشامخ، مثل قانون حماية المنشآت الحكومية بواسطة القوات المسلحة، وإعفاء الجهات العسكرية والأمنية من اتباع أحكام قانون تفضيل المنتج المصرى، وتعديل قانون الضريبة العقارية، بينما أبطلت الدستورية قانونا واحدا للسيسى هو الخاص بتقسيم الدوائر الانتخابية، وهو الذى كان على هوى النظام إن لم يكن بأوامره –وفقا للمراقبين-.

 

إسهال القوانين دفع الفقيه الدستوري د. محمد نور فرحات، للتأكيد القوانين التى صدرت فى عهد السيسى يختص بها البرلمان والتى لا صله لها لاعتبارات الضرورة، مثل قوانين “المعاشات العسكرية، التداول فى البورصة، قانون تنظيم الجامعات، قانون الإجراءات الجنائية، وغيرها”، وهو ما يعكس هوس اصدار التشريعات الذى سيطر على الجنرال.

 

وأوضح فرحات -فى تصريحات صحفية- أن المادة 156 تعطى رئيس الجمهورية الحق فى إصدار قرارات بقوانين فى حالة الضرورة وهو ما افتقدته أكثر تشريعات الجنرال، مضيفا أن القوانين التى تم إصدارها فى عهد السيسى أكثرها يتعلق بالرئيس.

 

كما سخر المهندس حاتم عزام –نائب رئيس حزب الوسط- من هوس التشريعات، معلقا: “فرمان عسكري جديد يتحكم به في رؤساء الأجهزة الرقابية، بين فرمانات كثيرة، تليق بآلهة الاستبداد التي تختصر الدولة في شخص”، موضحا أن أكثرها كارثيا وجاء بنتائج سلبية: “ما صدر بغياب البرلمان كقانون التظاهر الذي دمر شبابا، وقانون التصالح الذي شرع نهب مصر، وقانون الإرهاب وعزل الهيئات الرقابية، هي جميعها جرائم بحق مصر”.

 

ولازال هوس التشريعات وإسهال القوانين هو المسيطر الأول على المسئول الأوحد عن كافة السلطات “التشريعية والتنفيذية –وربما- القضائية”، رغم أنها جاءت بنتائج سلبية فى أكثرها ورسخت للحكم الديكتاتوري وجلبت خسائر بالمليارات على موازنة الدولة، فى مسلسل لا ينتهي قريبا ولا يحمل خيرا للوطن فى الأفق المنظور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …