‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير «مقبرة العقرب».. سجن خارج نطاق الحياة
أخبار وتقارير - أغسطس 2, 2015

«مقبرة العقرب».. سجن خارج نطاق الحياة

“لا كهرباء.. لا ملابس.. لا زيارات.. لا أدوية.. لا مياه وطعام نظيف”.. هكذا يعيش معتقلو سجن العقرب “شديد الحراسة”، منذ أكثر من 3 شهور؛ حيث يشتكون من تكرار الانتهاكات التي تمارسها سلطات السجن بحقهم، وحرمانهم من أبسط حقوقهم الآدمية.

 

هذه الشكوى لا تتوقف يومًا خلال هذه الأشهر الماضية، بل إن أصوات أهالي هؤلاء المعتقلين بحت من تكرارها، مؤكدين أن الوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم، في ظل ما يسمى “بسياسة القتل البطيء”، التي يقول أهالي المعتقلين إن وزير الداخلية الجديد، اللواء مجدي عبد الغفار، يتبعها مع معتقلي العقرب بشكل خاص، وباقي السجون بشكل عام.

 

ومن داخل السجن، أرسل أحد المعتقلين شهادته لـ“وراء الأحداث”، حيث قال فيها: “لا كهرباء ولا ملابس ولا زيارات ولا أدوية ولا دخول للأطعمة من الخارج، وتقليل نسبة طعام السجن؛ للحد الذي لا يقيم الشخص والماء علي فترات قليلة للغاية”، مشيرا إلى أن بعض المعتقلين لا يقوى على الوقوق على قدميه؛ بسبب الإعياءات من سوء التغذية.

 

وأضاف أن سلطات السجن تقتحم الزنازين بالكلاب في أوقات مختلفة، ويقومون بتجريد الزنازين من كل ما فيها، مؤكدًا أن جميع المعتقلين، حتى كبار السن، لا يمتلكون سوى “غيارين داخليين”.

 

وتابع المعتقل في شهادته المسربة: “قاموا بمصادرة الموجود من الأدوية التعذيب لمن يعترض ولو بقول حسبنا الله ونعم الوكيل”.

 

وأشار إلى أن وتيرة هذه الانتهاكات ارتفعت، منذ يوم 29 يونيو وتتكرر كل عدة أيام، مضيفا: أن العقرب لم يشهد مثل هذه الانتهاكات من قبل.

 

وأوضح أنه تم رصد عدد من حالات التعذيب من خلال التعليق والصعق بالكهرباء لبعض المحتجين.

 

البلتاجي ينقل المعاناة

 

وكان الدكتور محمد البلتاجي، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين والبرلماني السابق، قد نقل المعاناة التي يلاقونها داخل سجن العقرب “شديد الحراسة”، وذلك خلال مطالبته للمحكمة العسكرية، أثناء جلسة الثلاثاء الماضي، بسماع شكواه مما يلاقيه من تعذيب بالسجن.

 

وأكد البلتاجي أن المعتقلين في سجن العقرب ممنوعون منذ ثلاثة أشهر من الزيارة والأدوية والطعام إلا بما يبقيهم على قيد الحياة.

 

وأضاف أنهم ممنوعون من أدوات النظافة، مشيرا إلى أنهم يُضطرون لاستخدام أظافرهم لتنظيف أجسادهم.

 

وأوضح أن هذه الممارسات تتم تحت إشراف مدير مصلحة السجون اللواء حسن السوهاجي ونائبه محمد علي.

 

وقال البلتاجي إنه في 16 يونيو الماضي وُضع لمدة خمسة أيام في غرفة بها إضاءة متوهجة تمنعه من النوم.

 

وفي منتصف الليل، أطلق عليه كلب بوليسي، كما تعرض للضرب وإهانات لفظية له ولأسرته، إلا أن المحكمة ردت، وفق مصادر الدفاع، بأنها غير مختصة بالنظر في تلك الشكاوى.

 

قبور جماعية

 

ووصفت الشيماء نجلة الدكتور بهجت الأناضولي، الأستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة والمعتقل منذ 10 أشهر، العقرب بالقبور، مشيرة إلى أن والدها يتعرض لظروف صعبة للغاية داخل سجن العقرب، حيث لم يسمح لهم بزيارته منذ شهر مايو الماضي.

 

وأشارت، في شهادتها لـ”وراء الأحداث” إلى أن والدها ممنوع عنه التريض منذ عدة شهور، وغير مسموح لهم بالخروج من العنابر سوى مرات قليلة خلال الشهر، في “طرقة” العنبر فقط، وهو ما يهدد صحته بسبب عدم تعرض جسده للشمس طول فترة اعتقاله.

 

وأضافت نجلة الأناضولي: “في نصف مارس تقريبا، حصل تفتيش من مصلحة السجون واخدوا كل حاجة، الكلام اتقالنا أن الوضع حيتغير وممكن نرجع ندخل الحاجات تاني بس محصلش، فالواقع أنهم كل شوية بيزودوا في التجريد أكثر حتى ساعة اليد، حتى معرفة الوقت مش متاح ليهم”.

 

أما عن الطعام الذي يقدم لمعتقلي العقرب، فقالت:” الأكل كانوا بيشتروا وجبة من الكافيتريا كانوا بيتغدوا بيها، لكن كل فترة يعملوا تأديب ويقفلوا الكافيتريا وساعتها بياكلوا تعيين السجن بس”.

 

وتابعت: “بعد اغتيال النائب العام عملوا تأديب للسجن كله واتمنع الكافيتريا، والكانتين – كانوا فتحوه في أول رمضان، يشتروا منه صابون وعصير، اتقفلوا بعد الاغتيال”.

 

وعبرت الشيماء عن قلقها على صحة والدها، الذي قارب عمره على السبعين، خاصة في ظل الأوضاع غير الآدمية التي يتعرضون لها داخل العقرب.

 

ولفتت إلى أن أسرة الأناضولي قامت بتقديم شكوى للمجلس القومي لحقوق الإنسان، ضمن شكاوى أهالي معتقلي العقرب، إلا أنهم لم يجدوا أي تحرك بخصوص شكواهم حتى الآن.

 

يذكر أن د. بهجت الأناضول قد اعتقلته قوات الشرطة، حيث وجهت إلى تهمة تمويل جماعة الإخوان المسلمين، وذلك من خلال لجنة زكاة الرحمن في القاهرة، والتي كان مقررها، رغم أنها كانت تحت اشراف كامل من وزارة الشئون الاجتماعية.

 

مأساة آل الحداد

ونشرت منى إمام، زوجة د.عصام الحداد مساعد الرئيس محمد مرسي، ووالدة جهاد الحداد المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، صورتين لزوجها، الأولى تعود إلى فترة بداية اعتقاله، والأخرى حديثة، وذلك بعد عامين من مكوثه في “مقبرة العقرب”، حيث توضح الصورتين ما يتعرض له الحداد الأب من تجويع، نتج عنه نقص كبير في وزنه.

 

وقالت منى، عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”:” الصورة اليمنى هى الأخيرة من آخر جلسة يونيو الماضى بعد شهرين من التجويع”.

 

وأضافت: “لك أن تتخيل حاله الآن مع العلم أنه مريض ضغط وحساسية وروماتيزم ولم يصله أى دواء منذ آخر زيارة .. أى منذ 3 شهور.

 

وشدد زوجة الحداد قائلة: “نحن لا نكتب استجداءً لأحد .. ولكن فضحا للظالمين وحجة على المؤيدين لهم ..وتأكيدا لما قاله د. البلتاجى فى المحكمة منذ أيام .. والصور لا تكذب وهى من صحفهم”.

 

وختمت تديونتها، قائلة: “أصدق تعليق وصلنى: ما أبخسه من ثمنٍ .. يُدفع فى جنةٍ عرضها السموات واﻷرض.. والله هذا ما نرجوه من رب رحيم لطيف بعباده .. اللهم تقبل واجعلها خالصة لوجهك”.

 

وفي تدوينة أخرى، نشرت منى صورتين لنجلها، جهاد الحداد، المعتقل بنفس السجن، موضحة أنه خسر أكثر من 25 كيلو جرام من وزنه، بسبب سياسة التجويع التي تمارسها إدارة السجن.

 

وقالت والدة الحداد الابن: “تأمل الصورتين .. الفرق بينهما أكثر من 25 كيلو .. الصورة اليمنى منذ شهرين 2/6.. آخر مرة رأيت ابنى جهاد الحداد كان منذ شهرين، وكان قد فقد 25 كيلو من وزنه .. بسبب سياسة التجويع التى يمارسها سجن العقرب مع المعتقلين السياسيين .. حيث طعامهم الوحيد المتاح هو ما يعطونهم من طعام السجن .. والله وحده يعلم كيف حالهم بعد تجويعهم طوال رمضان”.

 

وتابعت: “أنا لا أتحدث عن رائحته الكريهة.. أو منظره فى الجرادل القذرة .. أو لونه البنى الباهت.. أو عدم وجود أى ملح فيه فضلا عن عدم وجود أى مادة سكرية على مدار 3 شهور الآن .. ولكن حتى الكمية لا تكفى إطعام طفل صغير .. ولو أعطوهم خبزا صالحا للأكل لكفاهم وحسبى الله و نعم الوكيل .. لا ماء و لا ملابس إلا ما عليهم فقط ولا صابون لغسل وجوههم حتى منذ ٣ شهور”.

 

وبمرارة، أضافت: “أن تفقد 25 أو 30 كيلو من وزنك رغم أنك مسجون فى قبر 1,7 متر فى 2 متر ولا مجال لأى حركة؛ لأن باب الزنزانة الانفرادى لا يفتح أبدا .. فهم لم يخرجوا منها منذ النطق بالحكم آخر شعبان”.

 

وأشارت:” الهدف المعلن صراحة هو قتلهم وقد قالوها لهم مرارا.. والله .. لولا الله لما تحملوا كل ذلك منذ سنتين”.

 

واستطردت قائلة: “أتعلمون من يمنعكم ؟.. مالك الملك من بيده الخلق والأمر .. هو حسبنا ونعم الوكيل.. ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين”.

 

دعوى ضد إدارة السجن

 

وقالت أية علاء حسني، زوجة الصحفي حسن القباني المعتقل بسجن العقرب، إن الزيارة لم تصبح ممنوعة فقط على أهالي المعتقلين، بل امتدت لتشمل المحاميين، لتنقطع عنهم أخبار ذويهم منذ عدة أشهر.

 

ولخصت آية، في تصريح خاص لـ”وراء الأحداث“، الانتهاكات التي يتعرض لها زوجها في عدة أمور، أبرزها:” منع وجبات الإفطار خلال شهر رمضان، منع المياه النظيفة، قطع الكهرباء والمياه طوال النهار، وتجريدهم من كافة متعلقاتهم داخل الزنازين، منع دخول الأدوية”.

 

وتابعت: “ومؤخرا قبل رمضان خدوا حتى الشباب والنظارات والساعات علشان ما يعرفوش وقت الفطار م السحور والصبح من بليل”، مشيرة إلى أنها قامت برفع دعوى ضد سلطات سجن العقرب لعودة الزيارات الطبيعية للمعتقلين.

 

التعذيب على أشده

 

ولم تكتف السلطات الحالية بسياسة التجويع ومنع الأدوية عن معتقلي العقرب، بل امتدت ممارساتها الوحشية إلى حد التعذيب والتحرش بهم، وهو ما كشفته إيمان محروس، المتحدثة باسم رابطة الصحفيين المعتقلين بالسجون المصرية، حيث أكدت أن الصحفيين المعتقلين يتعرضون للتعذيب والتحرش، خاصة بسجن “العقرب” شديد الحراسة، إلى أن بلغت مظاهر التعذيب بمنع المصاحف وطعام الإفطار، والصعق بالكهرباء، والاعتداءات الجسدية، وسحب المتعلقات الشخصية، ومنع الزيارات، وإدخال الكلاب عليهم، والتحرش الجنسي بهم، وذلك طوال شهر رمضان الماضي.

 

وأوضحت إيمان، زوجة الصحفي المعتقل أحمد سبيع، أن الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون شملت تجريد الزنازين من احتياجات المعتقلين، وحرمانهم من التريض، وحبسهم 24 ساعة داخل الزنازين، وقطع الكهرباء والماء عنهم طوال اليوم، باستثناء ساعة أو أقل ليلا، وتعرضهم للسب والضرب، وحرمانهم من الرعاية الصحية.

 

وهددت إيمان باللجوء إلى الاعتصام في النقابة، من جديد، والتصعيد القانوني والحقوقي، مشددة على أن الصحفيين المحبوسين سجناء رأي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …