التحالف «المصري – الشيعي».. وسر زيارة «بن سلمان»
واصل النظام العسكري المصرى ممارسة “الاستربتيز السياسي” فى علاقاته الخارجية على طريقة العاهرات بالميل ناحية من يدفع أكثر، وباتت لغة الابتزاز والتلاعب بالمصالح العربية هى الأكثر استخداما على ألسنة قادة المشهد من أجل الحصول على أكبر غلة من “الرز الخليجي” لدعم الاقتصاد المنهار والإبقاء على حكم السيسي لأطول فترة ممكنة.
المد والجزر فى العلاقات المصرية السعودية منذ رحيل العاهل عبدالله ووصول شقيقه سلمان بن عبدالعزيز إلى سدة الحكم صاحبه تقارب مريب مع النظام الإيراني وسط تجاهل تام لممارسات النظام الفارسي الفجة فى سوريا ولبنان والعراق واليمن، لينسف العسكر أكاذيب “مسافة السكة” التى صاحبت الانقلاب فى أيامه الأولي على الثوري ومع بدأ تدفق الرز الخليجي.
وباتت إيران هى الورقة التى يضغط بها العسكر على صناع القرار فى بلدان الخليج، حتى تصاعدت حدة التوتر فى الآوانة الأخيرة فى ظل المتغيرات التى طرأت على الساحة السياسية فى الشرق الأوسط مع اتجاه السعودية إلى خلق تحالف سني ضد التوسع الشيعي فى المنطقة تقوده مع تركيا وقطر ونتج عنه تقارب مفاجئ مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وفى المقابل ارتفعت وتيرة الغزل المصري تجاه نظام الملالي خاصة بعد توصل طهران إلى اتفاق نووي مع دول «5 + 1».
وجسد الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل –كاهن المعبد والمقرب من السلطات العسكرية المتعاقبة- حجم التوتر مع المملكة والتقارب مع إيران، فى حديث مثير للجدل مع جريدة “السفير” اللبنانية، قبل أيام، قدم خلاله وصلات من الغزل فى النظام الفارسي وحضارته وقدراته السياسية والدبلوماسية فى مقابل هجوم مبطن وآخر معلن على المملكة العربية السعودية وتركيا، ما قابله حملات من الغضب الخليجي ضد التوجه المصري الفج ضد مصالح الأمة ومطالب بمقاطعة النظام العسكري ووقف ضخ الرز.
ولم يفوت النظام الإيراني الفرصة من أجل استقطاب الحليف المصري إلى قائمة بلدان النفوذ الفارسي ومحاولة ضم القاهرة إلى الحظيرة الإيرانية بعد بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت، أو تحيدها على أقل تقدير فى المواجهة السنية الشيعية المرتقبة والتى تلوح فى الأفق المنظور، وقدمت طهران قرابين الترحيب بالسيسي بإلغاء التأشيرة بين مصر وإيران.
وكانت صحيفة “كيهان” الإيرانية قد قالت إن طهران قررت إلغاء تأشيرات الدخول إلى أراضيها لمواطني سبع دول لتنشيط قطاع السياحة في البلاد، مضيفة: “من الآن فصاعدا سيتمكن السياح من تركيا ولبنان وأذربيجان وجورجيا وبوليفيا ومصر وسوريا التجوال في إيران من دون تأشيرات الدخول لمدة تصل إلى 90 يوما”.
وأكد مراقبون أن إيران وجدت الفرصة سانحة للتود إلى مصر، في ظل توتر العلاقات بينها وبين المملكة، وهو ما دفع الأولى إلى اتخاذ قرار بإلغاء تأشيرات الدخول إلى أراضيها والتجول داخلها دون تأشيرة للمصريين.
ووصف السفير محمود فرج، رئيس مكتب رعاية المصالح المصرية في إيران سابقا، إلغاء طهران تأشيرات الدخول إلى أراضيها للمواطنين المصريين، بـ”مغازلة سياسية للنظام في مصر”، مشيرا إلى أن القرار يعكس الرغبة الإيرانية في الاستعداد التام للتعامل مع مصر.
وفي المقابل، استجابت السلطات المصرية للمحاولات الإيرانية للتودد، حيث أعلنت عن استعدادها لاستيراد البترول من إيران، وذلك بحسب تصريحات المهندس شريف إسماعيل، وزير البترول والثروة المعدنية الانقلابى .
وقال إسماعيل -في تصريحات صحفية- أمس الأربعاء، إن قطاع البترول ليس لديه مانع من استيراد الخام الإيرانى بعد رفع الحظر والسماح بالتصدير، مشيرا إلى أن خط سوميد تأثر كثيرا بالسلب بسبب الحظر الذى كان مفروضا على إيران وعدم تصديرها أى خام، وأنه يأمل فى الفترة المقبلة وبعد السماح لإيران بالتصدير، أن تزيد إيرادات سوميد وتعوض خسائره فى الفترة الماضية.
وبأوامر من السلطات العسكرية باستخدام ورقة الأزهر واستغلال حنين إيران إلى المسجد الذى أسس على يد دولة الشيعة الفاطمية، تحرك شيخ الأزهر –المقرب من النظام- أحمد الطيب موجها الدعوة إلى كبار علماء الشيعة لاجتماع بالمشيخة للتقارب بين المذاهب، متجاهلا الممارسات الصفوية فى المناطق السنية.
الانتقام من سلمان
واعتبر المراقبون سعي مصر لتحسين علاقاتها مع طهران، يأتي بمثابة الثأر من النظام السعودي الجديد، بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي اتخذ موقفا مغايرًا عما اتخذه سالفه، والذي دعم انقلاب 3 يوليو 2013، والتى بدأت بشن هجوم شرس من قبل وسائل الإعلام التابعة للعسكر على الملك سلمان والمملكة السعودية.
ودخل رئيس تحرير صحيفة الأهرام محمد عبدالهادي علاّم، على خط الهجوم على السعودية عبر مقال هاجم فيه السياسة السعودية؛ خاصة بعد اللقاء الأخير للعاهل السعودي مع رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، واعتبرها “تقوية لشوكة جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها الدولي، وترويج لسياسة التحالف معها”.
ووصف علاّم، التصرفات السعودية الموحية بتقارب مع الإخوان بأنها “من قبيل الجهل وقصر النظر والاستعباط السياسي”، زاعما ان التقارب السعودي من الإخوان خطرًا على الأمن القومي لدول المنطقة، مؤكدًا أن هذه السياسة تعرض النظام في أي دولة تتقرب من الإخوان إلى الخطر.
وشارك الإعلامي الأمنجي أحمد موسي، في الحملة التي تشن على المملكة، حيث قال: “إن مصر لن تقبل أية إملاءات أو شروط من ملك السعودية وغيره من الرؤساء في الشؤون الداخلية لمصر”.
وواصل عراب الهجوم على المملكة إبراهيم عيسى -أحد أذرع العسكر- هجومه على المملكة العربية السعودية خلال حلقات برنامج “25/30″،المذاع على فضائية أون تي في، زاعماً أن الوهابية السعودية هي أصل كل الإرهاب على الأرض.
وشن عيسي هجومه علي الدعاة المسلمين، متهماً إياهم بتمويلهم من السعودية أو كما أسماها “الحركة الوهابية ودول النفط”، مطالباً أستعادة مكانة مصر “الفنية والثقافية”، لمحاربة الفكر الداعشي.
الصراع المصري السعودي الجديد، عبر عنه الاعلامي المخبر عبدالرحيم علي، الذي كشف عن بدء تشكيل تحالف “مصري – إماراتي” لمواجهة التقارب السعودي مع الإخوان بمختلف الدول العربية والتضييق عليهم، ومنع مشاركتهم في الحكم في أي من البلاد العربية.
وأوضح أن هناك خلافات واسعة بين نظام السيسي والسعودية حول الملف السوري واليمني والعراقي والإيراني، مشيرا إلى أن استراتيجية السعودية في المواجهة مع إيران تعتمد على حشد حركات الإسلام السني أمام الخطر الشيعي، والذي يتوقع أن يزداد توحشا بعد توقيع الاتفاق النووي، خاصة بعد الإفراج عن أموال طهران المجمدة في العواصم الغربية، وفك العقوبات بشكل تدريجي، ما يوفر مصادر تمويل واسعة ترى الرياض أن منافستها ستستغلها في توسيع نفوذها الإقليمي بشكل كبير.
لغز بن سلمان
لم يسر سلمان على خطى سلفه عبدالله فى التعامل مع مصر ونظامه العسكري، بل على العكس سار فى اتجاه معاكس وإن حافظ على شعرة معاوية، حيث تخلص فى بداية حكمه من كافة الأوراق التى استغلها النظام المصري وعلى رأسها عراب 30 يونيو “التويجري”، قبل أن يلجأ إلى تعين وزراء فى الحكومة الجديدة تعلن عدائها للنظام الدموي فى مصر وتعتبر ما جري فى 3 يوليو انقلابا عسكريا، قبل أن تتغير البوصلة الدبلوماسية للمملكة ناحية تركيا وقطر، وتتصالح مع تيار الإسلام السياسي وجماعة الإخوان المسلمين فى اليمن وحماس، ودعم الثوار فى سوريا.
إلا أن التقارب المصري الإيراني يبدو أنه أثار مخاوف العديد من دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، وذلك بعد التطبيع الإيراني الغربي ورفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، وغض الطرف عن تمدد نفوذ طهران في المنطقة العربية أو الشرق الأوسط.
وهو ما أنعكس فى الزيارة المفاجئة وغير المعلنة لولي ولى العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة والظهور إلى جوار السيسي، فى حفل تخريج دفعة جديدة من طلبة كلية الحربية، جاءت ليطرح مزيد من علامات الاستفهام حول طبيعة العلاقات، ومدى تأثير التلاعب المصري بالورقة الإيرانية على تراجع المملكة وطبيعة التنازلات أو “الرز” الذى يمكن أن تقدمه للسيسي فى الأيام القادمة؟.
واعتبر المراقبون أن زيارة وزير الدفاع السعودي بمثابة محاولة جديدة لاستمالة النظام المصري نحو التحالف السني، فى صفقة قد تؤثر على التقارب السعودي الحمساوي، خاصة وأن أمراء المملكة يرغبون فى استثمار الأموال التى تم ضخها فى مصر عقب الانقلاب وأن ترد القاهرة الدين دون تلاعب أو ابتزاز، كما حدث من قبل فى عمليات عاصفة الحزم التى تهرب منها الجيش المصري.
“العربية.نت” وصفت عبر مصدر –وصفته- بالمطلع، زيارة الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع إلى جمهورية مصر العربية بالناجحة، بعد جلسة مباحثات ثنائية مع السيسي، تلاها اجتماع موسع بحضور وفدي البلدين.
وصرح السفير علاء يوسف -متحدث السيسي- أن الأخير رحب بـ سلمان الأبن، وطلب نقل تحياته وتقديره للملك سلمان بن عبدالعزيز، مؤكداً أن مصر كانت وستظل دوماً عوناً لأشقائها ومدافعاً عن الحقوق العربية، وأن أمن منطقة الخليج العربي خط أحمر بالنسبة لمصر، وجزء لا يتجزأ من أمنها القومي.
وأشاد السيسي بمواقف المملكة إزاء مصر وشعبها، منوهاً بأن الشعب المصري لن ينسى المساندة والدعم السعودي لإرادته الحرة، وسلم الأمير رسالة لخادم الحرمين الشريفين، دعاه فيها للقيام بزيارة رسمية إلى مصر، مؤكداً أن الترحيب بالملك سلمان سيكون رسمياً وشعبياً، ويأتي تعبيراً عن امتنان وتقدير الشعب المصري لما قدمته المملكة من دعم ومساندة لمصر في مرحلة دقيقة من تاريخها.
وذكر السفير يوسف أنه تم أثناء اللقاء استعراض سبل تطوير وتعزيز العلاقات الثنائية على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية وتنميتها والارتقاء بها إلى آفاق أرحب ومستوى أكثر تميزاً، كما تم استعراض آخر المستجدات وتطورات الأوضاع على الساحة العربية في ظل الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الأمة العربية، وسعي بعض الأطراف والجماعات المتطرفة لاستغلال الفراغ الذي خلفه الاقتتال الداخلي وحالة الضعف في بعض الدول للتوسع والإضرار باستقرار ومستقبل شعوب المنطقة.
وأضاف أن اللقاء شهد تأكيداً على أهمية مجابهة كافة محاولات التدخل في الدول العربية أياً كانت مصادرها، وذلك حفاظاً على النظام العربي وترميمه وتقويته في مواجهات محاولات اختراقه وإضعافه، حيث أعرب الجانبان عن موقف البلدين المشترك إزاء مواجهة التحديات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط، والذي يعد ركيزة أساسية للتضامن العربي.
السيسي فتح المزاد ما بين تحالف سني وأخر شيعي من أجل دعم اقتصاده المريض والإبقاء عليه على عرش مصر، فى محاولة لتأمين نفسه من انقلاب مضاد تقوده السعودية مجددا، وواصل عروض “الاستربتيز الدبلوماسي” لمن يدفع أكثر، فى معادلة يقامر فيها الحاكم العسكري بمقدرات الوطن فى حلبة صراع قد يخسر فيها الوطن هويته إلى الأبد.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …