حتى في «رمضان».. الانتحار يحاصر المصريين فى «دولة السيسي»
لم يمنع شهر رمضان المحبطين من الإقدام على الانتحار، الذي اعتاد المصريون سماع حوادثه بكثرة خلال الفترة الماضية، بسبب تفاقم الأزمات الاقتصادية، إلا أنهم لم يتخيلوا أن يحدث انتحار خلال الشهر المبارك.
ووفقًا لمراقبين، وصل عدد المنتحرين في مصر خلال شهر رمضان إلى 15 منتحرًا من جميع فئات المجتمع من شيوخ وأطفال ونساء وشباب، لأسباب اقتصادية واجتماعية وأزمات المعيشة.
زوجان كانا أحدث من انضم إلى طابور المنتحرين؛ حيث قاما بإلقاء أنفسهما أمام مترو الأنفاق في محطة “جامعة القاهرة”، ليلقى الزوج مصرعه على الفور، بينما أصيبت الزوجة بإصابات بالغة، وذلك بحسب رواية شهود عيان.
انتحار الأطفال
وكانت أصعب حالات الحوادث انتحار طفلة تبلغ من العمر 12 عامًا، شنقًا في منطقة عين شمس، شرق القاهرة، بعدما لفت على عنقها “إيشارب” تقليدًا لألعاب الفيديو التي كانت تشاهدها، داخل منزلها، بحسب أقوال والدتها في التحقيقات.
وأضافت والدة الطفلة أن أشقاءها حاولوا إنقاذها، إلا أنها لفظت أنفاسها الأخيرة.
وتابعت والدة الطفلة أمام النيابة العامة أن ابنتها كانت دائمة مشاهدة أفلام الفيديو الخطرة وألعاب الفيديو جيم، وكانت تقلد تلك الأفلام والألعاب، وكانت بصحبة أشقائها تلهو داخل شقتها ووضعت “إيشارب” على عنقها تقليدًا لتلك الأفلام والألعاب.
كما انتحر تلميذ ابتدائي شنقًا بسوهاج، الجمعة الماضية، باستخدام حبل قام بلفه حول رقبته معلقًا بمنشر الغسيل، وذلك خوفًا من تعرضه للعقاب لتشاجره مع أحد أطفال الجيران.
كانت المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة قد رصدت انتحار 22 من أطفال مصر، منذ بداية عام 2015، مؤكدةً أن هناك العديد من الأسباب التي تؤدي بالأطفال إلى الانتحار، منها أسباب اقتصادية وأسرية ونفسية، إلى جانب تقليد الأفلام الكرتونية، وظروف غامضة وظروف صحية.
وأرجع التقرير انتحار تسعة أطفال إلى الأسباب الاقتصادية والأسرية، وهي النسبة الأعلى للأطفال المنتحرين، فيما انتحر ستة أطفال لأزمات ومشاكل نفسية، بجانب خمسة أطفال انتحروا لأسباب غامضة، وحالة واحدة بتقليد الأفلام الكرتونية، وهي لطفل شاهد فيلمًا كارتونيًّا عن “سبايدر مان” وحاول تقليده، مما أدى إلى وفاته.
المعدلات ترتفع
وبحسب الدراسات، ترتفع معدلات الانتحار عامًا بعد عام؛ حيث جاءت مصر في دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية، في المركز الـ96 على مستوى العالم من حيث عدد الأفراد المقبلين على الانتحار، وكان ذلك في عام 1987، ثم جاء عام 2007 ليشهد 3708 حالات انتحار متنوعة من الذكور والإناث، وسجل المركز القومي للسموم التابع لجامعة القاهرة وقوع 2355 حالة انتحار بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 22 و23 عامًا، طبقًا للإحصائيات الرسمية.
وفي عام 2009 أظهرت دراسة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية، أن هذا العام شهد محاولات للانتحار في المدن والقرى المصرية، بلغت 104 آلاف حالة، تمكن 5 آلاف منهم من التخلص من حياتهم، وأن الفئة العمرية الأكثر إقبالاً على الانتحار هي ما بين 25 و40 عامًا؛ حيث تمثل النسبة الأكبر لانتحار الرجال، وأن معظم حالات الانتحار ترجع إلى الظروف الاقتصادية، وعدم القدرة على الإنفاق على الأسرة.
وتشير الدراسة إلى أن المرتبة الثالثة في إحصائية المنتحرين، جاءت ممثلة في الفئة العمرية من 7 إلى 15 عامًا، وكانت البنات في هذه المرحلة ثلاثة أمثال الأولاد المنتحرين.
ومنذ يناير 2011 وحتى عام 2014، رصد جهاز التعبئة والإحصاء 18 ألف محاولة انتحار، منها 3 آلاف لمن هم أقل من 40 عامًا، وبلغ المعدل السنوي خمس محاولات من أصل ألف شخص، وذلك بزيادة 12% عما كانت عليه عام 2010.
كانت مصر قد احتلت المركز الخامس في قائمة الدول الأكثر بؤسًا على مستوى العالم، وذلك في تقرير أصدرته مجلة “بيزنس إنسايدر”، في شهر سبتمبر الماضي، ضم 21 دولة.
كما يعاني 13.6% من المصريين من البطالة، استحوذت الفئة العمرية من 20 إلى 30 عامًا على النسبة الأكبر منها؛ حيث تمثل 56% من إجمالي العاطلين عن العمل، بحسب تصريحات إبراهيم محلب رئيس الحكومة المصرية في يوليو الماضي، في حين أن المدير السابق لإدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالبنك الدولي خالد إكرام، أكد أن معدل البطالة في مصر أكثر من 25% .
يأتي هذا في الوقت الذي تلقت فيه مصر مساعدات من الدول الخليجية منذ انقلاب 3 يوليو تجاوزت 20 مليار دولار.
إنذار بالخطر
المعدلات تنذر بالخطر، هكذا يرى المراقبون، الذين أرجعوا تزايدها إلى الأزمات الاقتصادية وضبابية المستقبل والإحباط، وسط تجاهل الدولة عن أداء دورها تجاه توفير الاحتياجات اللازمة للمواطن.
وأرجعت الدكتورة عزة كُريم، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أسباب تزايد عدد حالات الانتحار إلى نفس الظروف المعيشية خلال المرحلة التي سبقت ثورة 25 يناير، مشيرةً إلى أن المواطنين يعانون الآن من ارتفاع الأسعار والإحساس بضبابية المستقبل، فضلاً عن فصل عدد كبير من العمال.
وأضافت: “عدنا للضغوط المجتمعية القاسية قبل ثورة 25 يناير، نلاحظ أنه زاد قبل ثورة يناير؛ لأن الضغوط وصلت للقمة، ويجب على الدولة أن تقف وقفة تجاه ذلك، فالدولة الواعية ترى في تزايد حالات الانتحار مؤشرًا لتفاقم المشكلات، في ظل معاناة مجتمعية كاملة، فكلنا نشعر بارتفاع الأسعار وزيادة التضخم وقلة الدخل، خاصة عند منخفضي المستوى الاجتماعي”.
وتوقعت د. عزة تزايد انتشار ظاهرة البلطجة والسرقة عقب تفاقم تلك الظاهرة، مشيرة إلى أن المزيد من الانتحار يؤدي إلى التمرد الذي لا نعلم إلى أين يصل بنا، خاصة أنه في ظل القمع الحالي من يتمرد ويعاند مصيره السجن، وقالت: “إن تفاقم تلك الظاهرة التي وصلت لـ15 حالة انتحار في شهر واحد هو مؤشر خطر جماعي، وضوء أحمر لمطالبة المجتمع الدولة بحلها؛ حتى لا تخرج عن نطاق السيطرة.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …










