‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير 4 سيناريوهات درامية أفرزتها «التصفية الجسدية».. من التنحي إلى التفكيك
أخبار وتقارير - يوليو 4, 2015

4 سيناريوهات درامية أفرزتها «التصفية الجسدية».. من التنحي إلى التفكيك

تطورت الأحداث فى مصر على نحو متسارع تزامنا مع تزايد وتيرة العنف فى أنحاء متفرقة، بعد مرور البلاد بـ 7 أيام كارثية تنذر بدخول الصراع مرحلة دامية بدأت باغتيال النائب العام المستشار هشام بركات فى قلب العاصمة المصرية وفى واحدة من أكثر البؤر الحيوية بالقاهرة، لتمتد بعد ساعات قليلة إلى سيناء بعملية نوعية استهدف بها تنظيم الدولة “ولاية سيناء” 17 كمينا وتمركزا أمنيا ما أسفر عن سقوط عشرات القتلي فى صفوف القوات المسلحة.

 

رد النظام المصري لم يتأخر كثيرا، حيث اتجهت قوات الأمن للرد على العمليات عبر محورين متوازيين، الأول بهدف الخروج بأكبر المكاسب، عبر الرد على عمليات التنظيم السيناوي بقصف وحشي استخدم خلاله الطائرات F16إلى جانب غارات الأباتشي المتواصلة خلف عشرات القتلي أكثرهم من المدنيين، فيما حرصت على استغلال الحادث فى الداخل باستهداف أحد اجتماعات لجنة التكافل ودعم أسر الشهداء بجماعة الإخوان وقامت بتصفية 13 قياديا بـ”دم بارد”.

 

عبد الفتاح السيسي –القابع على رأس النظام المصري- وجه اتهامات صريحة إلى قيادات الإخوان فى اعقاب اغتيال النائب العام واستبق تحقيقات الأجهزة الأمنية ليقرر المضي قدما فى اتخاذ إجراءات استثنائية تتعلق بشأن سير المحاكمات ودرجات التقاضي، وميدانيا بممارسات قمعية فى التعامل مع كوادر الجماعة واختصار الدخول فى دوامات المحاكم والطعون بـ”التصفية الجسدية”.

 

«وراء الأحداث» رصد 4 سيناريوهات يمكن أن تغير ملامح الواقع الدموي الذى فرضه العسكر على مشهد الصراع:

 

التضحية بالسيسي

 

هجمات سيناء ومن قبلها اغتيال بركات كشف عورات الأمن المصري، ودفع الجيش إلى تحرك سريع قبل أن تتفاقم الأوضاع على نحو تصعب السيطرة عليه، واختزال 10 سنوات من صراع مشابه فى الجزائر قضي على الأخضر واليابس فى بلاد بن بيلا.

 

وبشكل مفاجئ للمتابعين عقد المجلس العسكري اجتماعا طارئا لبحث مستجدات المشهد خاصة ما يجري الآن على أرض سيناء، إلا أن الاجتماع تم ومقعد السيسي خاليا من صاحبه لأول مرة منذ الانقلاب على أول رئيس منتخب، وفقا لما كشفت عنه وسائل إعلام محسوبة على النظام المصري، ليترأس الاجتماع وزير الدفاع صدقي صبحي، وهو ما أثار جدلا واسعا حول نوايا المؤسسة العسكرية.

 

الخبير العسكري عمر العفيفي كشف -عما أسماها- خطة «مستقبل وطن» التى أخرجها المجلس العسكري من الأدراج للسيطرة على الأوضاع والتى يأتى على رأسها استبعاد «السيسي» من الحكم عبر تنحي معلن، وتسليم السلطة للمجلس العسكري لإدارة شؤون البلاد لفترة انتقالية تمهيدا لانسحاب الجيش تماماً من الحياة السياسية مع التفاوض على ضمان عدم عود الإخوان إلى المشهد السياسي ولو إلى حين.

 

وأكد عفيفي أن المخطط لا يخفي على السيسي بل شارك بنفسه فى إعداده والتى تعرف بالإطاحة بالرأس لضمان بقاء الجسد كما حدث من قبل مع مبارك، وهو ما صرح به قائد الانقلاب: «أنه لابد من المصارحة بدون مجاملة ووضع الخطط البديلة تحسبًا لأي طارئ، وأنه على أتم استعداد للتخلي عن السلطة لو كان وجوده في الحكم هو المشكلة وتسليم السلطة للمجلس العسكري لو كان ذلك سيحل مشكلة مصر ويمنع انهيار المؤسسة من التصادم مع الشعب».

 

وتبقي فكرة الإطاحة بالسيسي محل جدل داخل المجلس العسكري بين رافض ومؤيد من أجل تماسك المؤسسة، إلا أنه تم التوافق على اعتبارها خطة يجب وضعها في الاعتبارإذا ما دعت الضرورة لتطبيقها لحماية المؤسسة العسكرية من الانهيار والتفكك والدخول فى صدام مفتوح مع قطاع من الشعب على طريقة حرب الشوارع، واتفق أعضاء المجلس على مناقشة الفكرة مع حلفاء الخارج للاستقرار على بديل.

 

وزعم العقيد السابق أن فكرت التنحي أخذت طابع الجدية داخل المجلس العسكري، بعد أن أكدت التقارير الأمنية أن شعبية السيسي تنهار بالتدريج، فى ظل الخلل الأمني والاقتصادي والاجتماعي والذى انعكس على كافة مناحي الحياة.

 

تفكيك الجماعة

 

سيناريو التصفية الجسدية وتغيرات معادلة الصراع لتشمل معطيات دموية صفرية تنذر بعواقب مأساوية فى الأفق المنظور، دفع قيادات الجماعة إلى التفكير على نحو مغاير من أجل تجنب تكرار سيناريو ستينيات القرن الماضي، والذى مر خلاله التنظيم بسنوات عجاف هددت بقاءه، فى ظل الشحن الإعلامي المتزايد ضد الإخوان وتوافر حاضنة شعبية –من أنصار النظام- لإجراءات أكثر دموية.

 

تفكيك الإخوان والتفكير خارج صندوق السلمية، حركتها دعوات وزارة الدخلية المصرية بتكاتف المواطنين من أجل استئصال جماعة الإخوان المسلمين من معادلة السياسة المصرية، ومناشدة أنصار السيسي بالإبلاغ عن أعضاء الجماعة والمتعاطفين معها، وتحرك الأمن على نحو متسارع بتصفية اجتماع 6 أكتوبر، والقبض المسعور على الصحفيين بزعم الانتماء إلى جماعة محظورة.

 

القيادي الإخواني أشرف عبد الغفار أكد أن “الجماعة تطارد الآن على أصل هوية وليس جريمة”، بعد دعوة داخلية الانقلاب المواطنين الشرفاء “مرشدين ومخبرين” بالإبلاغ عن كل منتمٍ للجماعة تمهيدًا لاعتقاله أو قتله.

 

ودعا عبد الغفار –فى تصريحات متلفزة- إلى حلّ الجماعة في مصر كـ”تنظيم” من أجل تجنب التصفية الجسدية والتفويت على النظام العسكري تدشين مرحلة القتل خارج القتل، مشددا أن الفكرة الأن باتت مطلبًا ملحا لحقن دماء شباب الإخوان وتجنب قتلة الانقلاب العسكري. –بحسب تعبيره-

 

واعتبر القيادي الإخوان أن الدعوة إلى حل التنظيم فى مصر لا تعني زوال الكيان، مشددًا على أن “الجماعة فكرة وروح وتيار يسري في الجسد المصري وأحد العناصر المكونة لمعادلة السياسة المصرية منذ 80 عاما ونيف، ولكن التعامل مع المرحلة الحالية يتطلب حلولا قد تبدو قاسية إلى حد بعيد.

 

دعوة عبدالغفار لم تلق استهجانا داخل الصف الإخواني، بقدر ما تم تناولها بالبحث والتحليل، حيث أكد الكاتب الصحفي محمد حسين: “هل فعلا هناك اتجاه داخل جماعة الاخوان المسلمين لحل التنظيم ” مؤقتا ” وكذا وقف جميع أنشطتها الخيرية والخدمية وترك شبابها للتعامل بلا وصاية من احد مع سلطة الانقلاب العسكري”.

 

وتابع حسين: “أظن أن هذا الأمر سيكون خطوة في غاية الأهمية على الحراك الثوري”، معددا المكاسب من وراء تلك الخطوة: “التنظيم يتحرك بحسابات وبالتالي الحركة الفردية ستكون غير مثقلة بالتبعات وغيرها، وعمليات التصفية التي تتم من قبل سلطة الانقلاب تتم بعد انتزاع معلومات بالتعذيب عن أسماء اخرين وبالتالي لن تتمكن الداخلية من معرفة الاخرين طالما كان التحرك فرديا”.

 

الصدام المسلح

 

المراقب للمشهد المتوتر منذ الانقلاب وتوالى مذابح العسكر انطلاقا من الحرس الجمهوري وحتى أكتوبر، يدرك أن العسكر يدفع التيار الإسلامي نحو الصدام المسلح على نحو ممنهج، ويسوق البلاد نحو حرب أهلية فى سيناريو مشابه لما حدث فى الجزائر مطلع تسعينيات القرن الماضي وأمتد حتى وئام الألفية الجديدة.

 

وبحسب مراقبين سياسيين فإن عدد غير قليل من أنصار الشرعية ومناهضي النظام المصري وأعضاء التيار الإسلامي كفر بالسلمية فى ظل ألة القمع والقتل الانقلابية، وتوافدوا على التنظيمات المسلحة، إلا أن الأمور لا تخرج عن كونها حالات فردية حتى الآن، غير أن دعوات التصفية الجسدية ومحاكم التفتيش قد تدفع الشباب إلى الدخول أفواجا فى التنظيمات المتشددة واللجوء إلى السلاح على طريقة “يا روح ما بعدك روح”.

 

تكرار سيناريو الجزائر هو الذى حاول تحالف دعم الشرعية أن يتجنبه على مدار عامين من الممارسات الفاشية، متمسكا بالسلمية والحراك الثوري، إلا أن تصفية 13 قياديا عزل فى أكتوبر، قد يعيد رسم خارطة المواجهات ليبدأ سيناريو حمل السلاح بشكل ممنهج وتشكيل كيانات مسلحة تستهدف عناصر الأمن من الجيش والشرطة، وهو ما حدث فى البلد الشقيق على مدار قرابة 10 سنوات دفع خلاله الضريبة باهظة من الأمن والاستقرار والنمو والاقتصاد إلا أن الفاتورة الأبرز تمثلت فى مقتل 120 ألف نفس فى سنوات سوداء انتهت إلى اتفاق وئام مجتمعي أعاد الفرقاء إلى مائدة المفاوضات ولكن بعد فوات الأوان.

 

الصدام المسلح قد يأخذ أشكال متعددة أبرزها هو إعلان التحالف مع كيانات مسلحة موجودة بالفعل فى المشهد وعلى رأس تنظيم الدولة ومن وراءها حركات إعدام والمقاومة الشعبية وأجناد مصر، وبتحالف الكيانات أعضاء التحالف إلى تلك التنظيمات بعد أن فقدت الأمل فى حل سياسي سلمي يعد نذير شؤم على البلاد ويدخل بها فى هوة سحيقة، إما المسار الثاني وهو الفردي، حيث تكفل الجماعة لأعضائها حرية التحرك والاختيار للتخير ما بين الالتزام بالسلمية إو انتهاج العنف تحت بند الدفاع المشروع عن النفس.

 

سلميتنا أقوى من الرصاص

 

مع توالي النكبات وتكرار المجازر بحق أنصار الرئيس محمد مرسي فى الحرس والمنصة ورابعة والنهضة ورمسيس الأولي والثانية وكرداسة ودلجا والميمون والبصارطة والمطرية، ولم يتردد الجميع عن الإلتزام بالشعار الذى رفعه مرشد الجماعة إبان اعتصام رابعة «سلميتنا أقوي من الرصاص»، وبات الخيار الوحيد فى مواجهة العسكر هو الحراك الثوري السلمي، والرهان على النفس الطويل والثبات واليقين فى نصر الله.

 

وعلى الرغم من سقوط مئات القتلي واعتقال عشرات الآلاف فى سجون النظام المصري، وإصابة الألاف بإصابات متنوعة ما بين العاهات المستديمة إلى الجروح الطفيفة، لم يحيد أحد عن المسار، وكانت بيانات التحالف من جانب والإخوان على حدة من جانب آخر تؤكد هذا النهج وتوثقه وترسخه فى أذهان الأنصار، بل خرجت مع العمليات المسلحة التى تستهدف المجندين فى سيناء وغيرها لتدين العنف وتنعي القتلي وتحمّل العسكر مسئولية الانفلات.

 

وعليه، يري مراقبون صعوبة أن تتخلي الجماعة عن السلمية والانجرار إلى العنف الذى ينشده الجنرالات، وهو ما كان يمكن أن يحدث فى السابق ولأسباب أكبر وقعا وأشد أثرا على رأسها مقتل قرابة 4 آلاف نفس فى فض اعتصام رابعة والنهضة، أو الحكم على الرئيس المنتخب بالإعدام فى قضية اقتحام السجون، ليبقي الطرح الأقرب إلى الواقع هو الالتزام بالسلمية ومواصلة النضال الثوري فى الشوارع.

 

لا خلاف على أن الارتباك هو المسيطر الأول على المشهد سواء فيما يتعلق بحالة القلق المتزايد والغموض داخل أروقة النظام بعد اجتماع المجلس العسكري لأول مرة دون عبدالفتاح السيسي فى مشهد أثار حالة من الجدل داخل الوسط السياسي قبل العسكري حول قرارات مفاجئة قد تصدر عن المؤسسة العسكرية، وحتى داخل جماعة الإخوان التى قد تتجه إلى حلّ تكتيكي بمثابة تجرع كمية قليلة من السم لا تقتل ولكن تفوت على النظام فرصة الإنقضاض عليها.. لتبقي الأيام القليلة القادمة محملة بالعديد من المفاجآت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …