بعد عامه الأول: كيف سيكون العام الثاني للسيسي؟
أجرى خالد داود، المتحدث الرسمي باسم حزب الدستور، حوارا مع الأستاذ بجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد، في مجلة (أتلانتيك كونسل)، حول عام مضى وعام قادم من حكم السيسي، باعتبار أن “السيد” كان عضوا بارزا في حركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير تحت حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وفيما يلي تفاصيل الحوار المترجم نقلا عن موقع “راقب” للترجمة
ماذا كانت العلامة الأبرز في العام الأول لحكم الرئيس السيسي؟
السيد: العلامة الأبرز للسيسي هي اعتماده التام على مؤسسة الجيش، يرجع ذلك الاعتماد على الأرجح لتنشئته– حقيقة أنه انضم للجيش منذ الثانوية العامة في عمر الخامسة عشر واندمج في داخله. نشأ السيسي في أوضاع يهيمن عليها حكم الحزب الواحد، دون حياة سياسية نشطة، أو حركات سياسية قوية. أما سابقوه، الذين كانوا ضباطا بالجيش أيضا مثل الرؤساء الراحلين جمال عبد الناصر، أنور السادات، والمخلوع حسني مبارك، فعينوا مدنيين في وزارات سيادية ووثقوا فيهم. وفي المقابل، يبدو الرئيس السيسي واثقا بشكل أكبر في العسكريين. فجميع المستشارين الأقرب إليه في الرئاسة ضباط جيش. وأظن أن ذلك سيميز حكمه خلال السنوات القادمة.
خلال حملته الانتخابية، قال الرئيس السيسي إنه لن يعلن برنامجا مفصلا. إلا أنه قدم بعض الوعود الكبيرة التي سيستغرق تحقيقها سنوات. في هذا السياق، هل من العادل تقييم أداء السيسي بعد عام واحد؟
السيد: الوعد الأهم الذي قدمه السيسي كان أنه ملتزم بخارطة الطريق (التي أعلن عنها يوم 8 يوليو 2013، بعد خمسة أيام من إطاحته، حينما كان وزيرا للدفاع، بالرئيس السابق وقائد الإخوان المسلمين محمد مرسي في 3 يوليو 2013). شمل ذلك الوعد بإجراء انتخابات برلمانية خلال ستة أشهر بعد اعتماد الدستور (في يناير 2014). كرر السيسي لاحقا نفس الوعد عندما ألقى خطابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في سبتمبر، 2014، قائلا: إن الانتخابات ستقام قبل نهاية العام. لم يتم الوفاء بأي من تلك المواعيد النهائية.
والآن، يقول الرئيس السيسي إنه سيجري الانتخابات قبل نهاية 2015. أظن أن ذلك مهم للغاية، لأنه يعكس رؤى السيسي بشأن أهمية البرلمان. ينتظر السيسي أن تتحد البلاد وراء قيادته، مثلما يجب أن يتحد ضباط الجيش والجنود وراء قائدهم. إلا أن السياسة في الواقع تعني التسامح تجاه الاختلافات، النزاعات والمناقشات. تلك الرؤية السياسية ليست واردة على بال الرئيس السيسي. لا أظن أنه سيشعر بالارتياح في وجود مجلس منتخب لأن وجود مجلس مشابه سيعني إجراء مناقشات، وجود وجهات نظر مختلفة، ونزاعات. يريد الرئيس الاستمرار في حكم البلاد مثلما أدار القوات المسلحة قبل توليه منصبه الجديد.
تمتع الرئيس السيسي بدعم شعبي واسع إبان انتخابه – من جمهور أمل أن خلفيته كرجل عسكري ستساعد في استعادة الأمن. هل تحسن الوضع الأمني بعد عام من حكم السيسي؟
السيد: بالتأكيد تحسن الوضع الأمني. لم نعد نرى التظاهرات الضخمة من قبل داعمي الإخوان التي تبعت الإطاحة بمرسي. لا تزال هناك تظاهرات للإخوان، ولكنها تتم بشكل رئيسي في محافظات خارج القاهرة. وحتى هناك، لم يعد الإخوان يجتذبون الأعداد الذي كانوا يجتذبونها من قبل. كذلك تحسن الأمن الشخصي. فقد مرت فترة لم يشعر فيها الشعب بالأمان للخروج خوفا من هجمات التنظيمات الإجرامية المنظمة. ولكن ذلك تغير الآن. إلا أننا مازلنا نواجه هجمات إرهابية منظمة، وخصوصا في سيناء، من قبل تنظيمات مثل أنصار بيت المقدس. كما نواجه هجمات منظمة، وفق ظني، من المتعاطفين مع الإخوان مثل تفجير أبراج الكهرباء، المواصلات العامة، واستهداف ضباط وجنود الشرطة والجيش. ولكن النوع الثاني من الهجمات ليس واضحا للشعب على نطاق واسع لأنها تتم على نسق متقطع ومحلي. وبالتالي فإن الوضع الأمني قد تحسن، ولكن ليس بشكل كامل بالتأكيد.
هل تظن أن المصريين متعاطفون مع الخطاب الرسمي القائل بأنه رغم جميع مشكلاتنا لا نزال أفضل حالا من سوريا، العراق، ليبيا واليمن؟
السيد: عندما أطالع الأرقام التي تصدرها مراكز استطلاع الرأي، مثل مركز بصيرة، يبدو أن معدل التوافق على الرئيس لا يتغير، وهو مستمر في التمتع بمعدلات مرتفعة تقارب 80 بالمئة. يتمثل أحد أسباب حفاظ الرئيس على ذلك المستوى من الشعبية في أن الشعب يقارن الوضع في مصر بأوضاع البلدان الأخرى في المنطقة. كما أن الشعب يرى الرئيس السيسي منفصلا عن الحكومة. وبالتالي فإن كان الشعب يعاني أي مشكلات مثل ارتفاع الأسعار أو تدهور الخدمات، فإن اللوم يلقى على أعضاء حكومة إبراهيم محلب وليس الرئيس.
مثلما توقع الشعب تحسن الوضع الأمني تحت حكم السيسي، تطلع أيضا إلى تحسن الاقتصاد والأوضاع المعيشية. ما مدى التحسن الذي شهدناه على تلك الجبهة؟
السيد: أخشى أنه ليس بالتحسن الكبير. في الواقع، تشعر أغلبية الشعب أن وضعهم الاقتصادي وأوضاعهم المعيشية قد تدهورت بسبب التضخم. يمثل ذلك شعورا حادا بين الشعب، ولكنه ليس منعكسا على الاحصاءات الرسمية، التي تقدر أن إجمالي الناتج المحلي سينمو بمقدار 4,2 بالمئة. واجه مبارك نفس المشكلة، حيث لم يشعر الشعب بتأثير التحسينات الواردة في الاحصاءات الرسمية. رغم أن الحكومة مستمرة في الإشارة إلى مؤشرات الاقتصاد الكلي، إلا أننا لا يمكننا إنكار أن هناك مخاوف حادة في ذلك الصدد. عجز الميزانية، موازنة الأجور، وانخفاض احتياطيات العملة الأجنبية جميعها وصلت إلى مستويات حرجة. لقد أنقذتنا فقط الإيداعات التي قدمتها دول الخليج العربي في البنك المركزي. وأظن أن الرئيس السيسي مدرك لذلك، ولكنه مستمر في حث الشعب على الصبر والانتظار لسنتين أو ثلاثة حتى يشهدوا تحسينات.
إبان السنوات الأخيرة لمبارك في منصبه، كان عدد صغير من رجال الأعمال الأثرياء، تحت قيادة ابنه جمال، متحكمين في الاقتصاد. هل أصبحنا في نفس الوضع الآن؟
السيد: أظن أن الاختلاف الرئيسي الآن هو أنه ليس واضحا إلى أي مدى استعاد القطاع الخاص ثقته في الحكومة. حيث يبدو أن هناك مشكلة بين القطاع الخاص والرئيس السيسي، وقد عبر الرئيس بنفسه عن ذلك. كما تلوم الصحف الداعمة للسيسي رجال الأعمال على عدم الإقبال على الاستجابة لنداء السيسي بالمساهمة بالأموال في صندوق تحيا مصر الذي أنشئه. وبالتالي فمن الواضح أن هناك مشكلة. كما أن هناك تصور أن الرئيس السيسي يفضل الاعتماد على القوات المسلحة في تنفيذ المشروعات الضخمة. لا أتحدث فقط عن مشروع توسيع قناة السويس، بل أيضا عن تطوير منطقة قناة السويس ومشروع بناء مليون وحدة سكنية، الممول من دولة الإمارات العربية المتحدة. أشعل ذلك التفضيل مشاعر سلبية من جانب القطاع الخاص، ورجال الأعمال ليسوا قريبين من الرئيس السيسي مثلما كانوا بالنسبة لمبارك وابنه.
كيف تقيم سجل السيسي بالنسبة للحريات السياسية والأساسية؟
السيد: أظن أن الحريات أحد الجوانب التي لم تتحقق فيها تطلعات الشعب. فمما هو مؤكد أن حسني مبارك قد تسامح تجاه وجهات النظر المتعددة في الإعلام المصري، أكثر من الآن. فنادرا ما نجد مقالات في الصحف المصرية تنتقد الرئيس السيسي وهناك قليل من التنوع في البرامج الحوارية على قنوات التلفزيون المصري. كما يمثل وجود أشخاص على صلات بالجيش في البرامج الحوارية ظاهرة جديدة لم نشهدها تحت حكم مبارك. وفي بعض الحالات، توقفت برامج حوارية معينة لأنها انتقدت السيسي. وبالتالي فإن مساحة الحوار الحر تتقلص، وكذلك حرية تكوين الجمعيات للمنظمات غير الحكومية ومنظمات حقوق الإنسان، وحرية التجمع للتظاهر السلمي.
أقر الرئيس السيسي أن هناك شبابا بريئا محتجزا في السجون بسبب قانون التظاهر وأنه يجب إطلاق سراحهم. لماذا لم يحدث ذلك أبدا؟
السيد: أظن أنه يتلقى تقارير من المصادر الأمنية تفيد بأن هؤلاء الشباب مثيرون للمشكلات ويجب أن يظلوا في السجون، خشية أن يستمروا في معارضتهم. أظن أن الرئيس لا يعتقد أنه يجب التسامج تجاه حرية التجمع في صورة تظاهرات في مصر حاليا. تلك قناعته. يعتقد الرئيس أن الشعب المصري ليس مستعدا بعد لممارسة الديمقراطية. وفق ما قاله في إحدى المقابلات أثناء حملته الانتخابية، حيث قال إن مصر على بعد ما بين خمسة وعشرين إلى ثلاثين عاما على تطبيق الديمقراطية الموجودة في الدول الغربية. كما يعتقد أن فكرة حقوق الإنسان لا تتعلق بالحقوق المدنية والسياسية فقط، بل متعلقة أيضا بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية. تعليقي الوحيد هو أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ليست مضمونة في مصر. لذلك فإن الأمر ليس أننا قد بادلنا الحقوق المدنية والسياسية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية. ليس لدينا أي من تلك الحقوق.
إذن هل نتوقع نفس النهج خلال السنة الثانية للسيسي أم أن هناك آفاقا للتغيير بناء على الدروس المستفادة من السنة الأولى؟
السيد: أخشى أنني لا أرى أي مؤشرات عن أن الأمور ستتغير. حتى إن اجريت الانتخابات البرلمانية، فنوع القانون الانتخابي الذي لدينا لن يفتح الطريق لمجلس فعال به تنوع في وجهات النظر. بل سيكون محكوما من قبل المرشحين المستقلين الذين يسعون لعضوية المجلس ليحصلوا على النفوذ أو للاستفادة من كونهم قريبين من الحكومة. في غضون ذلك، ستكون الأحزاب السياسية أقلية. لذلك أظن أننا سنرى المزيد من نفس النسق خلال السنة الثانية للرئيس السيسي.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …