مبادرة يوسف ندا .. هل طلبها قادة من الجيش؟
هل نضجت المصالحة في مصر بين النظام الذي يمثله المشير عبد الفتاح السيسي رئيسا وبين الإخوان؟ وهل هي مصالحة مع السيسي أم مع “الجيش”؟ أم مع “المخلصين” من الجيش الذين لم يتورطوا في المجازر ضد المصريين بعد رسالة القيادي الإخواني “يوسف ندا”؟، أم أن الحديث عنها سيلحق بغيره بعدما انتشرت هذه النغمة عدة مرات ثم تلاشت؟.
ولماذا حديث المبادرات الآن بعد مرور عام على حكم السيسي، وانطلاق السهام الغاضبة تجاهه من أنصاره قبل خصومه؟ وهل لها علاقة بمحاولات البحث عن بديل للسيسي وطرح قائد القوات الجوية السابق (أحمد شفيق) نفسه بدلا عنه بدعم إماراتي وربما سعودي؟.
المؤكد– حسبما أوضح مفوض العلاقات الدولية السابق في جماعة الإخوان المسلمين (يوسف ندا) بنفسه في حواره مع قناة الجزيرة – أن المبادرة التي طرحها، الجمعة 12 يونيو، وأعلن فيها استعداده “لاستقبال من يريد الخير لمصر وشعبها”، في إشارة إلى استعداده للتوسط في حل الأزمة الحالية بمصر مع من قال إنهم “المخلصون في الجيش المصري”، ليست مبادرة شخصية منه.
والمرجح أنه يقف وراء هذه المبادرة التي طرحها (ندا) في رسالة عبر البريد الإلكتروني لوسائل الإعلام، (جهة ما) لم يعلنها، قد تكون جهة إخوانية، والأرجح جهات داخل الجيش المصري، أو جهات أخرى إقليمية (السعودية) طلبت توجيهها لقادة الجيش، بعدما أعلن أكثر من مصدر سعودي (جمال خشقاجي) أن “القيادة السعودية طلبت من السيسي، إجراء مصالحة مع الإخوان” ولم يستجب، واستمر في البطش بما يهدد مصالح هذه الدول التي تخشي انتشار العنف على حساب وسطية وسلمية الإخوان.
وهناك من المراقبين من يؤكدون أنها (المبادرة) تُظهر من مداخلة يوسف ندا مع الجزيرة “أن البعض داخل الجيش طلبوا كتابتها للانقلاب على السيسي”، بدليل قوله عندما سئل عمن طلبوا كتابتها “موجهة للي طلبوا كتابتها (الجيش) مش للإعلام”.
فقد أكد “ندا”- في اتصال مع الجزيرة من لوغانو في جنوب سويسرا- أن جهة “لم يسمها” طلبت منه كتابة هذه الرسالة (المبادرة)، وقال إنها “موجهة إلى تلك الجهة (الجيش) وليست إلى الإعلام”، من دون أن يقدم مزيدا من الإيضاح.
لكنه أكد في الوقت نفسه أن المبادرة لا تقصد بأي حال من الأحوال التفاوض مع الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، الذي قاد انقلابا على الرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو 2013، أو مع من وصفهم بـ”القتلة”.
مكالمة يوسف ندا مع الجزيرة قال فيها: “هما” اللي طلبوا مني .. “هما اللي قالوا وهما اللي عايزين”، ما أثار السؤال هو من هم (هما)؟ وزاد الغموض قوله: “لا أعرف من خلفها”، حيث رفض إعلان من خلفها ومن طلبوا منه”، وأصر على أنها “موجهة لكل المخلصين في مصر”، ولكنها “موجهة خصوصا للفئة التي تستطيع التغيير أكثر”، في إشارة على ما يبدو للجيش المصري. وقال: “طلب مني أن أكتبها، ولا أدرى من خلفها، وفيه أشياء في السياسة لا يمكن كشفها”.
وعقب مبادرة (ندا)، كشفت مصادر بجماعة الإخوان المسلمين عن وجود محاولات واتصالات فعلية على المستوي الإقليمي والدولي وخاصة السعودية، يقودها راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية، ومنصف المرزوقي رئيس تونس السابق، وأيمن نور زعيم حزب غد الثورة، ومحمد محسوب القيادي بحزب الوسط، لمحاولة إنهاء الأزمة في مصر.
وقالت المصادر، إن رافضي النظام في هذه التحركات يمكن تصنيفهم إلى معسكرين على مسافات متفاوتة، الأول بزعامة الدكتور أيمن نور ومحمد محسوب ورفاقهما، والآخر بزعامة الإخوان وأنصارهم، و”أن المعسكر الأول مؤمن بنظرية أكبر قدر ممكن من المكاسب وأقل قدر ممكن من الخسائر، بعكس الفريق الآخر المؤمن بقدر أكبر وأعلى من المكاسب يتجاوز نسبة الفريق الأول، وعلى رأس هذا التباين إشكالية عودة الدكتور مرسي”.
وضمن هذا التحرك، جاء إعلان راشد الغنوشي زياراته للسعودية، وقوله: “إذا قدرت الأطراف المعنية بالشأن المصري أننا يمكن أن نقوم بدور للمصالحة بين الأطراف المصرية فإننا سنكون سعداء بذلك”، متوقعًا أن “تقع وساطة سعودية في مصر لأن المنطقة في حاجة إلى تصالح، ومصر كذلك تحتاج إلى تصالح” على حد قوله.
أيضا هناك أنباء عن زيارة يُعد لها في الجانب السعودي قريبا للرئيس التونسي السابق (المرزوقي) المؤيد لمعسكر أيمن نور، بشكل سري للتباحث حول هذا الأمر.
لماذا مبادرة يوسف ندا الآن؟
دعا “ندا” كل مصري يخشى هذا المصير أن “يستعد للتخلي عن كثير من حقوقه لينقذ مصر مما وصفها بالزمرة التي لا خلق لها ولا وطنية”، وحث من سماهم “المخلصين من الجيش المصري” على إعادة ترتيب الأوراق والتجاوب مع حقوق الشعب ومصالحه؛ لكي تتجنب مصر مصير بلدان كسوريا والعراق وليبيا واليمن.
وأضاف ندا أن مهمة القوات المسلحة في كل دول العالم هي الدفاع عن الدولة ضد أي عدو خارجي، وليس الدفاع عن الحكومة ضد الشعب، وشدد على أن “الجيش المصري ليس فاقد الوطنية، لكن بعض قياداته فاسدة”.
ووجه رسالة لقيادات الجيش المصري “إن كان منكم (قيادات الجيش المصري) من يريد إعادة ترتيب الأوراق، والتجاوب مع حقوق هذا الشعب ومصالحه، فليس هناك شرعية أخرى تقف أمام ذلك أو تعارضه، ولا بد أن تكون هناك وسائل كثيرة لتثبيت الشرعية في فترات تختلف عن الوسائل في فترات أخرى”، دون أن يعطي مزيدًا من التوضيح لتلك الوسائل بشأن التعامل مع الشرعية.
والقراءة الأولى لمن تابعوا رسالة يوسف ندا، كان تفسيرها على أنها محاولة من الإخوان أو غيرهم من أصحاب المصلحة في استقرار مصر وعدم تحولها إلى صراع مسلح، لحث الجيش على الانقلاب على الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي ،مثلما فعل هو مع الرئيس السابق محمد مرسي.
وفسر البعض الرسالة على أنها قناعة من فريق في جماعة الإخوان بأن الوضع الحالي لا يسمح بإزالة السيسي من الحكم في ظل القمع والقتل للمعارضين ومنع أي حريات، وعدم قدرة المظاهرات وحدها على إبعاده من الحكم، ولهذا تم اللجوء لـ”المخلصين” في الجيش، خشية أن يتطور الأمر إلى عنف مسلح في الشوارع وفوضى.
ولذلك سارع عدد من وسائل الإعلام الخاصة في مصر المحسوبة على السلطة الحالية لكيل الاتهامات لـ “يوسف ندا” بسبب تلك الرسالة، واعتبرت أن “رسالته بمثابة تحريض لمؤسسات الدولة على السيسي”.
وبالرغم من أن “يوسف ندا” لم يشر صراحة إلى السيسي وقيادات المجلس العسكري، إلا أن نشطاء ومراقبين اعتبروا أن مخاطبة قيادي سابق في جماعة الإخوان المسلمين بحجم “يوسف ندا” لمن يصفهم بالقيادات المخلصة في الجيش المصري، في الوقت الذي يتزايد فيه الحديث عن تصدع داخلي في رأس السلطة قد يضع السيسى وقيادات الانقلاب العسكري على نار ساخنة.
أيضا ربط مراقبون بين رسالة “ندا” وبين أنباء غير مؤكدة جرى تداولها عن اعتقال الجيش نحو 26 ضابطا من القيادات الوسطى، خلال الأيام الماضية، تحت ذريعة محاولة الانقلاب على السلطة، وهو الأمر الذي لو صح لأكد وجود صراع مكتوم داخل المؤسسة العسكرية.
بينما اهتم كثيرون بتأكيد ندا أن المبادرة ليست لإنقاذ السيسي أو الحوار معه، والتأكيد على أنه قاتل، ما يعني أن المبادرة موجهة لقادة الجيش الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء، كما أنها ربما جاءت من قادة في الجيش نفسه أو قوى إقليمية رغبت في توجيه هذه الرسالة إلى الجيش لإنقاذ مصر من الخراب في ظل حكم السيسي.
وكان تقرير لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني، الأسبوع الماضي، عن وجود توترات بين أركان النخبة الحاكمة في مصر وجنرالات العسكر.
كما نشرت صحيفة “هفينجتون بوست” الأمريكية مقالًا للكاتب البريطاني الشهير “ديفيد هيرست”، تحدثت فيه عما وصفه بـ(تساقط اللصوص في مصر وانهيار أعوان عبد الفتاح السيسي)، وأشار الكاتب إلى “أن البرود بين العاهل السعودي الملك سلمان والسيسي، أصبح حقيقة سياسية، والقادم أكبر من ذلك، لكن دخول الإمارات كذلك كلاعب ضد السيسي أمر جديد، في ظل الاتهامات الموجهة للفريق أحمد شفيق المقيم بالإمارات، بمحاولة الانقلاب على السيسي بمساعدة جهات داخلية وخارجية”.
وذكر أن نصف المجلس العسكري يشاركون “صبحي” في تخوفهم من المسار الذي يجر السيسى مصر إليه، مضيفًا أن هذا إن صح، فإن هناك مشكلة كبيرة تواجه السيسى في الداخل تلوح في الأفق من جانب الجيش، ومن جانب رجل الأعمال ساويرس القريب من الكنيسة القبطية، في وقت يواجه فيه مشكلة خارجية تتمثل في تواصل السعودية مع الإخوان المسلمين والعلمانيين في الخارج، وقيام المملكة برد الاعتبار لشعار رابعة العدوية، الذي كان في عهد الملك الراحل عبد الله يمثل جريمة.
وأصدرت جماعة الإخوان بياناً رسميا بعنوان «تحية للصامدين فى الميادين.. ولا تراجع عن الثورة الكاملة»، ألمحت فيه إلى رفض مبادرة «ندا»، وتمسكها باستمرار الثورة فى الشارع، بهدف إسقاط النظام.
وقال الإخوان فى بيانهم: «فى ظل اللحظات الدقيقة التى يمر بها الوطن، ندعو الشعب المصرى وتياراته السياسية لمواصلة العمل من أجل إسقاط وإزاحة الظلم ودولته العميقة وامتداداته الإقليمية، ونؤكد أننا منتمون لثورة الشعب، ولأهدافها والقصاص من القتلة، وإعادة الحقوق للمظلومين”.
وقال مصدر مقرب من دوائر صنع القرار بجماعة الإخوان لوكالة الأناضول، إنه “لم تُعرض على جماعة الإخوان مصالحة حقيقية واحدة حتى الآن منذ الانقلاب، ولكنها أحاديث متداولة بين رافض ومؤيد، وسيبقي موقف الجماعة التنظيمي في هذا الشأن واضحًا، لا مصالحات ولا تفاهمات إلا بإنهاء مشهد الانقلاب كاملا وإسقاط السيسي”.
وأوضح المصدر- الذي فضّل عدم ذكر اسمه- أن “قيادات الجماعة لم تطّلع على رسالة ندا، ولم تناقشها، وهي لم تطلب منه طرح موقفه هذا، ولكنها لا تمانع أن تتخذ شخصيات وطنية مثله (ندا) موقفًا في صالح الوطن، بما لا يخالف ثوابت ثورة يناير 2011 ومطالبها، ومطالب المتظاهرين في الشوارع المتمثّلة بإسقاط الانقلاب نهائيا”.
أيضا قال أنس حسن، أحد قيادات شباب الإخوان ومؤسس موقع “رصد”: “ممكن كنت أقتنع بصلح في ظل صعود السيسي شعبيا.. أما إنه يحصل صلح مثلا وهو بتتفاقم عنده مشاكل البلد ومهزوز فده أقول فيه بقول الله (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها).. حتى لو سيتم استبداله متكونش شريك في العملية لأنك كده بتفسد كل حاجة إنت بنيتها خلال الفترة اللي فاتت”.
وأضاف ساخرا: “يا جدعان معاذ الله إننا نتصالح مع السيسي، إحنا بس عايزين نتصالح مع الجيش الوطني ورجاله المخلصين على مر التاريخ.#غرد_كأنك_من_بنها”.
الجيش سيرفض المبادرة
وعلق القيادي السابق بالجماعة الإسلامية، والمؤيّد للسلطات الحالية، ناجح إبراهيم، على مبادرة “ندا” قائلا: “أكثر شخص يستطيع اتخاذ قرار التفاوض داخل جماعة الإخوان هو يوسف ندا، حيث إن له تأثيرًا على قيادات الداخل والخارج معًا، ويمكن أن يساعد في تقريب وجهات النظر بين النظام والإخوان، لكن للأسف هذه الرسالة كتب لها الفشل لأنها اتبعت خطاب الخصام وليس الصلح”.
وأضاف إبراهيم، في تصريح صحفي، أنه “كان يجب على الخطاب أن يخلو من لغة الاتهام والتخوين؛ لأنه ليس منطقيا أن يقول في النهاية إنه على استعداد لاستقبال من يريد الخير بينما هو يقوم بتخوين خصمه واتهامه”، متوقعًا “عدم استجابة مؤسسات الدولة بما فيها الجيش لرسالة ندا وعدم حدوث تجاوب سياسي معها”.
أيضا توقع الدكتور محمد الجوادي، السياسي والمؤرخ المصري المعارض المقيم في قطر، رفض السيسي والجيش لمبادرة ندا، قائلا: لا تضيعوا الوقت.. أكرر ما علمته من أن المبادرة الوحيدة التي يقبلها الانقلابيون من الإخوان هي أن ينتحروا وينحروا أبناءهم وإخوانهم معهم”.
وأضاف “لا يمكن للمبادرة وحدها أن تكون جراحا أو علاجا.. تقول الثورات لأبنائها: من يئس فليتنح حتى يستعيد اللياقة، ولهذا وضعت دكة الاحتياطي على هامش الملعب لا في قلبه”.
وهاجم الصحفي والكاتب المعارض “سليم عزوز” يوسف ندا قائلا: إن “مبادرته تدفع للاسترخاء يوم 30 يونيو”، حيث يتوقع خروج مظاهرات ضد السيسي.
وقال “عزوز”، في تدوينة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “لا يوسف ندا عنده خطوط اتصال، ولا يوسف ندا عنده مبادرات، ولا يوسف ندا عنده أي حاجة”.
وتابع: “يوسف ندا تجسيد لأزمة جيل، يريد أن يشعر بمثل هذه الفرقعات أنه لا يزال على قيد الحياة، حتى وإن كانت مبادراته الوهمية ستدفع للاسترخاء ليمر 30 يونيو في هدوء”.
وأضاف: “نحن نُحكم من القبور ومن يوسف ندا لأحمد كمال أبو المجد لهيكل.. جيل عاش أكثر مما ينبغي”.
مغردون: “تأخرت كتير”
وقد دشن رواد موقع التدوين المصغر “تويتر” هاشتاج جديدًا باسم “يوسف ندا” احتل المركز الخامس بتويتر، وذلك تعليقًا عن المبادرة التي أطلقها، وجاءت ردود الأفعال متنوعة عبر الهاشتاج.
وكانت أبرز التعليقات كما يلي: “يوسف_ندا أتأخرت كتييير يا حبيبي”– “يبدو أن قيادات في الجيش تريد التخلص من السيسي حسب رسالة ندا”– “ده كان المفروض هايلعب الدور اللي لعبه خيرت الشاطر بس ده أخطر من خيرت الشاطر ومبارك كان مانعه من دخول مصر” – “يا رب كل من أراد مصر بخير فوفقه ومن أراد مصر والعرب بسوء فأشغله في نفسه”- “يوسف ندا شخصية من أخطر ما يمكن بعد هروبه في الستينات صديق لرؤساء أمريكيين وأوروبيين شبكة علاقات مخابراتية على مستوى عال جدا في الاستخبارات – “أما عدوك يقولك أصلي مش عاوز اموتك يبقي أتأكد انه فاضله قفا واحد وتخلص منه للأبد مبروك يا مصريين”.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …