هل أُغلق ملف المصالحة ببيان “الأجهزة الأمنية”؟
عندما اعتقلت قوات الأمن مؤخرا القيادي في جماعة الإخوان “طه وهدان”، الذي تردد أنه هو من يقود جماعة الإخوان ضمن “القيادة الجديدة” التي انتخبت في فبراير 2014، وأقصت “القيادة القديمة”، الممثلة في محمود عزت ومحمود حسين ومحمود غزلان، قال محللون “إن الأمن المصري ربما اعتقله لدوره في المكتب الجديد للإخوان، وعلاقته الجيدة بقواعد الجماعة وشبابها الرافضين لسلمية القيادات القديمة والداعين للنهج الثوري والمواجهة مع الشرطة”.
وأثير السؤال: هل اعتقال د. وهدان، مسئول التربية في الجماعة، جاء لضرب جناح “الثورية” لصالح جناح “السلمية”؟ وهل نظام السيسي يرغب في ترجيح واستعادة كفة الخط القديم الذي كان من الممكن التفاهم معه، والذي تفضل دول إقليمية راعية للإخوان بديلا عن جيل الشباب الذي يضع الخيارات “الثورية” فوق كل شيء”؟ وهل يعني هذا أن حكومة السيسي لا تزال تضع في اعتبارها احتمال اللجوء للتفاوض مع هذه القيادات التاريخية للجماعة (التي تم عزلها) ولا تزال تعول على “سلمية” الجماعة، للإبقاء على النظام الحالي ضمن مصالحة، بدلا من “الثورة” التي تريد القضاء على النظام الحالي ككل؟.
ولكن عقب اعتقال قيادات محسوبة على التيار “القديم” الداعي للسلمية والرافض للعنف، مثل د. عبد الرحمن البر الأستاذ في جامعة الازهر، ود. محمود غزلان، معا مساء الإثنين، وما تبعه من “شو إعلامي أمني ضخم”، في صورة بيان لما سمي (الأجهزة الأمنية) بثه التلفزيون المصري، قال “إن الأجهزة الأمنية تمكنت من رصد وإحباط مخطط للإخوان بهدف جمع معلومات استخباراتية عن أجهزة الدولة وإرسالها إلى قيادات التنظيم الدولي للجماعة”، رجح مراقبون أن السلطة الحالية لم تعد تكترث بأي حوار مع الإخوان، سواء “السلميين” أو “الثوريين”، وأن حملات الاعتقال الواسعة التي يقوم بها النظام في صف الإخوان ربما تدعم أيضا فكرة إقدامه على إعدامات قريبة وواسعة بحق الإخوان.
فبحسب المصادر، فإنه بضبط القياديين “غزلان والبر”، يغلق النظام الحالي كل أبواب التفاوض مع الجماعة؛ لأنهما محسوبان على “الحرس القديم” للجماعة، وهو المعروف بتمسكه بالسلمية في مقاومة النظام الحالي.
كما أن هذه الحملة تستهدف أيضا استباق أي مصالحة بين التيارين، بعدا أكدت مصادر في الجماعة أن الأزمة انتهت بعد اجتماع في إسطنبول حضره ممثلون عن التيارين المتنازعين، وانتهى الاتفاق إلى انتخابات جديدة للإرشاد والشورى خلال شهور، والاتفاق على أن يكون التعامل في الفترة المقبلة مع النظام في مصر ما بين “السلمية” و”الثورية”.
غموض بيان “الأجهزة الأمنية”
مساء الإثنين 1 يونيو، وبالتزامن مع نفي “وزارة الداخلية” وتأكيد “مصادر أمنية” خبر القبض على “غزلان” و”البر”، وفي سابقة هي الأولى من نوعها، نوه التلفزيون المصري عن بيان أمني سيصدر بعد قليل، وذلك على غير العادة، ثم صدر بيان عما يسمى “الأجهزة الأمنية” دون ذكر الجهة التي تقف وراءه، وما إذا كانت وزارة الداخلية أم أجهزة سيادية، يعلن إحباط محاولة إرهابية.
التفاصيل عن هذه المحاولة في البيان، الذي بثه التلفزيون الرسمي المصري، كانت غامضة إلى حد بعيد، وفحواه “الخطيرة” كانت مبهمة، فهي تدور عن “مخططات إخوانية”، و”خلية إرهابية” دون أي تفاصيل فعلية.
فبحسب البيان، “تمكنت الأجهزة الأمنية من رصد وإحباط مخططات تنظيم الإخوان الدولي، التي تستهدف جمع معلومات استخباراتية، وتنفيذ عمليات عدائية ضد أجهزة الدولة ومؤسساتها وشعبها، وبصفة عامة رجال الشرطة والجيش والقضاة والإعلاميين، وقيادات سياسية وشخصيات عامة”.
وقال البيان، إن “قيادات الإخوان في الداخل والخارج أمرت بتشكيل خلية إرهابية، لجمع معلومات استخباراتية عن أجهزة الدولة المختلفة، وإرسالها إلى التنظيم الدولي، وبعض الجهات الأجنبية، وبث أخبار كاذبة تضر بالمصالح القومية للبلاد، بجانب اختيار بعض عناصر التنظيم ممن تتوافر فيهم الخبرات في مجال الحاسب الآلي، وعمليات الاختراق الإلكتروني، لتدريبهم خارج البلاد على عمليات اختراق بعض الصفحات الخاصة لشخصيات هامة وضباط جيش وشرطة، والمواقع الرسمية للوزارات، للحصول على معلومات وبثها كمحاولة لزعزعة الثقة في مؤسسات الدولة”.
وأضاف أن “هذه التكليفات جاءت لعناصر التنظيم منذ عام 2012، خلال فترة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، من قياداتها بالداخل، أبرزهم القيادي خيرت الشاطر، والعناصر الهاربة، مثل محمود عزت ومحمود حسين، وأيمن جاب الله (رئيس قناة الجزيرة مباشر مصر)، وأيمن محمد علي، وبعض كوادر الصف الثاني والثالث”.
وعلى الرغم من التأكيد على “اتخاذ الإجراءات القانونية عقب استئذان الجهات القضائية المختصة، وضبط العناصر المتورطة، ومداهمة الأوكار الخاصة بهم، والعثور على العديد من الأسلحة والذخائر والمعدات والأجهزة الفنية”، لم يكشف البيان عن أفراد الخلية التي ورد ذكرها، ثم أشارت صحف خاصة مؤيدة للحكومة لما أسمته “خلية أبناء خيرت الشاطر”، دون تفاصيل أيضا، رغم أن صحيفة “الوطن” قالت إن الخلية تضم 35 شخصا من داخل مصر.
ويلاحظ هنا أن العقيد هشام سرور، الخبير الأمني، قال في تصريحات صحفية: إن “العناصر البارزة في تنظيم الإخوان تستجوبها “جهات سيادية متخصصة”، في إشارة لأجهزة المخابرات، كما أن اللواء سامح سيف اليزل، ضابط المخابرات السابق، قال: “إن البيان الأمني المشترك “سابقة أولى” في تاريخ الأجهزة الأمنية، ما يظهر خطورة الموقف وخطورة البيان”.
كما أن اللواء أبو بكر عبد الكريم، مساعد وزير الداخلية للإعلام والعلاقات، قال عندما سئل عن الاعتقالات الأخيرة: “إنه ليس لديه أي معلومات أو علم بشأن القبض على القياديين الإخوانيين محمود غزلان، وعبد الرحمن البر”، ولاحقا قالت وزارة الداخلية، إنه تمت إحالة كل من د. محمود غزلان، ود. عبد الرحمن البر، العضوين بمكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، الثلاثاء، إلى نيابة أمن الدولة العليا بعد إلقاء القبض عليهما، وثبت تورط المتهمين في قضايا تحريض على العنف والتخطيط لارتكاب أعمال شغب وتظاهر.
وكل هذه مؤشرات على أن ملف الإخوان والاعتقالات الأخيرة لا تنفرد به فقط وزارة الداخلية، وإنما ربما المخابرات الحربية، وأجهزة سيادية أخرى.
لماذا بيان الأجهزة الأمنية؟
وقد ربط مراقبون بين بيان “الأجهزة الأمنية” المصرية، وبين اعتقال قيادات الإخوان، وكذلك بيان (نداء الكنانة) الموقع من 150 من علماء الدين، الذي نص في بنده الرابع على أن “الحكام والقضاة والضباط والجنود والمفتين والإعلاميين والسياسيين، وكل من يَثْبُتُ يقينًا اشتراكُهم، ولو بالتحريض، في انتهاك الأعراض وسفك الدماء البريئة وإزهاق الأرواح بغير حق حكمهم في الشرع أنهم قتَلةٌ، تسري عليهم أحكام القاتل، ويجب القصاص منهم بضوابطه الشرعية”.
وقالوا “إن اعتقال قيادات كبيرة من الإخوان، ربما استهدف الاستفادة من حالة الصراع بين القيادات القديمة والجديدة، لتوجيه ضربة كبيرة للجماعة وإرباكها، والتخديم على زيارة السيسي لألمانيا بإظهار أن هناك “إرهابا” لا بد من مواجهته، وربما التمهيد أيضا للأحكام التي ستصدر بالإعدام في 16 يونيو المقبل، فضلا عن إجهاض أي مخططات للإخوان للتظاهر في ذكرى مرور عام على تولي السيسي الحكم، يوم 8 يونيو الجاري، بعدما دعا الإخوان لما أسموه “ثورة 8 يونيو”.
وقد جاء بيان المتحدث باسم “الإخوان” ليؤكد هذا المعني عندما قال: “إن اعتقال غزلان والبر محاولة فاشلة لإرباك الثوار”.
حيث أكد المتحدث الرسمي محمد منتصر إن “اعتقال الشرفاء الأحرار المجاهدين مثل الدكتور محمود غزلان والدكتور عبد الرحمن البر، القياديين بجماعة الإخوان المسلمين، ومن رواد العمل الإسلامي، ما هو إلا محاولة فاشلة من سلطات الانقلاب الغاشم لإرباك الأبطال الثائرين في شتّى ربوع الوطن ضد الطغيان والقتل والاستبداد”.
وأضاف “ونؤكد أن ممارسات الانقلاب لن ترهبنا ولن تثنينا عن طريقنا في الوقوف أمام الظلم والظالمين”، و”الثورة المصرية قد أنجبت جيلاً قد اشتدّ عوده، ولن تثنيه تلك الضربات عن طريق الثورة الذي ارتضاه أن يكون مسارًا لتحرير الوطن من الخونة والعملاء.. وإننا نؤكد أن تلك الضربات لن تؤثر في ثورتنا ولا في طريقها المرسوم لها. بل تجعل الثوار أكثر صلابةً وأكثر قوةً، وإن كل هذه التضحيات منّا ومن قادتنا ما هي إلا علامات على طريق النصر بإذن الله”.
وباعتقال البر وغزلان يزيد عدد أعضاء مكتب إرشاد الإخوان الموجودين بالسجون منذ انقلاب 3 يوليه 2013 إلى 10 أعضاء من أصل 17، هم “محمد بديع مرشد الجماعة، وخيرت الشاطر، ورشاد البيومي، ومصطفى الغنيمى، وحسام أبو بكر، ومحمد وهدان، وعصام الحداد، ومحمد علي بشر، وعبد الرحمن البر، ومحمود غزلان، ليكتمل النصاب القانوني لإجازة القرارات من مكتب الإرشاد، ولكن من خلف القضبان!.
ويوجد بالخارج 10 قيادات هم “محمود عزت، ومحمد كمال، وعلى بطيخ، ومحمود حسين، وحسين إبراهيم، ومحيي حامد، وأسامة نصر الدين، ومحمد عبد الرحمن، ومحمد أحمد إبراهيم، وعبد العظيم أبو سيف.
تأجيل النطق بالإعدام مؤقت
وضمن هذه الحملة الشرسة، يعتقد محللون مصريون أن يتم إصدار أحكام بالإعدام على الرئيس مرسي وقادة الجماعة، في جلسة 16 يونيو المقبل، مرجحين أنه تأجيل “سياسي” لعدم إحراج السيسي في زيارة ألمانيا، التي حشد لها وفدا من الممثلات والممثلين يضم 25 ممثلا، بخلاف طاقم من الصحفيين والإعلاميين ورجال أعمال يضم 125 فردا.
وقد وصف خبراء قانون وسياسيون مصريون قرار محكمة جنايات القاهرة بتأجيل النطق بالحكم في قضيتي “اقتحام السجون” و”التخابر” التي يحاكم فيها الرئيس السابق محمد مرسي و123 آخرين من قيادات الإخوان وفلسطينيين ولبنانيين لجلسة 16 يونيو الجاري، بأنه “تأجيل سياسي محض”، وأنه كان متوقعا لتفادي إحراج الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته لألمانيا.
وقال الدكتور السيد أبو الخبير، أستاذ القانون: إن قرار مد أجل الحكم هو قرار سياسى بالدرجة الأولى، خاصة وأن السبب هو “لإتمام المداولة”، مشيرا إلى أن المفتي قد يكون تراجع عن تأييد الحكم بالإعدام بعد “نداء الكنانة” الذي أصدره عشرات العلماء ضد “انقلاب مصري”، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من سمعة النظام.
وقال: إن المحكمة تحججت بأن رأى المفتي جاء اليوم، بينما رأى المفتي في العادة يكون إما بالموافقة أو عدم الموافقة، وكان يمكن للمحكمة أن ترى الرأي النهائي الذي يذكر في نهاية تقرير فضيلة المفتي ولكنها أجلت الحكم، لذلك فهناك أسباب سياسية منعت المحكمة من النطق بالحكم لوجود السيسي خارج البلاد، وتحسبا لما قد يحدث من انفلات أمنى يخرج عن السيطرة حال النطق بالحكم بالإعدام على مرسي والإخوان.
وتوقع أن يكون التأجيل أيضا بسبب الضغوط الدولية، وآخرها زيارة وزير الخارجية السعودي لمصر، حيث تعترض السعودية على إعدام مرسي، بحسب قوله.
كذلك قال المحامي محمد الدماطي، محامي المتهمين في قضية التخابر: إن مد أجل الحكم في قضيتي التخابر والهروب من سجن وادي النطرون “قرار سياسي” بسبب زيارة السيسي لألمانيا.
وقال د. باسم خفاجي، المرشح الرئاسي المصري السابق: “إن مد أجل الحكم على د. مرسي يقصد به أمران: الأول شراء وقت لعدم مواجهة الأمر مع أوروبا، والثاني “بسترة” مشاعر الناس لضمان تحجيمها”.
وقال “خفاجي”: “خيارات مصر تتأرجح بين انفجار معه تغييرات مؤلمة لكن مدنية، أو انقلاب قصر من عسكري سابق أو حالي يقصي السيسي، والأول شاق والثاني خطر”.
واعتبر المستشار وليد شرابي، القاضي السابق، أن قرار “مد أجل النطق” في الحكم على الرئيس مرسي قرار سياسي مائة بالمائة، الهدف منه تمرير الفترة الحالية، لكنه أكد أن القرار محسوم ومنتهٍ بالإعدام لدى قادة الانقلاب العسكري، بحسب قوله.
أيضا قال “أسامة مرسي”، نجل الرئيس مرسى، تعليقا على مد أجل النطق بالحكم: “تم تأجيل النطق بالحكم لتجنب إحراج صنم الانقلاب القصير في ألمانيا”.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …