مجلس “حقوق الإنسان”: المعارضون قتلوا بعض!!
أمر مثير أن يصدر تقرير “المجلس القومي لحقوق الإنسان” – لرصد أوضاع حقوق الإنسان في مصر، ويؤكد أن “كله تمام”، وأن المتظاهرين السلميين قتلوا بعضهم في اعتصامي رابعة والنهضة – بعد يوم واحد من وصول الشاب محمد صلاح سلطان إلى أمريكا، عقب عامين من الاعتقال الذي انتهى إلى الحكم عليه بالمؤبد في القضية التي عرفت بـ”غرفة عمليات رابعة”؛ حيث نجا من موت انتظره كثيرا خلال نحو 490 يوما، امتنع فيها عن الطعام؛ احتجاجا على حبسه ومحاكمته دون مبرر.
وجاء صدور التقرير “الحقوقي” الحكومي بعد أيام من وفاة النائب محمد الفلاحجي؛ نتيجة غيبوبة كبدية نتجت عن إهمال الرعاية الطبية لفترة طويلة في السجن؛ ليلحق بزميله نائب البرلمان الدكتور فريد إسماعيل الذي توفي قبل نحو شهر لنفس السبب، والطالب إسلام مصطفى الذي قال زملاءه أنه اختطف من امتحان الجامعة من قبل رجال أمن يرتدون ملابس مدنية، ثم ألقي به في الصحراء مقتولا، والشاب أنس المهدي الذي لقي حتفه؛ نتيجة الضرب المبرح له من أفراد الأمن الإداري بجامعة القاهرة خلال فضهم إحدى المظاهرات.
وتجاهل التقرير الذي أصدره المجلس اليوم 31 مايو، هذه الوقائع الاخيرة مكتفيا بالإشارة إلى ازدحام السجون ومراكز الاحتجاز، رغم صدور تقارير أخري من منظمات مصرية ودولية تشير لانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في الفترة من 3 يوليو 2013 إلى نهاية 2014، وهي الفترة التي تناولها التقرير.
وأكد التقرير أن عدد الضحايا الذين قتلوا خلال هذه الفترة وصل إلى 2600 شخص، كان أكثرهم فى مجزرة فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، والذى وصفه المجلس بـ”المسلح”؛ حيث بلغ عدد ضحايا الفض 1250 قتيلا.
ورغم رصد هذا العدد الكبير، إلا أنه اتهم “جماعة الإخوان المسلمين” بقتل أنفسهم، وذلك من خلال تبنيهم العنف، مما ترتب عليه سلب الحياة من أعداد كبيرة من المواطنين، إلى جانب قتلى الجيش والشرطة، حسب ما ورد بالتقرير.
أما سيناء، فقد وركز التقرير على العمليات التى استهدفت الجيش والشرطة والمدنيين فيها فقط؛ حيث وصفها بـ” أكبر الانتهاكات التى رصدها المجلس”، بينما تجاهل ما تعرض له أهالى سيناء من قتل وتهجير وهدم للمنازل.
وكانت “المنظمة العربية لحقوق الإنسان” ببريطانيا قد رصدت، فى تقرير لها بعنوان “وجع الفيروز”، قتل 618 شخصا على يد قوات الجيش وصفتهم بالإرهاب، كما قُتل 115 شخصا بصورة عشوائية، وتم اعتقال 1906 أشخاص على الأقل، ممن وصفهم الجيش بالمطلوبين أمنيا، و793 شخصا تحت دعوى الاشتباه، بالإضافة إلى تجريف 105 مزراع للزيتون، ومساحة (23.1 دونم) من مزارع مختلفة خارج نطاق القرار الحكومى بعزل الشريط الحدودي، والذى تم تجريف الأراضى الزراعية الموجودة فيه بالكامل بطول 13.5 كيلو متر وعرض ألف متر مربع، إضافة إلى إحراق عدد 545 سيارة، وعدد 1111 دراجة بخارية، وهدم 169 منزلا، و1457عشة فى أماكن متفرقة من شمال سيناء.
كما تعرض آلاف الأشخاص لعمليات تهجير جماعى من منازلهم بعد قرار حكومى بإخلاء الشريط الحدودى فى مدينة رفح على مساحة 1000 متر بطول الشريط الحدودي، لتهدم القوات المسلحة 2022 منزلا تقطن فيها 3206 أسرة على مراحل مختلفة، بحسب تقرير “وجع الفيروز”.
وعن الانتهاكات داخل الأقسام والسجون المصرية، أشار محمد فايق، رئيس المجلس، خلال المؤتمر الذى عقد، اليوم الأحد، للإعلان عن نتائج التقرير، إلى أن الانتهاك الثانى الذى رصده تقرير المجلس هو وفاة العشرات داخل مراكز الاحتجاز وأقسام الشرطة، إذ بلغ عدد الضحايا 36 حسب تصريحات وزارة الداخلية، إلا أن عددا من المنظمات المدنية، رصدت أكثر من 200 حالة وفاة داخل السجون وأقسام الشرطة؛ نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي حتى الوفاة، ومنهم نائبان بالبرلمان هما فريد إسماعيل ومحمد الفلاحجي.
وأرجع التقرير حالات الوفاة داخل السجون إلى ضيق أماكن الاحتجاز؛ حيث بلغ عدد الموجودين فى الأقسام 400% من أصل سعة المكان، وفى السجون 160 % من سعتها، ومع أن هذه الظاهرة كانت قد اختفت بعد ثورة يناير إلا أنها بدأت تعود مرة أخرى، مطالبًا الحكومة بضرورة حل سريع لهذة النقطة.
وتجاهل التقرير الإهمال الطبي، الذى يعانى منه المعتقلون السياسيون، والذى أودى بحياة 14 معتقلا خلال شهر مايو فقط، و265 منذ الانقلاب العسكرى فى 3 يوليو 2013 وحتى الآن، بحسب تصريحات سابقة لـ”أحمد مفرح”، مدير “مؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان”.
وأكد المجلس أنه رصد انتهاكًا آخر هو التوسع فى الحبس الاحتياطى دون ثبوت العقوبة، فأصبح الحبس عقوبة على جرم لم يرتكب، مشددًا على ضرورة وضع حد أدنى لهذه النقطة، والإفراج عن الحالات الصحية والطلاب.
وجدد طلبه بتعديل قانون التظاهر، وحصول أصحاب الديانات غير السماوية على حقوقهم فى الحصول على أوراق ثبوتهم وتحديد ديانتهم فى الهويات الشخصية، مطالبًا بضرورة صدور قانون الجمعيات، دون الالتفات إلى مئات الجمعيات التى قامت السلطات الحالية بدعوى انتمائها لجماعة الإخوان المسلمين.
كما رصد التقرير، أيضا، وجود أزمات فى الكيانات النقابية، والتخفيض الجزئى لدعم الطاقة بما فى ذلك رفع أسعار السلع والخدمات، مشيرًا إلى الارتفاع المتزايد فى أسعار الأدوية، واستمرار أزمات فى التعليم وزيادة مصروفات المدارس الخاصة والأجنبية، واستمرار ظاهرة العمالة المؤقتة.
وأثنى على نجاح الدولة فى توفير علاج سوفالدى، إضافة إلى تحقيق العديد من الإنجازات فى البنية الأساسية لحقوق الإنسان، أولها الدستور وتعزيز الحريات، وانتهاء فترة الطوارئ وإجراء انتخابات نزيهة، بحسب تقرير المجلس.
أما التوصيات التى أصدرها المجلس، فتلخصت فى شقين؛ الأول: خاص بالحقوق المدنية والسياسية، أما الثاني: فهو الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
ومن التوصيات المدنية إصدار قانون بناء الكنائس، وقانون تكافؤ الفرص، ووقف القيود التى تقوم بها الجهات الإدارية ضد الجمعيات.
وأوصى المجلس بتعديل قانون العقوبات، والقضاء على العشوائيات، وإصدار عدد من التشريعات لضمان حفظ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ويتطلع إلى انتهاء خارطة الطريق التى يستكمل بها النظام السياسي، دون الإشارة إلى إجراء الانتخابات البرلمانية، التى قامت الحكومة بتأجيلها أكثر من مرة دون تحديد موعد آخر لها.
اقرأ أيضا:
شخصيات ومنظمات عالمية: “لا حقوق للإنسان فى مصر”
“الفلاحجى” الضحية الـ14 للإهمال خلال شهر.. من وراء تصفية نواب الشعب؟
تقرير دولي: الشرطة تعتدي جنسيا على معارضيها لـ”قتل الاحتجاجات”
قصة البرلماني الذي رفع رواتب الضباط فقتلوه إهمالا
ماذا بعد الاعترافات الرسمية بتعذيب المعتقلين داخل السجون؟
ماذا جاء فى تقرير حقوق الإنسان السنوى الذى تسلمه السيسي؟
لماذا رفضت مصر توصيات دولية بمنع التعذيب والإعدامات وتفتيش مقار الأمن؟
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …