الصهاينة أحن على غزة من مصر.. “افتحوا معبر رفح”!
“شيء لا يصدقه عقل”.. صحف مصر تهلل لاستمرار غلق معبر رفح، وإعلاميون يطالبون بقصف غزة لـ “تأديب حماس”، ومحاكمها تحكم بـ”حماس إرهابية” و”اسرائيل ليست إرهابية”، وبالمقابل صحف تل أبيب تناشد القيادة المصرية “ارحموا الفلسطينيين على معبر رفح”، “افتحوا معبر رفح”، 15 ألف غزاوي محبوسون منذ 11 شهرا بينهم طلاب وموظفون يعملون في الخارج سيضيع مستقبلهم بسبب استمرار غلق مصر معبر رفح الوحيد لهم على العالم الخارجي!؟.
هذا ليس خيالا، ولكنه واقع يمكن متابعته في الصحف الصهيونية، الصادرة طوال الأيام الماضية، وتصريحات مسئولين صهاينة يقولون للقاهرة “ارحموا الفلسطينيين على معبر رفح!”.
مجلس تحرير صحيفة “هآرتس” كتب افتتاحية، أمس الخميس 28 مايو الجاري، مناشدا حكومة مصر بعنوان “افتحوا الباب في قطاع غزة”، وموقع والاه walla كتب يتباكي على أحوال سكان غزة المحرومين من العودة لبلادهم منذ 86 يوما، هي آخر مرة أغلق فيها المعبر قبل أن تفتحه مصر 3 أيام، الثلاثاء الماضي، لإدخال قرابة ألف فلسطيني عالقين في مصر ودول أخرى إلى غزة، مع استمرار منع خروج 15 ألف فلسطيني مسجلين أسماءهم للخروج من غزة لعمل أو علاج أو دراسة.
وأبدت الصحف والمواقع الإسرائيلية تعاطفها مع الفلسطينيين العالقين على معبر رفح، بعد قرار السلطات المصرية فتح المعبر في اتجاه واحد، والإبقاء على نحو 3 آلاف فلسطيني عالقين ينتظرون دخول مصر لأسباب لا تحتمل التأجيل.
وفاة مسنة على المعبر
ووسط هذه “الرحمة” التي يبديها الصهاينة إعلاميا وتباكيهم على أحوال سكان غزة، نشرت مواقع التواصل في مصر صورا لسيدة فلسطينية مسنة في معبر رفح وهي مستلقاه، وقالوا إنها ماتت بسبب انتظارها على المعبر في عز الحر الذي ضرب المنطقة ورفع درجة الحرارة إلى 50 درجة.
وقد نفت القاهرة ذلك بعدما انتشرت صور المسنة وهي ميتة، وقالت إن الجيش المصري نقلها بعرباته إلى مستشفى العريش لعلاجها، ثم أعادها للمعبر، وأنها عبرت بالفعل، ولكن مصادر فلسطينية قالت إنها توفيت لاحقا بحسب أقاربها.
وقد نفى مدير عام المعابر والحدود في قطاع غزة ماهر أبو صبحة، ما تردد بشأن وفاة سيدة فلسطينية تدعى يسرا الخطيب على معبر رفح البري، مؤكدا أن المسنة التي كانت متواجدة في الصالة المصرية، أصيبت بحالة إعياء وتم نقلها إلى مستشفى العريش بمرافقة سيارات الجيش المصري، حيث تلقت العلاج وتم إعادتها مرة ثانية، حيث تم تحويلها مباشرة للمستشفى الأوروبي في قطاع غزة، بيد أنّ أحد أقاربها أكد أنه تم الاعلان عن وفاتها هناك.
15 ألف شخص مسجونون داخل الحدود
“هآرتس” قالت في افتتاحيتها: هناك نحو 15 ألف شخص يريدون الخروج من قطاع غزة، هم محبوسون هناك منذ عملية “الجرف الصامد”، ولا يستطيعون العودة إلى أماكن عملهم ولا إلى عائلاتهم في الخارج. وهناك الآلاف منهم يحتاجون إلى العناية الطبية، وأكثر من ألف آخرين من الطلبة الذين لم يستطيعوا السفر إلى الخارج لمتابعة تعليمهم وقد يخسرون تأشيراتهم وسنتهم الجامعية.
وعلقت على فتح مصر المعبر في اتجاه واحد لغزة لمدة ثلاثة أيام، مع منع الخروج من غزة، بقولها “إنه خلال السنتين الأخيرتين كان المعبر مغلقاً معظم أيام السنة، وكان يفتح لفترات محدودة وأمام عدد محدود من الناس الذين يسمح لهم بمغادرة القطاع، والمرة الأخيرة التي فُتح فيها المعبر للدخول إلى القطاع والخروج منه كانت في أواسط مارس، وسُجل يومها نحو 2.443 خروجا ودخولا”.
وعابت على مصر رفضها السماح لسكان غزة بالسفر من مطار القاهرة، وفرض حصار تام على هؤلاء السكان الذين لا يبقى أمامهم سوى معبر إيرز الذي تسيطر عليه الدولة الصهيونية ويرفضونه؛ لأنه يتم اعتقال بعضهم عبره، كما أن تل أبيب تتحكم فيمن يمر وترفض أغلب المارين.
وغلق معبر إيرز
الصحيفة العبرية نقلت عن الفتاة “ميسم أبو مار”، من سكان غزة في الخامسة والعشرين من عمرها، وغير مسموح لها بالدخول عبر معبر إيرز من أجل الوصول إلى الضفة الغربية، ومن هناك إلى معبر اللنبي، قولها: “نحن نشعر كأننا حيوانات في حظيرة، لكن حتى الحيوانات يسمحون لها أحيانا بالخروج إلى الهواء الطلق، لكن نحن في غزة ممنوع علينا ذلك، وهم لا يشرحون لنا السبب”.
فهذه الفتاة حاصلة على درجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي والعلوم السياسية، وحاولت أن تسجل في السنوات الماضية في برنامج خاص للقادة الشباب في السويد باسم Young Leaders Visitor Program، وتلقت في السنوات الماضية ردا إيجابيا من منظمي البرنامج في السويد، لكن الدولة الصهيونية رفضت منحها تصريحا بالخروج من معبر بيت حانون إلى جسر اللنبي ومن هناك إلى المطار في عمان.
وفي ظل غلق مصر معبر رفح، يشكو أهالي غزة من “المماطلة” في معالجة طلبات الخروج من غزة ويقولون إنها مشكلة مزمنة، فقد قدمت اللجنة الفلسطينية إلى “منسق الأنشطة” الصهيوني الخاص بغزة والضفة، قائمة أولى تضمنت أسماء 350 طالبا من غزة من أجل تنسيق خروجهم عبر معبر اللنبي إلى الأردن، ولكن الموافقات صدرت متأخرة بعدما انتهت مدة التأشيرات للسفر التي مع هؤلاء المسافرين.
وفي نهاية ديسمبر، سمحت إسرائيل لنحو 150 طالبا بالخروج من القطاع، ولكن في النهاية تمكن 37 طالباً فقط من الخروج، وفي مطلع مارس، وعلى الرغم من السماح لـ57 طالباً بالخروج من القطاع، فإن هؤلاء لم يتمكنوا من العبور والدخول إلى الأردن؛ لأن تأشيراتهم انتهت خلال فترة انتظارهم السماح لهم بالعبور”.
موقع “walla” كتب أيضا، عقب قرار مصر فتح المعبر 3 أيام فقط، “أخيرا أضحى بإمكان الفلسطينيين العالقين في مصر لم الشمل مع أقاربهم في غزة، لكن لم يبق لنحو 3000 من سكان القطاع الذين سعوا للخروج لتلقي العلاج سوى الانتظار. قائد المعبر من قبل حماس وصف الوضع بـ”غير المحتمل”.
وأضاف “منذ الإطاحة في 2013 بمحمد مرسي، الرئيس المصري السابق والقيادي بجماعة “الإخوان المسلمين”، المقربة من حركة حماس، أبقت السلطات في القاهرة على المعبر مغلقا معظم الوقت، وفي عدة مناسبات، سُمح لفلسطينيين حاملي جوزات أجنبية، وكذلك طلاب ومرضى، بالخروج عبر معبر رفح”.
وذكرت أن ماهر أبو صبحة، مدير المعبر من قبل حكومة حماس، قال: إن أكثر من 15 ألف فلسطيني، بينهم نحو 3000 شخص بحاجة ماسة للعناية الطبية، طالبوا بالخروج عن طريق المعبر.
وأضاف “ما زلنا نأمل أن تعيد السلطات المصرية النظر في قرارها وتفتح المعبر في الاتجاهين، الوضع أصبح لا يحتمل بالنسبة للناس في غزة”.
لا حوار حمساوي إسرائيلي
وفي ظل القلق الصهيوني من أن يؤدي استمرار حصار قطاع غزة وعدم البدء بالاعمار إلى اندلاع حرب جديدة، بدأت تل أبيب تعرب عن قبولها الحوار مع حكومة حماس لتنسيق عمليات الإعمار، لتنفيس بخار القدر المغلي في غزة من أن ينفجر.
في هذا الصدد قالت صحيفة معاريف”، أمس الخميس 28 مايو الجاري، إن رئيس الدولة الإسرائيلية رؤوفين ريفلين أعرب في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام خلال جولة قام بها في شمال إسرائيل، (الأربعاء)، عن اعتقاده بأن “إعادة إعمار غزة تتناغم مع المصلحة الإسرائيلية وتتطلب مبادرات دولية”، وأشار إلى أنه “لا يعارض إجراء حوار مع حماس نفسها بهذا الشأن”.
وأكد ريفلين أن “ترميم القطاع يعد عاملا ذا أهمية لضمان الهدوء، ودعا الولايات المتحدة ودول أوروبا إلى المساهمة في تنفيذ مشاريع لإعادة إعمار القطاع”، ولكن مصدر حمساوي رد بالقول: لا دردشة مع إسرائيل وعيننا على المصالحة الفلسطينية.
حيث أكد مصدر فلسطيني بارز لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني، أن حركة حماس لا تجري محادثات مع إسرائيل بشأن هدنة طويلة المدى، لا بشكل مباشر أو غير مباشر، مؤكدا التزام حماس بالمصالحة مع حركة فتح رغم وجود عقبات وتدخل الرئيس محمود عباس في شئون قطاع غزة.
وجاء ذلك نفيا لتصريحات القيادي في حركة حماس أحمد يوسف، الشهر الماضي، عن وجود ما أسماها “دردشات” غير مباشرة مع إسرائيل تجري عبر وساطة أوروبية، في إطار بحث عدة ملفات أهمها تثبيت الهدنة طويلة المدى وإنشاء ميناء غزة.
وذكر يوسف، الذي عمل في المجال الدبلوماسي، وعين في إحدى الفترات وكيل وزارة الخارجية في حكومة إسماعيل هنية في غزة: “يأتي دبلوماسيون أوروبيون أو نشطاء مجتمع مدني إلى قطاع غزة باستمرار يطرحون وجهات نظر إسرائيلية، وينقلون ردات فعل الحركة خلال دردشات غير رسمية”.
وتابع “على سبيل المثال هناك دردشات تتعلق بملفي التهدئة والميناء، تنقلها جهات أوروبية بيننا وبينهم”، مشيرا إلى أن الهدف منها هو “إيجاد مخرج لقضية الحصار من خلال فتح ممر بحري للتواصل مع العالم الخارجي”، غير أنه في هذا السياق أوضح أن الأمر كله “في طور البحث والنقاشات”.
ولكن المصدر الفلسطيني البارز قال لموقع “ميدل إيست آي”: “لا يوجد دردشات مع إسرائيل، ويقتنع اللاعبون الدوليون بشكل متزايد بأنه لا ينبغي ترك قطاع غزة بدون حل، ويبدو أن إسرائيل لديها مصلحة في نزع فتيل القنبلة الموقوتة، وفي هذا المناخ، يوجد بالفعل أفكار بين اللاعبين الأوروبيين، لكن لا توجد أية دردشات”.
ولفت الموقع إلى أن جهود تنفيذ الاتفاقية المبرمة بين حماس وفتح، العام الماضي، بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية أُنهكت، رغم اعتقاد المصدر أن الوحدة الفلسطينية تظل محورا استراتيجيا سياسيا لحماس.
وأعرب المصدر عن تفاؤله بأن تتغير ديناميكيات المواجهة في غزة، ويرجع ذلك إلى ثلاثة عوامل من شأنها فتح مجال للتقدم الإيجابي، حيث إنها ستتضمن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وآخرين في محاولة تحقيق المصالحة.
العامل (الأول): أن حماس قوية على أرض الواقع، ولا يمكن لعباس ولا إسرائيل كسرها أو التفوق عليها، والعامل (الثاني): إبقاء الوضع الحالي في غزة هو سلاح ذو حدين، إذ أن محاصرة حماس معناها خلق قنبلة موقوتة في غزة يمكنها الانفجار في أي وقت، ولهذا السبب يبذل الكثيرون جهودا لحل المشكلة.
أما العامل (الثالث): فهو أن هناك تغيرا عميقا في المملكة العربية السعودية، وهذا يغير قواعد اللعبة، إذ تحاول المملكة استعادة موقفها القيادي في العالم العربي بعد شن عملية عاصفة الحزم في اليمن، وربما تتدخل للوساطة وحل القضية الفلسطينية دون إبعاد مصر عن اللعبة، بحسب المصدر الفلسطيني.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …