‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير حملة “عاوز تنتحر” هل تدشن لدولة المنتحرين في مصر؟
أخبار وتقارير - مايو 7, 2015

حملة “عاوز تنتحر” هل تدشن لدولة المنتحرين في مصر؟

أُطلقت مؤخرا حملة غامضة تحت عنوان “نفسك تموت.. نفسك تنتحر؟”، بدأت من كورنيش الإسكندرية، حيث فوجئ أهالى المدنية بلافتات وبانرات متشحة بالسواد، كُتب عليها عبارات مختلفة باللون الأبيض، منها “نفسك تموت”، “عاوز تنتحر”، ورغم غموض الحملة ورفض شركة الدعاية التى دشنت الحملة فى الإفصاح عن أسبابها، واكتفت بتأكيدها أن الحملة إنسانية، وأنه سوف يتبين الهدف منها خلال الأيام القادمة، إلا أن سماح الأجهزة الأمنية بتعليق هذه البانرات يثير العديد من علامات الاستفهام.

ويتوقع مراقبون أن الحملة ستكون دعاية لأحد الأحزاب الجديدة، أو لحكومة محلب نفسها بمناسبة ذكرى 30 يونيو؛ بدعوى أن الشباب والشعب لن يقدم على الانتحار بعد اليوم، إلا أن المراقبين أكدوا أنها فى الحالتين تعكس واقعا صعبا للزيادة الرهيبة فى معدل الانتحار التى اجتاحت المحافظات بعد انقلاب 3 يوليو 2013، وبعد أن فقدوا الأمل فى حياة كريمة بعد استيلاء القوات المسلحة عى مقدرات البلاد، فضلا عن تصاعد الأزمات الاقتصادية، بعد غلاء الأسعار والسلع الرئيسية، وفقدان مئات الألوف لأعمالهم بعد إغلاق 350 ألف شركة ومصنع منذ ما يقرب من عامين، مؤكدين أنها حتى ولو كان ورائها حكومة محلب نفسها، فستكون تدشينا لدولة المنتحرين فى البر والبحر والجو، وبالتالى تعكس تصاعدا خطيرا لمعدل الانتحار.

18 ألف محاولة انتحار

تؤكد إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء وصول عدد المنتحرين بنهاية عام 2014 إلى 79 حالة، كان النصيب الأكبر منها في شهر أكتوبر، الذي شهد انتحار 25 شخصًا، والغريب أن القائمة لم تخلُ من الأطفال، حيث انتحرت فتاة لم تتجاوز (13عامًا) بسبب خلافات مع زوجة والدها، بينما شهد يوما 8 و9 من شهر ديسمبر، انتحار 4 حالات، الأولى لشاب شنق نفسه بـملاية السرير في الدقي، وفتاة قفزت من كوبري قصر النيل، وروسي ونمساوي في محافظة البحر الأحمر، لأسباب مادية ونفسية.

ومنذ يناير 2011 وحتى عام 2014، رصد جهاز التعبئة والإحصاء 18 ألف محاولة انتحار، منها 3 آلاف لمن هم أقل من 40 عامًا، وبلغ المعدل السنوي خمس محاولات من أصل ألف شخص، وذلك بزيادة 12% عما كانت عليه عام 2010.

36

وبحسب الدراسات، ترتفع معدلات الانتحار في مصر عامًا بعد عام، حيث جاءت مصر في دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية في المركز 96 على مستوى العالم من حيث عدد الأفراد المقبلين على الانتحار، وكان ذلك في عام 1987، ثم جاء عام 2007 ليشهد 3708 حالات انتحار متنوعة من الذكور والإناث، وقد سجل المركز القومي للسموم التابع لجامعة القاهرة وقوع 2355 حالة انتحار بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 22 و23 عاما، طبقا للإحصائيات الرسمية.

وفي عام 2009، أظهرت دراسة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية أن هذا العام شهد محاولات للانتحار فى المدن والقرى المصرية، بلغت 104 آلاف حالة، تمكن 5 آلاف منهم من التخلص من حياته، وأن الفئة العمرية الأكثر إقبالا على الانتحار هى ما بين 25 و40 عاما، حيث تمثل النسبة الأكبر لانتحار الرجال، وأن معظم حالات الانتحار ترجع إلى الظروف الاقتصادية، وعدم القدرة على الإنفاق على الأسرة.

وتشير الدراسة إلى أن المرتبة الثالثة فى إحصائية المنتحرين، جاءت ممثلة فى الفئة العمرية من 7 إلى 15 عاما، وكانت البنات فى هذه المرحلة ثلاثة أمثال الأولاد المنتحرين.

الخبراء : الشباب فقدوا الأمل فى التغير

وقد أرجع الخبراء والسياسيون ارتفاع أعداد المنتحرين في مصر إلى أزمات نفسية يعاني منها المنتحرون، وتتصل بتفاقم الأزمات المعيشية، خاصة الفقر والبطالة، لافتين إلى أن الشباب فقدوا الأمل في تغيير مستوياتهم الاقتصادية والسياسية.

وقالوا- في تصريحات سابقة لـ”وراء الأحداث”: “إن تلك الظاهرة ربما يترتب عليها- في المرحلة المقبلة- تنامي ظواهر أخرى مثل البلطجة والسرقة في المجتمع، وربما تنتهي بثورة جياع”.

حيث أرجعت الدكتورة عزة كُريم، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أسباب تزايد عدد حالات الانتحار إلى نفس الظروف المعيشية خلال المرحلة التي سبقت ثورة 25 يناير، مشيرة إلى أن المواطنين يعانون الآن من ارتفاع الأسعار والإحساس بضبابية المستقبل، فضلا عن فصل عدد كبير من العمال.

وأضافت: “عدنا للضغوط المجتمعية القاسية قبل ثورة 25 يناير، نلاحظ أنه زاد قبل ثورة يناير لأن الضغوط وصلت للقمة، ويجب على الدولة أن تقف وقفة تجاه ذلك، فالدولة الواعية ترى في تزايد حالات الانتحار مؤشرًا لتفاقم المشكلات، في ظل معاناة مجتمعية كاملة، فكلنا نشعر بارتفاع الأسعار وزيادة التضخم وقلة الدخل، خاصة عند منخفضي المستوى الاجتماعي”.

وتوقعت د. عزة تزايد انتشار ظاهرة البلطجة والسرقة عقب تفاقم تلك الظاهرة، مشيرة إلى أن المزيد من الانتحار يؤدي إلى التمرد الذي لا نعلم إلى أين يصل بنا، خاصة أنه في ظل القمع الحالي من يتمرد ويعاند مصيره السجن، وقالت: “إن تفاقم تلك الظاهرة التي وصلت لـ15 حالة انتحار في شهر واحد هو مؤشر خطر جماعي، وضوء أحمر لمطالبة المجتمع الدولة بحلها؛ حتى لا تخرج عن نطاق السيطرة.

وكانت مصر قد احتلت المركز الخامس في قائمة الدول الأكثر بؤسًا على مستوى العالم، وذلك في تقرير أصدرته مجلة “بيزنس إنسايدر”، في شهر سبتمبر الماضي، ضم 21 دولة.

كما يعاني 13.6% من المصريين من البطالة، استحوذت الفئة العمرية من 20 إلى30 عامًا على النسبة الأكبر منها؛ حيث تمثل 56% من إجمالي العاطلين عن العمل، بحسب تصريحات إبراهيم محلب، رئيس الحكومة المصرية، في يوليو الماضي، في حين أن المدير السابق لإدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالبنك الدولي خالد إكرام، أكد أن معدل البطالة في مصر أكثر من 25.”

أبرز حالات الانتحار

وكان انتحار فرج رزق أبرز الحوادث التي أقلقت مضاجع المصريين، حيث أوقف رزق سيارته على طريق مصر الإسماعيلية الصحراوي، وقام بشنق نفسه في لوحة إعلانات، معلنًا عدم قدرته على تجاوز ضائقة مالية.

وجاء بعده انتحار الناشطة الحقوقية زينب مهدي، التي أكد أصدقاؤها أنها كانت تعاني من حالة اكتئاب؛ بسبب تردي الملف الحقوقي في مصر، وخاصة فيما يخص المعتقلات في السجون المصرية.

كما شملت الانتحارات ثلاثة من الشباب فى أسيوط والشرقية وقنا بسبب تردي الأحوال المعيشية، ينتمون إلى 3 محافظات مختلفة؛ إحداهم الشرقية، بينما تقع المحافظتان الأخريان فى الصعيد .

حيث تم العثور على “حلمي” الذي يبلغ من العمر 24 عاما، منتحرًا في غرفته، فيما أكد والده أن نجله يعاني من أزمة نفسية لمروره بضائقة مالية، حاول معها الانتحار أكثر من مرة ولكنهم أنقذوه، ويشير أحد أصدقائه إلى أنه كان يرغب فى الارتباط، إلا أن الظروف المادية التي يعانيها حالت دون ذلك .

أما “هاني” 22 سنة- عاطل، فقد قام بشنق نفسه في منزل أسرته بمدينة أسيوط، بسبب مروره بضائقة مالية، مؤكدا أنه قد حاول الانتحار أيضا منذ شهرين ولكنه فشل.

وقامت “نجلاء ” 25 عاما – ربة منزل، بالانتحار شنقًا في منزلها بمحافظة قنا، وذلك باستخدام “إيشارب” قامت بتركيبه في سقف غرفتها .

وكان شهر سبتمبر الماضي، قد شهد موجة اعتبرها المراقبون الأكبر في معدلات الانتحار، حيث شهد 18 حالة انتحار، من بينهم ثلاث سيدات وطفلة، وسجلت محافظة المنيا في صعيد مصر 6 حالات لوحدها.

مصر دولة المنتحرين

وكشف تقرير منظمة الصحة العالمية، في سبتمبر الماضي، في ذكرى حلول اليوم العالمي لمنع الانتحار، أنه على الرغم من تقلص حالات الانتحار فى العالم العربي مقارنة بدول أجنبية أخرى، إلا أن الشباب العربي في إقليم شرق المتوسط الذي تتبعه مصر تزيد حالات الانتحار بينهم بسبب الأوضاع الاقتصادية والبطالة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …