رسائل الهجوم على “نجران”.. وهل تعجّل بالحرب البرية؟
رغم توقع رد ما للحوثيين على عاصفة الحزم على الحدود السعودية ووقوع عدة هجمات نتج عنها بالفعل مقتل بعض الجنود السعوديين في نقاط حدودية، إلا أن الهجوم الذي نفذه حوثيون على مدينة سكنية (نجران) داخل الأراضي السعودية، وسقوط قرابة 12 قذيفة هاون وصاروخ كاتيوشا، ووفاة 3 وإصابة اخرين وتضرر منازل ومدرسة وسيارات، يبدو كرسالة موجهة إلى المملكة وحلفائها.
صحيح أن العملية تبدو “إعلامية” هدفها نقل رسالة تحذير للسعوديين بنقل الحرب إلى داخل أراضيهم، وعملية تشتيت عسكرية، ولا تشكل تهديدًا كبيرًا، خاصةً أن المسافة الفاصلة بين نجران وأقرب نقطة جبلية على الحدود مع اليمن لا تقل عن 200 كلم، والكاتيوشا مداها الأقصى 100 و200 كلم، والهاون مداه لا يزيد عن 10-20 كم، ولكنها حققت الهدف الحوثي بتعطيل الدراسة في جميع مدارس محافظة نجران ووقف رحلات الخطوط الجوية؛ لأن هذه القذائف عشوائية.
القصف جاء بالتزامن مع القمة الخليجية التي عقدت في الرياض وهيمن عليها ملفات اليمن وإيران، وبالتزامن مع إعلان السعودية وقف كافة العمليات الجوية للسماح بالإغاثة الإنسانية، وجاء ليوجه أكثر من رسالة حوثية للسعودية ودول الخليج، أبرزها:
• الإيحاء بفشل عاصفة الحزم في إجهاض قوة الحوثيين، ومنع قدرتهم على الاعتداء على الأراضي السعودية، وتوجيه رسالة تحدي لدول التحالف العربي، خاصةً أنها جاءت بعد لحظات من إعلان الملك سلمان بن عبد العزيز أن عمليات عاصفة الحزم التي تقودها بلاده ضد الحوثيين في اليمن “حققت أهدافها”.
• رفْض الحوثيين عمليًّا للحوار الذي دعا الرئيس اليمني، ما قد يعني التعجيل بالحرب البرية، أو دفع السعوديين دفعًا لخوض حرب برية، خصوصًا مع بدء تدفق قوات يمنية جنوبية تدربت في السعودية وقوات سنغالية (2100 جندي) وربما قوات أخرى في الطريق.
• طبيعة السلاح الذي تم ضرب نجران به (الهاون وصواريخ الكاتيوشا) يعطي انطباعًا- أو هو رسالة إيرانية- باستعداد هذه الميليشيات أو الاذرع الإيرانية للدخول في حرب عصابات طويلة الأمد تعززها طبيعة الحدود الجبلية بين البلدين وصعوبة القضاء على المتمردين الذين يقتربون في كل مرة لأقرب نقطة من الحدود لتوجيه عمليات قصف هدفها شل الحياة في المدن الحدودية السعودية، ما يعني سعي الحوثيين لحرب استنزاف عبر الحدود.
• وقوع الهجوم بالتزامن مع القمة الخليجية التشاورية، وفي الوقت الذي أعلنت فيه خطط المباحثات التي أعلن عنها الرئيس اليمني بين الفصائل والأحزاب اليمنية، معناه رفض الحوثيين للحوار السياسي أو اعتراضهم عليه، ومن ثم عدم ترك فرصة أمام التحالف العربي سوى إكمال المرحلة الثانية للحرب بالتدخل البري، الذي يرى مراقبون أن قد يكون (فخًّا حوثيًّا) بسبب طبيعة اليمن الجبلية.
ولهذا قال العميد أحمد عسيري، المتحدث باسم قوات التحالف العربي إن “استهداف نجران من “ميليشيا الحوثي” يعبر عن رفضهم لقرار مجلس الأمن، وأن جميع الخيارات أصبحت مفتوحة”، ما يعني اقتراب الحرب البرية، مع ملاحظة أن القيادة السعودية أمامها فترة زمنية لا تتجاوز شهرين لتحقيق نجاح عسكري في اليمن، لأن ايران ستكون مكبلة بمسألة توقيع اتفاق الإطار النووي مع الدول الست الكبرى المقرر في نهاية شهر يونيو المقبل كحد أقصى، كما أن التصعيد قادم وبقوة في سوريا أيضًا وهناك تحرك سعودي للتدخل في هذا الملف بقوة وجمع المقاومة السورية تمهيدًا لحل يستبعد منه الأسد كما قال الملك سلمان.
وسقطت عشرات القذائف، ظهر الثلاثاء، على عدد من المواقع والأحياء في منطقة نجران السعودية، وبحسب مصادر إعلامية وسعودية فإن القذائف المستخدمة هي عبارة عن قذائف “هاون”، وصواريخ كاتيوشا، صادرة من الأراضي اليمنية.
وأظهرت الصور المتداولة على وسائل الإعلام السعودية القصف على منطقة نجران وهو يتسبب في أضرار في المباني والشوارع، منها مدرسة أطفال ومنزل صحفي، ومقتل 3 وتدمير عدة سيارات وتضرر مبان، بالإضافة إلى إصابة عدد من المدنيين.
ولكن الإعلام الحوثي ووكالة أنباء فارس الإيرانية سعت لتضخيم الهجوم، بزعم أن “قبائل يمنية تمكنت من أسر جنود سعوديين وإعطاب آليات عسكرية للجيش السعودي بعد هجوم بري شنته داخل الأراضي السعودية المحاذية لليمن، ردًّا على القصف السعودي الذي استهدف مناطق يمنية على الحدود”.
وأعلنت السنغال إرسال 2100 جندي إلى السعودية للمشاركة في الحرب ضد “المتمردين” الحوثيين في اليمن، بحسب وزير الخارجية السنغالي، مانكور نداي، أمس الإثنين، أمام البرلمان، نيابة عن الرئيس السنغالي ماكي سال، فيما أكدت صحيفة واشنطن بوست أن قوات يمنية كانت تتدرب في السعودية نقلت إلى عدن، ما يشير لسعي الرياض لحشد قوات برية يمنية وخارجية على الارض لبدء معركة برية في عدن.
الحوثيون: لا مفاوضات ولا إلقاء للسلاح
وجاءت التصريحات التي أدلى بها محمد علي الحوثي القيادي البارز بجماعة أنصار الله الحوثية باليمن ورئيس ما يسمى “اللجنة الثورية لليمن” بالتزامن مع الهجوم، لتؤكد التحدي الحوثي ورفض أي مفاوضات إلا بشروطهم ورفضهم لكل ما قرره مجلس الامن من سحب قواتهم أو الانسحاب من المدن التي احتلوها، وكذا استئناف الهجمات العنيفة في عدن، لتؤكد أن الحل العسكري ربما يمضي إلى نهايته.
حيث قلل “علي الحوثي” من دعوة الرئيس عبد ربه منصور هادي لعقد مؤتمر سياسي يجمع كافة الأطياف اليمنية بالرياض خلال الشهر الجاري، وقال إن مثل هذا المؤتمر لا يعني لهم شيئًا وأن “الموجودين خارج اليمن مطلوبون قضائيًّا وفي مقدمتهم هادي”؛ ما يعني مقاطعتهم له.
وقال الحوثي في حوار أجرته معه وكالة الأنباء الألمانية من القاهرة عبر الهاتف: إن بلاده لا تعاني حربًا أهلية أو تنازعًا على السلطة يتطلب تدخلاً خارجيًا عسكريًا لاستعادة الشرعية، واصفًا الضربات التي يشنها التحالف العربي بكونها “عدوانًا كاملاً على اليمن وشعبه ومؤسساته”.
ونفى الحوثي ما يتردد عن وجود مفاوضات غير مباشرة بين جماعته وبين السعودية عبر وساطة تقوم بها دولة خليجية لوقف العمليات العسكرية، وقال: “بالنسبة لنا في اللجنة الثورية وبالنسبة للحكومة اليمنية لم يصلنا شيء رسمي حتى اللحظة.. لا توجد مبادرة مطروحة”.
وزعم أن جماعته لا تزال تحظى بدعم شعبي كبير مساند لها في كل خطواتها، نافيًا وجود أي مقاومة شعبية حقيقة ضدها باستثناء “مجاميع محدودة لها أهداف ومصالح خارج حسابات الصالح الوطني العام تتلقى أموالاً من دول بعينها تدعم التحالف الموجه ضدنا.. فضلاً عن آخرين يحملون أفكارًا أيديولوجية من عناصر تنظيم الإخوان والقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية ومن يساندونهم من الداخل اليمني” بحسب تعبيره.
وقال إن جماعته “لا تزال تدعو وتدعم خيار الحوار بين الأطراف اليمنية شريطة أن يتم تحت إشراف الأمم المتحدة وأن يعقد باليمن أو بأي دولة لم تشارك في العدوان عليه وأن يبدأ من حيث انتهت مشاورات المبعوث الأممي السابق لليمن جمال بن عمر من تشكيل مجلس رئاسي من خمس شخصيات تتولى قيادة البلاد”.
ورفض الحوثي وضع أي شروط مسبقة لهذا الحوار كسحب جماعته أسلحتها عناصرها وأسلحتها الثقيلة من العاصمة، وقال: “لا يوجد حوار ناجح تتقدمه شروط، ولا ضرورة لربط الحوار الداخلي بما يشن علينا من عدوان خارجي، خاصة أن ذلك العدوان هو ما أعاق الحوار بالأساس”.
تعليقات مواقع التواصل: يأس حوثي
ما إن بدأ القذائف تسقط على نجران حتى دشن النشطاء على تويتر هاشتاق باسم (#قذائف_هاون_تسقط_على_نجران)، احتل المركز الأول في “الترند” السعودي في وقت قياسي، وتم تداول العديد من الصور لآثار قذائف الهاون القادمة من ناحية اليمن على نجران، وتعليقات سعودية وعربية.
وكان لافتًا تقليل العديد من السعوديين من شأنها، فالكاتب السعودي جمال خاشقجي علق قائلاً: “إنها مجرد عملية تلفزيونية محدودة الأثر، ولا تأثير لها على مجريات الحرب، لا تنشغلوا بها”، و”مهنا الحبيل” قال: “استراتيجيا لا يعني قصف الحوثيين نجران بالهاون أي تقدم ولا تهديد هو فقط محاولة تشتيت لهم ولإيران تضيع في أول الهواء”.
وقال محسن أبو القاسم: “في اعتقادي أن #قذائف_هاون_تسقط_على_نجران هي مؤشر اليأس لدى الحوثيين، وهي رسالة غير موفقة، لا سيما مع عقد القمة الخليجية”.
وهناك مغردون شككوا في صحة بعض الصور، وقالوا إنها لقذائف وقعت في بغداد، ودعوا لعدم ترويجها، والبعض قال انه لا داع لتعريف الحوثيين بالمناطق التي قصفوها كي لا يحسنوا دقة القصف في مرات مقبلة.
حيث قال صالح العمري: “أخي وأختي.. وقوف الشائعات والأكاذيب سيكون بتعاونك، فأنت رجل الأمن الأول فمارس دورك الوطني”، وطالب نايف النويصر بالتحقق قائلًا: “يرجى من الجميع التحقق من المعلومات والصور قبل النشر واللهم أدم علينا وعلى المسلمين أجمعين نعمة الأمن”.
وعرض صاحب حساب “مستنير” مقطع فيديو لسقوط القذائف من “قلب الحدث” – كما أسماه – متسائلًا: “كيف استطاع الحوثي امتلاك هذا النوع من القذائف إلا بدعم مستمر من إيران وعلي صالح”، وقال نضال موم: “قذائف هنا وقذائف هناك وكالعادة المدنيين هم ضحية حروب السلطة والهيمنة.. حفظ الله أهل اليمن وأهل نجران “.
وقال علي العامر: “تحدثت مع صديق لي من نجران وهو شيعي؛ يقول إن أبناء عمومته – الشيعة – يتأهبون بأسلحتهم الشخصية ضد الحوثيين”، وقالت “تنسيقية شباب الحرمين “سلمان بكل وقاحة يعلن عن انتصار #عاصفة_الحزم وعن إنشاء مركز لإغاثة الشعب اليمني”.
وقال الناشط المصري عمرو عبد الهادي ساخرا: “اول امس السيسي في السعودية ينقل رسالة ايران للملك سلمان واليوم ميليشيات الحوثي يضربون المدنيين في نجران #السيسي_عميل_ايران”.
وكان نشطاء بثوا فيديو للمذيعة أمانى الخياط المحسوبة علي ما يسمي “الاذرع الإعلامية للسيسي” تقول فيه أن “السيسى هدد الملك سلمان وقاله انت هتدفع ثمن اللي بتعمله في سوري”.
شاهد الفيديو:
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …