سر هجوم الإعلام الملاكي على السيسي.. تنفيس للغضب الشعبي أم ربكة؟
أثار الهجوم الإعلامي الشرس الذي يشنه مذيعون وإعلاميون ووسائل إعلام مصرية وشخصيات سياسية على المشير عبد الفتاح السيسي، خلال الأيام الماضية، موجة من التساؤلات والجدل حول أسباب ودافع هذا الهجوم، خاصة وأنه يأتي من إعلاميين لطالما حسبوا على تأييدهم الشديد له منذ اللحظة الأولى لانقلابه على الرئيس مرسي في 3 يوليو 2013.
واستبعد خبراء ومراقبون بشكل تام أن يكون النقد والهجوم الحاد على المشير السيسي من قبل هؤلاء الإعلاميين هو من قبيل حسهم الوطني أو خوفهم على مصلحة البلاد؛ معللين ذلك بأن هؤلاء الإعلاميين لا يتحركون أو يصرحون إلا في إطار خطة إعلامية مرسومة ورغبات من يملك مفاتيح التحكم بهم، لافتين إلى أن المؤيد على طول الخط بالأمس لا يكون معارضا فجأة بين ليلة وضحاها إلا لأجل مآرب خاصة.
ويرى نشطاء ومراقبون أن ما يؤكد وجهة النظر تلك أن أغلب من يشنون هجوما على السيسي خلال الأيام الماضية هي أسماء وشخصيات وردت أسماؤهم في إحدى تسريبات عباس كامل، مدير مكتب المشير السيسي، على اعتبار أنهم أذرع إعلامية مؤيدة للمؤسسة العسكرية، تحركهم الشئون المعنوية كيفما شاءت، وهو الأمر الذي فتح الجدل الواسع حول من يقف وراء حملة الهجوم على السيسي في هذه الأيام.
ومن بين المذيعين والإعلاميين الذين تم رصد هجومهم على السيسي، خلال الأسبوع الماضي، كل من “إبراهيم عيسى، وتوفيق عكاشة، ويوسف الحسيني، وعمرو أديب”، بإلاضافة إلى شن عدد من الصحف القومية والخاصة حملة هجوم شرسة على أداء وزارة الداخلية ووزيرها مجدي عبد الغفار، ومن بين تلك الصحف “جريدة “الأهرام” و”المصري اليوم” و”الدستور”، وهي الصحف التي يترأس تحريرها صحفيون يحسبون على تأييدهم المطلق للمشير السيسي وحكومات ما بعد الثالث من يوليو.
وأجمع عدد من هؤلاء المذيعين والشخصيات السياسية على ضرورة مواجهة السيسي بفشله في إدارة البلاد، سواء من الناحية السياسية أو الأمنية أو غير ذلك، فالوضع بحسب أقوالهم يسير بالبلاد نحو كارثة، فتولي الجهات الأمنية لإدارة البلاد كما كان الحال قبيل ثورة يناير سوف يغرق الدولة في غياهب الديكتاتورية والفساد، ويضمن العودة لنظام مبارك المستبد، وعلى الجانب الآخر ضرورة محاسبة السيسي على كافة الأحداث التي تمر بها البلاد والأزمات التي يتعرض لها المواطن؛ باعتباره المسئول الأول عن أفعال الحكومة، والتي تنعكس بالسلب على المواطن، خاصة في الفترة الماضية.
ثلاثة تفسيرات وراء الانقلاب على السيسي
وتنوعت التفسيرات والتأويلات بشأن انقلاب تلك الشخصيات والصحف على المشير السيسي بشكل مفاجئ إلى ثلاثة تفسيرات:
التفسير الأول: أنها خطة مخابراتيه لامتصاص الغضب الشعبي وتنفيسه عن طريق تفريغه بهذا الهجوم في وسائل الإعلام.
التفسير الثاني: أنها محاولة لانقلاب ناعم على المشير السيسي بعد أن أصبح عبأ على الدولة العميقة، بعد فشله في عدة ملفات هامة، أبرزها الملف الاقتصادي والأمني.
التفسير الثالث: أن الهجوم الإعلامي على السيسي عبر فضائيات المال السياسي ليست سوى ضغطة بسيطة أو “قرصة ودن” كما يقولون من قبل رجال الأعمال وأصحاب رءوس الأموال المالكين لتلك القنوات الفضائية، والذين باتوا على خلاف واضح مع المشير السيسي خلال الفترة الماضية؛ بسبب اتخاذه عدة قررات اقتصادية غير مدروسة.
انتقال الهجوم من الإعلام للسخط الشعبي
انتقادات السيسي لم تعد قاصرا فقط على مذيعين وإعلاميين، لكنها امتدت كذلك إلى شخصيات سياسية طالما كانت مؤيدة له منذ اللحظة الأولى لانقلاب 3 يوليو، وهو ما يشير إلى وجود مساع حثيثة من أطراف معينة لارتفاع حدة السخط الشعبي ضد المشير السيسي، مستغلين في ذلك فشله الذريع في العديد من الملفات الهامة في الدولة، كالملف الأمني والاقتصادي، وذلك بحسب قولهم.
ومن أبرز الشخصيات التي بدأت تجاهر بانتقاد السيسي مؤخرا “الكاتب علاء الأسواني، والصحفي أنور الهواري، والمخرج علي بدرخان، وغيرهم من الشخصيات التي أيدت السيسي في 3 يوليو ثم بدأت في الانقلاب عليه مؤخرا”.
وفي السياق ذاته، رصد ونشطاء ومراقبون وجود حالة من الهجوم الحاد على السيسي في بعض وسائل النقل والمواصلات العامة، بخلاف ما كانت عليه الأمور في الفترة الأولى من انتخابه لرئاسة البلاد، حيث رصد نشطاء وجود شخصيات عدة داخل وسائل النقل العام تنتقد أداء السيسي وتهاجمه جهارا دون خوف من رقيب أمني أو غير ذلك، وهو ما فسره البعض بأنه ضوء أخضر من الأجهزة الأمنية والمخابراتية لانتقاد المشير لكن دون أن يحددوا أسباب ذلك”.
تلميع السيسي الإنسان
وفي موقف متناقض تماما وبعكس انتقاده السياسي الكبير، ظهرت حالة أخرى من تمجيد السيسي في وسائل الإعلام ذاتها، لكنها تقتصر هذه المرة على تمجيد السيسي الإنسان، بحسب وصفهم، بعيدا عن مشاكله السياسية، وذلك عن طريق التركيز على الجوانب الإنسانية لدى شخصية السيسي، ورسم صورة ذهنية معينة وتصديرها للشعب المصري.
ولترويج هذه الصورة، يعتمد الإعلام المصري بالدرجة الأولى على إبراز عطف السيسي على نساء مصريات محرومات من أبسط حقوقهن في الحياة الكريمة، فيتدخل السيسي باعتباره رئيس الدولة، برغم مشاغله، استجابة لاحتياجاتهن وتحقيقا لمطالبهن.
وتكررت تلك القصص مؤخرا بشكل كبير، وبالتفاصيل نفسها تقريبا، سواء مع الحاجة كريمة، أو الحاجة “نجيبة”، أو الحاجة صيصة، أو زينب المكفوفة، أو ليلى المتشردة، أو “أم أشرف” التي أهانها الإخوان! بحسب مزاعم وسائل الإعلام، وغيرها من النماذج التي يحرص الإعلام على تصديرها للشعب المصري، وبأنها تكشف شخصية السيسي الإنسانية العالية!.
وفي سياق انتقاد السيسي، يعرض “وراء الأحداث” عددا من التصريحات المهاجمة للمشير السيسي من قبل إعلاميين ومذيعين، وتم رصدها بكثافة خلال الفترة الأخيرة:
إبراهيم عيسي: أمن الدولة يحكم من جديد
انتقد إبراهيم عيسي- عبر قناة “أون تي في” المملوكة لرجل الأعمال المقرب من النظام “نجيب ساويرس”- ما يقوم به النظام الحالي برئاسة السيسي من إعادة الجهات الأمنية للمشهد السياسي، ممثلة في أمن الدولة أو تحت المسمى الحديث الأمن الوطني؛ للتحكم من جديد في الحياة السياسية، عن طريق التواصل مع الأحزاب والتكتلات والقوى، مشيرا إلى أن ما يحدث إعادة للجريمة التي ارتكبها النظام السابق في حق المصريين، والتي يعيد إنتاجها من جديد النظام القائم.
كما هاجم السيسي في طلباته للتفويض المستمرة من المواطنين، والحديث المستمر عن كونه موجودا رغما عنه، مطالبا إياه بأداء دوره كرئيس، والتوقف عن كونه يفعل هذا وذاك، بحسب طلب الشعب، وبالتالي فهو غير مسئول عن عواقب ما يفعله؛ باعتبار أن ذلك رغبة الشعب وليست رغبته الشخصية.
يوسف الحسيني: يجب محاسبة السيسي على أخطائه
من جانبه، أكد يوسف الحسيني أن المنطق يحتم على الجميع ضرورة محاسبة السيسي على كافة الأخطاء والأزمات التي يتعرض لها المواطن المصري البسيط كما كان يحدث مع مرسي من قبل، فالجميع كان يهلل حال وقوع أي خطأ من جانب نظام الإخوان، ويتم المطالبة بمحاسبة الرئيس المسئول عن كل صغيرة وكبيرة تحدث في البلاد، وتساءل: لماذا لا يحدث ذلك الآن وتتم محاسبة السيسي على كل صغيرة وكبيرة كما كان يحدث مع مرسي؟.
وأوضح الحسيني أن السيسي هو من اختار التشكيل الحكومي الحالي وليس البرلمان، كما أن التغييرات التي حدثت تمت بموافقته وبعلمه، بالإضافة إلى انفراده بإصدار التشريعات لعدم وجود الكيان التشريعي ممثل في مجلس النواب، وبالتالي فإن كافة السلطات بيده، وعلى ذلك يجب محاسبته على كل الأحداث حتى نكون منصفين.
يذكر أن يوسف الحسيني ورد اسمه في أحد التسجيلات المسربة عن مكتب عبد الفتاح السيسي، حيث وصفه مدير مكتب السيسي عباس كامل بأنه “الواد الحسيني”، وهو المصطلح الذي اشتهر به بعد ذلك بين معارضيه.
أديب: السيسي يريد إعلاما مغلفا بالأكاذيب
وفي السياق ذاته، هاجم عمرو أديب- أحد أبرز الداعمين للسيسي- النظام الحالي، وعلى رأسه السيسي، في الهجوم المستمر على الإعلاميين وانتقادهم، ووصفهم بكونهم ضد تقدم البلاد وضد الاستقرار، مؤكدا أنهم لن يتوقفوا عن أداء دورهم في إظهار الحقيقة للمواطن.
ويضيف أديب أن السيسي يريد أن يكون الإعلام كما كان الحال في عهد عبد الناصر، والذي كان مغلفا بالأكاذيب كما حدث إبان نكسة 67، والتي خرج علينا الإعلام حينها ليتحدث عن أننا في قلب تل أبيب، أو كما كان يتحدث الصحف عن امتلاكنا لأقوى الصواريخ، وأن البترول لدينا أكثر من السعودية، وغير ذلك، مشددا على أنه لن يتوقف عن قول الحقيقة، وإذا أراد النظام أن يغلق القنوات فليفعل، ولكنه لن يتوقف حتى تلك اللحظة.
عكاشة: السيسي خايف من الحرب
توفيق عكاشة هو الآخر كان له دور في الهجوم على السيسي خلال الأيام الماضي، ولكن بطريقته الخاصة، حيث علق عكاشة- عبر قناة الفراعين- عن الأحداث التي تمر بها المنطقة العربية هذه الأيام، خاصة الحرب الدائرة في اليمن والأحداث المشتعلة في عدة دول عربية أخرى، بأن السيسي خايف جدا من هذه الحرب.
وقال في هجومه على السيسي ووزير الدفاع وقيادات الجيش والمخابرات: أقسم بالله إن رئيس الجمهورية وقيادات الجيش والمخابرات خائفون من الحرب، وأن هذا مدون في كتاب يختص باستخلاص النتائج لما آل له الوضع الآن، بكتب آخر الزمان التي يمتلكها بنو إسرائيل”، وذلك بحسب قوله.
اقرأ أيضا:
بالفيديو.. إعلاميو ومثقفو السيسي ينتقدون أداءه
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …