‫الرئيسية‬ مقالات السيسى ينقلب على الشباب العاطل
مقالات - أبريل 15, 2015

السيسى ينقلب على الشباب العاطل

أصدر السيسى بقرار – أى بجرة قلم – قانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015؛ لكى ينظم هذا القانون الجديد العلاقة بين الموظف العام والدولة كبديل عن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978.

وكما تعودنا من السيسى أن كل تشريعاته تهدف لخدمة الانقلاب، وخدمة الكبار من الداعمين للانقلاب، كذلك جاء قانون الخدمة المدنية سالف الذكر لخدمة الكبار على حساب الموظفين العموميين بالدولة والذين ستتعرض كافة حقوقهم المكتسبة للخطر ، وسوف تهدر هذه الحقوق لصالح الكبار .

فى البداية أود أن أوضح لكم أننى متخصص فيما أكتب بحكم عملى كمحام منذ أكثر من عشرين عام ومتخصص فى المنازعات الإدارية، وباحث دكتوراه بكلية الحقوق جامعة القاهرة فى رسالة تنتظر تحديد موعد للمناقشة، وكذلك بحكم عضويتى فى مجلس الشعب مرتين ، الأولى فى برلمان الثورة الأول 2005/2010 ، والثانية فى برلمان الثورة الثانى 2011 الذى تم حله .

كنت قد تقدمت بما يقرب من سبعة وثلاثين مشروع قانون فى برلمان الثورة الأول (2005/2010) ، إلا أن أغلبية الحزب الوطنى لم تنظر لهم ، ولم تحرك منهم مشروع واحد فى اللجنة التشريعية ، حيث كانت هذه الأغلبية تنظر مشروعات القوانين التى تقدم من الحزب الوطنى فقط أو حكوماته المتتابعة .

ومن الجدير بالذكر أننى كنت أحاول إحداث إصلاح تشريعى على كثير من القوانين درستها دراسة جيدة مثل قوانين الأجهزة الرقابية على المال العام وغيرها كثير ، هذه الدراسة توصلت منها إلى أمرين ، الأول أن نظام مبارك لم يكن يشرع شيئا لصالح الشعب ، وكل تشريعاته كانت تهدف لمزيد من التمكين لهم من السلطة والثروة ، وقد ظهر ذلك جليا فى أل 34 تعديل دستورى التى قدمها مبارك عام 2007 على دستور 1971 والتى كانت تنطوى على أربعة تعديلات فقط هى المقصودة ، والباقى كان لا ينفع ولا يضر ، والأربعة تعديلات المقصودة هى سحب الإشراف القضائى على الانتخابات لإعادة التزوير ، إعطاء الرئيس حق حل البرلمان دون الرجوع للشعب من خلال استفتاء شعبى ، وضع نص يمكنهم من إصدار قانون لمكافحة الإرهاب ، عدم صدور القوانين المكملة للدستور قبل موافقة مجلس الشورى عليها ، أما الثانى فهو عدم استعدادهم لأن يشاركهم أحد فى العملية التشريعية من النواب المستقلين أو أحزاب المعارضة .

الآن السيسى يسير على نهج أستاذه مبارك فيما وضعه من أسس لترسيخ أسس الحكم العسكرى وإحكام سيطرته على السلطة والثروة فى مصر ، وهذا ما اتضح جليا فى قانون الخدمة المدنية الذى أصدره السيسى بديلا عن قانون نظام العاملين المدنيين فى الدولة رقم 47 لسنة 1978 ، وقد سبق أن نشرت مقالا يمكن الرجوع إليه على موقع جوجل وعنوانه ” السيسى ينقلب على الشباب العاطل ” أوضحت من خلاله أن قانون الخدمة المدنية حجز الوظائف لأبناء الجيش والشرطة ، كما أنه جعل التعيين بقرار من رئيس الجمهورية أو من يفوضه حتى يحكم السيطرة على كافة التعيينات بالوظائف الحكومية جميعها دون استثناء ، وأنه وضع حجر أساس لتعيين المحالين للمعاش من كبار رجال الجيش والشرطة فى وظائف الإدارة العليا الوظائف التنفيذية ، من خلال وضع نص لتعيين أصحاب الخبرات الخاصة .

وفى هذا المقال سوف نوضح كيف أن قانون الخدمة المدنية الجديد قد صدر ليهدر كافة الحقوق المكتسبة للموظفين العموميين بالدولة والذين لا يقل عددهم عن ستة مليون موظف وقد يصل إلى سبعة ملايين ، وفى نفس الوقت يخضعهم للدولة العسكرية البوليسية التى يريد السيسى إحيائها بعد انقلاب 3/7 وذلك على النحو التالى:

أولا: يهدف القانون لوقف كافة المزايا النقدية والعينية للموظفين.

كما قلنا إن السيسى رفع رواتب الكبار بنسب بلغت 100% لبعض الجهات ، وهو الأمر الذى اضطره إلى السعى لوقف كافة المزايا المالية التى يحصل عليها الصغار حتى يوفرها للكبار ، كما فعل عندما رفع أسعار السلع الأساسية على حساب الفقراء من المصريين ، ولتحقيق هذه الغاية مع الموظفين العموميين بالدولة أصدر قانون الخدمة المدنية الجديد بديلا عن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ، وفيما يلى نعرض كيف سيؤدى القانون الجديد إلى إهدار حقوق الموظفين ومكتسباتهم المالية:

1 – القانون يوقف جميع الحوافز والبدلات والمزايا النقدية والعينية .

نصت المادة (40) من قانون الخدمة المدنية الجديد على أنه :
” يصدر بنظام حوافز الأداء ، ومقابل وظائف الإدارة العليا والتنفيذية ، ومقابل ساعات العمل الإضافية ، ومقابل التشجيع على العمل بوظائف أو مناطق معينة ، والنفقات التى يتحملها الموظف فى سبيل أداء أعمال وظيفته ، والمزايا النقدية والعينية ، وبدلات الموظفين ، قرار من رئيس مجلس الوزراء بمراعاة طبيعة عمل كل وحدة ونوعية الوظائف بها وطبيعة اختصاصاتها ومعدلات أداء موظفيها بحسب الأحوال بناء على عرض الوزير المختص بعد موافقة وزير المالية “.

وهذه المادة تعنى وقف جميع الحوافز مثل حافز الإثابة 200% والبدلات ومقابل الجهود غير العادية والبدلات مثل بدل السفر والتمثيل وغيرهم من المنصوص عليها بقوانين أو قرارات أخرى قد أصبحت لاغية ، إلى أن يتم تقرير غيرها بموجب القانون الجديد ، وبالطبع لن يصدر غيرها أو على الأقل سوف يتم الحد منها على النحو الذى يوفر ميزانية للزيادات التى تم تقريرها للكبار من داعمى الانقلاب .

والدليل على إلغاء كافة المزايا النقدية والعينية سالفة ما نصت عليه المادة الثانية من قانون الخدمة المدنية والتى نصت على أنه :
“يُلغى قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 197، كما يُلغى كل حكم يخالف أحكام القانون المرافق” مع الأخذ فى الاعتبار أن الحوافز والبدلات وكافة المزايا النقدية والعينية مقررة بقوانين وقرارات أخرى .

والدليل الثانى على إلغاء كافة المزايا النقدية والعينية ما نصت عليه المادة (71) من قانون الخدمة المدنية الجديد والتى نصت على أنه :
” يستمر العمل بالأحكام والقواعد الخاصة بتحديد المخصصات المالية للعاملين بالوظائف والجهات الصادر بتنظيم مخصصاتهم قوانين ولوائح خاصة طبقا لجدول الأجور المقرر بها ” ، وهو ما يعنى أن استمرار صرف الحوافز والبدلات والمزايا النقدية والعينية سوف يستمر بالنسبة للوظائف والجهات الصادر بتنظيم مخصصاتهم قوانين ولوائح خاصة أما باقى الجهات فلا استمرار لما يحصلون عليه ، وإنما عليهم الانتظار لحين صدور زيادات على ضوء القانون الجديد ، قد لا تصدر ، أو تصدر بعد الحد منها وخفضها إلى العشر ، لتوفير ميزانية للكبار الذين لا يخضعون للحد الأقصى للأجور .

وعلى ضوء ما تقدم ، فسوف يستمر الموظف العام فى الحصول على الأجر والمزايا التى يحصل عليها بشكل مؤقت حتى تاريخ 1/7/2015 ، ثم تتوقف ، وهذا ما نصت عليه المادة ( 68) من قانون الخدمة المدنية والتى نصت على أنه :
” يُنقل العاملون الخاضعون لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه إلى الوظائف المعادلة لوظائفهم الحالية على النحو الموضح بالجداول أرقام 1،2،3 المرفقة بهذا القانون ، ويعمل بهذه الجداول المرفقة بهذا القانون اعتبارا من1/7/2015، ولحين العمل بهذه الجداول يستمر صرف الأجر الكامل بعنصريه الوظيفى والمكمل للموظف وفقاً للقواعد والشروط المقررة قبل العمل بأحكام هذا القانون، ويحتفظ كل منهم بالأجر الذى كان يتقاضاه ، ويكون ترتيب الأقدمية بين المنقولين لوظيفة واحدة بحسب أوضاعهم السابقة .”

خلاصة القول بعد 1/7/2015 سوف تتوقف كافة الحوافز والبدلات والمزايا النقدية والعينية ، ويتم العمل بما سمى فى قانون الخدمة المدنية الجديد الأجر الأساسى والأجر المكمل ، أمام ” الأجر الأساسى ” فقد نصت عليه المادة (35) بقولها ” يُحدد الأجر الوظيفى للوظائف وفقاً للجداول أرقام (1، 2، 3) المرفقة بهذا القانون “، وأما ” الأجر الكامل ” فقد نصت عليه المادة (40) بقولها ” يصدر بنظام حوافز الأداء، ومقابل وظائف الإدارة العليا والتنفيذية، ومقابل ساعات العمل الإضافية، ومقابل التشجيع على العمل بوظائف أو مناطق معينة، والنفقات التى يتحملها الموظف فى سبيل أداء أعمال وظيفته ، والمزايا النقدية والعينية ، وبدلات الموظفين ، قرار من رئيس مجلس الوزراء بمراعاة طبيعة عمل كل وحدة ونوعية الوظائف بها وطبيعة اختصاصاتها ومعدلات أداء موظفيها بحسب الأحوال بناء على عرض الوزير المختص بعد موافقة وزير المالية ” .

ولا شك أن المادة الأخيرة (40) تؤكد ما قلناه من أن قانون الخدمة المدنية الجديد قد أوقف كل الحوافز والبدلات والمزايا النقدية والعينية التى يحصل عليها الموظف العام لحين وضع بدائل قد تصدر أو لا تصدر بعد 1/7/2015 .

2 –وقف حصول الموظف على المقابل النقدى لرصيد الإجازات الاعتيادية .

منذ عام 2000 م م وعلى ضوء حكم من المحكمة الدستورية يعطى الموظف الحق فى كامل الأجر عن كامل رصيد إجازاته الاعتيادية التى لم يحصل عليها بعد إحالته للمعاش ، كان الموظف العام يرفع دعوى قضائية يطالب بأجره عن كامل رصيد إجازاته الاعتيادية ويحصل على مبلغ كبير بمقتضى الحكم ، لذلك حرص قانون الخدمة المدنية أن يوقف هذا الباب على الموظفين العموميين بموجب المادة (47) والتى نصت على أنه :
” يجب على الموظف أن يتقدم بطلب للحصول على كامل إجازاته الاعتيادية السنوية ، ولا يجوز للوحدة ترحيلها إلا لأسباب تتعلق بمصلحة العمل وفى حدود الثلث على الأكثر ولمدة لا تزيد على ثلاث سنوات . وإذا لم يتقدم الموظف بطلب للحصول على إجازاته على النحو المشار إليه ، سقط حقه فيها وفى اقتضاء مقابل عنها ، أما إذا تقدم بطلب للحصول عليها ورفضته السلطة المختصة استحق مقابل نقدى عنها يصرف بعد مرور ثلاث سنوات على انتهاء العام المستحق عنه الإجازة على أساس أجره الوظيفى فى هذا العام. وتبين اللائحة التنفيذية إجراءات الحصول على الإجازة وكيفية ترحيلها.”

ووفقا للنص سالف الذكر يجب أن يتقدم الموظف بطلب للحصول على إجازته الاعتيادية كل عام ، فإذا رفضت الجهة منحه الإجازة تم صرف المقابل النقدى له بعد ثلاث سنوات من رفض طلبه ، بالطبع كلام خيالى الغرض منه إهدار حق الموظف فى الحصول على أجره عن إجازاته الاعتيادية ، يضاف إلى ما تقدم وهذا يعرفه كل الموظفين العموميين أن جميع المستحقات المالية التى تتقرر للموظفين بقوانين أو قرارات لا يحصلون عليها إلا بأحكام قضائية ، فليفرح السادة الموظفون الذين هللوا للسيسى ، على هذه الخيرات التى قدمها لهم بقانون الخدمة المدنية الجديد

ثانيا: إخضاع الموظفين العموميين لحكم العسكر.

كلنا يعرف طبيعة حكم العسكر منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر وحتى الآن ، الكل لابد أن يخضع ، الموظفون ، أعضاء المجالس الشعبية المحلية ، نواب الشعب والشورى الذين ينجحون بالتزوير ، النقابات ، الجامعات بأساتذتها وطلابها ، وقد حرص قانون الخدمة المدنية الجديد على تحقيق سيطرة العسكر على عالم الموظفين العموميين من خلال عدة نصوص على النحو التالى :

1 – تقليل عدد العقوبات التأديبية وتشديدها .
كانت المادة (80) من قانون العاملين المدنيين بالدولة تنص على العقوبات التأديبية التى يجوز توقيعها على الموظف العام ، فتضمنت أحد عشر عقوبة تبدأ بالإنذار وتنتهى بالفصل ، وكان معظمها عقوبات مخففة ، وفرض على الجهة الإدارية اختيار أحد هذه العقوبات عند توقيع الجزاء على العامل بحيث يحقق مبدأ التناسب بين المخالفة والعقوبة ، لذلك قام السيسى ورجاله بخفض عدد هذه العقوبات على نحو ما جاء فى المادة (58) من قانون الخدمة المدنية الجديد لتصبح خمس عقوبات فقط ، آخر ثلاثة عقوبات منها مشددة وهى ( تأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة لا تزيد على سنتيـــــن- الإحالة إلى المعاش- الفصل من الخدمـــة ).

2 – حرمان الموظف من مباشرة العمل السياسى أو الحزبى .

وحتى يتم إخضاع الموظفين العموميين لرقابة ومحاصرة جهاز أمن الدولة الذى ألغته ثورة يناير المجيدة ، وأعاده انقلاب 3/7 البغيض نصت المادة (54) على أنه:
“ويحظر على الموظف بصفة خاصة مباشرة الأعمال التى تتنافى مع الحيدة والتجرد والالتزام الوظيفى ، أثناء ساعات العمل الرسمية أو ممارسة أى عمل حزبى أو سياسى داخل مكان عمله أو بمناسبة تأديته لهذا العمل أو القيام بجمع تبرعات أو مساهمات لصالح أحزاب سياسية أو نشر الدعاية أو الترويج “.

وإذا كان النص قد جعل الحظر مقتصرا على مقر العمل ، إلا أن المقصد هو إخضاع الموظفين العموميين لرقابة أمن الدولة ، ومن ثم فسوف يمتد الحظر لنشاط الموظف خارج جهة العمل من الناحية العملية .

3 – عسكرة الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية .

( أ ) حجز الوظائف العامة لأبناء القوات المسلحة والشرطة .

وهذا ما نصت عليه المادة (14) من قانون الخدمة المدنية الجديد والتى نصت على أنه :
“تحدد بقرار من رئيس مجلس الوزراء الوظائف التى تحجز للمصابين فى العمليات الحربية ، والمحاربين القدماء ، ومصابى العمليات الأمنية ، وذوى الإعاقة والأقزام متى سمحت حالتهم بالقيام بأعمالها، وذلك وفقاً للقواعد التى يحددها هذا القرار . كما يجوز أن يعين فى هذه الوظائف أزواج الفئات المنصوص عليها فى الفقرة السابقة أو أحد أولادهم أو أحد أخواتهم القائمين بإعالتهم وذلك فى حالة عجزهم عجزاً تاماً أو وفاتهم إذا توفرت فيهم شروط شغل هذه الوظائف ، وكذلك الأمر بالنسبة لأسر الشهداء والمفقودين فى العمليات الحربية وأسر شهداء العمليات الأمنية “.

ونلاحظ على المادة سالفة الذكر ما يأتى:

1 – أنها لم تحدد نسبة محددة للفئات سالفة الذكر ، وهو ما يعنى أنها نسبة مفتوحة ، بمعنى أنه يمكن أن تخصص المسابقة بالكامل لهذه الفئات دون أن يكون ذلك مخالفا للقانون .

2 – أن المادة سالفة الذكر تشمل رجال القوات المسلحة والشرطة معا ، وهذا ما يفهم من عبارة ( ومصابى العمليات الأمنية ) .

3 – أن المادة وسعت من نطاق المستحقين للوظائف من رجال القوات المسلحة والشرطة حيث أوردت ( مصابى العمليات الحربية – المحاربين القدماء – مصابى العمليات الأمنية – أسر الشهداء – أسر المفقودين – أسر شهداء العمليات الأمنية ) ، ولم تحدد مدى زمنى معين من دخل فى نطاقه يستفيد من المادة 14 وإنما جاءت مفتوحة حتى يمكن استغلال النص لتعيين أبناء المحاربين القدامى عام 1967 مثلا أو 1973 ، كما أن المادة شملت أيضا أبناء أو زوجات أو إخوة العناصر سالفة الذكر مما سيفتح التلاعب إلى أقصى مدى ، وبموجب هذه المادة فلينسى الشباب العاطل من الحاصلين على المؤهلات العليا أو الماجستير أو الدكتوراه أن يجدوا فرصة عمل فى أى وزارة أو مصلحة أو هيئة لأن الوظائف العامة فى القانون الجديد أصبحت مثل وظائف القضاء والشرطة والحربية محجوزة على ذمة ذات الفئات وهى سلطات الدولة المقدسة التى رفض السيسى المساس بهيبتها ومكانتها .

(ب ) وضع نص لتعيين المحاسيب وأصحاب الوساطات .

كما نعلم أن الكثيرين من رجال الشرطة والقوات المسلحة يعينون فى الحكومة بعد الإحالة للمعاش فى وظائف الإدارة العليا ، لذلك فقد تم وضع نص لمثل هذه الحالات بحيث يجعل تعيينهم رسميا وغير مخالف للقانون ، حيث نصت المادة (18) من قانون الخدمة المدنية على أن :
“يجوز فى حالات الضرورة التعاقد مع ذوى الخبرات من التخصصات النادرة بموافقـــــة رئيس مجلس الوزراء لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات بناءً على عرض الوزير المختص ووفقاً للضوابط التى تحددها اللائحة التنفيذية، وذلك دون الإخلال بالحد الأقصى للدخول التعيين فى وظائف الإدارة العليا والإدارة التنفيذية ” .

( ج ) تم استحداث مجلس سمى ” مجلس الخدمة المدنية ” ، حيث نصت المادة (3) من قانون الخدمة المدنية الجديد على أنه :
” يُنشأ مجلس للخدمة المدنية بغرض تقديم المقترحات الخاصة بتطوير الخدمة المدنية وتحسين الخدمات العامة فى البلاد ، ويقوم على وجه الخصوص بالآتي:

– إبداء الرأى فيما يطرح عليه من قضايا الخدمة المدنية سواء من رئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص أو رئيس الجهاز .

– تقديم المقترحات فيما يتعلق بالموازنة المخصصـــــة للخدمة المدنية .

إبداء الرأى فى مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بالخدمة المدنية .

– إبداء الرأى فى طريقة ومعايير تقييم الجهات الحكومية وموظفى الخدمة المدنية تقديم مقترحات تحسين أداء الخدمة المدنية .

– إبداء الرأى فى البرامج التدريبية المقدمة لموظفى الخدمة المدنية .

– إبداء الرأى فى القضايا المتعلقة بالأخلاقيات المهنية لموظفى الخدمة المدنيــــــة. ويشكل مجلس الخدمة المدنية برئاسة رئيس الجهاز وعضوية كل من:

1- رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة .

2- رئيس قطاع الخدمة المدنية بالجهاز .

3- رئيس قطاع الموازنة العامة للدولة بوزارة المالية .

4- خمسة خبراء فى الإدارة والموارد البشرية والقانون يختارهم الوزير المختص لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد.

ويكون للمجلس أمانة فنية يصدر بتشكيلها قرار من رئيس المجلس. ويضع المجلس لائحة داخلية تتضمن القواعد والإجراءات المتعلقة بسير العمل به وأمانته الفنية. وتعتمد توصيات المجلس من الوزير المختص “.

ونلاحظ على “مجلس الخدمة المدنية ” من واقع نص المادة سالفة الذكر أنه أعلى فى مكانته وتأثيره من مجلس الوزراء نفسه ، ذلك أن رئيس الوزراء وسائر الوزراء سوف يستشيروه ويطلبوا رأيه فى قضايا الخدمة المدنية ، كما أن الجهاز سوف يقدم مقترحاته فيما يتعلق بموازنة الخدمة المدنية أى موازنة الجهاز الإدارى للدولة كله ، كما سيبدى رأيه فى مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بالخدمة المدنية وموضوعات أخرى كثيرة حسبما ورد فى النص .

وإذا نظرنا فى تشكيل مجلس الخدمة المدنية ، فسوف نكتشف أن الهدف منه عسكرة الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية ، فالمجلس يتكون من ( رئيس جهاز التنظيم والإدارة – رئيس قطاع الخدمة المدنية بجهاز التنظيم والإدارة – رئيس قطاع الموازنة العامة للدولة بوزارة المالية – بالإضافة إلى خمسة خبراء فى الإدارة والتنمية البشرية يختارهم الوزير المختص لمدة ثلاث سنوات ) ، وهنا مكمن العسكرة ، فالوزير المختص غير محدد ، كما أن الخمسة خبراء المشار إليهم هم من سيتم اختيارهم بمعرفة دولة العسكر ، بحيث تصبح أغلبية المجلس ، ومن ثم المجلس كله تابعا لهم ، ومن خلاله يتحكمون فى مجلس الوزراء وكافة الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية ، كما يتحكمون فى تحديد موازنة الجهاز الإدارى للدولة .

هذه بعض الملاحظات على الأهداف التى قصد السيسى تحقيقها من وراء قانون الخدمة المدنية الجديد ، فهو من جهة يهدر حقوق الشباب فى الحصول على وظائف حكومية على نحو ما أوضحنا فى المقال السابق ” السيسى ينقلب على الشباب العاطل ” ، ومن جهة أخرى يهدر حقوق الموظفين العموميين بالدولة ويخضعهم لدولة العسكر وجهاز أمن الدولة أو بمعنى أدق جهاز أمن حكم العسكر.

*وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …