دلالات عملية “قطع الألسنة” بمدينة الإنتاج الإعلامي
تحولت شاشات معظم الفضائيات المصرية للون الأسود لأول مرة، فجر الثلاثاء، إثر تفجير مجهولين 3 أبراج كهرباء، أحدها يغذي مدينة الإنتاج الإعلامي التي تضم الفضائيات المصرية والعربية، في مدينة 6 أكتوبر بضواحي القاهرة، وانقطع البث عن كافة القنوات لمدة 5 ساعات، قبل أن تدفع وزارة الكهرباء وأجهزة أخرى بـ15 مولدا احتياطيا لتغذية المدينة الإعلامية وعودة البث لحين إصلاح الإبراج خلال عدة أيام.
أسامة هيكل، رئيس مدينة الإنتاج، ووزير الكهرباء ومصادر أمنية أكدوا أن التفجيرات تمت في أبراج تقع خارج أسوار مدينة الإنتاج، وأن برجي كهرباء بمحيط مدينة الإنتاج الإعلامي بمدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة سقطا بفعل الانفجارات، مما أسفر عن انقطاع الكهرباء عن مدينة الإنتاج الإعلامي، وتوقف البث عن أغلب القنوات الفضائية بالقمر الصناعي نايل سات، وأكد مصدر أمني أن الحادث ناتج عن انفجار 6 عبوات ناسفة بدائية الصنع، ما يؤكد حرفية القائمين بها، واستهداف أبراج بعينها تغذي المدينة الإعلامية دون غيرها.
وأوضح هيكل أن اختيار البرجين يدل على أن منفذ هذا العمل الذي وصفه بـ”الإرهابي” مخطط له بشكل مسبق، وشارك فيه أشخاص يعلمون جيدا أهمية البرجين لمدينة الإنتاج الإعلامي، ولفت إلى أن المدينة قامت بالاتصال بوزارة الكهرباء والقوات المسلحة لتزويدها بالمولدات، معتبرا أن الانفجار “يهدف إلى إحداث بلبلة في الإعلام المصري”.
عملية نوعية خطيرة
وتقول مصادر أمنية ومراقبون، إن العملية بحجم استهدافها مدينة الانتاج الإعلامي لأول مرة بالقاهرة، ونجاحها في قطع البث عن الفضائيات التي يتهمها المعارضون بـ”تضليل الشعب المصري”، تشير إلى تطور خطير في أداء التنظيمات المسلحة، التي بدأت تعلن عن نفسها في القاهرة مؤخرا، والذي تقدر بـ5 مجموعات مسلحة قامت بعمليات محدودة وضعيفة لقتل أو تفجير بنوك ومراكز شرطة، حيث تعتبر هذه أول عملية “نوعية”، ولهذا اهتم رئيس الوزراء بزيارة المكان ومعه وزير الداخلية، وطالب النائب العام جهاز “الأمن الوطني” بضبط المنفذين.
وفور التفجيرات، اتهم مصدر أمني تنظيم “أجناد مصر” بتفجير أبراج الكهرباء المغذية لمدينة الإنتاج الإعلامي، مشيرا لـ”وجود أدلة على تورطه”، وقال محللون لشئون الجماعات الجهادية، إن قائد هذا التنظيم الذي قتلته قوات الشرطة، الأسبوع الماضي، سبق أن خطط لهذه العملية، ويرجح أن يكون أعوانه نفذوا العملية للرد على قتله، أو لإثبات أنهم لن يتأثروا بقتله، بحسب بيان أصدره عقب إعلان الشرطة “تصفيته”.
ولاحقا، أعلن تنظيم “أجناد مصر”- في تغريدة على موقع تويتر- تبنيه تفجير المحولين الكهربائيين المغذيين لمدينة الإنتاج الإعلامي في منطقة السادس من أكتوبر، بيد أن حساب التنظيم لم ينشر أي بيان يتبنى فيه العملية.
ثم تبنت حركة “العقاب الثوري” المناهضة للسلطات المصرية التفجيرات التي استهدفت برجي كهرباء مدينة الإنتاج الإعلامي، وقالت الحركة في بيان “إن العملية إنذار لمنظومة تدمير الوطن واستباحة الدم”، وكانت تشير بذلك إلى ما تصفه بتحريض قنوات تلفزيونية مؤيدة للسلطات ضد المعارضين لنظام الحكم الحالي.
وأصدرت حركة العقاب الثوري بيانا تبنت فيه رسميا العملية، وقالت “إنها تمت بـ12 عبوة ناسفة، وكشفت في البيان عن أن العملية كانت تستهدف بوابات المدينة بالإضافة لخطوط الكهرباء، وتوعدت في البيان باستهداف الإعلاميين داخل وخارج المدينة، وأطلقت على البيان عملية “قطع الألسنة”.
وجاء في بيان عملية “قطع الألسنة” أنه “بعدما تزايدت جرائم عسكر كامب ديفيد من قتل وتعذيب واعتقال بحق ثوار وأحرار مصر، قامت أذرعه الإعلامية بتشويه صورة الأحرار واحترفت الكذب والتضليل وقلب الحقائق والتحريض على إراقة الدم المصري، وتعلن حركة العقاب الثوري تبنيها لعملية “قطع الألسنة” التي نفذتها إحدى مجموعات العقاب في الساعات الأولي من صباح الثلاثاء 14 أبريل 2015، واستهدفت تفجير برجي الكهرباء الرئيسيين المغذيين لما يسمى بمدينة الإنتاج الإعلامي بثمانية عبوات ناسفة، بعد تحديدهما بدقه وعناية فائقة، كما استهدفت البوابات الرئيسية للمدينة بأربع عبوات أخرى بهدف حصارها”.
وقالت الحركة “إن أبطال العملية عادوا بسلام بعد أن حققت العملية أهدافها بنجاح، وإن قطع الكهرباء ليس بديلا عن قطع الرءوس والألسنة، ولكنه إنذار أخير ليعلم كل من يعمل ضمن منظومة تدمير الوطن واستباحة الدم أنه في مرمى العقاب، سواء كانوا فرادى أو جماعات، وأن بنك أهدافنا محدد وبدقة”، بحسب البيان.
وقال مراقبون ومحللون، إن خطورة هذه العملية أنها “الأولى من نوعها التي تقترب من إعلاميي الانقلاب، وتؤكد أنهم ليسوا بعيدا عن دائرة الخطر”، كما أنها تشير لتحول التنظيمات المسلحة إلى العمليات النوعية المؤثرة الموجعة، مؤكدين أن تأثير العملية لا يقل عن تفجير قسم العريش وربما أكثر تأثيرا، فهو في عمق القاهرة الكبرى وفي قلب المركز الإعلامي للسلطة.
ويقول المراقبون، إنه لو صح مسئولية تنظيم أجناد مصر، الذي انشق عن تنظيم بيت المقدس في سيناء، فهذا يعني أنه لم يتأثر سلبا بقتل قوات الشرطة قائده، الأسبوع الماضي، وأن التنظيم تحول إلى العمليات النوعية المؤثرة التي لا تقل خطورة عن تفجير قسم العريش في سيناء؛ لأن العملية في عمق القاهرة الكبرى، وفي مقر الفضائيات الداعمة للسلطة.
وكان الملفت هو إعلان حركة “العقاب الثوري”، في بيانها الأخير، عما قالت إنه “تدشين مرحلة جديدة من العقاب، تعمل وفق رؤية وأهداف استراتيجية تعتمد على جهد كبير من الرصد والمسح والتمشيط وتحليل المعلومات، والقادم أسود على رءوس السفاحين والمجرمين من أذرع الانقلاب العسكري المختلفة”، بحسب البيان، ما ربما يشير لعمليات نوعية أخرى قادمة.
حيث قالت الجماعة: “إننا أعددنا أنفسنا لمعركة طويلة، سنكون قادرين فيها بفضل الله على الوصول إليكم في أي مكان تختبئون فيه، ولن تمنع ميليشيات الانقلاب المسلحة التي فرت مذعورة من أمام المدينة، ليلة أمس، من وصول أبطالنا إليكم”.
وكشفت المعاينة المبدئية، التي أجراها فريق من النيابة، عن “زرع عبوات ناسفة بقواعد برجي الضغط العالي رقمي 21 و22 المغذيين لمناطق الشيخ زايد وأكتوبر ومدينة الإنتاج الإعلامي، وأن التفجير قد ترتب عليه تدمير أحد الأبراج وإحداث تلفيات جسيمة بآخر”، وقالت وزارة الكهرباء إنها تتكلف حوالي مليون ونصف جنيه.
وقال الدكتور محمد اليماني، المتحدث باسم وزارة الكهرباء: إن الوزارة قامت بتشغيل وحدات التوليد الاحتياطية بمدينة الإنتاج الإعلامي، علاوة على نقل بعض المولدات الاحتياطية من شركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء إلى مدينة الإنتاج الإعلامي، وتوفير 15 مولدا كهربائيا سريع التركيب كتغذية كهربائية بديلة للمدينة، فيما بدأ العمل لإصلاح البرجين في غضون 7-10 أيام، وبتكلفة من 600 إلى 800 ألف جنيه للبرج الواحد.
التفجيرات بعيون ساخرة
وفيما يشبه السخرية من إعلاميي مدينة الإنتاج الاعلامي، الذين يتهمهم نشطاء بأنهم “أبواق السلطة”، تداول رواد موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” صورًا ساخرة – فوتوشوب- للإعلاميين بعد انفجار مدينة الإنتاج الإعلامي، تظهرهم بمظهر المرعوبين أو مشعثي الشعر أو مقطعي الملابس علي طريقة أفلام كوميدية مصرية، فيما علق سياسيون ومثقفون بسخرية، مشيرين ضمنا إلى أن من فجروا المدينة غير مسموح لهم بدخولها للتعبير عن رأيهم بحرية بعد انقلاب يوليه.
حيث علق السياسي والناشط “محمد سيف الدولة”، المستشار السابق المستقيل من فريق رئاسة الرئيس السابق مرسي، قائلا على تويتر: “بدلا من جريمة تفجيرهم كهرباء الإنتاج الإعلامي، لماذا لا يستغلون أجواء الحرية ويشاركون بآرائهم في برامجها؟”.
وكتب جابر بن ناصر المري يقول: “أكاد أجزم أن موت إعلامي واحد في مدينة الإنتاج الإعلامي أعظم عند السيسي وعباس من موت كتيبة كاملة في الجيش، والله إنهم أهم عنده من الجنود”.
وتخيل نشطاء الفيس بوك شكل الإعلاميين بعد الانفجار بطريقة ساخرة، حيث وضعوا صورا لمذيع فضائية صدى البلد “أحمد موسى”، والمذيع “توفيق عكاشة” مالك فضائية الفراعين، والمذيع “عمرو أديب” مقدم برنامج القاهرة اليوم، ووائل الابراشي بقناة دريم، ولميس الحديدي بقناة سي بي سي، وكلها صور تظهرهم بشعر محترق أو أشعث وشعر واقف وملابس مقطعة.
وتفاعل عدد من رواد الفيس بوك مع الصور حيث قال :”Islam Ahmed””وائل الإبراشي بعد الانفجار”، مشيرا لصورة بالفوتوشوب للمذيع وشعره واقف ومنكوش، وأضاف”Mohamed El Dreny”: “اشوفك وااااااالع”.
وقال” Amr El-Bgermy” : أحمد موسى: اوعوا تفتكروا أن التفجير ده أثر عليا أبسولوتلي.. ده عمللي نيو لوك.. ونيولوك مهبب كمان”.
وقال “Mostafa Mahmoud”: “حد يطمنا ليكون حد من الإعلاميين لسه عايش لا قدر الله”، وكتب “Ahmed Mohaseb: كان معكم موسى سيف الدين الله يخربيتك يافخرى”، في إشارة لمشهد ساخر للممثل الكوميدي (الهنيدي) في فيلم “جاءنا البيان التالي”.
وأثارت تفجيرات برج الكهرباء المغذي لمدينة الإنتاج الإعلامي، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، ما بين معارض ومدين وساخر ومؤيد.
حيث ذكر حساب باسم Abdelfattah Alsisi على تويتر: “الحمد لله مفيش حد من الإعلاميين مات في تفجيرات مدينة الإنتاج الاعلامي، كان زمان القنوات قالت عليهم شهيد الكلمة والشعب كله انتحر بعدها”.
وقال آخر ساخرا من بيانات الشرطة في أحداث مشابهة مثل مقتل مشجعي فريق نادي الزمالك: “المذيعين مكنش معاهم تذاكر لدخول مدينة الإنتاج الإعلامي، فحصل تدافع شديد أدی لوقوع انفجار”.
وكتب المذيع أحمد موسى يقول: “محمد بديع مرشدهم طلع على الإعلام وقت حكم الجماعة الإرهابية وهدد الإعلام، وأنا حينها قولت ممكن يقتلوني ولكن رقبتي برقبتك يا بديع، والدكر والجدع فيكم يروح عند بيتي”، وأضاف: “ربنا حامينا، ومش أحمد موسى، أنا رجل من الصعيد وعارف عائلتي ووزنها، وعائلتي في كل مكان، ومش حتكلم كتير، روحوا في ستين داهية أنتم مجموعة من الخونة المجرمين”.
وكتب محمد عبد العزيز يقول: “كيف تريد تنمية واستثمار وأنت لا تستطيع حماية مدينة بث فضائي بهذا الحجم رغم كل التحصينات ولا يمكنك قبلها إطفاء حريق في مركز دولي للمؤتمرات؟!!.. مصر في زمن العك !!! انفجار مدينة الإنتاج الإعلامي مأساة دولة تتخبط في كل شيء”.
وقال ana BABA yala: بقالي ساعة باقرأ في هاشتاج تفجيرات مدينة الإنتاج الإعلامي.. الناس فرحانة فرح ما شوفتهوش من كثير.. لا فعلا محبوبين (الإعلاميين) ما شاء الله”.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …