ماذا يعنى طعن الحكومة على حكم “حماس إرهابية”؟
لأن الدعوى التى حكمت بموجبها محكمة القاهرة للأمور المستعجلة فى 28 فبراير الماضي، بأن حركة حماس “منظمة إرهابية”، خاصمت الرئيس والحكومة، فقد كان من الطبيعى – قانونا – أن تطعن الحكومة المصرية – لا حركة حماس – على الدعوى أمام المحكمة، وهو ما استبعده كثيرون يدركون أن الحكم “سياسي” لا قضائي”، ولكن جاءت المفاجأة بتقديم الحكومة طعنا على الحكم، ما يعنى رفضها اعتبار حركة حماس، ليطرح تساؤلات حول الأسباب التى دفعت القاهرة للطعن.
وستنظر المحكمة فى الطعن يوم 28 مارس الجاري، وهناك مؤشرات كثيرة تفيد بأن المحكمة ستقبل به، ويتضح هذا مما ذكره إسماعيل هنية نائب المكتب السياسى لحركة حماس فى خطبة الجمعة الماضي: “إن مسئولين مصريين أبلغوا الحركة أن الحكم القضائى باعتبار حركته منظمة إرهابية لم يتم تبنيه سياسيا”.
وكذا تأكيده هو ومسئولون آخرون حرص حركة حماس على أمن مصر وسيادتها واستقرارها، وإدانة أعمال الإرهاب فى سيناء، وهى تصريحات جاءت بطلب مصرى ونقلها وفد الجهاد الإسلامى إلى هنية لترطيب العلاقات وتخفيف حدة التوتر، ولوحظ بعدها أيضا إعلان السلطة فى غزة نشر قوات الأمن الوطنى والشرطة على الحدود مع مصر لمنع أى عمليات تهريب.
أسباب التراجع ودلالاتها
بحسب سياسيين ومحللين مصريين، يمكن تفسير التدخل الحكومى المصرى برفض حكم القضاء المصرى على حركة حماس بأربعة أسباب أبرزها ما تردد عن تدخل وضغوط سعودية، وهي:
أولا: أنه محاولة من حكومة السيسى لتفادى عزلة مصر عن القضية الفلسطينية، بعدما قالت حماس: إن القاهرة لم تعد تصلح كوسيط بينها وبين إسرائيل باعتبارها خصم، ولأنه لا يستقيم عقلا أن تتوسط مصر بين “عدو” تعتبره “إرهابي” والدولة الصهيونية التى تعتبرها “صديقة”.
وقد ألمح لهذا “عزت الرشق” عضو المكتب السياسى لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” عندما قال: “إن قرار الحكومة المصرية الطعن على اعتبار حماس حركة إرهابية، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ما ذكرناه إبان صدور القرار، بأن حكم المحكمة يسيء لمصر ودورها الإقليمى قبل أى شيء”.
ورأى الرشق “أن هذه الخطوة من الحكومة المصرية ضرورية فى إطار استدراك الخطيئة التاريخية التى اتهمت شعبنا الفلسطينى ومقاومته الباسلة ظلما بالإرهاب”، وأضاف: “إننا ننتظر خطوة مماثلة تجاه كتائب القسام، والتراجع عن اتهامها بالإرهاب”.
ثانيا: أنه تراجع فى مواجهة الأمم المتحدة التى انتقدت وهاجمت مصر والسلطة الفلسطينية واتهمتهما بعرقلة الإعمار فى غزة، ففى 3 مارس الجاري، اتهم مبعوث الأمم المتحدة للأراضى الفلسطينية المحتلة، روبرت سيري، فى بيان، مصر وإسرائيل إلى “تغيير سياساتهما الفاشلة إزاء غزة، واعتماد استراتيجية جديدة تجاه القطاع عنوانها غزة أولا”.
ثم جدّد المتحدث الرسمى باسم الأمين العام للأمم المتحدة، استيفان دوجريك، 11 مارس الجارى دعوته إلى مصر وإسرائيل، بضرورة رفع الحصار المفروض على الفلسطينيين فى قطاع غزة، فى مؤتمر صحفى عقده بمقر الأمم المتحدة.
وأغضب هذا مصر التى ردت بتصريحات للمتحدث باسم وزارة الخارجية، يبدى استياءه من تحميل مبعوث سكرتير عام الأمم المتحدة للشرق الأوسط روبرت سري، مصر المسئولية عن تدهور أحوال القطاع، محملا مبعوث الأمم المتحدة المسئولية وأنه “لم يحقق إنجازا يذكر طيلة السنوات التى تولاها لإزالة ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلى وإصلاح غزة، وفى النهاية علق فشله على غلق معبر رفح”.
ثالثا: أنه يبدو نزولا على تحذيرات نقلتها حركة الجهاد لمصر – خلال زيارة وفدها الأخير للقاهرة – من تحول غزة كلها لعدو لمصر بعدما تكرر خطأ أجهزة السلطة الحالية بمحاربة التدين والإسلام فى سياق “محاربة الإخوان”، حيث تحول العداء لحماس – بالمثل- لعداء لكل سكان غزة بحصارهم وغلق معبر رفح ومطاردتهم فى مصر واتهامهم بالإرهاب.
فقد زار مصر وفد من الجهاد يضم الدكتور رمضان عبد الله شلح أمين عام حركة الجهاد الإسلامى ونائبه زياد النخالة إلى القاهرة والتقيا مسئولين كبارا فى الحكومة المصرية وأجهزتها الأمنية بهدف تلطيف العلاقات مع حركة حماس وإخراجها من قائمة الإرهاب وإعادة فتح معبر رفح؛ تخفيفا لمعاناة مليونى فلسطينى محاصرين فيه، وقد حققت هذه الزيارة نجاحا على صعيد المسألتين المذكورتين وتم فتح معبر رفح فى الاتجاهين لمدة يومين، وتردد أن هذا قد يحدث أسبوعيا.
رابعا: أن التراجع المصرى الرسمى بالاعتراض على حكم “حماس إرهابية” يبدو كرضوخ لضغوط سعودية، ففى أعقاب زيارة الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى الأخيرة للرياض فى بداية الشهر الجارى ذكرت تقارير غربية وإسرائيلية أن السعودية مارست ضغوطا على السيسى لكى يخفف من الخناق المصرى الشديد على حركة المقاومة الإسلامية “حماس”.
وقد ذكرت مصادر فى قيادة حماس أن مصادر سعودية عليا أبلغتها “أن المملكة فى عهدها الجديد لا تنظر إلى حماس كحركة إرهابية وتعتبرها حركة مقاومة فلسطينية”.
وفى 4 مارس الجارى كتب “تسفى برئيل”، محلل الشئون العربية بصحيفة “هآرتس”، يقول إن زيارة السيسى الأخيرة للسعودية كانت لاستطلاع نوايا الملك من إعادة العلاقات مع الإخوان واستمرار تدفق الأموال، والموقف من حركة حماس، وأن “سلمان أجبر السيسى على التراجع تجاه حماس، وسط مخاوف مصر مما أسمته رياح جديدة تهب من الرياض التى قد تضغط على السيسى للتصالح مع حماس، ثم جلب الحركة إلى محور العرب”.
وقالت “هآرتس” إن: “الملك سلمان لقن السيسى درسا فى الزعامة، وأنه أجبره على التراجع تجاه حماس”، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.
وقال: إن “الخطوات السعودية الأخيرة تشير إلى تحول فى السياسة الخارجية للمملكة، اﻷمر الذى من شأنه أن يجبر الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى على تغيير مواقفه المتعنتة تجاه حركة حماس.
وسبق لمسئولين إسرائيليين أن أشادوا بجراءة السيسى وبموقفه الحازم ضد حركة حماس حتى أن محللين فى إسرائيل وصفوه بأنه “رجل الحديد الذى لا يخاف من حماس”، لكن عزم السيسى بات الآن على المحك، لا سيما فى وجه الضغوط العربية، خاصة السعودية – القطرية، فيما يتعلق بحركة حماس فى قطاع غزة.
حماس اشتكت للسعودية
“هآرتس” قالت أيضا “إنه بعد يوم من قرار محكمة فى مصر باعتبار حماس كلها وليس فقط جناحها العسكرى تنظيما إرهابيا، توجهت حماس للسعودية للضغط على الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى لإلغاء القرار، وهو ما ظهر فى دعوات لبعض قادة الحركة للسعودية بالتدخل.
وقالت هآرتس، “إن هذا القرار يعنى سحق التصور الذى روج له نتنياهو، الذى يقضى أن دولا عربية كالسعودية ومصر تشاطر إسرائيل وجهة نظرها حول ضرورة كبح زمام إيران ومكافحة إرهاب حماس”.
وقال القيادى فى “حماس” عاطف عدوان، فى حديث صحفي: إن “هناك دلائل مشجعة على تغيير النظرة السعودية لحماس”.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …